الجزيرة:
2025-05-08@09:32:46 GMT

مريم.. صوت الأميرات في غزة

تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT

مريم.. صوت الأميرات في غزة

في قلب الحصار والحرب، حيث يطغى القصف والدخان على سماء غزة المنكوبة، تحمل مريم قوش قلمها، فهو آخر ما تبقى من أجنحة الإرادة. مريم، الشاعرة الفلسطينية التي حُرمت من تحقيق حلمها بالمشاركة في برنامج "أمير الشعراء" في أبو ظبي، لم تكن مجرد شاعرة تسعى للمنافسة، بل صوتًا يمثل معاناة مئات الآلاف من سكان قطاع غزة المحاصرين، حيث أصبح السفر حلما بعيد المنال، والأحلام رفاهية غير ممكنة.

اجتازت مريم المقابلة الأولى للبرنامج بنجاح، وتم اختيارها من بين مئات الشعراء لتكون ضمن قائمة الأربعين، لكن العدوان الدائر في غزة كان بالمرصاد. معابر مغلقة وأحلام محاصرة. "بات الحلم والسفر مستحيلا"، تقول مريم، واصفة واقعًا قاسيا فرضه الحصار والجغرافيا والسياسة.

ورغم الجراح التي لم تبرأ بعد، خصوصا بعد فقدان والدها، حاولت مريم أن تكسر جدران الحصار بالطريقة التي تعرفها: بالشعر. "حاولت أن أطرق الخزان بصوت قصيدتي"، تقول مريم، مستعيدةً صورة الأديب الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني، لتجعل من صوتها رسالةً صادقة تعبر عن الألم والأمل، وتجعل غزة حاضرة رغم كل شيء.

لم تكن تجربة مريم سهلة، فقد أجرت المقابلات عبر الإنترنت المتقطع، واستغرقت دقائق العرض المعدودة ساعات طويلة بسبب تقطع الاتصالات. ومع ذلك، تثني مريم على جهود منظمي البرنامج ولجنة التحكيم الذين أظهروا صبرا وتفهما. هذا الدعم أضاف لمسة من الأمل إلى تجربة مريم، رغم أنها لم تكتمل.

الشاعرة الفلسطينية مريم قوش خلال مشاركتها عن بعد في مسابقة شاعر المليون (صفحة الشاعرة في فيسبوك)

لم تكن مريم تسعى فقط لتمثيل نفسها، بل كانت تأمل أن يكون شعرها سفيرا لصوت قطاع غزة وفلسطين، صوتا يذكر العالم بأن القضية الفلسطينية ليست فقط مأساة سياسية، بل أيضا إنسانية وثقافية. تقول "أتمنى أن تكون غزة وفلسطين حاضرةً في قصائد الشعراء، فهي القضية الأولى للوطن العربي الكبير، وللشعر وللإنسان".

إعلان

قصتها ليست مجرد قصة شاعرة تسعى لتحقيق حلمها في عالم الشعر، بل هي حكاية معاناة يومية يعيشها سكان غزة. في كل سطر من قصائدها تختبئ معاناة شعب بأكمله، وفي كل محاولة منها للصعود على المسرح، يظهر صمود شعب يرفض أن يُمحى صوته. ورغم الحرب والحصار، تحلق كلماتها، تحمل أوجاع شعبها وأحلامهم، لتؤكد أن الشعر، حتى في أحلك الظروف، قادر على صنع أجنحة جديدة تطير فوق جدران الحصار.

الحرب والموت.. صداقة غير مختارة

التجول في نصوص مريم ويومياتها عبر حسابها في فيسبوك يعطيك صورة شاملة عما تعيشه غزة وأهلها. ففي أحد نصوصها المؤثرة، تصف مريم اللحظة التي تصادقت فيها مع الموت، تقول "تصادقتُ والموت، وصرت أخبر الوقت المغسول بترياق الفناء أنني لست أخشى عبوره". هذه العبارة تكشف حجم الألم الذي تعيشه غزة، حيث يختلط الموت بالحياة بشكل يومي. مريم ليست فقط شاهدة على الحرب، بل هي إحدى ضحاياها، كأنما أصبح الإنسان هناك مسرحًا لمعارك لا تهدأ.

تعكس يوميات مريم معاناة أهل قطاع غزة مع أبسط مقومات الحياة. تتحدث عن خبز ملوث بالدود والعفن، وعن طوابير تمتد كجروح مفتوحة في قلب المخيم، وعن ثلاث نساء لقين حتفهن في ازدحام للحصول على رغيف. تسأل مريم الخبز في مرارة "هل ثمنك يا ابن السنابل دمنا ونزفنا؟". إنها كلمات تنضح بالحزن، لكنها أيضًا تحمل إدراكًا عميقا بواقع غزة المأساوي.

تتحدث مريم عن والدها الذي رحل شهيدًا ليس فقط بسبب المرض، بل أيضًا بسبب الحصار. تتذكر كيف توفي في الغربة وهي عاجزة عن الوصول إليه، وودعته عبر مكالمة فيديو. تقول: "أكثيرٌ علينا نحن الغزيين أن نودع أحبابنا الذين يرحلون؟ أكثيرٌ علينا أن نموت بين أحبابنا؟". هذه الكلمات تختصر مأساة الحصار الذي يحرم الفلسطينيين حتى من وداع أحبائهم، فقد كان إغلاق معبر رفح سببا في حرمانها من وداع والدها شخصيا بعدما سافر للعلاج في مصر.

إعلان شهيد "يرتجف" من البرد

في إحدى صور الحياة اليومية التي ترسمها مريم، تصف طفلة في مخيم النصيرات تقتحم مشغل خياطة وتصرخ "لا أريد ثيابًا، أريد بطانية كبيرة، أخي استشهد قبل قليل، لا أريد لأخي أن يرتجف من البرد". هذه الحكاية تلخص قسوة الحياة في غزة، إذ حتى الموتى لا يُسمح لهم بالراحة.

رغم كل هذا الألم، تحاول مريم قوش أن تجعل من شعرها نافذة للأمل. مشاركتها في برنامج "أمير الشعراء"، التي توقفت بسبب الحرب، كانت محاولة لكسر جدران الحصار بطريقة مختلفة. تحاول أن يكون شعرها رسالة للعالم فحواها أن غزة ليست مجرد مأساة، بل هي أيضًا مكان للأحلام والإبداع.

غلاف كتاب "حديث المساء" على بسطة التوابل وفق ما نشرته الشاعرة مريم قوش في صفحتها (مواقع التواصل)

تسلط تجربة مريم الضوء على التحديات التي يواجهها الفلسطينيون في غزة. ومن خلال شعرها ونصوصها، أعطت صوتًا لضحايا العدوان الإسرائيلي، ورسمت صورة حية للحياة تحت القصف والحصار. وتوفر كلماتها لمحة عن الصعوبات اليومية التي يواجهها سكان غزة، من نقص الغذاء إلى صدمات الحرب إلى القتل الهمجي اليومي الذي تمارسه آلة الدمار الإسرائيلية.

لم تستطع مريم قوش صعود مسرح "أمير الشعراء" في أبو ظبي بسبب الحصار والعدوان الإسرائيلي المتواصل. لكنها، وسط الركام والدمار، صنعت من قلمها تاجًا يليق بأميرات غزة الصابرات. مريم لم تخطُ على خشبة المسرح، لكنها خطّت بقصائدها ونصوصها صورة حية عن نساء غزة: النازحات في الخيام، والأمهات اللواتي يحتضن أطفالهن في البرد، والشهيدات اللواتي نلن التكريم الأعظم عند ربهن!..

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی غزة

إقرأ أيضاً:

تعيينات حكومة بورتسودان- البر الغربي..!

في الأيام الفائتة جرت مهزلة تعيين ملحقين إعلاميين في سفارات السودان بواسطة وزير إعلام عاطل من أشباه مقذوفي الموانئ و(لاعبي الملوص) وهذا ما قاله بنفسه قبل أيام من تعيينه وزيراً في السلطة الانقلابية..!
هذه المهزلة رغم مضي أيام عليها إلا أنها تكرّرت في تعيين رئيس وزراء من أعوان الانقلاب و(من حاملي شنطة دقلو) وتكرّرت في قائمة السفراء الجُدد ووزراء الخارجية وولاة الولايات ومديري المؤسسات..!
لقد بلغت كل هذه التعيينات والترشيحات مبلغاً حرجاً في (تجسيد الاستباحة) التي وصلت إليها الأوضاع بما يناقض أدنى أبجديات الكفاءة العلمية والتأهيل المهني والمعايير الأخلاقية..!
لقد جرت هذه التعيينات على ذات الكيفية التي حدث بها ترشيح البرهان لوزير إعلامه..! فلا بد أن تكون ترشيحات وزير الانقلاب (على مقاس) قامته القصيرة..!
ومع ذلك قالوا إن حكومة بورتسودان رفضت ترشيحاته..! طبعاً ليس بسبب مجافاتها لشروط الكفاءة..بل من أجل حقن دماء المرتشين المتنافسين حتى تظفر حكومة الانقلاب بخدمات الطرفين ومواصلة الانتفاع من صياحهم في وسائط الاتصال و(لايفات) تأييد الحرب والدفاع عن سلطة الانقلاب..!
ذلك بالرغم من أن جميع المتنافسين على وظائف الملحقيات من (طنابرة الانتهازية) ونشطاء التزييف الإعلامي ومادحي السلطان..! وعندما يقول الناس أنهم من (الكرور الإعلامي) فقطعاً لا يقصدون شخصياتهم..بل يقصدون ممارستهم لإعلام الباطل من اجل المنافع الذاتية والتزاحم على مناصب لا يستحقونها في سلطة مُجرمة تقتل مواطنيها..!
هؤلاء البشر الذين جعلوا المواطنين وقوداً لحربهم يريدون أن يشغلونا بالتفاهات والسودانيون مشردون في المنافي والنزوح بأطفالهم وصباياهم وصبياتهم وشبابهم لا يدرون ماذا يفعلون بأنفسهم..وأولادهم وبناتهم في حيرة عن السبب الذي جعلهم خارج معاهدهم ومدارسهم وجامعاتهم وحضاناتهم ورياضهم..وقد رأيت في مصر ما يدمى الفؤاد من حالات الآلاف الذين انقطعت بهم مراحل التعليم..والبرهان وكباشي والعطا وكرتي وحكومة بورتسودان يطلبون من الشعب إطلاق (زغاريد الانتصار) ابتهاجاً بالخراب وضياع الأجيال القادمة..!
يا لهذه الأفئدة الميتة التي تجاوزت مرحلة همود الأجساد إلى مرحلة التعفّن والتحلّل..!
العبرة في مهزلة الملحقين الإعلاميين أنها كشفت عن تكالب الأقزام على الوظائف والمناصب من باب الرشوة وقبض الثمن (حاضراً) مقابل مناصرتهم لسلطة الانقلاب وتأييدهم للحرب..! لقد أصبح كل فريق من (أصدقاء الأمس) يطعن في كفاءة المرشحين الآخرين..ويقول انه الأحق بالتعيين بسبب سابقته في خدمة الانقلاب والدفاع عن سلطة البرهان..!
ودخلت إلى ساحة هذه المهزلة (شويعرة إنقاذية) تريد أن تذكّر بنفسها حتى لا يفوتها (قطار الميري المُختطف) رغم أنها كان أخر من تم تعيينه وزيراً في سلطة الإنقاذ الهالكة..ولم تصل إلى مقعد الوزارة بسبب ثورة ديسمبر العظمى وسقوط دولة المخلوع..لكنها عادت الآن تنادي بمواصلة الحرب وتمدح بطولة البرهان وكتائب البراء في معركة القصر الجمهوري الوهمية التي لم نشاهد فيها جثة (دعامي واحد) قتله جند البرهان والبراء..مقابل آلاف القتلى والمصابين من المدنيين الذين يموتون كل يوم بنيران حرب البرهان والدعم السريع..!
ولك أن تتصوّر كيف توظّف شاعرة موهبتها اللغوية في مناصرة الحرب وجماعة الانقلاب والإرهابيين؛ ولا تفوه بكلمة واحدة في حق القتلى والمهجّرين والمشردين من أبناء شعبها وجنسها..! الشعراء يا سيدتي يقفون مع القيم الإنسانية ولا يلقون الحطب على النار..لعن الله (سنسفيل الشعر والشاعرية) عندما يتنكّران لمعاني الإنسانية ويقفان في صف الباطل وسفك الدماء..!
هكذا تدور ساقية مهزلة الانقلاب والكيزان ومناصريهم في هذه الحرب الفاجرة على قاعدة التنافس على ريع السودان وموارده وذهبه وأمواله العامة..والذي يتعلّم معايير الأخلاق من الثعلب لا بد أن يعتبر (سرقة الدجاج) فضيلة...الله لا كسّبكم..!

مرتضى الغالي

murtadamore@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • ما الذي يقوله الشعراء؟
  • أول شكوى اقتصادية بسبب الحرب بين الهند وباكستان
  • المساعدات الإنسانية في غزة بين الهوان العربي والهولوكوست الصهيوني
  • طبيب كلى زار غزة: تتم إعادة استخدام المستهلكات الطبية التي من المفترض استعمالها مرة واحدة
  • حكاية ألف ليلة وليلة.. رنا رئيس زي الأميرات في ليلة زفافها
  • ما القضايا التي ستحسم التصويت في الانتخابات البلدية بسريلانكا؟
  • فستان الأميرات.. 30 صورة لإطلالة رنا رئيس في حفل زفافها
  • تعيينات حكومة بورتسودان- البر الغربي..!
  • إحالة المتهم بالتعدى على الطفلة مريم بشبين القناطر للجنايات
  • إحالة المتهم في قضية الطفلة مريم إلى الجنايات