كشفت مراجعة مستقلة أجرتها الرئيسة السابقة لمفتشية السجون البريطانية، السيدة آن أورز، أن نظام السجون في بريطانيا كان على وشك الانهيار الكامل ثلاث مرات خلال الفترة بين خريف 2023 وصيف 2024، بسبب الازدحام الشديد وسوء إدارة الأزمة من قبل حكومة ريشي سوناك.

وقالت أورز إن داونينغ ستريت رفض مرارًا اتخاذ إجراءات استباقية للتخفيف من ضغط السجون، ولم يتحرّك إلا عندما أصبحت الانفجارات المؤسسية وشيكة، مضيفة أن "الموقف الافتراضي كان: لا نفعل شيئًا إلا في اللحظة الأخيرة، والنتيجة كانت أن النظام وصل مرارًا إلى حافة الانهيار".



قرارات متأخرة بعد الوصول إلى "حافة الهاوية"

أظهر التقرير المؤلف من 25 صفحة أن الوزراء المعنيين بوزارة العدل، وعلى رأسهم الوزير السابق أليكس تشوك، طالبوا منذ منتصف 2023 بتفعيل خطة للإفراج المبكر عن بعض السجناء لتفادي الأزمة، إلا أن الموافقة من مكتب رئيس الوزراء لم تأتِ إلا بعد أن كان الانهيار قاب قوسين أو أدنى – في بعض الحالات، قبل 3 أيام فقط من انهيار فعلي متوقع.

وأضافت المراجعة، التي نشرتها صحيفة "الغارديان" اليوم، أن رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك لم يمنح الضوء الأخضر لأي تحرك فعلي إلا عبر خطوات جزئية وغير كافية، مثل الإفراج عن عدد محدود من السجناء وفق سلطات الطوارئ المصممة للحالات الإنسانية.

وفي لحظة بالغة الخطورة، ومع اقتراب موعد الانتخابات العامة في مايو 2024، اضطرت الحكومة إلى عقد اجتماعات طارئة للجنة "كوبرا" لمناقشة إمكانية تفعيل صلاحيات الطوارئ بشكل أوسع تجنبًا لانهيار العدالة الجنائية خلال فترة الانتخابات.

مخاوف من فضيحة سياسية وقانونية

الموظفون المدنيون الكبار، بحسب التقرير، شعروا بقلق بالغ حيال سوء إدارة الأزمة لدرجة أنهم بدأوا بتوثيق كل القرارات والمراسلات داخليًا تحسبًا لإجراء تحقيق برلماني أو قضائي مستقبلي حول انهيار المنظومة.

وجاء في التقرير: "كان المسؤولون الكبار على درجة من القلق حيال احتمال الانهيار، لدرجة أنهم احتفظوا بسجل تدقيقي كامل لكل القرارات، تحسبًا لأي تحقيق علني أو برلماني في المستقبل".

وتُعتبر هذه الخطوة نادرة في الإدارة البريطانية، ما يشير إلى فقدان الثقة الداخلي في القيادة السياسية لحكومة سوناك، وعدم استعدادها لتحمّل مسؤولية الخلل الذي تراكم على مدى شهور.

السجون اليوم.. أزمة لم تنتهِ

ووفق تقرير "الغارديان" فإنه وعلى الرغم من تغيير الحكومة وتولي شبانه محمود وزارة العدل، لا تزال منظومة السجون تعمل بنسبة 97.5% من طاقتها القصوى، مع تحذيرات من عودة الضغط خلال نهاية الأسبوع، لا سيما في ظل استعدادات الشرطة لاعتقالات جماعية محتملة لناشطين متضامنين مع فلسطين.

وتخشى السلطات من احتجاجات واسعة أمام فنادق تأوي طالبي لجوء، خصوصًا في لندن وشمال شرق إنجلترا وشرق البلاد، ما قد يُفاقم الضغط على مراكز الاحتجاز والمحاكم.

ما وراء التقرير.. أولوية "الصورة السياسية" على استقرار النظام

وأشار تقرير "الغارديان" إلى أن حكومة سوناك فضّلت تجنّب الانتقادات الإعلامية والشعبوية المناهضة للإفراج المبكر، حتى لو كان ذلك على حساب أمن النظام القضائي، في وقت كان فيه حزب المحافظين يعاني من تراجع شعبيته.

ويُنظر إلى هذه السياسة على أنها نموذج لـ الحوكمة القائمة على ردود الفعل بدل الاستباق، حيث طغت الحسابات السياسية على القرارات المؤسسية، ما أدّى إلى أزمة كادت تعصف بواحد من أهم أركان الدولة البريطانية.

تكشف المراجعة المستقلة أن بريطانيا، الدولة التي تتباهى بنظامها القضائي، كادت أن تفقد السيطرة على منظومة العدالة الجنائية ثلاث مرات خلال عام واحد فقط، بسبب ما اعتبره مسؤولون كبار "تقصيرًا متعمدًا" من مكتب رئيس الوزراء آنذاك.

وفي وقت تتصاعد فيه الأزمات الداخلية، من الاحتجاجات السياسية إلى ملف اللجوء، يبدو أن النظام الجنائي لا يزال هشًا وعرضة للانفجار في أي لحظة.. فهل تتدارك الحكومة الجديدة الخلل؟ أم أن "الانتظار حتى حافة الهاوية" سيظل سلوكًا موروثًا؟


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية السجون نظام بريطانيا التقرير بريطانيا سجون نظام تقرير المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

«المالية» تعلن صدور قرار مجلس الوزراء بشأن غرامات نظام الفوترة الإلكترونية

 

أبوظبي (الاتحاد)
أعلنت وزارة المالية عن صدور قرار مجلس الوزراء رقم (106) لسنة 2025 بشأن المخالفات والغرامات الإدارية المترتبة عن مخالفة التشريعات المنظّمة لنظام الفوترة الإلكترونية، وذلك في إطار جهود دولة الإمارات لدعم مسيرة التحول الرقمي وترسيخ مبدأ الامتثال الضريبي وفقاً لأفضل المعايير العالمية.
ويسري القرار على جميع الكيانات والجهات الملزمة بتطبيق نظام الفوترة الإلكترونية وفقاً لأحكام القرار الوزاري رقم (243) لسنة 2025 بشأن نظام الفوترة الإلكترونية، بينما يُستثنى منه الأشخاص الذين يطبقون نظام الفوترة الإلكترونية بشكل اختياري، ولن تُطبَّق عليهم أي غرامات إلى حين خضوعهم الإلزامي لنظام الفوترة الإلكترونية.

أخبار ذات صلة آمنة الشامسي أول إماراتية تنضم إلى المجموعة الاستشارية التابعة لمجلس المحاسبة الدولية للقطاع العام «المالية» توقّع ثالث اتفاقية ضمن مبادرة «صكوك الأفراد» مع «الإمارات الإسلامي»

وحرصاً على ضمان الامتثال الفعّال، يحدد القرار الغرامات الإدارية التي تفرض على ارتكاب مخالفات تتعلق بتطبيق نظام الفوترة الإلكترونية من جانب الأشخاص الملزمين بتطبيق النظام، وتشمل هذه الغرامات، 5000 درهم شهرياً، في حال عدم تطبيق نظام الفوترة الإلكترونية أو عدم تعيين مزود خدمة معتمد في الموعد الزمني المحدد في القرار الوزاري رقم (244) لسنة 2025 في شأن تطبيق نظام الفوترة الإلكترونية، و100 درهم عن كل فاتورة إلكترونية لم تصدر أو ترسل خلال الفترة الزمنية المحددة، على أن لا يتجاوز إجمالي الغرامة الإدارية 5,000 درهم شهرياً.
كما تشمل الغرامات 100 درهم عن كل إشعار دائن إلكتروني لم يصدر أو يرسل خلال الفترة الزمنية المحددة، على أن لا يتجاوز إجمالي الغرامة الإدارية 5000 درهم شهرياً، و1000 درهم عن كل يوم تأخير أو جزء من اليوم في حال عدم قيام المُصدر أو المُستلم بإبلاغ الهيئة الاتحادية للضرائب عن أي عطل في نظام الفوترة الإلكترونية ضمن الجدول الزمني المحدد، و1000 درهم عن كل يوم تأخير أو جزء من اليوم في حال عدم قيام المُصدِر أو المستلم بإخطار مزود الخدمة المعتمد المعين عن أي تعديل يطرأ على البيانات المسجلة لدى الهيئة ضمن الجدول الزمني المحدد.
ويمثل هذا القرار خطوة محورية في مسار التحول الرقمي في دولة الإمارات، ويعكس التزام الحكومة الراسخ بتطبيق أفضل الممارسات الدولية في مجال التحول إلى اقتصاد رقمي متكامل.

مقالات مشابهة

  • خبير اقتصادي لـعربي21: سوريا تخطّت الانهيار الشامل ودخلت مسار تعافٍ هش
  • اعلام الاحتلال: وفاة 110 فلسطينيين داخل السجون منذ تولي بن غفير منصبه
  • كيف انتهت حكاية سجون عائلة الأسد؟
  • «المالية» تعلن صدور قرار مجلس الوزراء بشأن غرامات نظام الفوترة الإلكترونية
  • مزاد في صنعاء يبيع لوحة رقم (1/1) بسعر صادم وصل إلى 151 مليون ريال!
  • والا : 110 أسرى فلسطينيين قضوا في السجون الإسرائيلية خلال الحرب
  • أحمد سعد بتصريح صادم عن شيرين يعيد قصتها للواجهة.. وعمرو مصفى يرد بإعلان كبير
  • كواليس مؤلمة.. جميلة عزيز تروي قصة مرضها ولحظات الانهيار وموقف أشرف زكي
  • الإفتاء تحدد وقت أذكار الصباح والمساء
  • إعلام الأسرى الفلسطيني: البلبيسي أقدم أسرى غزة يمضي ثلاثة عقود بعيدًا عن الوطن والعائلة