أبو الباجات.. حكاية شاب تمسك بإرث عائلته المهني ودخل قلوب الزبائن (صور).

المصدر: شفق نيوز

كلمات دلالية: العراق الانتخابات القمة العربية أحمد الشرع نيجيرفان بارزاني سجن الحلة محافظة البصرة الدفاع بابل بغداد دهوك اقليم كوردستان اربيل المياه السليمانية اربيل بغداد انخفاض اسعار الذهب اسعار النفط أمريكا إيران اليمن سوريا دمشق دوري نجوم العراق كرة القدم العراق أهلي جدة النصر الكورد الفيليون مندلي احمد الحمد كتاب محسن بني ويس العراق الحمى النزفية غبار طقس الموصل يوم الشهيد الفيلي خانقين الانتخابات العراقية

إقرأ أيضاً:

إسكندر حبش .. حكاية حوار

في أحد أيام أبريل الماضي علمتُ أن إسكندر حبش -الشاعر والناقد والمترجم اللبناني المعروف- سيكون ضمن ضيوف معرض مسقط الدولي للكتاب؛ ليشارك في الندوة التأبينية للشاعر زاهر الغافري المدرجة ضمن البرنامج الثقافي للمعرض. وكان حبش قد أصدر قبل ذلك بثلاثة أشهر كتابه «أزهار من بئر زاهر الغافري» عن مجلة نزوى. هذه إذن فرصة سانحة لمحاورته في برنامجي «ضفاف» في قناة عُمان الثقافية، خصوصًا أنه تربطني به معرفة سابقة، وسبق أن شارك في برنامجي الإذاعي «نوافذ ثقافية». كما أنه على معرفة سابقة ببرنامج «ضفاف» وطبيعته الحوارية؛ لأنه سبق أن طلب مني رابط الحلقة التي أجريتُها فيه مع الشاعر سيف الرحبي.

في ذلك اليوم (11 أبريل 2025) فاتحتُه بالموضوع في رسالة صوتية فردّ عليَّ بلطف معلِنًا موافقته المبدئية على أن يؤكدها خلال يومين بموافقة نهائية إذا ما سمح له الطبيب بالسفر من بيروت، وقد كان خاضعًا لجلسة علاج في ذلك اليوم، وبدا من صوته الواهن أنه متعب بالفعل. تركتُه عدة أيام ثم بعثتُ له رسالة أخرى أسأله فيها عن صحته فرد عليّ أنه بخير، وأن الطبيب سمح له بالسفر، وسيصل إلى مسقط مساء الثالث والعشرين من أبريل (أي قبل بدء المعرض بيوم)، ويغادر في السادس والعشرين منه. هنا حددتُ له يوم الرابع والعشرين موعدًا للتصوير، وطلبتُ منه ترشيح شخصيتين ثقافيتين يرى أنهما مطلعتان على تجربته الأدبية والثقافية لتدليا بشهادتين عنه في الحلقة، فرشح لي ثلاثة شعراء: الليبي عاشور الطويبي، والجزائري الخضر شودار، واللبنانية المقيمة في كندا دارين حوماني. وهذه الأخيرة نبهني إلى أنها أعدت كتاب حوارات معه عنوانه «هجرتان وأوطان كثيرة» وعرض عليّ إرساله إلكترونيًّا، فرجوتُه أن يفعل، وقد كان.

وأنا أقرأ مقدمة حوماني في هذا الكتاب بدا لي أنها تعبّر عني حين استعادت لقاءها الأول به في مكتبه بجريدة «السفير» اللبنانية التي كان مسؤولًا عن القسم الثقافي بها آنئذ. فقد تحدثت عن تواضعه الجم: «التواضع نفسه الذي يخص الكتابة من خارج الأضواء، تواضع شاعر وكاتب وصحفي ومترجم. وقد علمتُ بالصدفة فيما بعد أنه حاصل على دكتوراه في الفلسفة من اليونان؛ ففي عالمنا هذا من يكون واحدًا من هؤلاء سيكون من الصعب التواصل معه بحب، بل تكاد تكون فكرة الاعتداد بالنفس لصيقة بمعظم كُتاب الصحف، وخصوصًا في ذلك الوقت يوم كان للصحيفة الورقية وقع كبير على القراء». وما أن توغلتُ في الحوارات وأسئلة حوماني العميقة والسابرة لمسيرته الأدبية حتى قررتُ أن تكون صاحبةَ الشهادة الأولى في الحلقة. وقد كانت شهادة جميلة بحق ذكرتْ فيها أن دراسة إسكندر حبش للفلسفة وتدريسه لها أضافا إلى قلبه أفقًا إنسانيًّا تجاه العالم كله، فكانت اختياراته للترجمة مختلفة عن اختيارات أي مترجم آخر؛ لأنه لم يكن يَعُدُّ الترجمة مهنة. ونحن نشعر ونحن نقرأ ترجماته أنه يختارها بحب، وأنها كتابة من مكان آخر، وكل ما يترجمه يراودنا شعور أنه يخصنا ويشبهنا، وربما نحتاجه في يومياتنا العادية.

ولأن دارين حوماني هي صاحبة الشهادة الأولى لـ«ضفاف»؛ فقد كان عليًّ أن أختار الشهادة الثانية من بين الشاعرين المتبقيين، فكان أن اخترتُ الطويبي لأن ترتيبه في الترشيح كان قبل شودار. وقد كانت شهادته جميلة أيضًا كشف فيها الشاعر الليبي عن وجه آخر من أوجه التعدد الكتابي لحبش، ألا وهو كتابة الرسائل الأدبية؛ فقد تبادلا الرسائل من أكتوبر 2020 حتى مارس 2025، وأوضح أنهما قررا نشر هذه الرسائل في كتاب اختارا له عنوان «على جسر قريب من السماء».

في ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء 23 أبريل -وكنتُ قد استنتجتُ أن إسكندر وصل مسقط منذ عدة ساعات- بعثتُ له رسالة أهنئه فيها بسلامة الوصول، وأذكّره بموعد الحلقة غدًا، وأن سائقًا سيمر عليه الفندق في ساعة بعينها. ثم طفقتُ أراجع الأسئلة التي أعددتُها له، وأزعم أنها كانت أسئلة متنوعة تحاول الإحاطة بمسيرة حياته وبتنوعه الثقافي بين الشعر والصحافة والترجمة والفلسفة. على سبيل المثال أعددتُ له سؤالًا عن اختياره طريق الأدب برغم رغبة والده في أن يكون طبيبًا أو مهندسًا، وعن اللحظة التي جعلته يحسم هذا القرار. وتناول سؤال آخر علاقته بالشعر بوصفه علاجًا نفسيًّا وملاذًا أول من الخوف. وفي محور الترجمة توقفتُ معه عند أثرها في وعيه الشعري، وكيف جعلته يرى اللغة كمرآة تكشف ذاته بقدر ما تنقل الآخرين. أما في محور الصحافة، فكان لا بد أن أسأله عن تجربته الطويلة في جريدة «السفير»، وما إذا كان إغلاقها نهاية عام 2016 قد غيّر إيمانه بالصحافة الثقافية ودورها اليوم في وقتٍ هيمنت فيه المنصات السريعة. بالإضافة إلى أسئلة أخرى عن نظرته للكتابة والعزلة، وعن إيمانه بأن البقاء بعيدًا عن الصخب الأدبي هو الطريق الأصدق لحماية النص من الضجيج.

في صباح اليوم التالي -يوم تصوير الحلقة- اكتشفتُ أنه لم يفتح هاتفه، ولم يقرأ رسالة البارحة بعد. شعرتُ بالقلق. وبعد عدة اتصالات -كان آخرها بالصديق الكاتب محمد الشحري الذي كان مكلفًا بمرافقة ضيوف المعرض من المثقفين- عرفتُ أن حبش لم يصل إلى مسقط، وألغى رحلته بسبب «وعكة صحية». وبعد ساعة فقط من إبلاغي مخرج البرنامج حسين العلوي بإلغاء التصوير وصلتني رسالة اعتذار رقيقة من إسكندر مرفقة بصورةٍ له وهو في سرير في أحد مستشفيات بيروت فرددتُ عليه: «ألف سلامة لك دكتور إسكندر. ربنا يمتعك بالصحة والعافية».

خرج حبش من المستشفى بعد ذلك، ومارس حياته الطبيعية، أو هكذا استنتجتُ من مداومته كتابة مقاله الأسبوعي في جريدة عُمان كل أربعاء. وكلما رأيتُ صورته أعلى المقال مَنّيتُ نفسي بزيارة قريبة له إلى مسقط تتيح لنا إكمال ما بدأنا، وتصوير الحلقة الجاهزة التي لا ينقصها سوى وجوده. لكن النبأ الذي وصلني صباح الجمعة بدد كل خيوط الأمل. رحم الله إسكندر حبش.

سليمان المعمري كاتب وروائي عُماني

مقالات مشابهة

  • "صحار الدولي" يطلق حساب الأهداف الادخاري عبر تطبيقه المصرفي
  • المتحف الكبير | أحمد حسن: نقدر نجمع قلوب الملايين من أقصى الشمال للجنوب لنصنع العظمة
  • هشام طلعت مصطفى يظهر في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير مع عائلته
  • إسكندر حبش .. حكاية حوار
  • برج الثور حظك اليوم السبت 1 نوفمبر 2025.. يومك المهني يتطلّب منك هدوء الأعصاب
  • أصحاب القلوب الطيبة عملة نادرة في زمن المظاهر
  • لتحصيل الديون العالقة لدى الزبائن.. الجزائرية للمياه تطلق حملة تحسيسية
  • زين والتدريب المهني تختتمان دورة التدريب المجانية على تكنولوجيا “الفايبر”
  • لاستقطاب الزبائن أون لاين.. نص اعترافات 8 سيدات قبض عليهن لممارسة الرذيلة بالدقهلية
  • طلاب الفنون الجميلة يرسمون الأمل ويزرعون البهجة في قلوب أطفال السرطان