لجريدة عمان:
2025-10-28@20:04:37 GMT

بغير الحقيقة والعدالة لن تنتهي حرب غزة حقًا

تاريخ النشر: 28th, October 2025 GMT

ترجمة: أحمد شافعي

يصر دونالد ترامب على أن الحرب في غزة انتهت. وهي لم تنته. صحيح أن العنف تقلص كثيرًا. لكن التقارير تشير إلى أن القوات الإسرائيلية قتلت قرابة مائة فلسطيني وأصابت مئات آخرين منذ بدء وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر. ولا تزال إمدادات المساعدات الغذائية معرضة لقيود كثيرة. والاحتلال مستمر في غزة وفي الضفة الغربية.

ويخشى مسؤولون أمريكيون من أن يتراجع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وشركاؤه عن الاتفاق مثلما حدث من قبل.

وبالمثل، تواصل عناصر حماس والعصابات المنافسة لها القتال. فالجماعة لا تقوم حاليًا بنزع سلاحها، والقوات الإسرائيلية لم تنسحب انسحابًا كاملًا إلى الخطوط المتفق عليها. ومقترحات الأمن والحكم وإعادة الإعمار المعروضة في الإطار الأمريكي لا تزال مبهمة وافتراضية وموضع نزاع، وأسباب الحرب الجذرية، وهي أساسا إنكار السيادة والدولة الفلسطينية، لم يجر علاجها. وما لم يتغير هذا، فسوف تندلع الحرب من جديد، عاجلا أم آجلا.

لكن في حدود الجدال، لنفترض، ولنرجُ، أن يكون ترامب على حق، وأن يظهر وسط أطلال غزة بطريقة أو بأخرى سلام بطيء قابل للدوام. فماذا يحدث بعد هذا؟ العدالة هي ما ينبغي أن يحدث بعد ذلك. وكما في أوضاع أخرى شهدناها بعد صراعات أخرى، يستحق الأحياء والموتى في إسرائيل وفلسطين الحساب.

فكل من ارتكبوا جرائم حرب، أو أشرفوا على ارتكابها، يوم السابع من أكتوبر سنة 2023 أو بعده لا بد من حسابهم على أفعالهم. ولكي لا ننسى، هناك أعداد غفيرة من الضحايا، في الجانبين، تصرخ بنا معاناتهم طالبة الاعتراف بها، ومنادية بالحل والتعويض. فلا بد من محاسبة، ووضع حد للإفلات من العقاب، ولو لم يكن لذلك سبب عدا تقليل خطر استئناف الحرب.

لا يجب أن تمر الإبادة الجماعية بلا عقاب. وإنه لأمر استثنائي في خطة سلام ترامب «التاريخية» المؤلفة من عشرين نقطة، ويفترض بها تغيير الشرق الأوسط، أن لا تشير أي شكل من أشكال عمليات التحقيق العامة الرسمية ما بعد الحرب، ولا تعرض طريقًا للتقدم نحوه. وكبار الساسة في أوروبا والعالم العربي والمملكة المتحدة يلزمون الصمت في هذا الشأن أيضا، ويبدون حريصين على إسدال النقاب على أحداث العار التي جرت على مدى السنتين الماضيتين.

ومما يفسر هذا، من أوجه مختلفة، أن حكومات هؤلاء كانت متواطئة. ومما يفسره أيضا أن الحرب فضحت عدم التأثير، والفشل الاجتماعي الضار، الذي استغله نتنياهو وبعض قادة يهود الشتات في التمييز بين معاداة السامية الفجة ومعاداة إسرائيل المشروعة والمشاعر المعادية للحرب.

بل إن البعض يشيرون إلى أن النظر إلى الوراء يعرض للخطر الجهود المبذولة المضي قدما. وهذا هراء. فالسعي إلى العدالة والحقيقة والمصالحة في سيراليون والأرجنتين ورواندا وجنوب أفريقيا وكمبوديا ويوغسلافيا السابقة يظهر أن العكس يمكن أن يكون الصحيح. والدروس المستفادة من هذه الأماكن قابلة للتطبيق في كل مكان.

إن المحاسبة ضرورية وملحة. ولنبدأ بالقمة. لقد اتهمت المحكمة الجنائية الدولية العام الماضي كلًا من نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية منها الاغتيال والتجويع. كما تم اتهام زعيم حماس الراحل محمد ضيف.

ومن العار أن يبقى هذان الهاربان من العدالة طليقين. لا بد أن تسلمهما إسرائيل، أو تواجه عقوبات. وكلمات شركاء نتنياهو اليمينيين وأفعالهم في زمن الحرب، وبخاصة إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وكبار قادة الجيش الإسرائيلي والباقين من قادة حماس تستوجب أيضا تحقيقا عاجلا من المحكمة الجنائية الدولية.

ولا بد أن يواجه نتنياهو عواقب على المستوى الداخلي أيضا. فلا بد من لجنة تحقيق مستقلة في إخفاقات السابع من أكتوبر الأمنية. والآن وقد تحقق «السلام»، لا بد من الإسراع في إنهاء محاكمة نتنياهو في قضية الفساد التي كثر تأجيلها. وليس طلب ترامب بالعفو إلا فساد عميق في ذاته.

لقد صدمت أفعال القوات الإسرائيلية في غزة الرأي العام العالمي وأضرت إلى الأبد بسمعة إسرائيل. وقد صدر الحكم العالمي بالفعل بأن القوات الإسرائيلية انتهكت عن علم وعمد القانون الإنساني الدولي (بما في ذلك معاهدة جينيف) ودأبت على ارتكاب جرائم حرب بتعمدها استهداف المدنيين.

ولو أن هذا حكم غير جائر في حق ما يسميه نتنياهو ـ بكل جدية ـ «أكثر جيوش العالم أخلاقية»، فليبدأ تحقيق خارجي مستقل عسى أن يطهر سمعة هذا الجيش. ولا بد من محاسبة حماس على جرائمها أيضا.

من الصعب تعقب جميع الأعمال الوحشية، ناهيكم بمقاضاة المسؤولين عنها. في مارس، تم إعدام خمسة عشر من المسعفين وعمال الإنقاذ الفلسطينيين بحسب الأمم المتحدة. وفي أبريل، لقيت المصورة الصحفية فاطمة حسونة وستة من أفراد عائلتها مصرعهم في غارة جوية على منزلهم في مدينة غزة. وفي يونيو، تعرض مدنيون كانوا يبحثون عن مساعدات غذائية لإطلاق النار في واحدة من حوادث عديدة مماثلة. وما هذه غير ثلاث حالات حديثة من جرائم الحرب المزعومة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي، وقد اختيرت عشوائيا.

إسرائيل متهمة من الأمم المتحدة وحكومات كثيرة وجماعات حقوق إنسان وأساتذة قانون و«محاكم شعبية» غير رسمية بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وهي تنكر هذا. وبموجب بعض التعريفات القانونية ـ من قبيل استعمال الغذاء سلاحا والترحيل القسري ـ لا تزال «أعمال الإبادة الجماعية» مستمرة على الرغم من وقف إطلاق النار. وبعد أن طعنت جنوب أفريقيا ودول أخرى في تصرفات إسرائيل، تبين لمحكمة العدل الدولية في يناير وجود خطر واضح للإبادة الجماعية. ومع ذلك، قد لا يصدر حكم نهائي إلا في عام 2028. وهذا تأخير غير مقبول ـ وعلى أي حال، لا تستطيع المحكمة إنفاذ قراراتها.

الأمر اللازم بصفة عاجلة الآن هو محكمة جنائية دولية لغزة برعاية الأمم المتحدة، على غرار المحاكم التي أُنشئت في يوغوسلافيا السابقة ورواندا. ويجب منح هذه المحكمة صلاحية فحص جميع جوانب سلوك إسرائيل وحماس في الحرب، وبخاصة استهانتهما المشتركة بحياة المدنيين وقيامهما بالقتل والتعذيب وإساءة معاملة الرهائن والمعتقلين.

ينبغي لهذه المحكمة، التي تكمل عمل المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، أن تنظر أيضا في عملية صنع القرار السياسي خلال الحرب، وما إذا كانت أطراف ثالثة من قبيل الولايات المتحدة وإيران، اللتين قدمتا الدعم والمساعدة للطرفين المتحاربين، تتحمل مسؤولية عن العواقب غير القانونية. كما يجب تقييم مسؤولية دول من قبيل المملكة المتحدة التي سلّحت الجيش الإسرائيلي. وللبدء في هذه العملية، يجب فتح جميع مناطق غزة فورًا أمام محققي الأمم المتحدة والصحفيين الدوليين.

إن إنشاء محكمة دولية تتمتع بسلطة معاقبة الجناة وتعويض الضحايا هو العلاج الضروري للفظائع المروعة التي شهدتها غزة. والأمر لا يتعلق بالانتقام، وإنما بالعدالة والإرادة السياسية. صحيح أنه ليس بوسع محكمة أن تغير ما حدث، لكنها تستطيع أن تضمن عدم تكراره. وإلى أن يكتمل إجراء تحقيق شامل ونزيه، لن تنتهي الحرب حقا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأمم المتحدة لا بد من فی غزة

إقرأ أيضاً:

فيديو - مطاردة بسرعة 200 ميل في الساعة تنتهي بتوقيف مشتبه به بقتل شرطي في كاليفورنيا

وفقًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، تُعد هذه الحوادث شائعة في الولايات المتحدة، إذ توفي 107 ضباط أثناء أداء مهامهم العام الماضي، قُتل 64 منهم عمدًا، وغالبًا باستخدام الأسلحة النارية.

أغلقت الشرطة في كاليفورنيا الممرات الشرقية للطريق السريع 210 في أب لاند يوم الاثنين، بعد أن أسقطت درّاجًا هاربًا يُشتبه في مسؤوليته عن مقتل نائب شرطة في مقاطعة سان برناردينو.

بدأت المطاردة عند الساعة 1:20 ظهرًا بالتوقيت المحلي، وكان المشتبه به يقود الدراجة بسرعة جنونية تتجاوز 150 ميلًا في الساعة، وأحيانًا تقترب من 200 ميل في الساعة، ما شكل خطرًا كبيرًا على المركبات الأخرى على الطريق السريع، وفقًا لما ذكره الشريف شانون ديكوس.

لاحقًا، أظهرت لقطات من مروحية أن نائب شرطة خارج الخدمة تدخل واصطدم بالمشتبه به عمدًا، ما أدى إلى سقوط الدراجة النارية وتحطمها. ونتيجة لذلك، تم نقل المشتبه به إلى المستشفى جوًا بواسطة مروحية، وهو الآن في حالة مستقرة.

خلفية المطاردة

يأتي ذلك بعد أن قُتل نائب الشرطة أندرو نونيز في وقت سابق، إثر إطلاق النار عليه أثناء استجابته لنداء حول رجل مسلح يهدد امرأة في رانشو كوكامونغا.

وقد وقع الحادث في بلوك 12300 من شارع هوليهوك عند الساعة 12:37 ظهرًا، ونُقل نونيز إلى مركز أروهيد الطبي الإقليمي في كولتون حيث أعلن عن وفاته لاحقًا.

وخلال مؤتمر صحفي، قال ديكوس: "نحن غارقون في الحزن. وللأسف، هذا يحدث لقسمنا كثيرًا جدًا. سنبذل قصارى جهدنا لضمان تحقيق العدالة بحق المشتبه به والاعتناء الجيد بعائلة النائب".

Related فيديو: فرّ على درّاجة.. رجل يفلت من مطاردة دورية لوكالة الهجرة والجمارك في شيكاغومطاردة بوليسية تنتهي بمأساة في ملقة: مقتل أربعة أشخاص بينهم ضابط شرطةمن المحرّض إلى الفاعل.. كيف تتعاون الدول الأوروبية لمطاردة شبكات تجنيد القاصرين؟ توجيه التهم للمشتبه به

من جهته، أفاد المدعي العام لمقاطعة سان برناردينو، جيسون أندرسون، بأن التهم ستُوجَّه خلال اليومين المقبلين للمشتبه به، وتشمل القتل العمد لنائب الشرطة والعنف المنزلي، مع التأكيد على أن التحقيقات ما تزال جارية وأن جميع التفاصيل قيد الدراسة.

وفي مساء يوم الاثنين، أصدرت دائرة الشرطة بيانًا لتكريم خدمة نونيز وتقديم التعازي لعائلته وزملائه وأصدقائه، جاء فيه: "خدم النائب نونيز بتفانٍ وشجاعة وتعاطف عميق مع المجتمع الذي تعهد بحمايته. تعكس شجاعته وتضحيته حياة مكرسة لحماية الآخرين، حتى بأعلى التكاليف. سيظل هذا التفاني محفورًا في قلوبنا إلى الأبد".

وفيات الضباط في الولايات المتحدة

وفقًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، تعتبر هذه الحوادث شائعة في الولايات المتحدة، ففي العام الماضي توفي 107 ضباط أثناء أداء واجبهم، 64 منهم قتلوا عمدًا، غالبًا باستخدام الأسلحة النارية.

ومنذ أن بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في توثيق بيانات وفيات الضباط عام 1996، شهدت هذه الأرقام تقلبات ملحوظة، حيث تراوح العدد السنوي للوفيات بين 76 ضابطًا في عام 2013 (كأدنى مستوى) و146 ضابطًا في عام 2001 (كأعلى مستوى).

كما سُجل اتجاه متصاعد حديثًا، حيث ارتفع عدد الوفيات في عام 2024 بمقدار 13 حالة مقارنة بالعام الذي سبقه (2023).

نوع الوفاة

ومن بين 107 ضباطاً توفوا في عام 2024، لقي 64 منهم حتفهم نتيجة أعمال عدائية عن عمد. وتفصيلاً، جاءت 72٪ من هذه الوفيات نتيجة إصابات ناجمة عن طلقات نارية، بينما وقعت 39٪ من الحوادث أثناء مزاولة مهام روتينية كالاستجابة لبلاغات عن أنشطة غير قانونية أو أثناء توقيف مركبات.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة عنف أسري شرطة الولايات المتحدة الأمريكية عنف أمن اعلان اعلان اخترنا لك مباشر. مقتل 3 فلسطينيين بـ"عملية أمنية" في الضفة الغربية.. ونتنياهو: حماس تنتهك الاتفاق من الأرز الأمريكي إلى مضرب الغولف.. كيف كسبت تاكاتشي ودّ ترامب وأبرمت اتفاقية "عصر ذهبي جديد"؟ هل تقف فرنسا وراء قرار "اليونيفيل" إسقاط مسيّرة إسرائيلية في جنوب لبنان؟ بريطانيا على حافة أزمة عطش: خطر نفاد مياه الشرب بحلول عام 2050 مع تصاعد التحذيرات البيئية بقيمة تتجاوز 10 مليارات دولار.. تركيا توقّع صفقة لشراء 20 مقاتلة "يوروفايتر تايفون" من بريطانيا اعلان اعلان الاكثر قراءة 1 عائلات الرهائن في إسرائيل تدعو إلى تعليق خطة غزة.. وروبيو: تل أبيب لم تنتهك الاتفاق 2 روسيا تختبر صاروخًا نوويًا "فريدًا" بمدى 14 ألف كيلومتر.. تعرف إلى "بوريفيستنيك" 3 صحيفة إسرائيلية تسلط الضوء على "تسونامي الهجرة": موجة غير مسبوقة تكشف تصدعات داخلية 4 مدوّن هندي يكتشف أن مكنسته الذكية تتجسس عليه داخل منزله 5 ليبرمان: نتنياهو كاد أن يفقد أعصابه ويُغمى عليه بعد تصريحات سموتريتش المهينة للسعودية اعلان اعلان

Loader Search

ابحث مفاتيح اليوم

دونالد ترامب غزة إسرائيل حركة حماس فلاديمير بوتين حروب بنيامين نتنياهو جمهورية السودان قوات الدعم السريع - السودان فضاء حماية البيانات الصحة الموضوعات أوروبا العالم الأعمال Green Next الصحة السفر الثقافة فيديو برامج خدمات مباشر نشرة الأخبار الطقس آخر الأخبار تابعونا تطبيقات تطبيقات التواصل الأدوات والخدمات Africanews عرض المزيد حول يورونيوز الخدمات التجارية الشروط والأحكام سياسة الكوكيز سياسة الخصوصية اتصل العمل في يورونيوز صحفيونا لولوجية الويب: غير متوافق تعديل خيارات ملفات الارتباط تابعونا النشرة الإخبارية حقوق الطبع والنشر © يورونيوز 2025

مقالات مشابهة

  • إسرائيل: مشاورات أمنية تنتهي دون قرارات.. الجيش أوصى باستئناف الهجمات على غزة
  • فيديو - مطاردة بسرعة 200 ميل في الساعة تنتهي بتوقيف مشتبه به بقتل شرطي في كاليفورنيا
  • مقال بغارديان: حرب غزة لن تنتهي ما لم تتحقق العدالة
  • أمين عام حزب الله يُعلق على استهداف منزل نتنياهو ودور خامنئي في الحرب مع إسرائيل
  • تنتهي هذا المساء - إسرائيل تلوح بالتصعيد بعد مهلة ترامب لتسليم جثث الأسرى
  • موريشيوس حكاية حب لا تنتهي... الأسباب التي تجعلها عاصمة شهر العسل عالميًا
  • نتنياهو: إسرائيل تتحكم في أمنها وستدافع عن نفسها بقدراتها
  • نتنياهو: إسرائيل حددت "القوات الدولية التي لا تقبلها" في غزة
  • نتنياهو: إسرائيل ستحدد القوات الدولية التي لا نقبل بوجودها