هل أخذ قرض للاستثمار حرام وهل فوائد البنوك ربا؟ دار الإفتاء تحسم الجدل
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
هل أخذ قرض للاستثمار حرام؟ القرض للاستثمار فهو من ضمن عقود التمويل الاستثمارية بين البنوك أو الهيئات أو الجمعيات العامة من جهة وبين الأفراد أو المؤسسات من جهة أخرى هي في الحقيقة عقود مبنية على دراسات الجدوى وحسابات الاستثمار، وخالية من الغرر والضرر، وتحقِّق مصالح أطرافها، وهي جائزة شرعًا ولا حرج فيها، وينبغي عدمُ تسميتها بـ«القرض»؛ لأن مبنى القرض على الإرفاق ومحض الخيرية؛ فهو من عقود التبرعات، وهذه عقود تمويل واستثمار من عقود المعاوضات، فإذا سُمِّيَت "قروضًا" سبَّب ذلك لَبسًا مع قاعدة "كلُّ قرضٍ جَرَّ نَفعًا فهو ربا".
قال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن موضوع القروض من البنوك يثير الكثير من المخاوف والقلق، وقد تكون هناك فوبيا حقيقية من التعامل مع البنوك".
وأضاف في إجابته عن سؤال: «هل يجوز أن اقترض من البنك للاستثمار وعمل مشروع؟»: «إذا كانت السائلة ترغب في أخذ قرض بهدف الاستثمار في مشروع يعود عليها بعائد، فهذا يُعتبر استثمارًا مشروعًا، ولكن إذا كان القرض مُخصصًا لأغراض استهلاكية، مثل المصاريف النثرية أو الأمور التي لا تدر عائدًا، فإن ذلك يُعتبر غير صحيح، ومخالفًا لفكرة التمويل والاستثمار».
وأوضح: «عندما نتحدث عن أخذ قرض، يجب أن نضع في اعتبارنا الحاجة الضرورية لهذا القرض، فإذا كانت السائلة في حاجة ملحة لتسوية بعض الأمور في منزلها ولا يوجد بديل آخر، فيمكن اعتبار ذلك ضرورة، ومع ذلك، من الأفضل دائمًا أن تبحث عن طرق أخرى لتلبية احتياجاتها قبل اللجوء إلى القرض».
وتابع: "إذا كانت هناك إمكانيات أخرى للتعامل مع الوضع دون الحاجة لأخذ المال من البنك، فالأفضل عدم الاقتراب من القرض، ولكن إذا كانت الحاجة ملحة وضرورية، فلا مانع من اتخاذ هذا القرار بعد استشارة المختصين وفهم كافة الجوانب المالية".
قالت دار الإفتاء، إن حكم إيداع الأموال في البنوك وأخذ فوائد منها جائز شرعًا ولا إثم فيه، وليس من الربا في شيء، بل هو من العقود المستحدثة التي تتَّفق مع المقاصد الشرعية للمعاملات في الفقه الإسلامي وتشتدُّ حاجة الناس إليها، وتتوقَّف عليها مصالحهم.
وأضافت دار الإفتاء، في إجابتها عن سؤال “ما حكم فوائد وأرباح البنوك؟"، أن الأرباح التي يدفعها البنك للعميل هي عبارةٌ عن تحصيل ثمرة استثمار البنك لأموال المودعين وتنميتها، ومِن ثَمَّ فليست هذه الأرباح حرامًا؛ لأنها ليست فوائد قروض ولا منافع تجُرُّها عقود تبرعات، وإنما هي عبارة عن أرباح تمويلية ناتجة عن عقود تحقق مصالح أطرافها.
حكم فوائد البنوك
وأفاد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، بأنه لا مانع شرعًا من التعامل مع البنوك وأخذ فوائدها والإنفاق منها في جميع وجوه النفقة الجائزة، من غير حرج في ذلك؛ لأن العلاقة بين البنوك والمتعاملين معها هي "التمويل".وأوضح مفتي الجمهورية: أنه إذا كانت الفوائد ناتجة عن عقد تمويل فليست الفوائد حرامًا؛ لأنها ليست فوائد قروض، وإنما هي عبارة عن أرباح تمويلية ناتجة عن عقود تحقق مصالح أطرافها، ولا علاقة لها بالربا المحرم الذي وَرَدَت حُرْمته في صريحِ الكتابِ والسُّنة، والذي أجمَعَت الأمةُ على تحريمه.
الفتوى كاملة
وراعت الشريعة الإسلامية حاجة المكلفين ومصالحهم، فأباحت لهم من المعاملات ما تستقيم به حياتهم، وتنصلح به أحوالهم، فجاءت النصوص بحل بعض المعاملات على وجه التفصيل؛ كالبيع والإجارة والرهن وغير ذلك، كما تواردت النصوص على وجوب الوفاء بالعقود؛ كقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (المائدة: 1)، والأصل في ذلك العموم؛ على مقتضى سعة اللغة، وأخذًا من أن الأصل في الأشياء الإباحة؛ كما قال تعالى: «وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ» (الجاثية: 13)، فتصير الآية بذلك شاملة لكل عقد يحقق مصالح أطرافه ويخلو من الغرر والضرر.
وذكر الإمام الشافعي في "تفسيره" (2/ 692، ط. دار التدمرية): [وهذا من سعة لسان العرب الذي خوطبت به، وظاهره عام على كل عقد]، وقال الإمام الرازي في "تفسيره" (20/ 337، ط. دار إحياء التراث): [دخل في قوله: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» كل عقد من العقود كعقد البيع والشركة، وعقد اليمين والنذر، وعقد الصلح، وعقد النكاح. وحاصل القول فيه: أن مقتضى هذه الآية أن كل عقد وعهد جرى بين إنسانين فإنه يجب عليهما الوفاء بمقتضى ذلك العقد والعهد، إلا إذا دل دليل منفصل على أنه لا يجب الوفاء به فمقتضاه الحكم بصحة كل بيع وقع التراضي به وبصحة كل شركة وقع التراضي بها].
ونص الفقهاء على جواز استحداث عقود جديدة؛ لما في ذلك من مجاراة ما يجد من وقائع الأحوال وتغيرها؛ بل جعلوا لأجل ذلك بابًا من الفقه أطلقوا عليه "فقه النوازل"، وهو يخص كل ما استجد من أمور لم تتناولها نصوص الشرع بالذكر على وجه الخصوص، وقال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (23/ 92، ط. دار المعرفة): [فإن الأصل في العقود الصحة]، وقال العلامة الدسوقي المالكي في حاشيته على "الشرح الكبير" (2/ 317، ط. دار الفكر): [والأصل في العقود الصحة]، وقال الشيخ ابن تيمية الحنبلي في "الفتاوى الكبرى" (4/ 79، ط. دار الكتب العلمية) في نصرة هذا القول وترجيحه: [القول الثاني: أن الأصل في العقود والشروط الجواز والصحة، ولا يحرم ويبطل منها إلا ما دل على تحريمِه وإبطالِه نصٌّ، أو قياسٌ عند من يقول به، وأصولُ أحمدَ المنصوصُ عنه أكثرُها تجري على هذا القول، ومالكٌ قريب منه، لكنَّ أحمدَ أكثرُ تصحيحًا للشروط؛ فليس في الفقهاء الأربعة أكثر تصحيحًا للشروط منه].
وهذا هو المعمول المفتى به في هذا الزمان الذي استجدت فيه نوازل العقود، وتنوعت فيه أساليب المعاملات ووسائلها وطرقها؛ فالأصل في العقود الصحة؛ سواء كانت عقودًا موروثةً منصوصًا عليها؛ كالبيع والشراء والإجارة وغيرها، أو كانت عقودًا مستحدثة لم تتناولها النصوص بالذكر والتفصيل على جهة الخصوص، ما دامت تخلو من الضرر والغرر، وتحقق مصالح أطرافها.
رأي مجمع البحوث الإسلامية
والذي استقرت عليه الفتوى بدار الإفتاء المصرية وقرره مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف: أن الإيداع في البنوك ودفاتر التوفير وشهادات الاستثمار ونحوها هو من باب العقود المستحدثة التي يبرمها أطرافها بقصد الاستثمار، وليست من باب القروض التي تجر النفع المحرم، ولا علاقة لها بالربا، وهي جائزة شرعًا؛ أخذًا بما عليه التحقيق والعمل من جواز استحداث عقود جديدة إذا خلت من الغرر والضرر.
وكان تصوير هذه العقود مختلفًا فيه قبل صدور قانون البنوك: فمن العلماء المعاصرين من سلك بها مسلك القروض؛ فحرم الزيادة من غير نظر إلى القصد من العقد. ومنهم من نظر إلى مقصودها الاستثماري التي هو غرض العقد وغايته؛ فجعلها من باب التمويل، حتى صدر قانون البنوك المصري رقم 88 لسنة 2003م، ولائحته التنفيذية الصادرة عام 2004م؛ ليقطع بتصوير العلاقة بين البنوك والمتعاملين معها على أنها من باب "التمويل"، وحكم الحاكم يرفع الخلاف، وإذا كانت تمويلًا فليست الفوائد حرامًا؛ لأنها ليست فوائد قروض، وإنما هي عبارة عن أرباح تمويلية ناتجة عن عقود تحقق مصالح أطرافها، ولا علاقة لها بالربا المحرم الذي وَرَدَت حُرْمته في صريحِ الكتابِ والسُّنة، والذي أجمَعَت الأمةُ على تحريمه.
حكم فوائد البنوك وإيداع الأموال في البنك
وبناءً على ذلك: فإنه يجوز التعامل مع البنوك، وأخذ فوائدها شرعًا، والإنفاق منها في جميع وجوه النفقة الجائزة من غير حرج.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: حكم إيداع الأموال في البنوك قرض للاستثمار فوائد البنوک دار الإفتاء فی العقود هی عبارة إذا کانت ناتجة عن عقود ا کل عقد من باب
إقرأ أيضاً:
9 قتلى في هجوم إرهابي في شمال شرق نيجيريا
أبوجا (وكالات)
أخبار ذات صلةأسفر هجوم شنه إرهابيون على قرية في شمال شرق نيجيريا عن مقتل 9 أشخاص على الأقل، وفق ما ذكر، أمس، مسؤول محلي لوسائل الإعلام.
وقال راوا غانا مودو، المسؤول السياسي لمنطقة ديكوا في ولاية بورنو التي تشهد أعمال عنف، إن مقاتلين من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية دخلوا قرية غاجيبو سيراً على الأقدام، وشرعوا بإطلاق النار على السكان، واشتبكوا مع جماعة مسلحة مناهضة تقاتل إلى جانب الجيش.
وأضاف مودو أن «مقاتلي بوكو حرام اردوا تسعة أشخاص»، بينهم مدنيان، وأصابوا آخرين. وأشار إلى أن قوات عسكرية جاءت من بلدة ديكوا المجاورة ساعدت في طرد الإرهابيين من القرية، مؤكداً مقتل عشرة من المهاجمين.
ومن جانبه، أعلن الجيش النيجيري، الجمعة، أنه قتل 16 إرهابياً حاولوا مهاجمة قاعدة عسكرية في دامبوا، بولاية بورنو أيضاً.
وتمكنت القوات النيجيرية مدعومةً من سلاح الجو من صد المهاجمين بعد ساعتين من تبادل من إطلاق النار.
وتعد ولاية بورنو معقلا لجماعة «بوكو حرام» الإرهابية التي أدّى تمرّدها المستمر منذ 15 عاماً إلى سقوط أكثر من 40 ألف قتيل ونزوح مليوني شخص في هذه المنطقة الواقعة في أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكّان.