جامعة الأزهر: الاجتهادات البشرية ليست معصومة .. ولا في منزلة النصوص الشرعية
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
قال الدكتور رمضان عبدالله الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري، خلال انعقاد المؤتمر الدولي لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالمنصورة: إن من أهم التحديات أمام المهتمين بالدراسات الشرعية والإسلامية هو الخلط بين الشريعة كنصوص قرآنية ونبوبة من جهة، وبين الفقه كاستباط العلماء واجتهاداتهم في النصوص واستنباط الأحكام الشرعية منها.
وأوضح نائب رئيس جامعة الأزهر، أن النصوص من الكتاب والسنة لها قدسيتها، ويدور الناس حولها اجتهادًا واستباطًا وشرحًا.
وأوضح أن إعطاء نفس القدسية على اجتهادات فقهائنا السابقين واللجوء للتقليد بعيدًا عن الاجتهاد وتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والحادثة والشخص، لبّس على كثير من الناس، فالاجتهادات البشرية ليست معصومة ولا في منزلة النصوص الشرعية، وأي خلط بينها سيؤدى إلى تأليه البشر وتقديس الفكر الإنساني، وهو ما نتج عنه التشدد والتطرف والمغالاة والتي يأباها الأزهر، رمز الوسطية ومنهاجه ورسالته.
وأكد أن الشريعة نصوص مقدسة، وأما الاجتهادات حولها، فهي عمل بشرى للفقهاء والأصوليين والمفسرين والمحدثين والنحاة وأهل اللغة، وهي معارف بشرية وهي بمجموعها تسمى تراثاً للمسلمين، ولا يمكن الخلط بين الشريعة وما نشأ حولها من دراسات و اجتهادات.
كما أكد على كامل احترامه للعلماء، إلا أن نظرتنا لنتاجهم يجب أن تكون في إطار كونه نتاجًا علميًا ثقافيًا، قام بدوره المطلوب في بناء حضارة المسلمين ونشرها، لكنه ليس معصومًا من التبديل والتغيير، وأنه ليس قادرًا على مواجهة مشكلات العصر، لكن ليس عاجزا عن التعامل معها.
وتابع : لذلك؛ يتطلب استمرار هذا الثراث إلغاء عناصر وإبقاء عناصر أخرى، واستدعاء عناصر ثالثة من خارجه حسب حاجة ومصلحة المجتمع، أما الظن بأن التراث المحفوظ من القرون الماضية قادر على مواجهة المستجدات بمجرد الرجوع إليه فهذا فهم خاطئ لهذا التراث المتحرك المتجدد عبر خمسة عشر قرنًا.
وأشار إلى تحديات المشتغلين بالدراسات الإسلامية والعربية، والتي يأتي في مقدمتها: ندرة القدرة والكفاءة العلمية، فالعالم المتمكن والباحث الجيد صاحب الاطلاع والثقافة الواسعة هو الذي لديه القدرة على الابتكار والتجديد والتطوير، فهو بصدد تشييد بناء محكم تتوافر فيه أسباب البقاء لفترة من الزمن، أما خلاف ذلك فإن نتاج الجهل يشكل عائقًا كبيرًا ليس له فقط ولكن للأمة بأسرها.
بالإضافة إلى عدم الموضوعية في الاتفاق أو الاختلاف مع فكرة ما ، فإن كثيرًا من الباحثين يشغل نفسه بنقض أفكار شيدها الآخرون، فيتعب نفسه في النقد أكثر مما يشغل نفسه بالبناء، وغالب هذه الانتقادات ترجع للانتصار للنفس قبل مراعاة الحيادة والموضوعية، وهذا من أهم وسائل الحجب عن التجديد والرقي.
الحكم المسبق على الأشياءكذا الحكم المسبق على الأشياء قبل المناقشة الموضوعية، وهذه تأتي من تراكم لدى الشخص من ثقافة، وما تشبع به من تراث، فيضعه فى حكم المسلمات، ثم يبنى عليه بما يتناسب وفكرته المسبقة مما يجعله يقوم بلوي أعناق النصوص، ويحيد عن الموضوعية الإنصاف.
كما حكى القرآن عن المشركين الذين وضعوا في مخيلتهم حكماً مسبقاً عما ينبغي أن يكون عليه الرسول-صلى الله عليه وسلم-، وهو وضعه فوق مستوى البشر “وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى في الأسواق لولا أنزل عليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا”.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جامعة الأزهر نائب رئيس جامعة الأزهر النصوص الشرعية الاجتهادات الأزهر الشريف المزيد جامعة الأزهر
إقرأ أيضاً:
استجداء الدعم الدولي.. هل عجزت الشرعية عن استئناف تصدير النفط ؟
كثفت الشرعية من مطالباتها خلال اليومين الماضيين للمجتمع الدولي بالمساعدة على استئناف تصدير النفط المتوقف منذ الهجمات التي شنتها مليشيا الحوثي على موانئ التصدير في نوفمبر من عام 2022م.
عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي جدد خلال لقاء مرئي الثلاثاء مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن، غابرييل مونويرا فينيالس دعوته لدول الاتحاد الأوروبي للوقوف إلى جانب الحكومة، ومساعدتها على استئناف صادرات النفط والغاز.
وهو ذات الأمر الذي أشار اليه عضو مجلس القيادة الرئاسي عبدالرحمن المحرّمي، في لقاءه الأثنين مع السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبده شريف، أكد فيه على أهمية الدعم الدولي لمجلس القيادة الرئاسي، والحكومة في تنفيذ إصلاحات اقتصادية عاجلة، وتحسين مستوى الخدمات، وفي مقدمتها الكهرباء.
وشدد المحرمي في اللقاء على ضرورة استئناف تصدير النفط المتوقف بفعل الهجمات الحوثية، لتمكين الحكومة من القيام بواجباتها والتزاماتها في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
تداعيات وقف تصدير النفط كان موضوع الاتصال المرئي الذي عقده وزير النفط بالحكومة سعيد الشماسي الثلاثاء مع القائم بأعمال سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى اليمن، جوناثان بيتشيا، حيث كرر الوزير ما تقوله الحكومة بأن وقف تصدير النفط تسببت في خسارة الحكومة لنحو 70 بالمائة من مواردها.
اللافت في حديث الوزير للقائم بأعمال السفير الأمريكي، عن أن الحكومة تبذل جهودا حثيثة، بالتنسيق مع الأشقاء في تحالف دعم الشرعية والشركاء الدوليين، لتأمين المنشآت الاستراتيجية وموانئ التصدير واستعادة النشاط الاقتصادي.
تكثيف الشرعية لمطالبتها المجتمع الدولي دعمهما للتمكن من استئناف تصدير النفط، يأتي على خلفية تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية التي تعاني منها الحكومة والمناطق المحررة جراء ذلك.
وتتجسد ملامح هذه الأزمة في عجز الحكومة عن الإيفاء بالتزاماتها الأساسية وعلى رأسها المرتبات والخدمات، بالإضافة إلى ما تعانيه العملة المحلية بالمناطق المحررة من انهيار مستمر سجلت خلاله أسعار صرف العملات الصعبة أرقاماً قياسية.
هذا الإستجداء الذي تبديه الشرعية اليوم للمجتمع الدولي، يطرح تساؤلاً عن حقيقة عجزها عن إيجاد حلول لاستئناف تصدير النفط وتحدي مليشيا الحوثي الإرهابية التي فرضت وقف التصدير من أجل فرض تقاسم عائداته مع الحكومة.
هذا التساؤل يعيد إلى الأذهان الوثيقة التي تم الكشف عنها بعد نحو عام من توقف تصدير النفط، وتفيد بتلقي الحكومة لعرض من أحدى الشركات بتوفير الحماية الأمنية اللازمة لتصدير النفط الخام وتحمل كافة المخاطر والتبعات لعملية التصدير في مقابل حصولها على خصم 35% من السعر العالمي للكمية المتوفرة حالياً في خزانات حضرموت وشبوة والمقدرة بنحو 3,5 مليون برميل.
الوثيقة التي تعود لمذكرة رفعها رئيس الوزراء الأسبق معين عبدالملك إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أشارت إلى عرض الشركة شراء كمية تُقدر بـ 14,5 مليون برميل إنتاج مستقبلي مقابل خصم على سعرها بنسبة 30%، مع عرض الشركة استعدادها لتوفير المشتقات النفطية لأزمة لتشغيل قطاع الكهرباء.
هذا العرض الذي مثل أحد الحلول الممكنة لمواجهة إبتزاز مليشيا الحوثي، تحول إلى عنوان لحملة هجومية شرسة ضد الحكومة والشرعية من قبل جماعة الإخوان لكون الشركة صاحبة العرض مقرها في دولة الإمارات، ووصل الأمر إلى توجيه البرلماني / علي عشال طلباً إلى رئيس مجلس النواب بمسائلة الحكومة حول ذلك.
اللافت كان تساؤل عشال الذي قام بنشر الوثيقة لأول مرة ووصف العرض بأنه "صفقة مشبوهة"، عن استعجال الحكومة لـ"عقد هذه الصفقة رغم علمها بترتيبات إحلال هدنة دائمة يمكن أن تتيح معاودة تصدير النفط".
حديث عشال كان يُشير حينها إلى المفاوضات السرية التي كانت قائمة في العاصمة العُمانية مسقط بين الرياض وجماعة الحوثي حول ما سُميت لاحقاً بـ"خارطة الطريق"، وجرى الحديث عن تفاهمات في ملف تصدير النفط.
وبعيداً عن الجدل الذي أثاره عرض الشركة للحكومة، إلا أنه يؤكد وجود حلول بيد الشرعية فيما يخص مواجهتها مع مليشيا الحوثي حول ملف تصدير النفط، وأن العجز الذي تُبديه في الملف سيظل محل شك وتساؤل مستمر.