صلاح المقداد

لعلّ من سوء الطالع، وحظ العرب الأكثر تعاسة وتعثّرًا، أن هؤلاء القوم ما كادوا يتنفّسون الصعداء لفترة زمنية وجيزة، ويحتفلون بتحرّرهم – في الظاهر – من الاستعمار البريطاني البغيض، الذي احتلت قواته الغاشمة عددًا من البلدان العربية والإسلامية لفترة ليست بالقصيرة، حتى فوجئوا بمحتلٍّ جديد، أشدّ ضراوة وعنجهية وغطرسة ووحشية، ممثلًا هذه المرة بالولايات المتحدة الأمريكية، التي حلّت محل بريطانيا الملعونة في التآمر على العرب والعالم، ونهب خيرات الدول وثرواتها، واستعباد أبنائها دون وجه حق.

ومع صعود أمريكا كقوة غاشمة وإمبراطورية استعمارية، ظلّت بريطانيا الخبيثة تعمل في الظل، بعد أن سلّمتها الدور الذي كانت تؤديه سابقًا، وهو دور المحتلّ والمستعمر البغيض. فأصبحت بريطانيا الجديدة، التي منحت مستعمراتها استقلالًا صوريًا، رديفًا لأمريكا، تدعم بلا تحفظ كل ما تفعله وترتكبه سيدة العالم الجديد من جرائم بحق الدول والشعوب المضطهدة، لا سيما العربية والإسلامية، تحت شعارات وحجج باطلة وذرائع متعدّدة، كما حدث في الفلبين، وأفغانستان، والعراق، وليبيا، وسوريا وغيرها.

وفي الحقبة الاستعمارية الأمريكية للمنطقة والعالم، ذاق العرب الويلات، ولا يزالون يدفعون أثمانًا باهظة من حياتهم واستقرارهم وكرامتهم وحقوقهم وسيادة أوطانهم ومستقبل أبنائهم. ولا يزال الحساب مفتوحًا ليدفعوا المزيد وهم مُرغمون. ولو استعرضنا تاريخ هاتين القوتين الاستعماريتين الغربيّتين، بريطانيا وأمريكا، منذ ظهورهما وحتى اليوم، لوقفنا أمام سجلٍّ مظلم، حافل بالجرائم البشعة بحق الشعوب والإنسانية جمعاء.

لقد كانت بريطانيا الملعونة سبّاقة في ارتكاب الفظائع بحق الأمة والإنسانية، فنهبت خيرات الشعوب التي استعمرتها، وتآمرت عليها، وخلقت لها مشاكل واضطرابات ما زالت تعاني منها حتى اللحظة. ورغم ادّعاءاتها بالقيم والمُثل الزائفة، لم تتوقف عن ممارساتها الاستعمارية، ولم يكن لديها أيّ خُلق أو وازع يمنعها من الإجرام بحق شعوب العالم الثالث.

ثم جاءت الولايات المتحدة الأمريكية، التي برزت كقوة عالمية عظمى وإمبراطورية دولية غاشمة، فحذت حذو بريطانيا، وواصلت مسيرتها الإجرامية، بل وتفوقت عليها بالإبادات الجماعية لملايين البشر. وما ارتكبه المستوطنون الأمريكيون من مذابح بحق الهنود الحمر، أصحاب الأرض الأصليين، يبقى شاهدًا حيًا على التأسيس الدموي لذلك الكيان الأمريكي البغيض.

إنّ سجلّ أمريكا الملطّخ بالدماء لا يمكن حصره في مقال، بل يحتاج إلى مجلدات تكشف الوجه الحقيقي لهذه الدولة المارقة، التي لم تترك بقعة في العالم إلا وتركَت فيها بصمات الإجرام والدمار.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

لا حرج من النقد الوطني والتشكيك المستمر في النوايا الأمريكية

بالرغم من دعمي للدبلوماسية الرئاسية والأمنية التي أنجزت لقاء زيورخ غير المعلن (غير صحيح وصفه بأنه سري وهنالك فرق) وبالرغم من رؤيتي أنه لقاء مطلوب ومبرر ولكن لا حرج من النقد الوطني والتشكيك المستمر في النوايا الأمريكية، ولا يعتبر خطئا تحذير صانع القرار من الخداع الأمريكي بل هو عين الصواب، الرئيس الأمريكي لا يضمن لنفسه الأمان من المستنقع السياسي هناك، فكيف يضمن لدولة لا يكاد يميزها من 54 دولة افريقية، و198 دولة في العالم.

لا يوجد شيء اسمه صداقة جيدة مع الادارة الأمريكية، هي أصلا مع كل العالم وعبر التاريخ إما (صديق سيء أو عدو صريح)، وعليه التفاوض لتثبيت علاقة مباشرة وتفادي العداوة والحفاظ على صداقة سيئة ومهزوزة باستمرار مع أمريكا هي قمة الإنجاز بل هو سقف الممكن مع النظام السياسي الأمريكي، ومن قال غير ذلك فهو كذاب أو هو نفسه جزء من الخداع والتخدير.

ممكن يكون هنالك اصدقاء أفراد أمريكان لكن النظام السياسي الأمريكي لن يكون صديقا جيدا لاي حكومة، ولا أي حاكم، وسيستبطن دوما نية اضعافه واستبداله في أي لحظة مهما قدم.
الحل في التواصل تحت شعار (إلا ما دمت عليه قائما) ومن الضروري الفحص المستمر لمحتوى وأجندة التفاوض وقدرة المفاوضين على الثبات الشخصي أمام الاستدراج والضغوط والاغراء والاستمالة.

مكي المغربي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • السيد القائد يهاجم الزعماء العرب ازاء الصمت لتصريحات نتنياهو
  • معلومات تكشف خطورة ما تتعرض له الضفة الغربية بالأرقام .. ولهذا السبب اغتال العدو الإسرائيلي أنس الشريف ورفاقه (تفاصيل)
  • هل الخرائط المتداولة إعلاميا هي التي ستطبق عليها رسوم الأراضي البيضاء؟ مسؤول يوضح
  • لا حرج من النقد الوطني والتشكيك المستمر في النوايا الأمريكية
  • تمتد حتى عام.. تفاصيل الخطة العسكرية التي صادق عليها زامير للسيطرة على غزة
  • مفتي الجمهورية يزور شيخ الأزهر على رأس وفد من كبار علماء الأمة
  • صنعاء تحذّر من مخططات نتنياهو التوسعية وتدعو العرب لتوحيد الجبهة ضد العدو الصهيوني
  • جستنيه: من له تاريخ أسود مع الاتحاد معروف توجهاته
  • رئيس الأركان الإسرائيلي يزور المواقع التي تسيطر عليها إسرائيل في جنوب لبنان: نفذنا أكثر من 600 غارة
  • بريطانيا وشمسها الآفلة