موقع 24:
2025-05-27@17:00:53 GMT

حقبة الاستثمار العالمي بتوقيت الخليج

تاريخ النشر: 8th, March 2025 GMT

حقبة الاستثمار العالمي بتوقيت الخليج

يبدو أن دول الخليج أمام حقبة مختلفة عمّا كانت عليه في السابق. كمية الأموال التي تنفقها في أشياء قد تتجاوز الخيال على عكس ما كان الأمر قبل ثلاثة عقود أو أقل، يؤكد أنها قادمة بقوة إلى عالم الاستثمار، لتكون لاعبا أساسيا في الاقتصاد العالمي. هناك تفكير بين صناع القرار ليس في كيفية الوصول إلى المستقبل بتوظيف هذا الأموال، بل كيف نصل إلى الهدف دون ضجيج جيوسياسي.


تركيز الحكومات على الاستثمار بمبالغ ضخمة يعكس فهما عميقا بالنسبة إلى القادة الخليجيين و\خاصة السعوديين، والإماراتيين، والقطريين للميزة الإستراتيجية التي تتمتع بها المنطقة في الوقت الحالي. الجمع بين الموارد المالية الهائلة والموقع الجيوسياسي والترابط العالمي المتزايد يمثل فرصة فريدة لهذه الدول لوضع نفسها بطرق لا تستطيع الدول الأخرى، وخاصة المنشغلة بالتحديات الحالية، أن تفعلها.
المنطقة اليوم في وضع فريد يسمح لها بأن تقول لبقية العالم: “لقد حان الوقت لنوع مختلف من العمل،” بل “نحن نتصرف الآن، ولكن ليس بالطريقة التي يتوقعها العالم.” منطقة لديها كثرة في الأموال، والفرص التي لم تُغتنم في السابق جاء وقت الاستمتاع في كيفية إنفاق السيولة عليها بعيدا عن ضوضاء السياسة والحروب والخلافات الإقليمية والدولية، التي بات التعايش معها أمرا لا مفر منه. من يديرون الحكم أنفسهم يعون ذلك جيدا.


هل يمكن اعتبار أن هذا التحول المذهل له ثمن؟ وما هو؟ أم أنه حنكة سياسية رسمتها قيادات المنطقة لتكوين قدرة استثمارية لم تحدث في التاريخ أبدا، بينما العالم منشغل بمشاكل لا حصر لها؟
إحدى الأفكار الرئيسة اللافتة هي أن هذه الدول تستطيع أن تركز على التحول إلى نفسها. لم يكن ذلك ضمن اهتماماتها في السابق. هذا يعني أن لها القدرة على الاستثمار في المشاريع والصناعات التي تضمن لها السيادة على المدى الطويل. لم يعد يُنظَر إلى الثروة الناتجة عن النفط والغاز باعتبارها مجرد سلعة لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل، بل باعتبارها حجر الأساس لبناء اقتصاد قوي ومتنوع. القدرة الاستثمارية تسمح لها بتجميع ليس فقط رأس المال المالي، ولكن أيضا الأصول الإستراتيجية على مستوى العالم.
ومن خلال التركيز على بناء استثمارات داخلية ضخمة مستدامة طويلة الأجل مع التوسع في الخارج عبر صفقات مدروسة بعيدا عن الأموال الساخنة ضمن دبلوماسية الكل صديق لنا ما دمنا نربح ماديا وسياسيا، تستطيع هذه الدول أن تضمن أنها ليست مجرد لاعبين مهمين في الأسواق العالمية، بل ومهندسين نشطين لمستقبل الكوكب.
كل التحديات بالنسبة إليهم ستكسر عاجلا أم آجلا لا يهم الوقت. هناك احتياطيات مالية تفوق 4 تريليونات دولار، أكثر من نصفها عبارة عن أصول تديرها صناديقها السيادية العملاقة. هي فرصة لجعل تلك الثروة تنمو باطراد رغم المناخات السياسة المتقلّبة.
العالم يتعامل اليوم مع العديد من الأزمات، من عدم الاستقرار الاقتصادي إلى التوترات الجيوسياسية، وتغير المناخ، والاضطرابات الاجتماعية. في المقابل، تمنح البيئات السياسية والاقتصادية المستقرة في الخليج هذه الدول ميزة تنافسية. فهي لا تتعثر في هذه الأزمات بنفس القدر الذي تتعثر فيه الدول الأخرى، ويمكنها استخدام مواردها للمضي في مشاريع طموحة قد يتردد الآخرون في متابعتها.
هذا الاستقرار، إلى جانب الحياد الإستراتيجي في السياسة العالمية، مثل تجنب التورط في صراعات غير ضرورية، وما أكثرها في منطقتنا، يمنح قادة الخليج موقفا متميزا وقويا. فدولهم تملك الأدوات الكافية للتصرف بشكل أكثر حزما وبسرعة أكبر من العديد من الدول الأخرى، التي غالبا ما تشتت انتباهها المخاوف الجيوسياسية والاقتصادية المباشرة.


هي الآن تمتلك سيولة كبيرة تشغيلية وإستراتيجية، وعلاقات دولية واسعة النطاق. هذا المزيج يمنحها أفضلية للوصول إلى الفرص التي لا تستطيع معظم الدول منافستها، كالاستثمار في التقنيات الناشئة والبنية الأساسية وغيرها من الصناعات المتقدمة. إن صناديق الثروة مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي وجهاز أبوظبي للاستثمار ومبادلة والقابضة (دي.إي.كيو) وهيئة الاستثمار القطرية من بين الأكبر في العالم، تعد أدوات حاسمة تمكنها من الاستثمار على نطاق عالمي وبلا توقف.
أضف إلى ذلك، تتمتع دول الخليج برفاهية بناء شبكة عالمية من العلاقات المتعددة تمتد عبر الشرق والغرب. تسمح لها هذه الروابط بإنشاء تعاون مبني على المصالح المفيدة للطرفين، ما يبني أسس استثمارات رائدة في كل شيء من المدن المستقبلية العملاقة مثل نيوم، مرورا بالطاقة البديلة إلى الذكاء الاصطناعي. والأهم من ذلك كله أن رسم حدود التوازن الاقتصادي الداخلي والعلاقات الدولية تشكل نقطة مفصلية. كيف ذلك؟
سياسة الصمت السياسي بعيداً عن أن يكون علامة على التقاعس لجعل رقعة الأعمال تتوسع دون خطر هو في الواقع إستراتيجية ذكية. في عالم حيث يمكن فحص كل خطوة سياسية وتسييسها، فإن قدرة دول الخليج على البقاء هادئة نسبيا على المسرح السياسي العالمي تسمح لها بالتركيز على ما هو مهم حقا: التنمية الاقتصادية والتكنولوجية. وعبر تجنب التورط في المناقشات السياسية التي لا نهاية لها، يمكن لهذه البلدان أن تولّد بيئة حيث يمكن لأعمالها أن تزدهر دون التشتيت أو التحديات التي تأتي مع المواقف الجيوسياسية.
يمكن اعتبار هذا التكتيك خيارا متعمدا لتجنب التدخل في الصراعات العالمية، وتوجيه الموارد بدلا من ذلك، نحو بناء شيء تحويلي ذي فائدة. فالسياسيون والمسؤولون الخليجيون يدركون جيدا أن التركيز والاهتمام بالرخاء الاقتصادي طويل الأجل اليوم سيوفر لبلدانهم مسارا للأجيال القادمة من الثروة والنفوذ مستقبلا. وفي حين قد تكافح دول أخرى مع عدم الاستقرار السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، فإن دول الخليج قادرة على استخدام ثرواتها ونفوذها للمضي قدما بطرق فعالة وقوية.
النهج الذي تتسلط عليه الأضواء والمتعلق بتوفير قدرة استثمارية لم يسبق لها مثيل من قبل، هو بالضبط ما تحتاج إليه دول الخليج. فهو لا يسمح لها فقط بتجاوز العواصف العالمية فحسب، وإنما أيضا باستخدام قوتها المالية وموقعها الإستراتيجي لإعادة تعريف دورها في العالم، الذي لطالما كان يركز باعتبارها تسبح على احتياطي هائل من النفط والغاز وتذهب مبيعاته للإنفاق الباذخ دون أيّ فائدة ترجى.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات دول الخلیج هذه الدول

إقرأ أيضاً:

قروض الحزام والطريق.. 75 دولة نامية تسدّد مبالغ قياسية للصين هذا العام

الاقتصاد نيوز - متابعة

أظهرت دراسة نشرها معهد لوي الأسترالي، الثلاثاء، أن الدول النامية المدينة للصين ستسدّد هذا العام مبالغ قياسية لبكين، التي ستستفيد من "تسونامي" مالي مصدره سداد القروض والفوائد المترتبة عليها.

وتندرج هذه القروض ضمن مبادرة "الحزام والطريق"، وهي مشروع صيني ضخم أُطلق عام 2013 لتطوير البنى التحتية وتعزيز الروابط التجارية مع مختلف أنحاء العالم، بهدف تأمين الإمدادات الاستراتيجية للصين.

وفي الدراسة التي أعدّها المعهد، وهو مركز أبحاث مستقل مقره سيدني، حذّر الباحث رايلي دوكن من أن "الدول النامية تواجه موجة هائلة من سداد أصل الدين وخدمة الدين للصين"، وفق وكالة "فرانس برس".

 

وبحسب الدراسة، فإن الصين لن تبقى خلال العقد المقبل "بنك الدول النامية"، بل ستتحول إلى "مُحصِّل قروض"، إذ سيقوم المقترضون بسداد مبالغ تفوق ما سيحصلون عليه من قروض جديدة.

واعتمد المعهد في دراسته على بيانات البنك الدولي لحساب التزامات السداد المترتبة على البلدان النامية.

ومن المتوقع أن تسدد أفقر 75 دولة في العالم مبالغ قياسية للصين في عام 2025، تُقدّر إجمالاً بنحو 19 مليار يورو.

كما تشير الدراسة إلى تراجع معدلات الإقراض الصيني في معظم أنحاء العالم.

وتشير البيانات إلى أن دولاً مثل هندوراس وجزر سليمان حصلت على قروض من الصين بعد أن قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان في عامي 2023 و2019 على التوالي. كذلك، وقّعت إندونيسيا والبرازيل في السنوات الأخيرة اتفاقيات قروض جديدة مع بكين، التي تسعى لتأمين إمداداتها من المعادن والفلزات.

ويحذر منتقدو مبادرة الحزام والطريق من خطر سقوط بعض الدول في "فخ الديون" الصينية.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • العلاقات العُمانية مع العالم وخلق فرص استثمارية واعدة
  • الدول النامية تغرق في ديون الصين.. سداد قياسي في 2025
  • وزير الطاقة الإماراتي: الطلب النفطي سيفاجئ العالم إذا تخلف الاستثمار
  • انطلاق المنتدى العربي الثالث للتنمية الاقتصادية في الشارقة
  • قروض الحزام والطريق.. 75 دولة نامية تسدّد مبالغ قياسية للصين هذا العام
  • الدول الأفقر في العالم فريسة لأزمة المناخ وهذه هي خسائرها
  • ألونسو يتحدث عن بداية "حقبة جديدة" رفقة ريال مدريد
  • ثمَّن موقف الدول الداعمة لـ”القضية الفلسطينية”.. وكيل الخارجية: المملكة حريصة على توسيع التعاون بين «الخليج» و»آسيان»
  • تصنيف أفضل دول العالم للنساء في العام 2025 (إنفوغراف)
  • الفلك يحدد أول أيام «عيد الأضحى» في معظم العالم الإسلامي