لماذا ترفض إسرائيل أي دور عسكري لتركيا في سوريا؟
تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT
صعّدت إسرائيل عدوانها العسكري في سوريا في مطلع أبريل/نيسان الجاري، في سياق أوسع من انتهاكاتها المتواصلة في الأراضي السورية برا وجوا، وبررت ذلك برفضها للتعاون العسكري المتزايد بين أنقرة ودمشق في ظل الإدارة السورية الجديدة.
وقام سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ هجمات واسعة في سوريا، شملت مطار حماة العسكري، ومطار" تي فور" بريف حمص، إضافة إلى قصف ثكنة عسكرية في منطقة الكسوة بريف دمشق.
ولا يقتصر التحرك الإسرائيلي على الهجمات العسكرية، حيث يسعى رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتأثير على الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ما يتعلق بالملف السوري، وهو أحد الدوافع الرئيسية للقاء المرتقب بينهما في 7 أبريل/نيسان الجاري.
دأبت إسرائيل على التصعيد في سوريا بعد كل خطوة تتخذها الإدارة الجديدة لتعزيز شرعيتها الداخلية والخارجية، حيث أتت الهجمات الأخيرة بعد أيام قليلة من الإعلان عن حكومة جديدة موسعة ضمت مختلف المكونات السورية ولقيت ترحيبا إقليميا ودوليا.
وسبق أن نفذت إسرائيل حملة قصف على مواقع سورية في أعقاب انعقاد مؤتمر الحوار الوطني في أواخر فبراير/شباط الماضي، والذي أكد وحدة الأراضي السورية واحتكار الدولة للسلاح، في وقت يطالب فيه المسؤولون الإسرائيليون بعدم تقديم المجتمع الدولي الدعم للحكومة الجديدة وبتعزيز موقف الأقليات.
ووفقا لمصادر عسكرية سورية، فإن الهجمات التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي مؤخرًا على مطار حماة تركزت على مرابض لطائرات حربية سورية كانت لا تزال صالحة للاستخدام. واللافت أن الهجمات أعقبت عودة الطائرات السورية للتحليق في أجواء البلاد، بالتوازي مع العمل على هيكلة سلاح الجو وتكليف ضباط مختصين بهذا الملف، مما يوحي بأن إسرائيل تسعى لإفشال عملية إعادة هيكلة الجيش السوري.
إعلانوأفاد تقرير نشرته وكالة رويترز في 4 أبريل/نيسان الحالي بأن الهجمات الإسرائيلية على قواعد جوية سورية استبقت تحركًا تركيًّا لنشر قوات في هذه القواعد، إذ أشار التقرير إلى أن خبراء أتراكًا تفقدوا 3 قواعد جوية على الأقل قد يتم نشر قوات فيها بموجب اتفاق دفاع مشترك من المتوقع إبرامه بين أنقرة ودمشق.
وتحدثت تقارير تركية عديدة خلال شهر مارس/آذار عن استعداد أنقرة لتقديم التدريب للقوات السورية، وإمكانية دعمها بمنتجات الصناعات الدفاعية التركية.
ويبدو أن تل أبيب لا ترفض تأسيس جيش سوري جديد فحسب، بل لا ترغب أيضًا بأن تضطلع أنقرة بدور محوري في هذا الخصوص.
ويظهر التصعيد الإسرائيلي رفض امتداد الوجود العسكري التركي إلى وسط سوريا، وربما تقبله شمال غربي البلاد، حيث تتجنب أي تهديد للنقاط العسكرية التركية في محافظتي إدلب وحلب.
تتخوف إسرائيل في ما يبدو من نشر الجيش التركي لمنظومات دفاع جوي مزودة بتقنيات إلكترونية وسط سوريا، وعلى بعد لا يزيد على 230 كيلومترًا عن هضبة الجولان المحتلة، فقد تحدثت تقارير أمنية إسرائيلية عن مخاوف تل أبيب من إمكانية أن تؤدي الخطوة التركية إلى تقييد حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في الأجواء السورية.
وتحدثت تقارير تركية في وقت سابق عن احتمالية أن تنشر أنقرة منظومة "حصار" المخصصة للدفاع الجوي ضمن قواعد وسط سوريا، وهي منظومة محلية الصنع قصيرة ومتوسطة المدى يراوح مداها بين 15 و25 كيلومترًا، وتتيح حمل 6 صواريخ في آن واحد، ويتم توجيهها بالأشعة تحت الحمراء، وتستطيع إسقاط 5 أنواع من الأهداف من ضمنها المقاتلات الحربية، والطائرات المروحيات، والطيران المسير، والصواريخ المجنحة، وصواريخ جو-أرض.
وأفادت تقارير أخرى باحتمال أن تلجأ أنقرة، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، بعد سحب قواتها من سوريا، إلى نشر منظومة إس 400 الروسية -التي أثار شراؤها من قبل أنقرة استياء واشنطن التي فرضت عقوبات عليها- في سوريا، كجزء من تسوية للخلاف بين الجانبين، قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إعادة تركيا إلى برنامج تصنيع طائرات إف 35 والسماح بتمرير صفقات مجمدة لبيعها طائرات إف 16.
إعلان
من جهة أخرى، تعمل إسرائيل منذ أن تولت الإدارة السورية الجديدة السلطة في البلاد على منع انتشار قوات تتبع لهذه الإدارة في منطقة الجنوب السوري، ولا يخفي الجيش الإسرائيلي هذا الهدف، إلى جانب إبقاء "سماء سوريا نظيفة" حسب وصفه، في إشارة إلى الرغبة بالإبقاء على السيطرة الجوية.
وتشير التسريبات المتكررة التي صدرت عن مصادر تركية وسورية وعربية إلى أن الاتفاقية المرتقبة بين أنقرة ودمشق ستركز على تدريب الجيش السوري الجديد وتسليحه، وهو ما يشكل تحديا مضاعفا لتل أبيب، لعدم ثقتها بالإدارة السورية الجديدة كما تؤكد باستمرار، بالإضافة إلى الخشية من أن تعمل أنقرة على تقوية "جيش سني" موال لها، وتكرار سيناريو هجمات 7 أكتوبر الذي حدث في غلاف غزة، وفقا لما يتم تداوله في الأوساط الأمنية الإسرائيلية.
بالإضافة إلى ذلك، تنظر إسرائيل إلى النشاط التركي في سوريا على أنه قاعدة لدور أوسع في الإقليم، وهو مضمون تقرير أمني نشرته صحيفة إسرائيل هيوم، أشارت فيه أيضًا إلى النفوذ التركي في أذربيجان وليبيا، حيث تعتقد الأوساط الأمنية الإسرائيلية أن أنقرة تعمل على عرقلة مشاريع إسرائيلية خاصة بنقل الغاز في منطقة البحر المتوسط إلى أوروبا.
واتهم وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر خلال مؤتمر صحفي له في باريس أنقرة بأنها تلعب دورًا سلبيا في لبنان وسوريا.
وبينما تصرح إسرائيل بمخاوفها من الدور التركي في سوريا، يعتقد مراقبون أن مخاوفها الحقيقية لا تتعلق في المقام الأول بتركيا بل بسوريا وعودتها مع استكمال المرحلة الانتقالية إلى لعب دور في مواجهة الاحتلال والمطالبة باستعادة الجولان المحتل، لذلك تطلب من واشنطن -كما أفادت تقارير- الإبقاء على سوريا ضعيفة ومفككة.
خيارات تركيا
لا يبدو أن تركيا تسعى للانجرار إلى تصعيد متبادل مع حكومة نتنياهو، فقد سارع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أعقاب الهجمات الإسرائيلية الأخيرة إلى نفي رغبة أنقرة بالصدام مع إسرائيل في سوريا.
كما أرسل فيدان رسالة طمأنة إلى تل أبيب بأن أنقرة لا تعارض عقد اتفاقية بين الإدارة السورية وإسرائيل، وبالتالي من المحتمل أن تدفع أنقرة باتجاه تفاهمات تسهم في تهدئة المخاوف الإسرائيلية في سوريا بدلا من دعم الصدام، حيث تدعم أنقرة حصول الحكومة السورية الجديدة على شرعية كاملة، على أمل سيطرتها على كامل الأراضي السورية وتجنب سيناريو التقسيم.
بناء على ذلك، من المتوقع أن تدفع تركيا باتجاه الحلول الدبلوماسية لوقف الهجمات الإسرائيلية التي قد تتحول على المدى المتوسط والبعيد إلى تهديد وجودي للإدارة السورية الحالية.
إعلانومن المتوقع أن تلجأ أنقرة إلى تنسيق خطواتها في سوريا مع إدارة ترامب مع التأكيد بأن نشاطها سيكون موجهًا بدرجة أساسية لمنع عودة ظهور تنظيم الدولة، على أمل أن تقوم واشنطن بالضغط على إسرائيل للحد من هجماتها على سوريا، خاصة مع التصريحات الإيجابية التي أدلت بها الخارجية الأميركية في أعقاب تشكيل الحكومة السورية الجديدة.
فقد أكدت واشنطن تأييدها لسيطرة الحكومة السورية على كامل الأراضي السورية، بالإضافة إلى تأكيدات إدارة ترامب رغبتها بالتعاون مع تركيا في سوريا وفقًا لتصريحات وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو التي سبقت الضربات الإسرائيلية الأخيرة.
ومن المحتمل أيضًا أن تسعى أنقرة للاستفادة من الموقف الأوروبي الرافض للتصعيد في سوريا، حيث عبرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس عن رفض الضربات الإسرائيلية على سوريا واعتبرتها "غير ضرورية"، خاصة في ظل الحديث عن تقارب بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، واحتمالية مشاركة تركيا في خطة دفاعية للاتحاد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات السوریة الجدیدة الإدارة السوریة الأراضی السوریة بین أنقرة على سوریا سلاح الجو فی سوریا
إقرأ أيضاً:
بمشاركة عُمانية.. اللجنة العربية الإسلامية ترفض السيطرة العسكرية الإسرائيلية على غزة
عواصم - الوكالات
أعربت اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة بشأن التطورات في قطاع غزة التي تضم كلا من سلطنة عمان، والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، وجمهورية مصر العربية، وجمهورية إندونيسيا، والمملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية نيجيريا الاتحادية، ودولة فلسطين، ودولة قطر، والمملكة العربية السعودية، وجمهورية تركيا، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجمهورية بنغلاديش الشعبية، وجمهورية تشاد، وجمهورية جيبوتي، وجمهورية غامبيا، ودولة الكويت، ودولة ليبيا، وماليزيا، والجمهورية الإسلامية الموريتانية، وجمهورية باكستان الإسلامية، وجمهورية الصومال الفيدرالية، وجمهورية السودان، والجمهورية اليمنية عن إدانتهم الشديدة ورفضهم القاطع لإعلان إسرائيل نيتها فرض السيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة، وتعتبر أن هذا الإعلان يشكل تصعيدا خطيرا ومرفوضا، وانتهاكا للقانون الدولي، ومحاولة لتكريس الاحتلال غير الشرعي وفرض أمر واقع بالقوة يتنافى مع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وأكدت أن هذا التوجه المعلن من جانب إسرائيل يأتي استمرارا لانتهاكاتها الجسيمة القائمة على القتل والتجويع ومحاولات التهجير القسري وضم للأرض الفلسطينية وإرهاب المستوطنيين وهي جرائم قد ترقى لأن تكون جرائم ضد الإنسانية، كما أنها تبدد أي فرصة لتحقيق السلام، وتقوّض الجهود الإقليمية والدولية المبذولة للتهدئة وإنهاء الصراع، وتضاعف من الانتهاكات الجسيمة ضد الشعب الفلسطيني، الذي يواجه على مدار 22 شهرا، عدوانا وحصارا شاملاً طال كافة مناحي الحياة في قطاع غزة وانتهاكات خطيرة في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وإزاء هذا التطور الخطير، نشدد على ما يلي:
• ضرورة الوقف الفوري والشامل للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ووقف الانتهاكات المستمرة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المدنيين والبنية التحتية في القطاع والضفة الغربية والقدس الشرقية.
• مطالبة إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، بالسماح العاجل وغير المشروط بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بما يشمل الاحتياجات الكافية من الغذاء والدواء والوقود، وضمان حرية عمل وكالات الإغاثة والمنظمات الدولية الإنسانية وفقًا للقانون الإنساني الدولي ومعايير العمل الإنساني الدولية المعمول بها.
• دعم الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار، والتي تبذلها كل من جمهورية مصر العربية، ودولة قطر، والولايات المتحدة الأمريكية، للتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى والرهائن، باعتباره مدخلًا إنسانيًا أساسيًا لخفض التصعيد وتخفيف المعاناة وإنهاء العدوان الإسرائيلي.
• ضرورة العمل علي البدء الفوري لتنفيذ الخطة العربية الاسلامية لإعادة اعمار قطاع غزة، والدعوة للمشاركة بفاعلية في مؤتمر اعادة اعمار غزة المقرر عقده بالقاهرة قريباً.
• رفض وادانة أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه بغزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، ونؤكد على ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، مع الاعتراف بالدور الأساسي الذي تضطلع به الوصاية الهاشمية في هذا الصدد.
• التأكيد على أن السلام العادل والدائم لا يمكن تحقيقه إلا عبر تنفيذ حل الدولتين، بما يضمن تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لمبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وتحمل اللجنة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن جرائم الإبادة والكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي يشهدها قطاع غزة، وتدعو المجتمع الدولي، ولا سيما الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى تحمّل مسؤولياتها القانونية والإنسانية، والتحرك العاجل لوقف السياسات العدوانية الإسرائيلية، التي تهدف إلى تقويض فرص تحقيق سلام عادل ودائم والقضاء على آفاق تنفيذ حل الدولتين وتحقيق السلام العادل والشامل، والعمل على المحاسبة الفورية لجميع الانتهاكات التي تقوم بها اسرائيل ضد القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي بما فيها ما يرقى إلى جرائم الإبادة.
وأكدت على ضرورة العمل على تنفيذ مخرجات المؤتمر رفيع المستوى للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين الذي انعقد في نيويورك برئاسة المملكة العربية السعودية وجمهورية فرنسا، وما تضمنته الوثيقة الختامية من إجراءات تنفيذية عاجلة ضمن جدول زمني لإنهاء الحرب في غزة، والالتزام بمسار سياسي للتسوية السلمية الشاملة للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين.