جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-02@14:53:09 GMT

الصبر في زمن الثروات!

تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT

الصبر في زمن الثروات!

 

أحمد بن محمد العامري

[email protected]

"الصبر على المكاره أسهل من الصبر على النعم".

الصبر هو إحدى الفضائل الإنسانية الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها في أي مجتمع يسعى إلى تحقيق التوازن والاستقرار، إلّا أن الصبر لا يُختبر فقط في أوقات الشدة، بل يُختبر أيضًا في أوقات النعم والرخاء.

في واقعنا العربي المعاصر؛ حيث تتوافر الثروات والموارد بشكل غير مسبوق، نجد أن الصبر على النعم أصبح تحديًا حقيقيًا؛ بل يمكن القول إنه أصعب بكثير من الصبر على المكاره.

في القرآن الكريم، نجد نموذجًا عظيمًا للصبر على المكاره في قصة سيدنا أيوب عليه السلام. أيوب عليه السلام كان يعيش حياة مليئة بالنعيم، ولكنه ابتُلي بفقدان ماله وأهله وصحته. ورغم تلك الابتلاءات الشديدة، لم يتزعزع إيمانه أو يصبه اليأس. كان أيوب صابرًا على المكاره بطريقة تبعث على الدهشة والإعجاب، إذ لم يكن صبره مجرد تحمّل للآلام، بل كان تسليمًا كاملًا لإرادة الله وثقة في حكمته.

هذا النوع من الصبر يُظهر القوة الروحية العظيمة التي يمكن أن يتمتع بها الإنسان المؤمن، الذي يدرك أن البلاء ما هو إلّا جزء من اختبار الله لعباده، وأن النجاة من هذا الابتلاء تكمن في الصبر والاحتساب.

وعلى النقيض، نجد أن الصبر على النعم هو تحدٍّ من نوع آخر، يتجلى في قصة سيدنا سليمان عليه السلام. سليمان عليه السلام كان ملكًا عظيمًا، منحه الله ملكًا لم يُمنح لملكٍ من قبله ولا من بعده، مع قدرة على التحكم في الجن والإنس والطيور. هذه النعم الكبيرة كانت اختبارًا لصبره وشكره لله، وليس فقط في قدرته على التحمل كما في حالة أيوب.

سليمان عليه السلام أظهر نوعًا مميزًا من الصبر؛ وهو الصبر على عدم الانجراف وراء مغريات السلطة والثروة. بدلًا من استغلال هذه النعم في تحقيق مصالح شخصية أو زيادة سلطته، استخدمها لتحقيق العدالة ونشر الخير بين الناس. كان سليمان يعلم أن النعم هي اختبار من الله، وأن استخدامها بطريقة صحيحة هو شكل من أشكال الصبر الذي يستحق عليه الشكر.

اليوم، في ظل الثروات الهائلة التي تملكها بعض الدول العربية، نجد أن اختبار الصبر على النعم بات أشد وضوحًا وأهمية. بعض القادة العرب لم يتمكنوا من الصمود أمام هذا الاختبار، فبدلًا من استثمار هذه الثروات في البناء اختاروا مسارًا مختلفًا تمامًا. بعضهم أنفق هذه الثروات على النزاعات الداخلية والخارجية، وعلى مشاريع تدمير دول عربية أخرى، بدلًا من تعزيز الوحدة والتنمية.

هذه السياسات التي تعكس ضعفًا في الصبر على النعم، أدت إلى تدمير الأوطان وتشريد الملايين من الناس، وبدلًا من أن تكون هذه الثروات نعمة، تحولت إلى نقمة على العرب.

من قصتي أيوب وسليمان عليهما السلام، يمكن استخلاص دروس ثمينة حول كيفية التعامل مع النعم والمكاره. القادة الذين يتمتعون بثروات وسلطات كبيرة عليهم أن يدركوا أن هذه النعم هي اختبار لهم، وأنهم مسؤولون أمام الله وأمام شعوبهم عن كيفية استخدامها. الصبر في هذه الحالة لا يعني فقط تحمّل المسؤولية؛ بل يشمل أيضًا التواضع والشكر، واستثمار الموارد في تحقيق الخير والعدل.

على الشعوب أيضًا أن تعي أهمية الصبر على المكاره، وأن تتوحد في مواجهة التحديات، وأن تعمل على تعزيز قيم الشكر والصبر على النعم، حتى لا تتحول إلى نقمة. يجب أن تكون هناك رقابة مستمرة على الحكومات للتأكد من أن الثروات تُستخدم في خدمة الشعب، وليس في تحقيق مصالح شخصية أو في تغذية الصراعات.

إنَّ الصبر في زمن الثروات ليس مجرد فضيلة؛ بل هو ضرورة لتحقيق نهضة حقيقية. وفي عالم مليء بالتحديات والمغريات، يصبح الصبر على النعم اختبارًا حقيقيًا لإيمان القادة والشعوب. وعلى القادة والزعماء أن يدركوا أن النعم التي يمتلكونها هي أمانة من الله، وأنهم سيُسألون عنها يوم القيامة. وعليهم أن يستخدموا هذه النعم بحكمة لتحقيق التنمية والرخاء، بدلًا من تدمير الأوطان وزرع الفتن. بهذه الطريقة فقط يمكن تحقيق نهضة حقيقية في عالمنا، تُبنى على أسس الصبر، والشكر، والعدل.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

برشلونة يستضيف أتلتيكو مدريد غدًا للحفاظ على صدارة الدوري الإسباني.. وريال مدريد في اختبار قوي أمام أتلتيك بلباو

يتطلع برشلونة إلى تعزيز صدارته في جدول ترتيب الدوري الإسباني عندما يواجه أتلتيكو مدريد مساء غد الثلاثاء، في مباراة مؤجلة من الجولة التاسعة عشرة، فيما يخوض ريال مدريد مواجهة من العيار الثقيل أمام أتلتيك بلباو بعد غد الأربعاء، في إطار استعداد الفرق الأربعة لمنافسات كأس السوبر الإسباني 2025 التي تنطلق في 7 يناير المقبل.

صدارة برشلونة وتحدي أتلتيكو في قمة الجولة

ويحتل برشلونة صدارة الليجا برصيد 34 نقطة بفارق نقطة واحدة عن ريال مدريد، بينما يتواجد أتلتيكو مدريد في المركز الرابع بـ 31 نقطة، ما يمنح مباراة الغد أهمية كبيرة في صراع المنافسة على القمة.

ورغم تذبذب أداء برشلونة مقارنة بالموسم الماضي، إلا أن الفريق لا يزال يقدم مستويات مميزة تحت قيادة هانسي فليك، محققًا 11 فوزًا وتعادلًا وحيدًا وخسارتين بعد مرور 14 جولة. ويدخل الفريق المباراة بمعنويات مرتفعة بعد تحقيق 4 انتصارات متتالية في الدوري، آخرها الفوز على ألافيس 3-1.

وشهدت مباراة برشلونة الأخيرة استقبال أسرع هدف في شباكه منذ عامين بعد 43 ثانية من البداية، قبل أن يتألق لامين يامال ويعادل النتيجة، ثم يسجل داني أولمو هدفين ليمنح فريقه الفوز ويقوده للعودة إلى الصدارة مستفيدًا من تعادل الريال مع جيرونا.

وفي حال فوز برشلونة على أتلتيكو غدًا سيبتعد بالصدارة بفارق 4 نقاط كاملة، قبل مواجهة الريال أمام بلباو.

أتلتيكو مدريد.. أقوى دفاع في الدوري وطموح متجدد

رغم البداية المهتزة لأتلتيكو مدريد هذا الموسم، عاد الفريق بقوة خلال الجولات الأخيرة، محققًا الفوز في آخر 6 مباريات في الليجا وفي 7 مباريات متتالية بمختلف البطولات منذ خسارته أمام آرسنال بدوري الأبطال.

ويملك أتلتيكو أقوى دفاع في الليجا بعدما تلقى 11 هدفًا فقط حتى الآن، وهو ما يجعل مواجهته أمام هجوم برشلونة الذي سجل 39 هدفًا هذا الموسم من أبرز صراعات الجولة.

ويسعى دييجو سيميوني لتحقيق فوزه رقم 324 في الدوري الإسباني بعد أن عادل رقم ميجيل مونيوز بوصوله إلى 323 انتصارًا عقب الفوز على ريال أوفييدو 2-0.

ويأمل الفريق في تكرار فوزه التاريخي على برشلونة في كامب نو الموسم الماضي، عندما سجل ألكسندر سورلوث هدفًا قاتلًا في الدقيقة السادسة من الوقت بدل الضائع.

ريال مدريد في مهمة صعبة أمام أتلتيك بلباو

وفي مباراة الأربعاء، يحل ريال مدريد ضيفًا على أتلتيك بلباو وعينه على حصد النقاط الثلاث، أملًا في تعثر برشلونة أمام أتلتيكو للعودة إلى صدارة الترتيب.

ويحتل بلباو المركز الثامن برصيد 20 نقطة، ويدخل المباراة بعد فوزه على ليفانتي بهدفين دون رد، لكنه يعاني من تذبذب واضح في النتائج خلال الأسابيع الماضية.

ويملك ريال مدريد أفضلية كبيرة في المواجهات المباشرة أمام بلباو، إذ حقق 12 فوزًا في آخر 20 مباراة مقابل 3 للبلباو و5 تعادلات.

ويأمل تشابي ألونسو في كسر سلسلة تعادلات الريال في الدوري، بعدما اكتفى بثلاثة تعادلات متتالية، وحقق انتصارين فقط في 6 مباريات خلال شهر نوفمبر، في ظل تراجع المستوى وهبوط نسبي في الأداء الهجومي.

قمة الجولة: صراع الصدارة يشتعل

مباراة برشلونة وأتلتيكو غدًا، تليها مواجهة ريال مدريد وبلباو، قد تُعيد توزيع الأوراق في الليجا 2024/2025، ففوز برشلونة يمنحه أفضلية مريحة، بينما أي تعثر قد يمنح ريال مدريد فرصة اعتلاء القمة من جديد.

مقالات مشابهة

  • العبسي للبابا لاوون: نحن على ثقة انكم ستواصلون جهودكم لنصل الى السلام
  • بعد 8 مواسم من التألق… صلاح يواجه أصعب اختبار في ليفربول
  • أوروبا تترقّب بقلق.. مفاوضات واشنطن وموسكو تضع الملف الأوكراني أمام اختبار حاسم
  • تقرير بنيويورك تايمز: إبراز إسرائيل عضلاتها العسكرية لا يضمن لها السلام
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • عبد الله بن زايد يعلن إطلاق مبادرة ننشد متّحدين الموجهة لكل من يعتبر الإمارات وطناً له
  • برشلونة يستضيف أتلتيكو مدريد غدًا للحفاظ على صدارة الدوري الإسباني.. وريال مدريد في اختبار قوي أمام أتلتيك بلباو
  • كأس العرب 2025.. «الجزيرة الصغيرة والطموح الكبير» جزر القمر في اختبار عربي جديد
  • دعاء لمن تراكمت عليه ديون.. 7 كلمات تقضي عنك ولو كانت مثل جبل
  • المستشار العقاري الأول مؤمن جابر في “DXR”: الاستثمار العقاري في دبي يمثل “ملاذاً آمناً” لأصحاب الثروات الباحثين عن النمو والاستقرار