سودانايل:
2025-11-03@18:58:36 GMT

حكومة الدعم السريع: منظمة إغاثة أم سودان جديد (2-2)

تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT

ملخص
لم تترك الصفوة السودانية جنباً من خطاب الفريق الركن عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة، في الـ17 من فبراير الجاري، "يرقد عليه" كما نقول عمن تكاثر عليه الطعان. لكنهم أضربوا عن الفقرة التي تحدث فيها عن الحاجة إلى البحث العلمي لمعرفة مشاكل السودان، البحث الذي هو الذي هو اختصاصهم دون غيرهم، إضراباً.


نعرض في الجزء الثاني من المقال لبيان المؤتمر الوطني الذي صدر في أعقاب كلمة الفريق ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة، في 17 فبراير الماضي ولمشروع الحكومة الأخرى في مناطق سيطرة الدعم السريع كحالتين دالتين على عقم الصفوة المدنية عن انتاج السياسة كما عرفناها هنا.
صدر في أعقاب بيان البرهان من جهة أخرى بيان من المؤتمر الوطني هو ممارسة سياسية عادية خلا هو أيضاً من عادة إنتاج المعرفة. فبدا مهجوساً بأمرين. أما الأمر الأول فهو تأكيد موقفه من أن تقرير مصير الشعب استحقاق للشعب "وأنه لا صلاحية لحزب واحد، أو حتى كل الأحزاب، أو أي جهة أخرى أن تقرر لوحدها في أمره"، وهذا بمثابة لفت نظر للبرهان الذي قسى على المؤتمر الوطني في خطابه لحفاوته بوثيقة "المشروع الوطني" وتمييزها كالأصل الذي سيغتني بآراء الآخرين. أما الهاجس الثاني فهو شبح الاستثناء من العملية السياسية الذي طارده طويلاً.
وبدا من بيان المؤتمر الوطني أنه يقدم رجلاً ويؤخر أخرى من دون التصالح مع حقيقة أنه ممن خلعته ثورة، أو بأي اسم كما قال البيان، عن حكم دام لثلاثة عقود طوال. فقال المؤتمر في البيان أنه قرر فتح الحوار بصورة موسعة حول خريطة طريق للوطن "داخل حزبنا ومع كل الأحزاب والرأي العام السوداني"، بل إنهم "أنجزوا مراجعات مهمة وعميقة لتجربتنا في الحكم وقفنا فيها على إيجابياتها وسلبياتها بكل موضوعية وشجاعة وجرأة وجارٍ الآن تحريرها وسيتم تداولها مع كل عضويتنا ونشارك الآخرين والرأي العام" طلباً ليهديهم الناس عيوبهم. ولكن ما عتم أن بان تمنع المؤتمر الوطني على هذا النقد الذاتي. فذكروا "حوار الوثبة" مع طوائف من القوى السياسية (2015) كسابقة ذكية لهم في إدارة الحوارات مع الآخر بشرف. وربما لم يجد الإسلاميون كثيراً من بين السودانيين من يشاركهم رأيهم الحسن في ذلك الحوار، وخلافاً لذلك سيجدون إجماعاً ربما على أنه كان الطريق القصير للخدعة السياسية.
من جهة أخرى وجد الإسلاميون في فشل الحكومة الانتقالية التي جاءت بعد الإطاحة بهم عاذرة لهم من أخذ أنفسهم بالشدة في طريق النفس اللوامة، وهي حال غراء من إنتاج المعرفة. فما طرأ لهم وجوب نقد أنفسهم ذاتياً حتى وجدوا في تهافت الحكومة الانتقالية ذريعة للقول إنهم كانوا الأفضل بالمقارنة. فقالوا إنهم قبلوا بعد إزاحتهم عن الحكم بعد الثورة بالقيام بدور "المعارضة المساندة"، ولكن كانت الانتقالية اختطافاً كاملاً للوطن بواسطة الأجانب وتشاكس بين أطرافها على "كيكة السلطة". وعمدت إلى "فرض قوانين وتشريعات ودستور ومناهج تعليم ومنظومة قيم اجتماعية وثقافية دخيلة على موروثنا". وجرؤت على تفكيك مؤسسات الدولة السودانية الدفاعية والأمنية والعدلية والخدمية تحت دعاوى تفكيك التمكين"، ولما حاق بها الفشل من كل جهة لجأت إلى الاتفاق الإطاري وهددت إما بالقبول به أو الحرب.
فإذا كان هذا ديدن الإسلاميين حيال ارتكابهم الحكم في غير ما موعد ولا شرعية فسيطول بهم الزمن من دون أخذ فشل تجربتهم في الحكم باستقلال عن فشل الحكومة الانتقالية. ففشل الأخيرة لا نفاد له. وهذه ممارسة للسياسة كما قال فوزي بشرى لا إنتاجاً للسياسة يجدد بها الإسلاميون الدم في عروقهم وعروق الوطن معاً.
أما حال صفوة الفكر التي تقاطرت على نيروبي خلال الأسبوع الماضي لتكوين حكومة في المناطق الواقعة تحت السيطرة فهي من عادة السياسة عندنا منذ عقود. وهي العادة التي يعرض المثقف، سود الصحائف، خدماته لمسلح، بيض الصفائح، بلا قيد أو شرط. وعرضهم هذه المرة "مبالغة" كما يقول السودانيون لأنهم يأتون بحكومة لحركة كـ"الدعم السريع" هي نقيض الحكومة كما رأينا منها لعامين خلال الحرب.
فتجد رموز هذه الحكومة الموعودة يلجون حول طبيعة علاقتهم مع "الدعم السريع". فلا يفهم المرء من وزير العدل في الحكومة الانتقالية الدكتور نصر الدين عبدالباري إن كانت جماعة نيروبي بصدد تكوين حكومة تمثل قوى عسكرية تخوض حرباً ضروساً أو إنها منظمة إغاثة ملحقة بهذه القوة. فقال عبدالباري إن الفكرة من وراء تكوين الحكومة ليست خوض الحرب التي لا يملكون عدتها. فعلاقتهم مع "الدعم السريع"، في قوله، مبنية على "التعاون من منطلق المسؤولية الأخلاقية والوطنية من أجل توفير الخدمات للمواطنين (في مناطق سيطرة "الدعم السريع") وتمثيل مصالحهم وتنظيم شؤونهم في كل جهد لإيقاف الحرب". وزاد بقوله إنه غير مشغول بسؤال شرعية حكومتهم المقبلة لأن صون كرامة الإنسان فوق الاعتبارات السياسية.
لكن للدكتور النور حمد، مؤلف كتاب "العقل الرعوي"، خطة للحكومة المرتقبة أكثر طموحاً. فالحكومة عنده هي إرادة ما بقي من القوى المدنية التي انهارت دعائمها والتي لا تزال تحمل لواء ثورة ديسمبر عام 2018. فهي ليست حكومة "الدعم السريع" وكل ما حدث أنها قامت في أرض تحتلها "الدعم السريع" التي هي القوة الوحيدة التي وقفت بوجه الفلول، الإسلاميين، لتقتلع أراضي السودان منهم. فالحكومة المنتظرة طرف في حلف عسكري مدني لاستعادة السودان من الفلول لا بالهتاف ومن منصات المهاجر.
وصدر النور في هذا عن سوء الظن في القوى المدنية الممثلة في تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية "تقدم". فتغير المسرح، في قول النور، فلا مجال للحديث عن سلمية الثورة بل لا بد من شق طريق آخر يخرج فيه المدني الذي بلا شوكة ليتحد مع قوة عسكرية كما يفعل الجيش والفلول بينما تضرب الفرقة الجماعات المضادة لهم. وانتهى في توصيف علاقتهم مع "الدعم السريع" بمقاربة مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" و"الجيش الشعبي لتحرير السودان" بقيادة العقيد جون قرنق في أوائل الثمانينيات. وهي مقاربة توثق عراهم مع ذلك بـ"الدعم السريع" بغير ما أراد النور ربما. فلم تكُن الحركة الشعبية شئياً آخر غير الجيش الشعبي إلا من ناحية الوظائف تحت قيادة سياسية واحدة، بل تحت العقيد قرنق أبداً.
ولا يتفاءل المرء بأن يكون للحكومة المرتقبة للصفوة تأثير حسن في "الدعم السريع" من جهة التزام قانون الحرب الإنساني. فالنور يعترف بارتكاب "الدعم السريع" لتجاوزات في حربه ضد القوات المسلحة وهي عنده موجبة للمساءلة. وبينما يصعب الدفاع، في قوله، عن "الدعم السريع" إلا أن من صحت مؤاخذته حقاً فالقوات المسلحة التي أشعلت الحرب. فالأولى تحميل وزر التعديات لمن أشعل الحرب بدلاً من التمسك بتفاصيل التعديات التي لا سيطرة لمرتكبها عليها. فالحرب تخلق أوضاعاً ينهار فيها القانون وتلغي دولة و"من غلب سلب". وبدا النور كمن يقول "لا تحلموا بعالم سعيد". فالحرب على علاتها محكومة بأعراف لا يبدو أن حكومة "الدعم السريع" تهيأت للالتزام بها في دولتها.
لطلاق الفكر عن السياسة تاريخ طويل ينظر في ظرف آخر. ولكن دعوة البرهان إلى "احتواء الأزمة بالبحث" في عبارة سديدة للدكتور آدم الزين لافتة بوجهين، صدورها أولاً من عسكري في خضم حرب ضروس وتجاهل الصفوة لها كأنها لا تعنيهم.

ibrahima@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحکومة الانتقالیة المؤتمر الوطنی

إقرأ أيضاً:

المؤتمر الوطني الشعبي للقدس يدعو العالم إلى كسر الحصار المفروض على القدس

دعت الأمانة العامة للمؤتمر الوطني الشعبي للقدس، المجتمع الدولي بأسره، إلى التحرك السريع لكسر الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض على المدينة المقدسة، من خلال تسيير الرحلات الدينية إلى المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة المجيدة.

وقالت الأمانة العامة في بيان لها، اليوم الأحد، إن مدينة القدس بحاجة إلى شد الرحال إليها من كل فج عميق، وذلك لإنقاذها من تداعيات الحصار الإسرائيلي المفروض عليها، مشيرة إلى أن سلطات الاحتلال زادت من قيودها وإجراءاتها التعسفية خلال حرب الإبادة.

ونددت الأمانة العامة بهذه الإجراءات التي تنم فقط عن عقلية عنصرية تنفي وجود الآخر، وتحارب أي مظهر من مظاهر التضامن مع القدس وأهلها، والتأكيد على هويتها العربية والإسلامية، مؤكدة أن استمرار توقف الرحلات سواء الدينية أو السياحية من شأنه أن يزيد من تردي الوضع الاقتصادي في المدينة، ويعزز استفراد المستعمرين بالمسجد الأقصى المبارك من جانب آخر.

ودعا العالمين العربي والإسلامي إلى التحرك العاجل في هذا الصدد حتى يتم كسر الحصار المفروض على المدينة المقدسة.

ونوهت الأمانة العامة للمؤتمر في بيانها، إلى أن سلطات الاحتلال نشرت عشرات الحواجز العسكرية الإضافية على مداخل القرى والبلدات المحيطة بالقدس لحرمان أهلها من الوصول إليها، وذلك في إطار تشديد الحصار على أرجاء الوطن كافة في خضم الحرب التي مازالت تداعياتها مستمرة.

ودعت الأمانة العامة للمؤتمر الوطني الشعبي للقدس، كافة مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية والعربية والدولية إلى اعلاء صوتها وتفعيل تحركاتها في جميع المحافل المؤثرة لإرغام الاحتلال على إزالة هذه البوابات والحواجز.

واعتبرت أن الصمت على هذا العدوان السافر وعلى هذه الحرب غير المعلنة في القدس والضفة الغربية، هو بمثابة تواطؤ مفضوح مع آخر احتلال في التاريخ الحديث، لافتة إلى أن وفود التضامن الدولية كانت في السنوات الماضية تقف إلى جانب قاطفي الزيتون في فلسطين وتتصدى لهجمات المستوطنين وتحول دون تفشيها، الأمر الذي يؤكد على جدوى حضور ومشاركة هذه الوفود للمزارعين الفلسطينيين وتعزيز صمودهم في أرضهم خاصة خلال موسم الزيتون الذي يشهد انتهاكات كبيرة من قبل المستوطنين وجيش الاحتلال.

وشددت الأمانة العامة على أن هوية القدس العربية والإسلامية لن تمحوها إجراءات تعسفية مرفوضة، بل هي تعزز الاصرار الفردي والجمعي على البقاء في المكان والذود عنه بالغالي والنفيس، لأن القدس هي درة التاج وهي العاصمة الأبدية لدولتنا الفلسطينية المستقلة.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين الجامعة العربية بذكرى إعلان بلفور: الاحتلال يواصل جرائمه بحق الفلسطينيين الرئيس عباس يجتمع مع نظيره الكولومبي في القاهرة تفاصيل اجتماع وزيرة العمل مع وزير الاقتصاد الرقمي الأردني الأكثر قراءة الحكومة الإسرائيلية: سنحتفظ بالسيطرة الأمنية الكاملة على قطاع غزة محدث: ريال مدريد يفوز على برشلونة ويوسع الفارق بصدارة الدوري "الجهاد الإسلامي" تكشف عن ملابسات محاولة اغتيال أحد قيادييها في غزة هيئة الأسرى: معتقلو النقب يتعرضون للضرب والتجويع والإهمال الطبي عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • الحكومة السودانية: لا تفاوض مع الدعم السريع بشأن الهدنة
  • “بطل السودان” الذي اغتالته “الدعم السريع”
  • محمد خميس دودا بطل السودان الذي اغتالته الدعم السريع
  • أطباء بلا حدود تطالب الدعم السريع بالسماح للمدنيين بمغادرة الفاشر
  • منظمة طبية سودانية: الدعم السريع تحتجز آلاف المدنيين في مدينة الفاشر
  • المؤتمر الوطني الشعبي للقدس يدعو العالم إلى كسر الحصار المفروض على القدس
  • ناجون من الفاشر يروون تفاصيل مروعة.. قتل وتعذيب واختطاف
  • اشتعال المواجهات من جديد ... الجيش السوداني يفتح جبهة الحسم ضد الدعم السريع في إقليم كردفان
  • الاعيسر: لا نثق في الدعم السريع والحكومة ملتزمة بسلام يحفظ سيادة الدولة
  • «سيف سودان»… حملة جديدة تنادي بسلام طال انتظاره في السودان