زنقة 20. الرباط – الرحالي عبد الغفور

عندما يتحدث البعض عن الاستثمار، يبدو لهم مجرد أرقام تُضخ، وصفقات تُبرم، واتفاقيات تتوالى على طاولات المسؤولين. لكن الواقع أعقد من ذلك، فالمغرب الذي يخطو بثبات نحو اقتصاد أكثر تنافسية لا يحتاج فقط إلى استثمارات تتدفق، بل إلى رؤية تجعل هذه الاستثمارات ذات معنى، تؤثر في حياة الناس، وتغير واقع المدن والقرى، وتفتح أبوابًا كانت موصدة أمام طاقات لم تجد بعد منفذًا لتحقيق ذاتها.

في قلب هذه الدينامية، يأتي كريم زيدان، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، ليجد نفسه أمام تحدٍّ مزدوج: كيف يجعل من المغرب أرضًا جاذبة لرأس المال، وكيف يضمن أن لا يكون الاستثمار مجرد حبر على ورق، بل محركًا حقيقيًا لاقتصاد يليق بتطلعات وطن يسابق الزمن؟

ما يواجهه هذا الرجل ليس مجرد ملفات تقنية تُناقش في الاجتماعات المغلقة، بل واقع معقد حيث تتداخل العوائق البيروقراطية، والتحديات التمويلية، والرهانات الجيوسياسية. المغرب، رغم تقدمه في المؤشرات الدولية، لا يزال يواجه منافسة شرسة من دول أخرى تقدم بدورها تسهيلات ومغريات لجذب المستثمرين.

وهنا، لا يكفي أن نُعلن عن مشاريع عملاقة، بل يجب أن نوفر بيئة عمل تحفز على الإنتاجية، وتحمي المستثمر من المتاهات الإدارية، وتعطي للفاعلين الاقتصاديين الثقة الكافية في استقرار القوانين والسياسات. فهل يمكن الحديث عن استثمار حقيقي في ظل قوانين تتغير بتغير الحكومات؟

لكن الاستثمار وحده لا يكفي. قد نملأ البلد بالمصانع والمشاريع، ولكن إذا لم تكن هناك سياسة منسجمة تربط بين مختلف القطاعات، فإننا سنجد أنفسنا أمام جزر معزولة، حيث يعمل كل قطاع بمنطق مختلف، وحيث تضيع الموارد بين سوء التخطيط وضعف التنسيق.

كريم زيدان ليس فقط وزيرًا للاستثمار، بل هو أيضًا رجل التقائية السياسات العمومية، أي الرجل الذي يُطلب منه أن يجعل من الحكومة جسدًا واحدًا لا مجموعة أيدٍ تتحرك في اتجاهات متناقضة. وهنا تكمن المهمة الأصعب: كيف يمكن أن نجمع بين الاقتصاد والتعليم، بين الصناعة والبحث العلمي، بين الفلاحة والتجارة، بحيث تكون كل هذه القطاعات متشابكة في نسيج تنموي واحد؟

ثم تأتي المهمة الثالثة: التقييم. في هذا البلد، اعتدنا على إطلاق المشاريع الكبرى، لكننا نادرًا ما نتوقف لنسأل: هل نجحت؟ هل حققت أهدافها؟ هل كانت مجرد إعلان سياسي أم تغييرًا حقيقيًا في حياة الناس؟ قليلون هم من يتحملون مسؤولية وضع الحكومات أمام مرآة أفعالها، وهنا يبرز رهان التقييم كأحد أعمدة نجاح السياسات العمومية. لكن السؤال المطروح: هل نملك في إدارتنا ثقافة التقييم، أم أننا نفضل الاستمرار في الخطأ على أن نعترف به؟

كريم زيدان لا يقف فقط أمام أوراق الميزانيات والتقارير، بل أمام معادلة أعمق: كيف نجعل من الاستثمار وسيلة لخلق الثروة، ومن السياسات العمومية آلية لتحقيق العدالة التنموية، ومن التقييم أداة لقياس النجاح بدل تبرير الفشل؟ إنها ليست مجرد حقيبة وزارية، بل ورشة مفتوحة على كل احتمالات النجاح والإخفاق. فهل سينجح الرجل في إقناع المستثمرين بأن المغرب هو الوجهة التي لا بديل عنها؟ وهل سيتمكن من جعل الحكومة تتحدث لغة واحدة بدل لغات متفرقة؟ وهل سيجرؤ على كسر ثقافة المجاملة ليضع كل مسؤول أمام مسؤوليته الحقيقية؟ الأسئلة كثيرة، لكن الزمن وحده يملك الإجابة.

المصدر: زنقة 20

كلمات دلالية: السیاسات العمومیة کریم زیدان

إقرأ أيضاً:

برشلونة يحتفل بلقب الليجا أمام فياريال.. وريال مدريد يواجه إشبيلية

يحتفل فريق برشلونة مع جماهيره بالتتويج بلقب الدوري الإسباني لكرة القدم للمرة الـ28 في تاريخه، والذي توج به يوم الخميس الماضي، عندما يستضيف فريق فياريال غدا الأحد في الجولة السابعة والثلاثين، قبل الأخيرة، من المسابقة، والتي تقام كلها في توقيت واحد.

كان برشلونة حسم لقب الدوري في الجولة الماضية بعد فوزه على مضيفه إسبانيول 2 / صفر في ديربي كتالونيا.

برشلونة يهيمن محليًا

وحقق الألماني هانزي فليك، مدرب برشلونة، ثلاثة ألقاب في موسمه الأول مع برشلونة، حيث توج بكأس السوبر الإسباني وكأس الملك، لكن حقيقة أن الفريق فشل في الوصول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا تظل مصدر إحباط كبير.

وسيختتم العملاق الكتالوني موسمه بمواجهة أتلتيك بلباو خارج أرضه في في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، لكن من المتوقع أن تبدأ احتفالات التتويج رسميا غدا الأحد، حيث سيتم تقديم كأس الدوري الإسباني للفائزين المستحقين.

ورغم أن هذا بمثابة تحصيل حاصل لفريق برشلونة، لكنها تحمل أهمية كبرى لفريق فياريال، الذي يتطلع للفوز بها من أجل الحفاظ على المركز الخامس والمشاركة في دوري أبطال أوروبا بغض النظر عن نتيجة آخر مباراة، حيث يتواجد الفريق في المركز الخامس برصيد 64 نقطة بفارق خمس نقاط أمام ريال بيتيس.

ريال مدريد ضد إشبيلية

في الوقت نفسه، يلتقي ريال مدريد مع ضيفه إشبيلية في محاولة لمواصلة الانتصارات وإنهاء الموسم بأفضل شكل ممكن.

وضمن الريال احتلال المركز الثاني في جدول الترتيب برصيد 78 نقطة بغض النظر عن نتيجة آخر مباراتين، فيما يتواجد أشبيلية في المركز الثالث عشر برصيد 41 نقطة، وليس لديه أي شيء للعب من أجله بعدما ضمن البقاء في الدوري في الموسم المقبل، وتأكد عدم تمكنه من اللعب في البطولات الأوروبية.

كما يلتقي أتلتيكو مدريد، صاحب المركز الثالث برصيد 70 نقطة والذي ضمن المشاركة في دوري الأبطال، مع ريال بيتيس، صاحب المركز السادس برصيد 59 نقطة.

ويسعى أتلتيكو مدريد للعودة لطريق الانتصارات بعد خسارته في الجولة الماضية أمام أوساسونا.

في المقابل يأمل فريق بيتيس في تحقيق الفوز بهذه المباراة، وخسارة فياريال أمام برشلونة، من أجل تقليص الفارق بينهما إلى نقطتين فقط، لاسيما وأنه لاتزال أمامه فرصة للعب في دوري الأبطال بدلا من الدوري الأوروبي.

سلتا فيجو ضد رايو فاييكانو

وستشهد مباريات الجولة قبل الأخيرة، مباراة في غاية الأهمية بين سلتا فيجو وضيفه رايو فاييكانو.

ويتواجد سلتا في المركز السابع، الذي يؤهل صاحبه للعب في دوري المؤتمر، برصيد 52 نقطة، بفارق أربع نقاط أمام رايو فاييكانو صاحب المركز الثامن.

وسيسعى فاييكانو للفوز بهذه المباراة من أجل تقليص الفارق إلى نقطة واحدة على أمل تعثر سلتا فيجو في الجولة الأخيرة واحتلال المركز السابع.

لاس بالماس ضد ليجانيس

وفي مباراة هامة للهروب من الهبوط، يلتقي لاس بالماس مع ليجانيس.

ويتواجد لاس بالماس في المركز التاسع عشر قبل الأخير برصيد 32 نقطة وتأكد هبوطه بشكل رسمي برفقة بلد الوليد، في المقابل، يتواجد ليجانيس في المركز الثامن عشر، برصيد 34 نقطة بفارق أربع نقاط خلف ألافيس، صاحب المركز السابع، آخر المراكز التي تبقي بصاحبها في الدوري.

وإذا أراد ليجانيس البقاء في الدوري سيتعين عليه الفوز بالمباراة وانتظار خسارة ألافيس أمام بلد الوليد، لكي يحافظ على فرصه في البقاء بالدوري حتى الجولة الأخيرة.

وفي بقية المباريات، يلتقي ريال مايوركا مع خيتافي، وأوساسونا مع إسبانيول، وريال سوسيداد مع جيرونا، وبلنسية مع أتلتيك بلباو.

مقالات مشابهة

  • الدفع أو الحبس.. صالح جمعة يواجه مصيرا غامضا بسبب النفقة
  • أستاذ علوم سياسية تقدم 3 مقترحات لحل أزمة قانون الإيجار القديم.. فيديو
  • البحسني: آن الأوان لاتخاذ قرارات جادة وحاسمة تُعيد الأمور إلى نصابها وتُعطي حضرموت حقها في الأمن والتنمية
  • اليوم.. منتخب مصر للشباب يواجه نيجيريا في صراع البرونزية بأمم إفريقيا تحت 20 سنة
  • «معلوف»: ترامب يريد الظهور بمظهر الرجل القوي الذي يدير شؤون العالم
  • الرقم 86 ليس مجرد رقم.. ترامب يواجه تهديداً "مشفّراً" بالاغتيال
  • برشلونة يحتفل بلقب الليجا أمام فياريال.. وريال مدريد يواجه إشبيلية
  • الوزير كريم زيدان في لقاء مفتوح مع مؤسسة الفقيه التطواني
  • ما الذي يجبر مواطن بكل قواه العقلية أن يتخذ موقفا ضد بلده بهذا الشكل المخزي والقبيح؟
  • حيدر كريم الغراوي: الاستثمار يعالج مشاكل العراق الاقتصادية