الثانية منذ سقوط الأسد.. ما أهمية زيارة الوفد الروسي لدمشق؟
تاريخ النشر: 11th, September 2025 GMT
دمشق- في تطور سياسي لافت وصفه محللون بالفصل الجديد من العلاقات الروسية-السورية، استقبلت دمشق وفدا روسيا رفيع المستوى برئاسة نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك -الثلاثاء الماضي- في ثاني زيارة رسمية للبلاد بعد سقوط نظام الأسد يوم 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وحملت الزيارة طابعا سياسيا واقتصاديا وأمنيا في آن، حيث تناولت المحادثات ملفات عدة في سياق التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة والأمن والاقتصاد.
وشدد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، وفق ما نقلته وسائل إعلام رسمية، على أن "الدعم الروسي الصريح لمسار سوريا الجديد سيكون خطوة في صالح بلدنا والمنطقة بأسرها"، مؤكدا أن دمشق تبحث عن "شركاء صادقين".
من جانبه، قال نوفاك إن العلاقات بين الشعبين السوري والروسي "ستبنى على الاحترام المتبادل"، معلنا عن التحضير لزيارة قريبة للرئيس السوري أحمد الشرع إلى موسكو للمشاركة في القمة العربية الروسية.
وتفتح هذه الزيارة الباب أمام تساؤلات عدة: ما الذي تأمله دمشق من موسكو في هذه المرحلة الحساسة؟ وما المكاسب التي تسعى روسيا لتحقيقها في المقابل؟ وهل تنجح روسيا في التحول من حليف سابق للنظام المخلوع إلى شريك مقبول في مستقبل سوريا الجديدة؟
علاقة جديدةيقول المحلل السياسي علاء الأصفري "للجزيرة نت" إن زيارة الوفد الروسي إلى سوريا جاءت بمثابة تتويج لمسار قد بدأ بعد سقوط نظام الأسد، وهدفه إقامة علاقة جديدة بين البلدين تبنى على أساس الاحترام المتبادل بينهما، وعلى أساس السعي المشترك لتحقيق مصالح الجانبين، سواء من الناحية الأمنية أو السياسية أو الاقتصادية.
وهو ما يذهب إليه الباحث السياسي في مركز جسور للدراسات وائل علوان، معتبرا أن هذه الزيارة تأتي ضمن مسار قد جمع بين دمشق وموسكو قبل الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي عبر وساطة إقليمية رعتها الدوحة وأنقرة، ولعبت من خلالها روسيا دورا في تخفيف كلف معركة ردع العدوان، وإزاحة الأسد عن المشهد مقابل ضمان مصالحها في سوريا.
إعلانويضيف علوان، في حديث للجزيرة نت، أن الزيارة محاولة من الحكومة الجديدة في سوريا لتعزيز موقفها وضمان فرص أكبر عبر انتهاجها سياسية تحقق التوازن في العلاقات الخارجية.
ويلفت إلى أن حكومة دمشق تدرك تماما حجم الموارد والإمكانات التي باستطاعة روسيا توفيرها في مختلف المجالات، وتدرك أيضا ثقل موسكو الإقليمي الكبير في المنطقة وفي سوريا بشكل خاص.
أما على صعيد المكاسب التي تسعى موسكو إلى تحقيقها في سوريا في المرحلة الراهنة، فيشير علوان إلى أنها تتلخص في ضمان روسيا استمرار وجودها العسكري في قاعدتي طرطوس البحرية على المتوسط وحميميم الجوية في اللاذقية، وإن كانت الأخيرة أقل وزنا من الأولى.
ويرى أن روسيا تنظر كذلك إلى شرق البحر المتوسط كفرصة للاستثمار السياسي والاقتصادي، يمكن توظيفها لتعزيز حضورها في المنطقة.
في المقابل، تسعى دمشق -بحسب علوان- إلى التفاوض مع موسكو انطلاقا من قاعدة المصالح المشتركة، سواء عبر الحصول على دعم في ملفات إقليمية حساسة كالعلاقة مع إسرائيل والضغط عليها، أو من خلال تأمين موارد مالية واقتصادية تساعدها في التخفيف من أزمتها الداخلية المتفاقمة.
ويؤكد الباحث أن الفرص الاستثمارية التي برزت بعد رفع بعض العقوبات عن سوريا تحتاج إلى وقت طويل قبل أن تساهم فعليا في معالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد، وهو ما يجعل دمشق بحاجة إلى دعم عاجل ومرن يمكن أن توفره روسيا في المدى القريب.
من جانبه، يعتبر أصفري أن الحكومة السورية الجديدة تنظر إلى روسيا باعتبارها شريكا اقتصاديا في المرحلة المقبلة، مشيرا في هذا السياق إلى أن طباعة العملة السورية الجديدة ستتم في روسيا، إلى جانب تأمين موسكو إمدادات القمح بشكل دوري لدمشق، فضلا عن حضورها العسكري في القاعدتين.
أمنيا
وحول علاقة موسكو بملف المفاوضات السوري-الإسرائيلي، يشير أصفري إلى وجود وساطة روسية تحاول أن تلعب دورا إيجابيا في تقريب وجهات النظر بين دمشق وتل أبيب، مرجحا أن تسهم موسكو في الدفع نحو انسحاب إسرائيل من المساحات التي سيطرت عليها عقب "التحرير"، التي تقدَّر بأكثر من 600 كيلومتر مربع من الأراضي السورية.
كما يرى أن روسيا قد تكون طرفا فاعلا في رعاية المصالحات الداخلية بين مختلف الطوائف في سوريا، لافتا إلى أن وجود موسكو التاريخي في دمشق يعطيها قدرة أكبر على فهم طبيعة المجتمع السوري وآليات تفكيره.
ويختتم أصفري بالإشارة إلى أن الحكومة السورية الجديدة أبدت مرونة ملحوظة في إدارتها للعلاقة مع موسكو، معتبرا ذلك "خطوة ذكية تحسب للدولة السورية"، في إطار محاولاتها الدفع نحو إعادة الإعمار وترسيخ الأمن والاستقرار في البلاد.
وكانت موسكو قد دعمت نظام بشار الأسد المخلوع منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا في مارس/آذار 2011 عبر استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، ومنع إحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
إعلانبينما أعلن الكرميلن -مع حلول عام 2015- بدء تدخل عسكري مباشر في سوريا بناء على طلب رسمي من نظام بشار الأسد، أفضى لاحقا إلى قلب موازين القوى لصالح النظام.
ثم أعلنت روسيا عن تمركز قواتها في قاعدتي حميميم وطرطوس، ووقعت عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع نظام الأسد منحتها صلاحيات تشغيلية طويلة الأمد (اتفاقية 49 عاما لتوسيع استخدام مرفأ طرطوس)، وأعطى هذا موسكو ثقلا إستراتيجيا في شرق المتوسط.
وبدأت روسيا التحرك، منذ مطلع العام الجاري، لإعادة التموضع السياسي والدبلوماسي في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، حيث زار وفد روسي بقيادة المبعوث الرئاسي ميخائيل بوغدانوف العاصمة دمشق في يناير/كانون الثاني الماضي، وأجرى مباحثات مع القيادة الجديدة حول مسارات التعاون المستقبلي وملف القواعد العسكرية الروسية.
بينما زار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني موسكو في يوليو/تموز الماضي، والتقى كبار المسؤولين الروس في زيارة تهدف إلى إعادة ترتيب العلاقة بين الطرفين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات نظام الأسد فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزير الدفاع السوري يعلن الاتفاق مع قائد قسد على وقف فوري لإطلاق النار
أعلن وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، اليوم الثلاثاء، أنه توصل إلى اتفاق مع قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، يقضي بوقف فوري وشامل لإطلاق النار في كافة المحاور والانتشارات العسكرية في شمال وشرق سوريا.
وجاء الإعلان عقب اجتماع جمع الطرفين في دمشق، حيث أفاد أبو قصرة، عبر منشور على منصة "إكس"، بأن الاتفاق يبدأ تنفيذه فورًا، مؤكّداً أن التفاهم يشمل كافة المناطق الحدودية التي تشهد اشتباكات متكررة.
التقيت قبل قليل بالسيد مظلوم عبدي في العاصمة دمشق واتفقنا على وقفٍ شاملٍ لإطلاق النار بكافة المحاور ونقاط الانتشار العسكرية شمال وشمال شرق سوريا، على أن يبدأ تنفيذ هذا الاتفاق فورياً. — مرهف أبو قصرة (@Murhaf_abuqasra) October 7, 2025
وفي سياق متصل، أفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) ومصادر محلية بأن الاتفاق شمل أيضًا حيّي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، اللذين كانا مسرحًا لتصعيد عسكري بين الطرفين مساء أمس.
وقال مصدر عسكري سوري إن قوات الجيش اكتشفت نفقًا منسوبًا إلى قسد قرب محيط حي الأشرفية، وأقدمت على تفجيره، معتبرًا أن هذه العملية جاءت رداً على محاولات تسلل أو تنفيذ عمليات تخريبية.
من جهتها، أكدت مصادر إعلام كردية أن الوفد المشارك من “قسد” ضمّ شخصيات قيادية مثل إلهام أحمد، وأن اللقاء في دمشق مثّل محاولة لتقريب وجهات النظر والتوصل إلى تهدئة شاملة.
وقد لاقت هذه التطورات ترحيبًا إعلاميًا من دمشق، التي أكدت مرارًا التزامها باتفاق العاشر من آذار، الذي ينصّ على اندماج قسد في مؤسسات الدولة السورية ورفض التقسيم.
على الصعيد المحلي، تشكّل حيي الشيخ مقصود والأشرفية بؤرتين للتوتر؛ فهما قطعتان سكنيتان ذات غالبية كردية، خضعتا سابقًا لسيطرة فصائل مدعومة من “قسد” داخل حلب، ما جعل الاشتباكات فيها مؤشرًا على مدى هشاشة الهدنة بين الأطراف.
وتأتي هذه الخطوة في وقت يترافق فيه ضغوط داخلية وخارجية على الأطراف المعنية، في ظل مساعٍ إقليمية ودولية لتهدئة المشهد في سوريا وضبط تصاعد العنف على الحدود الداخلية بين الحكومة والفصائل الكردية.