هل نجحت إسرائيل في ثني واشنطن عن التفاوض المباشر مع حماس؟
تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT
في ظل استمرار تعثر المفاوضات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تثير الاتصالات بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) حالة من الغضب في إسرائيل، وسط تساؤلات عن مدى نجاح تل أبيب في كبح مسار واشنطن للتفاوض المباشر مع الحركة.
ويأتي ذلك، بينما ينتظر أن تبدأ في الدوحة جولة جديدة من المحادثات، بحضور المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف، الذي أبدى استعداده للبقاء في المنطقة لعدة أيام إذا وصلت المفاوضات إلى مرحلة جدية، وفق ما نقل موقع "أكسيوس" الإخباري.
وفي هذا السياق، يرى الأكاديمي والخبير بالشأن الإسرائيلي محمود يزبك أن تل أبيب تحاول الترويج لفكرة أنها استطاعت التأثير على الموقف الأميركي، إلا أن المعطيات على الأرض لا تؤكد ذلك.
وأوضح أن إدارة ترامب تدير هذه المحادثات عن سابق علم وتوجيه مباشر من الرئيس الأميركي نفسه، مشيرا إلى أن تل أبيب تواجه "ورطة حقيقية" في كيفية التعامل مع هذا المستجد.
وأضاف يزبك أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تعكس حالة من الإحباط داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية، خاصة في ظل تعنت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي بات -وفق توصيفه- "شخصية معزولة حتى داخل إسرائيل".
إعلان
محاولة تهدئة
بدوره، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة أن تصريحات المبعوث الأميركي بشأن ضرورة تقديم حماس "تنازلات ملموسة" قبل لقاء مسؤوليها، تأتي في سياق محاولة تهدئة الإسرائيليين أكثر من كونها شرطا فعليا للمفاوضات.
وأوضح أن الإدارة الأميركية قطعت بالفعل شوطا في الحوار مع الحركة، وأن ما يجري حاليا هو تثبيت الشروط المتبادلة، وليس وضع عراقيل جديدة.
وأشار الحيلة إلى أن الخلاف الأساسي يتمحور حول ملف نزع سلاح المقاومة، وهو مطلب إسرائيلي تدرك واشنطن استحالته في هذه المرحلة.
ورأى أن الإدارة الأميركية تسعى إلى "إبطال مفاعيل السلاح" من خلال هدنة طويلة الأمد بديلة عن نزع السلاح، وهو ما يمكن أن يمهد لتفاهمات أوسع لاحقا.
وعلى الجانب الإسرائيلي، تؤكد هيئة البث الرسمية أن الوفد الذي أُرسل إلى الدوحة ليس مفوضا للحديث عن إنهاء الحرب، مما يعكس محاولة تل أبيب فرض قيود على المسار التفاوضي.
سيناريو مكرر
وتعليقا على ذلك، اعتبر يزبك أن الوفد الحالي يكرر سيناريو الوفود السابقة، حيث يحضر الجلسات ثم يعود إلى تل أبيب دون صلاحيات فعلية، مشيرا إلى أن إسرائيل تراهن على استنزاف الوقت حتى يصل المبعوث الأميركي إلى مرحلة الإحباط.
في المقابل، يرى الحيلة أن الإدارة الأميركية أدركت أن نتنياهو يناور ويماطل للحفاظ على موقعه السياسي، وهو ما دفعها إلى تجاوز الوساطة الإسرائيلية وفتح قنوات مباشرة مع حماس.
وأضاف أن الأجواء الإيجابية التي نقلها المسؤولون الأميركيون عن هذه الاتصالات تعكس إمكانية التوصل إلى تفاهمات جديدة رغم المعارضة الإسرائيلية.
ومع تصاعد الاحتجاجات في إسرائيل من قبل عائلات الأسرى الذين ما زالوا محتجزين في غزة، تتزايد الضغوط على نتنياهو، خصوصا إذا ما تمكنت إدارة ترامب من التوصل إلى اتفاق مع حماس.
إعلانويرى يزبك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيكون حينها في موقف صعب، حيث لن يستطيع رفض اتفاق تدعمه واشنطن بشكل مباشر.
أما عن الأسلوب الأميركي في إدارة المفاوضات، فيلفت الحيلة إلى أن إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن كانت تعتمد على تقديم مقترحات إسرائيلية لحماس، ثم تصطدم برفض إسرائيلي لاحق، بينما يبدو أن إدارة ترامب تتبنى منهجا مغايرا بالضغط المباشر نحو وقف الحرب، دون إعطاء نتنياهو فرصة لعرقلة المفاوضات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان یزبک أن تل أبیب إلى أن
إقرأ أيضاً:
المفاوضات الأوكرانية الأميركية تدخل يومها الثالث
عبدالله أبو ضيف (موسكو، كييف، القاهرة)
أجرت أوكرانيا والولايات المتحدة، أمس محادثات في فلوريدا لليوم الثالث على التوالي، بشأن خطة واشنطن لإنهاء الحرب مع روسيا.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، أن الطرفين اتفقا على أن التقدم الحقيقي نحو أي اتفاق يعتمد على استعداد روسيا لإظهار التزام جاد بسلام طويل الأمد، بما في ذلك اتخاذ خطوات نحو خفض التصعيد ووقف أعمال القتل، موضحة أن المشاركين اتفقوا على إطار الترتيبات الأمنية وقدرات الردع الضرورية للحفاظ على سلام دائم في حال التوصل لاتفاق.
ويشارك في المفاوضات التي تجري قرب ميامي، ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وجاريد كوشنر، عن الجانب الأميركي، وكبير المفاوضين رستم عمروف والجنرال أندريه هناتوف، عن الجانب الأوكراني.
وقال رئيس الوفد الأوكراني المفاوض رستم عميروف، أمس، إن اجتماعاتنا في فلوريدا ركزت على تحقيق سلام عادل، اتفقنا مع واشنطن على تفاهمات في مجال الأمن.
وأكد أن أولويتهم تسوية تضمن حماية بلادنا وسيادتها. وتابع: «بحثنا مع واشنطن وسائل الردع لضمان السلام».
ومنذ عرض الخطة الأميركية قبل نحو ثلاثة أسابيع، جرت جلسات محادثات عدة مع الأوكرانيين في جنيف وميامي، بهدف تعديل النص لمراعاة مصالح كييف.
وأوضح محللون ومراقبون، أن المبادرة الأميركية المعدلة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية تشكل أول إطار تفاوضي جاد منذ سنوات، حيث يمكن البناء عليها خلال الفترة المقبلة.
وقال المحلل السياسي الروسي، إيجور يوشكوف: إن النقاط الـ28 الواردة في خطة الرئيس الأميركي تمنح موسكو موقعاً تفاوضياً مريحاً، رغم أن الصورة النهائية للخطة لا تزال غير واضحة بعد المشاورات التي أجرتها واشنطن مع أوكرانيا وعدد من الدول الأوروبية.
وأضاف يوشكوف في تصريح لـ«الاتحاد»: أن هناك بنوداً أساسية تمثل أولوية لروسيا، من بينها الحصول على سيطرة كاملة على إقليمي لوجانسك ودونيتسك، مع إبداء استعداد لوقف العمليات عند خطوط التماس الحالية في زابوريجيا وخيرسون من دون المطالبة بالسيطرة الكاملة عليهما. كما تركز موسكو على انتزاع اعتراف أميركي مكتوب بسيادتها على القرم والمناطق التي تسيطر عليها بالشرق والجنوب، إلى جانب ضمانات واضحة بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو.
وأشار يوشكوف إلى أن روسيا ترغب أيضاً في تضمين قيود على حجم القوات المسلحة الأوكرانية، وتكريس وضع اللغة الروسية داخل أوكرانيا، باعتبار أن هذين البندين ضروريان للوفاء بالأهداف الداخلية للعملية العسكرية، التي أعلنتها موسكو في إطار نزع السلاح.
من جهته، قال المحلل السياسي الأوكراني، إيفان أس، إن المبادرة الأميركية المطروحة لا تزال مثيرة للجدل داخل كييف.
وأضاف أس، في تصريح لـ«الاتحاد»: أن النسخة الأولى التي تضمنت 28 بنداً حملت مخالفات واضحة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، إذ لا يمكن لأي دولة أن تعترف باحتلال أراضي دولة أخرى أو أن يُطلب من أوكرانيا القبول بتغيير حدودها بالقوة.
وأشار إلى أن كييف لم تتمكن من قبول هذه البنود، لكنها بعد تجاوز صدمة المقترح بدأت العمل عليه بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، مما أدى إلى تقليص البنود إلى 19 نقطة، في حين تحدث الرئيس الأميركي لاحقاً عن 22 نقطة، بما يشير إلى استمرار النقاشات داخل الولايات المتحدة.
وأوضح أس، أن هناك شعوراً في أوكرانيا بأن صياغة المبادرة الأصلية أقرب إلى اللغة الروسية منها إلى الإنجليزية، مما يعزز الاعتقاد بأنها وُضعت أصلاً ليدفعها الأوكرانيون إلى الرفض، لكن كييف اختارت عدم رفض المقترح علناً لتفادي إثارة غضب ترامب، وقررت الدخول في نقاشات أملاً في الوصول إلى نسخة أكثر اتساقاً مع مصالحها.
وشكك المحلل السياسي الأوكراني في استعداد موسكو لوقف الحرب، لا سيما أنها لا تزال تراهن على الحسم العسكري رغم مرور نحو 4 سنوات على العملية التي كان مخططاً لها أن تُحسم خلال أشهر قليلة.