خطة ترامب لإعادة تشكيل النظام العالمي
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
ناقش رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، التطورات في الشرق الأوسط حيث خلقت القوة العسكرية الإسرائيلية، بدعم من الولايات المتحدة، مشهداً جيوسياسياً أكثر ملاءمة لأمريكا لإعادة تشكيل النظام الإقليمي من خلال سلسلة من العمليات الدبلوماسية، ومنها إمكانية إبرام خمس اتفاقيات سلام عربية إسرائيلية.
يجب تحفيز الحكومة السورية الجديدة على طرد القوات العسكرية الروسية
هذا ما قاله روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن، في مقاله بموقع صحيفة "ذا هيل" التابعة للكونغرس الأمريكي.
وبحسب الكاتب واجه المحور الإيراني العام الماضي ضربات قوية، انهت نفوذ كل من حزب الله وحماس، فيما فقدت إيران أهم حلفائها نظام الأسد.
"A Trumpian Middle East goal: 5 Arab-Israeli peace agreements" (@TheHillOpinion) https://t.co/ai64f8GRTs
— The Hill (@thehill) February 2, 2025وارتكبت إيران خطأً استراتيجياً هائلاً بشن هجمات مباشرة على إسرائيل، إذ أدت هذه الهجمات إلى ضربات انتقامية إسرائيلية، والتي كشفت بدورها عن نقاط ضعف رئيسة في دفاعات إيران.
تهيئة المسرح لنظام جديدواتخذ ترامب بالفعل خطوات للاستفادة من هذا الزخم.
وساهم بتدخله القوي في وقف إطلاق النار الذي طال انتظاره في غزة. والآن، يتمثل التحدي في البناء على هذا الهدوء الهش وتوسيعه إلى إطار سلام إقليمي أوسع.
وحدد ساتلوف خريطة طريق لتأمين خمس اتفاقيات سلام رئيسية بين إسرائيل والدول العربية الرئيسة.
كسر القبضة الإيرانيةولكي تتمكن إسرائيل من التوصل إلى السلام مع سوريا ما بعد الأسد ولبنان ما بعد حزب الله، يتعين على الولايات المتحدة أن تعمل على تعزيز القيادات القومية في دمشق وبيروت، وضمان تحررهما من النفوذ الإيراني أو التركي.
وبالنسبة للبنان، يجب تحذير القيادة الجديدة للرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام من السماح لحزب الله باستعادة نفوذه. ويجب منع قدرة حزب الله على السيطرة على الوزارات الرئيسة لمنع نهضته السياسية.
أما بالنسبة لسوريا، فيجب تحفيز الحكومة الجديدة على طرد القوات العسكرية الروسية من قواعدها على البحر الأبيض المتوسط، ودمج الأكراد والدروز والمسيحيين والعلويين في دولة سورية لامركزية موحدة.
وتبقى خطوات ثانوية تشجع عليها الولايات المتحدة في اتفاقيات تدريجية، مثل: اتفاقية ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان، ونسخة محدثة من اتفاقية فك الارتباط في مرتفعات الجولان بين إسرائيل وسوريا. ويمكن أن تمهد هذه الاتفاقيات الطريق لاتفاقيات عدم اعتداء، وفي نهاية المطاف، معاهدات سلام كاملة.
المتطلبات الرئيسة للتوصل إلى سلام إسرائيلي سعودي هي: وقف إطلاق نار مستقر في غزة، مما يضمن عدم استئناف حماس للأعمال العدائية.
والتزام إسرائيل بعملية سلام منظمة مع الفلسطينيين محددة زمنياً (كما طالبت المملكة العربية السعودية) ومشروطة بالتعاون الفلسطيني (ضرورة لإسرائيل).
تحدٍ لنتنياهوتتمثل إحدى العقبات الأكثر حساسية في إقناع نتانياهو بالانخراط في عملية سياسية تشمل السلطة الفلسطينية. وبرغم أن السلطة الفلسطينية معيبة بشدة، لكنها تظل البديل الوحيد القابل للتطبيق لحكم حماس في غزة.
وإذا تُرِك نتانياهو للاختيار بين تمكين قيادة معدَّلة للسلطة الفلسطينية أو العودة إلى الحرب مع حماس، فمن المرجح أن يختار الحرب.
التحديات والمخاطرفي حين يرى الكاتب فرصاً تاريخية، فإنه يعترف بأن العديد من المخاطر قد تعرقل العملية: فقد تنتهك حماس وقف إطلاق النار، مما يؤدي إلى إعادة إشعال الحرب في غزة. وقد تفشل القيادة الجديدة في لبنان في استقرار البلاد، مما يسمح لحزب الله بالتعافي. وقد تعود حكومة سوريا إلى التطرف، فتخسر الدعم الدولي.
وقد تثير الفصائل اليمينية المتطرفة في إسرائيل الصراع في الضفة الغربية، مما يعرض الدبلوماسية للخطر. وقد تسعى إيران، التي تدرك تراجع نفوذها الإقليمي، إلى امتلاك الأسلحة النووية، مما قد يؤدي إلى سباق تسلح إقليمي.
ولتجنب هذه المزالق، يؤكد الكاتب على الحاجة إلى الدبلوماسية الحذرة والصبر الاستراتيجي والاستعداد لتحمل المخاطر المحسوبة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران الأسد هجمات مباشرة على إسرائيل غزة إيران وإسرائيل الهجوم الإيراني على إسرائيل إيران غزة وإسرائيل ترامب سقوط الأسد اتفاق غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
فريدمان: على ترامب التحرك سريعا وتحطيم القيود لتحقيق سلام الشرق الأوسط
في مقاله الأسبوعي بصحيفة نيويورك تايمز، قدّم الكاتب الأميركي الليبرالي توماس فريدمان تحليلا جريئا ومباشرا تعليقا على محاولة الرئيس دونالد ترامب إعادة هندسة الشرق الأوسط بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وبأسلوب يمزج بين السخرية والإعجاب المشوب بالريبة، يشبِّه فريدمان إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام القادة العرب والإسرائيليين عن ميلاد "فجر تاريخي جديد في الشرق الأوسط"، بمحاولة بناء أكبر وأجمل وأفخم فندق فوق "مكب نفايات سامة" على حد وصفه.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مطالبات لماكرون بالاعتذار للشعب الملاغاشيlist 2 of 2ترجماتend of listويصف الكاتب تلك المساعي بأنها مغامرة تبدو جنونية من قبل الرئيس الأميركي لكنها قد تنجح، مشيدا في الوقت ذاته بقدرة ترامب على الجمع بين "التنمر والتملق والمبالغة في مشهد فريد حقا" عندما كان يلقي كلمتيه الاثنين الماضي في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، ثم أمام أكثر من 20 زعيما عالميا في اجتماع عُقد في شرم الشيخ في مصر.
إعلان ترامب ميلاد "فجر تاريخي جديد في الشرق الأوسط" شبيه بمحاولة بناء أكبر وأجمل وأفخم فندق فوق "مكب نفايات سامة".
ورغم تلك الإشادة، فإن فريدمان يعترف بأن ترامب يمتلك جرأة لا نظير لها؛ فبينما يتردد السياسيون والدبلوماسيون التقليديون، يمضي هو مدفوعا بثقة رجل الأعمال الذي يظن أن كل صفقة يمكن حسمها بالقوة أو الإطراء أو الضغط.
لكن الكاتب يحذر من أن غياب البنية الدبلوماسية وافتقار إدارته للخبرة اللازمة في مجال السياسة الخارجية قد يؤديان إلى فشل المشروع قبل أن يبدأ فعليا.
غياب البنية الدبلوماسية وافتقار إدارة ترامب للخبرة اللازمة في مجال السياسة الخارجية قد يؤديان إلى وأد مشروعه الشرق أوسطي قبل أن يبدأ فعليا
ويرى فريدمان أن نجاح مبادرة ترامب يتطلب منه "التحرك بسرعة وتحطيم الحواجز". بيد أنه يستدرك أن ما تحقق حتى الآن لا يتجاوز وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وفي اعتقاده أنه لا توجد حتى الآن قوة حفظ سلام أممية للإشراف على نزع سلاح حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ولا تمويل لإعادة إعمار قطاع غزة، ولا خطة واضحة لتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية تتولى إدارة غزة بدلا من حماس، التي يزعم أنها بدأت بالفعل بإعادة فرض سيطرتها الأمنية هناك.
إعلانكما أن الإدارة الأميركية تفتقر -بنظره- إلى مسؤولين ذوي خبرة في شؤون الشرق الأوسط، مما يجعل مسار العملية غامضا وغير منظم.
ويقول الكاتب إن ترامب لا يستطيع الاكتفاء بالنجاحات الرمزية، ولذلك عليه دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورعاة حركة حماس الإقليميين (قطر وتركيا ومصر) "لتنفيذ نزع السلاح وتمهيد الطريق لقيادة فلسطينية جديدة".
ويضيف أن على ترامب أيضا أن يواجه نتنياهو بوضوح عما إذا كان سيتجه لتشكيل حكومة وسطية تتعاون مع سلطة فلسطينية جديدة لإدارة الضفة وغزة، أم سيواصل اللعبة القديمة التي بدأها منذ عام 1996، حين استغل وجود حماس لتقويض أي عملية سلام حقيقية وإضعاف السلطة الفلسطينية، على حد زعمه.
وفي المقابل، يحض فريدمان الرئيس الأميركي على توجيه رسائل مماثلة إلى قطر وتركيا ومصر باعتبارها الدول التي لها تأثير على حماس، يطالبها فيها بالاختيار بين فرض نزع سلاح الحركة أو مجاملة قادتها والسماح لهم بإعادة ترسيخ سلطتهم.
فإذا فشلت حماس في تسليم سلاحها، فإن نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية– سيستغل ذلك ذريعة لاستئناف الحرب وتفادي الاستحقاقات السياسية الصعبة المقبلة، حسبما ورد في المقال.
ويحذر فريدمان من أن ما أوصل ترامب إلى الهدنة وتبادل الأسرى لن يقوده بالضرورة إلى سلام شامل، ما لم يتعامل بحزم مع الطرفين الرئيسيين في الصراع: إسرائيل وحماس.
ويؤكد أن تحقيق سلام دائم يتطلب استبدال حركة حماس وإنشاء سلطة فلسطينية "إصلاحية" قادرة على الحكم في غزة والضفة معا، بالتوازي مع تشكيل حكومة إسرائيلية أكثر وسطية. ومن دون هذه التحولات المزدوجة لن ينجح مشروع ترامب، على حد تعبيره.
كما ينتقد فريدمان اقتراح ترامب السابق بإفراغ غزة وتحويلها إلى "ريفييرا" أي منطقة شبيهة بتلك التي تحمل الاسم نفسه في جنوبي شرقي فرنسا والتي تكثر فيها المنتجعات السياحية على البحر الأبيض المتوسط، معتبرا أن ذلك عزز أوهام اليمين الإسرائيلي بضم الأراضي الفلسطينية.
لكنه يلاحظ -وهو الكاتب اليهودي- أن ترامب تراجع لاحقا عن هذا الطرح وأقرّ بضرورة التعايش؛ إذ بات يعلن رفضه ضم إسرائيل لقطاع غزة أو الضفة الغربية، مما وضع اليمين الإسرائيلي المتطرف في مأزق وجعل إسرائيل مضطرة لمواجهة الواقع، وهو أن "الفلسطينيين باقون، وعلينا أن نلتمس وسيلة للعيش معهم".
ويخلص إلى أن نجاح ترامب في تحويل الهدنة إلى سلام دائم مرهون بإعادة السلطة الفلسطينية سريعا إلى غزة ضمن الإطار القانوني والاقتصادي الذي حددته اتفاقات أوسلو، بدلا من ابتكار نظام حكم جديد يفتح الباب أمام الفوضى.
أما محاولة إنشاء نظام جديد من الصفر، فستستغرق وقتا طويلا وتمنح حماس فرصة لإعادة تنظيم صفوفها، على حد تعبير الكاتب، لافتا إلى أن احتياجات نتنياهو السياسية لا تتماشى مع مصالح واشنطن، وأن على ترامب تجاوزها إذا أراد إحراز تقدم حقيقي.
ولم يفت على فريدمان الانتباه إلى تلك "الإشارة الرمزية" التي لاحظها في لقاء ترامب بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في شرم الشيخ، حين تبادلا الابتسامات والإيماءات الإيجابية.
السلام الدائم يتطلب نزع سلاح حماس سريعا، وإصلاح السلطة الفلسطينية بدعم عربي ودولي، وتبني إسرائيل واقعا سياسيا جديدا.
واعتبر الكاتب الأميركي أن ذلك مؤشر أولي على أن ترامب بدأ يدرك أن الحل الطويل الأمد يتمثل في قيام دولة فلسطينية في غزة والضفة بحدود متفق عليها، تديرها سلطة فلسطينية إصلاحية، وتحميها قوة سلام عربية ودولية، ويضمن نجاحها الاقتصادي "مجلس سلام" دولي جديد يرأسه ترامب نفسه.
إعلانويختتم حديثه بنبرة حذرة مشوبة بالتفاؤل، مؤكدا أن السلام الدائم يتطلب نزع سلاح حماس سريعا، وإصلاح السلطة الفلسطينية بدعم عربي ودولي، وتبني إسرائيل واقعا سياسيا جديدا.
ويُنهي مقاله بالتشديد على أن بإمكان ترامب تحقيق السلام الذي ينشده فقط عبر هذا التغيير الجذري، وبالتحرك بسرعة وتحطيم القيود القديمة.