في خضم الاستعدادات للانتخابات الرئاسية الأمريكية غدا، يبرز الدكتور حسين الديك، المحلل الفلسطيني والخبير في الشأن الأمريكي، ليقدم رؤية تحليلية عميقة حول الديناميكيات الانتخابية التي قد تحدد مصير المرشحين.

وفي تصريح خاص لجريدة الوفد أكد أن استطلاعات الرأي لا تعكس بالضرورة الصوت الشعبي الحقيقي لأمريكا، مشيراً إلى أن من يحدد نتيجة الانتخابات هو المجمع الانتخابي المكون من 538 عضواً، وليس المواطن العادي.

 

وأوضح الديك أن استطلاعات الرأي غالباً ما تركز على التجمعات السكانية في المناطق الحضرية، متجاهلة المناطق الريفية والضواحي، حيث يُعتبر هؤلاء الناخبون هم الخزان الانتخابي الأساسي للحزب الجمهوري ومرشحه دونالد ترامب. 

إفلاس الحزب الديمقراطي 

وأشار إلى أن ولاية أيوة، التي كانت تُعتبر في السابق ولاية متأرجحة، قد تحولت منذ سنوات إلى ولاية جمهورية، مما يجعل من غير المرجح أن تصوت لصالح كاميلا هاريس. واعتبر أن حملات الحزب الديمقراطي تعاني من الإفلاس في ظل التقدم القوي للمرشحين الجمهوريين في الولايات المتأرجحة.

وأضاف الديك أن الاستطلاعات التي أُجريت في أيوا قد لا تكون دقيقة، متوقعاً أن تصوت الولاية لصالح ترامب. كما أشار إلى إمكانية حدوث مفاجآت في بعض الولايات الزرقاء، حيث قد تنقلب إلى دعم الجمهوريين، لكن العكس يبدو مستبعداً. 

في ختام تصريحه، شدد الدكتور حسين الديك على أهمية فهم الديناميكيات الانتخابية بشكل أعمق، بعيداً عن الاعتماد على استطلاعات الرأي فقط، واصفًا  استطلاع الرأي الأخير في ولاية أيوا، بأنه استطلاع مسيس وقد يكون هناك إمكانية للتلاعب فيه. وأكد أن هذه الولاية تُعتبر حمراء دائماً، حيث تصوت لصالح الحزب الجمهوري، مما يجعل نتائج الاستطلاع مثيرة للجدل. كما أشار إلى أن أغلبية سكان أيوا من البيض، بينما نسبة المهاجرين فيها قليلة، مما قد يؤثر على توجهات التصويت ويعكس عدم دقة الاستطلاعات في تمثيل الواقع السياسي بشكل صحيح.

يشترط القانون الأمريكي إجراء الانتخابات الفيدرالية الثلاثاء بعد أول يوم اثنين من شهر نوفمبر هذا العام.

الأشخاص الذين لم يصوتوا مبكرًا سيتوجهون إلى موقع التصويت المحلي الخاص بهم. سيتم إغلاق صناديق الاقتراع في أوقات مختلفة في جميع أنحاء البلاد. نظرًا لتزايد التصويت عبر البريد، إذا كانت النتائج متقاربة في الولايات الرئيسية، كما حدث في عام 2020، فمن المحتمل ألا نعرف الفائز في يوم الانتخابات.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

الرأي العام بين المتاهة الرقمية وهندسة العقول

في وقت يشهد تسارعًا في تطوّر أدوات التواصل الرقمي وتعدد استخداماتها وقدرتها على اختراق العقل البشري والتأثير على التفكير النقدي، وفي وقت ينظر إلى الذكاء الاصطناعي على أنه معيارٌ لتقدم المجتمعات وتطورها التكنولوجي؛ كونها تجعل الأشخاص أكثر حرية في التعبير من أي وقتٍ مضى، رغم تدفق سيل من العمليات المعلوماتية التي تستوجب تحكيم العقل الواعي في فلترتها وتلقّيها بعناية، لكنها واقعيًا تخفي في مضمونها أمرًا بالغ الأهمية متمثلًا بإعادة تشكيل الوعي الجماهيري دون إدراك لذلك، ما يطرح تساؤلًا عن قدرة الأشخاص على مقاومة هذا التأثير والسيطرة على العقول من خلال دغدغة مشاعرهم وعواطفهم في وسائل التواصل الاجتماعي.

بلا شك أنّ التكنولوجيا أصبحت واجهة عبر أدواتها المؤثرة على التفكير النقدي للعقول رغم عدم اتفاق البعض مع هذا الرأي لكنه حقيقة في مضمونه، بل وضعت الرأي العام أمام شتات مستمر بين المتاهة الرقمية التي زُجّ بها البعض دون أن يشعر كنتيجة حتمية للاندفاع غير المبرر ـ حسب رأيي ـ في وسائل التواصل الاجتماعي للتفاعل مع ما يطرح من آراء وتوجهات لصناعة التأثير على مرتاديها؛ بهدف تحريك الجزء اللاواعي من العقل للسيطرة على الجماهير وتوجيهها وربما خداعها دون إدراك لذلك؛ استنادا على نظريات مؤسس علم التحليل النفسي سيغموند فرويد.

والأخطر من ذلك أن يقع الفرد ضحية المتاهة الرقمية لفترة طويلة، ما يصعّب مهمة الإصلاح المجتمعي، لأن ما يقلق البعض أن المتاهات عموما كلما حاول الفرد فهم اللعبة تغيّرت قواعدها.

حقيقة لا أخفيكم قولًا بأنني رغم تشخيص البعض للمشهد العام في وسائل التواصل الاجتماعي وما سببته من عمليات معلوماتية وهندسة العقول بأساليب مهيمنة على التفكير النقدي والطرح الأدبي في خضم المتاهة الرقمية التي تعمقت بتطور أدوات الذكاء الاصطناعي، إلا أنني لا أنظر شخصيا إلى جانب ذكاء الآلة وتطورها إلى ما نشهده اليوم بأنه مؤامرة، لكنه نتاجٌ لتطور الإعلام الرقمي بوضعه الحالي.

ورغم عدم إيماني المطلق بقدرة ذكاء الآلة بوسائلها الرقمية وأدواتها المتطورة على تشكيل الرأي العام، لكنها أسهمت في تكوين قاعدة من العمليات المعلوماتية التي أثرت بطبيعة الحال على العقل اللاواعي لبعض الجماهير في تشكيل الرأي العام الرقمي على أقل تقدير في وسائل التواصل الاجتماعي، والمثير للدهشة أنّه لم يعد التزييف والتحريض الذي يتم دحضه باستمرار هو من يقود العقول وهندستها في العالم الافتراضي، بل ما يخفيه الذكاء الاصطناعي من دقة في هندسة التزييف والتحريف والتحريض وتقديمه على أنه واقع حقيقي.

فوسائل التواصل الاجتماعي لم تكتفِ بصناعة التأثير على التوجهات والآراء المجتمعية، بل أصبحت شريكا مع الإعلام التقليدي في هندسة الإدراك لتشكيل قناعات الجماهير، والمثير للدهشة أن أدوات التواصل الرقمي أسهمت في تحريك الإدراك المجتمعي وتوجيهه نحو واقع مصطنع بهدف إيهام الجماهير على أنه الواقع الحقيقي ويجب التعايش والتفاعل معه، ما يجعلنا أمام صراع فكري في خضم هندسة العقول التي تحاول تقديمها المتاهة الرقمية بأدواتها وتوجهاتها، فنحن اليوم بحاجة إلى مزيدٍ من الجهود الوطنية لصون الأجيال من المتاهة الرقمية وهندسة العقول بما يجعلها مصانة بهويتها الوطنية بعيدة عن ما يؤثر على تماسكه ووحدته.

تابعت خلال الفترة الماضية في وسائل التواصل الاجتماعي تكوّن حالة من الفوضى المعلوماتية مرتبطة بالأرقام والإحصاءات الإيجابية التي تحققت والمراد تحقيقها في الفترة القادمة، هذه الأطروحات تتركز تحديدا في النقاشات المرتبطة بجوانب التخطيط الاقتصادي والمالي مثل خطة التنمية الخمسية الحادية عشرة المقبلة (2026-2030)م، والميزانية العامة للدولة 2026م، وهي في حقيقتها معلومات لم يقدمها الإعلام الوطني بل كان صانعا للتأثير الإيجابي على الجمهور، هذه المغالطات هي نتاج سيلٌ من المعلومات المغلوطة وغير الصحيحة تم هندسة العقول عبر متاهات رقمية يراد بها إضعاف التفكير وتشتيت العقول عن الغاية الأساسية من وضع هذه الخطط ومواصلة التخطيط للخطط المالية والاقتصادية المقبلة.

في رأيي، أرى أنّ صناعة الوعي أو صناعة الرأي العام من العلوم التي ينبغي أن ندرسها جيدا ونستعد للتعامل معها، ونتقنها في فلسفة نقاشاتنا وحوارتنا اليومية، وتكون منهجا في توجهاتنا الوطنية بحيث لا نسمح للوسائل الرقمية بهندسة عقولنا ومن حولنا وفقا لتوجهاتها ومنطلقاتها التي لا تخلو من تغييب الحقائق بل وتزييفها وتحريفها أحيانا، وأن نكون درعا حصينا لمنع تسلسل الأفكار غير الصائبة والآراء والتوجهات الواهية التي تدمر المجتمع وتنال من وحدته وتماسكه، فأسلوب التجهيل والتزوير والتضليل من الأساليب التي تهدف إلى تحقيق مغالطات فكرية وثقافية تنال من العقل البشري في التفكير والتحليل النقدي، وهو نتاج لهندسة العقول لصالح أيدولوجية معينة تحاول تضليل الجمهور وجرهم إلى الحقيقة الناقصة المشوهة التي تعتمد على التضليل والتدليس.

إن ما يتعرض إليه الرأي العام من استغلال وهندسة للعقول لمصالح ذاتية ولأهداف معينة تعد حالة جوهرية تستدعي دراسة شاملة متكاملة، خصوصا مع المتاهة الرقمية التي سببها ذكاء الآلة التي تؤثر على العقول وتؤثر على تفكيرها وكانت عاملًا فاعلًا ومدخلًا لتضليل الرأي العام واستغلاله وإغراقه بالنفايات المعلوماتية التي لا يحتاجها الأفراد، والأصعب من ذلك عندما تتطور الأدوات التواصلية الرقمية، ما يدفع مسيئي استخدامها إلى إجراء استطلاعات واستفتاءات رأي مزيّفة وخاطئة تؤدي إلى التلاعب بالنتائج والمعلومات وتنعكس سلبا على اتخاذ القرارات.

راشد بن عبدالله الشيذاني

باحث ومحلل اقتصادي

مقالات مشابهة

  • تقارير سعودية: محمد صلاح قد يختار الهلال في الموسم القادم
  • الرأي العام بين المتاهة الرقمية وهندسة العقول
  • بطلب من أمريكا.. رئيس وزراء قطر يكشف بداية علاقة الدوحة بحركة حماس
  • رئيس وزراء بولندا يهاجم أمريكا: أوروبا حليفكم الأقرب لا مشكلتكم
  • الزراعة الذكية.. برنامج ميداني لتمكين المرأة الريفية من إدارة المزارع بالأحساء
  • رئيس الوزراء يزور معرض إربد الدائم لدعم المزارعين والمشاريع الريفية
  • ترمب يختار عقيداً شارك بمعركة الفلوجة لمهمة في غوانتانامو
  • قرار حاسم قبل انتخابات 2026… المحكمة العليا تنقذ خريطة الجمهوريين في تكساس
  • قرينة رئيس الجمهورية توجه التقدير لكل من جعل العطاء أسلوب حياة
  • فانس ينفي تصاعد معاداة السامية داخل الجمهوريين