واصلت مليشيا الدعم السريع في ارتكاب المجازر ضد الشعب السوداني وانتهاك كافة المواثيق والأعراف الدولية وسط صمت محير للمجتمع الدولي الذي آثر الصمت ووقف موقف المتفرج إزاء الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي ترتكبها المليشيا ضد المواطنين الأبرياء في شتى بقاع السودان منذ الخامس عشر من ابريل 2023م. ومواصلة لسلسلة جرائمها ارتكبت المليشيا مجزرة بمنطقة صالحة جنوب أمدرمان وقتلت 31 شخصاً على الأقل، بعد اتهامهم بالتخابر لصالح الجيش.

مجزرة بشعة:

وقالت شبكة أطباء السودان، إن قوة من الدعم السريع ارتكبت مجزرة جماعية بشعة بتنفيذها عملية تصفية ميدانية لعدد 31 شخصًا من أبناء منطقة صالحة، بينهم أطفال قُصّر، في أكبر جريمة قتل جماعي موثقة تشهدها المنطقة بتهمة الانتماء للجيش. وتأسف بيان الشبكة لعمليات القتل الجماعي ضد المدنيين العزل بمناطق سيطرة الدعم السريع، مما يهدد الآلاف من المدنيين العزل بمدينة الصالحة. واعتبر البيان أن ما تم تنفيذه من تصفية جماعية جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وطالبت الشبكة المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لإنقاذ ما تبقى من المدنيين وفتح مسارات آمنة تضمن خروجهم من منطقة صالحة التي تضم الآلاف من المدنيين العزل. وحث البيان المجتمع الدولي على الضغط على قادة الدعم السريع لوقف الجرائم والانتهاكات ضد المدنيين تحت سيطرتهم وحفظ أرواحهم.

انتهاكات واسعة:

واظهر مقطع فيديو بثه عناصر الدعم السريع في مكان الحادث عدداً من الجثث مكومة على قارعة الطريق بينما كان جنود من القوات يواصلون إطلاق الرصاص على الضحايا، فيما وضعت عليهم إطارات سيارات تمهيدا فيما يبدو لإشعال النيران فيهم. وقالت غرفة طوارئ منطقة صالحة، إن مليشيا الدعم السريع منذ خواتيم مارس الماضي ظلت ترتكب انتهاكات واسعة ضد المدنيين في المنطقة. وأشارت الغرفة إلى أن القوات أغلقت كامل الأسواق والمرافق الصحية، مما يهدد بحدوث مجاعة تهدد الآلاف العالقين في البلدة، متهمة القوات بتنفيذ حملة اعتقالات واسعة طالت عدداً من المواطنين بتهمة الموالاة للقوات المسلحة.

جريمة وحشية:

من جهتها نددت مجموعة محامو الطوارئ بالجريمة التي وصفتها بالوحشية، وحمّلت المجموعة مليشيا الدعم السريع وقياداتها كامل المسؤولية القانونية والجنائية عن عمليات التصفية والقتل العمد للمدنيين. وطالبت في بيان باتخاذ إجراءات رادعة وفورية لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب. وأوضحت المجموعة أن وجود أدلة، متمثلة في تصوير الواقعة لحظة حدوثها من داخل صفوف القوات المنفذة للجريمة، يثبت بما لا يدع مجالاً للشك الطابع العمدي والمنهجي لهذه الانتهاكات. ورأت أن تصفية المدنيين العزل يشكل انتهاكًا جسيمًا لكافة المواثيق الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني، ويرقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

انتهاكات المليشيا في دارفور:

وفي 12 أبريل الجاري، قُتل تسعة من كوادر منظمة الإغاثة الدولية إثر هجوم شنته عناصر الدعم السريع على مخيم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور، ضمن سلسلة انتهاكات ضد المدنيين، قبل أن تسيطر بشكل كامل على المعسكر وتهجّر سكانه البالغ عددهم أكثر من 500 ألف نازح. وقال المتحدث باسم مخيم زمزم، محمد خميس دودة، لـ (سودان تربيون) أن مليشيا الدعم السريع قامت بتصفية نحو ثمانية من سكان معسكر زمزم والتمثيل بجثثهم، إضافة إلى جرح خمسة آخرين، واقتياد نحو عشرة أشخاص أثناء محاولتهم الوصول إلى بلدة طويلة. واتهم قوات التحالف التأسيسي، المؤيدة لقوات الدعم السريع، بالتسبب في تضليل سكان الفاشر واقتيادهم إلى أماكن وجود قوات الدعم السريع التي تقوم بقتلهم واعتقالهم بدعوى انتمائهم للقوة المشتركة والجيش السوداني.

الإفلات من العقاب:

وأفاد مراقبون بأن ارتكاب هذه الجرائم بصورة منظمة، وتوثيقها بمقاطع مصورة علنية، يعكس مدى استهانة قوات الدعم السريع بأرواح المدنيين، ويؤكد اعتمادها سياسة الإفلات من العقاب كنهج ممنهج لترهيب السكان المدنيين وفرض سطوتها بالقوة. ويأتي تصاعد الانتهاكات التي يرتكبها عناصر قوات الدعم السريع ضد المدنيين في منطقة صالحة وقرى الريف الجنوبي لمحلية أمدرمان في ظل التقدم الكبير الذي يحرزه الجيش للسيطرة على آخر معاقل قوات الدعم السريع في منطقة أمدرمان.

تقرير: ألوان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع قوات الدعم السریع المدنیین العزل منطقة صالحة ضد المدنیین

إقرأ أيضاً:

???? حين ضاق الخناق .. هل قرر العالم أخيرًا التخلص من مليشيا الدعم السريع؟

قراءة مختلفة للمتغيرات الدولية… منذ اندلاع الحرب في السودان، كان الموقف الدولي في بداياته مرتبكًا، تتنازعه مصالح متضاربة وحسابات ضيقة. لكن يبدو أن الزمن كفيل بكشف الحقائق مهما طال الإنكار. واليوم، وبعد أكثر من عامين من المعاناة، بدأ المجتمع الدولي يغيّر لهجته، وربما حتى بوصلته.

فبيان وزارة الخارجية الأمريكية الأخير، واجتماع نائب الوزير كريستوفر لاندو مع سفراء الرباعية (الولايات المتحدة، مصر، السعودية، والإمارات)، يعكسان تحولاً لافتًا في طريقة مقاربة الأزمة: لم يعد الحديث عن وقف القتال فقط، بل عن معالجة جذرية، وأن لم يعلن عن تفاصيلها لكن يبدو أنها ستبدأ من تحمّل مليشيا الدعم السريع مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، وتفكيك الأزمة عبر إخراجها من المشهد بأقل الأضرار الممكنة.
الدعم السريع.. من ورقة ضغط إلى عبء ثقيل

كانت بعض العواصم في بداية الحرب تنظر إلى الدعم السريع كـ”أمر واقع”، يمكن احتواؤه أو توظيفه لمصالح سياسية ضيقة. لكن ما ارتكبته هذه المليشيا من فظائع — من نهب واغتصاب وتجنيد أطفال، إلى ترويع المدنيين واحتلال المدن وتخريبها — جعل أي محاولة لتبرير وجودها عبئًا لا يُحتمل أخلاقيًا وسياسيًا.
اليوم، تتعامل العديد من الدول مع هذه المليشيا كـ”ورقة محروقة”، لم يعد بالإمكان الدفاع عنها. التفاوض المقترح لا يهدف إلى إعادة تأهيل الدعم السريع، بل إلى إخراجه من المسرح السياسي، تحت عباءة “الحل السلمي”.
الجيش السوداني.. صمود بدّد الأوهام

التحول الدولي لم يكن منحة مجانية، بل ثمرة لصمود أسطوري لقواتنا المسلحة وقواتنا النظامية. فقد راهن البعض على انهيار الجيش، لكنه صمد، وقاتل، واستعاد زمام المبادرة في محاور عدة، رغم الظروف الصعبة.

وفي ظهره، وقف الشعب السوداني بكل ما يملك من صبر وكرامة. صمد في وجه الترويع، ورفض الخضوع، وعرّى المليشيا أمام العالم. حتى بعض القوى السياسية، رغم تباين المواقف، كان لها دور في فضح الانحيازات الدولية والتدويل غير النزيه.
التفاوض القادم: لا تنازل عن الثوابت
والآن، مع ازدياد الحديث عن تسوية سياسية، فإن الجيش وحكومة السودان لا يذهبان إلى الطاولة من موقع ضعف، بل من موقع الطرف الذي صمد ورفض أن ينكسر. ومن هنا، فإن أي مفاوضات جادة يجب أن تُبنى على الثوابت الوطنية، وأهمها:
1. تفكيك الدعم السريع كليًا، دون قيد أو شرط.
2. تقديم قادة المليشيا للعدالة على الجرائم التي ارتكبوها.
3. رفض أي مساواة بين الجيش والمليشيا في أي صيغة سياسية أو انتقالية.
4. الحفاظ على وحدة المؤسسة العسكرية والأمنية، واحتكارها المشروع لاستخدام القوة.
5. رفض أي وصاية خارجية، وتمسك كامل بسيادة القرار الوطني.

من يتحمّل فاتورة الإعمار؟
لا يمكن تجاهل الدور غير المعلن لبعض الدول في دعم الأزمة، وخاصة الإمارات التي أصبحت في خانة المساهم في تعقيد الموقف. واليوم، وقد بدأت هذه الدول تراجع مواقفها، فإن من الطبيعي أن نطالبها بالمشاركة الفاعلة في إعادة الإعمار، لا نكايةً، بل من منطلق المسؤولية السياسية والأخلاقية.
مؤتمر دولي، أو صندوق دعم تشارك فيه الدول الفاعلة، قد يشكّل بداية صحيحة لمصالحة قائمة على الاحترام المتبادل، لا على الإملاءات.
ختامًا: لا مكان للمليشيات في سودان الغد

ربما تغيّر الموقف الدولي، وربما نشهد محاولات لإنتاج تسوية جديدة، لكن الثابت أن الجيش والشعب كانا خط الدفاع الأول عن الوطن. وكل محاولة لحل الأزمة لا تعترف بهذه الحقيقة، ولا تستند إلى دماء الشهداء ومعاناة النازحين وصمود الجنود، ستكون مجرد وهم سياسي جديد.
السودان اليوم أمام مفترق طرق: إما أن يحسم المجتمع الدولي أمره ويضع حدًا لوجود المليشيا، أو يستمر في إدارة الأزمة إلى أن تنفجر بشكل أوسع. لكن الأكيد أن الجيش الذي لم ينكسر، لن يفرّط في نصرة ولا في كرامة شعبه.

السودان ليس أرضًا سائبة، بل وطن عريق، مليء بالخيرات، لكنه يعرف كيف يدافع عن نفسه. ومن لا يحسن قراءة تضاريسه، ستلتهمه أشواكه قبل أن يلتقط أنفاسه.

عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
٥ يونيو ٢٠٢٥م
نشر بموقع صحيفة المحقق الإلكترونية

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • جزيرة توتي تؤدي صلاة العيد بعد عامين من انتهاكات المليشيا الإرهابية
  • مبادرة شبابية تنفذ حملة إسناد عاجلة لمستشفى الأبيض الدولي بعد تعطله بسبب قصف المليشيا المتمردة
  • ???? حين ضاق الخناق .. هل قرر العالم أخيرًا التخلص من مليشيا الدعم السريع؟
  • الدعم السريع تستهدف استاد الأبيض غرب السودان بمسيرات أثناء مباراة كرة قدم
  • مقتل وإصابة العشرات في الفاشر بقصف من قوات الدعم السريع
  • منصة ابناء فاشر السلطان تدين وتستنكر حرق المليشيا للمساعدات الانسانية بمحلية الكومة
  • مقتل 14 مدنياً في قصف لقوات الدعم السريع على مخيم نازحين بدارفور
  • سوريا.. حظر تجوّل في منطقة مجازر الساحل وسط حالة من القلق
  • مصر تدعم الجيش السوداني ضد الدعم السريع! القاهرة توضح
  • بعد كشف انتهاكات جسيمة.. دعوات دولية لإغلاق مواقع احتجاز في طرابلس