تنويريون يتحرشون بالثوابت ويتواطأون مع الخرافات!!
تاريخ النشر: 30th, October 2025 GMT
كنت قد تناولت في مقالي السابق: (السيسي والتوظيف السياسي لمولد السيد البدوي)، كيف استخدمت السلطة مولد السيد البدوي في ترميم شعبيتها، وتغييب الشعب، وتعجبت في نهاية المقال من دور من يزعمون انتسابهم للتنوير، حيث لاحظنا صمتا غريبا عما يجري، وهي إشارة عابرة، لم أسهب في بيانها، لأن الموضوع كان عن توظيف السلطة، وأشرت في مقالي لتوظيف السلطة لأدعياء التنوير هؤلاء، من خلال صمتهم عن الفئات المساندة للسلطة.
نبهني أحد العلماء الأفاضل، إلى أهمية توضيح هذه النقطة، وهي جديرة بالتوضيح، إذ إنها تكشف عن الموقف الحقيقي للتنويري أو التزويري السلطوي، فقد كشفت مثل هذه الممارسات التي تمارس في الموالد وحول الأضرحة وغيرها، وما يمارسه غير المسلمين من طقوس كذلك عن سقوط مدوي لهم، ونرى صمتهم التام أمام خرافات لا يقبل بها عقل، ولا شرع.
من يتابع الإطلالات الإعلامية، سواء بالكتابة، أو الحديث، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لشخصيات تقدم على أنها رموز تنويرية، سيجد ما يدعونه تنويرا هو في اتجاه واحد: الهجوم على الثوابت، والتشكيك بالسنة النبوية، والتحرش بالثوابت، أو الشعائر الدينية، فتارة يتحدثون مشككين في صحيح البخاري، أو غيره من كتب السنة، لكن التركيز على البخاري، وذلك دون أن يبذلوا أقصى جهد علمي في دراسته دراسة منهجية، أو فهم شروطه في جمع صحيحه، ولو رجعوا لكتب التراث لوجدوا من وجه النقد للبخاري وعمله، لكنه نقد علمي، مبني على أسس علمية، ونابع من التقدير الكبير للسنة النبوية، ولجهد البخاري، ويناقشه من حيث شروطه التي وضعها، ونقدهم هو من باب إكمال جهد البخاري في خدمة السنة، وليس الهدم.
كشف أكاذيب وتناقض أدعياء التنوير، وإبراز هذه الرموز التنويرية الإسلامية هو واجب المرحلة، وهو الرد الكفيل بمواجهة أدعياء التنوير، الذين يتخذونه ذريعة للتحرش بالثوابت، والعبث بتدين المسلمين، تحت دعاوى عديدة، كلها تتهاوى تحت دفاع هؤلاء العلماء.وحين تتأمل كلامهم عن نصوص نبوية، يناقشونها بمنطق نقضي لا نقدي، يلبسونه ثوب النقد العلمي، لتعجبت، وكان يمكن تفهم هذا الفهم الأعوج منهم للسنة، أو لرجالها، لو أن هذا المنهج ممتد على استقامته، فيعالجون قضايا أخرى دينية بنفس المنطق، لكنهم على مستوى الدين، ونقد ثوابته أو قضاياه، هم لا ينتقدون سوى الدين الإسلامي، بينما يصمتون تماما عند تصورات غير المسلمين في قضايا أكثر وضوحا لديهم، فيتكلمون عن قضايا المرأة ونصوص الكتاب والسنة عن المرأة، بينما يصمتون تماما عن حديث الكتاب المقدس عن نفس القضية، أو عن موقف المؤسسة الدينية المسيحية في مصر عن نفس القضية.
فقضية الطلاق مثلا، هي من أسهل القضايا التي تعالج في الإسلام، وقد وضع الفقهاء والنصوص طرقا كثيرة لعلاجها، وعند الحديث عن المرأة المظلومة في الإسلام، في باب الطلاق مثلا، نجد المرأة المسيحية هي نموذج أوضح وفج في الظلم، فهي محرومة من هذا الحق، لكنهم لا يوجهون حديثهم التنويري سوى للموقف الإسلامي، رغم أن بداخله الحلول، ويصمتون تماما، ويتماهون مع الموقف الكنسي!!
وعلى مستوى الدين الإسلامي نفسه، لديهم منهج انتقائي متناقض، فهم يناقشون نصوصا من السنة النبوية مثلا، من باب: أنها مناقضة للعقل، وضد العلم، ففي حديثهم عن حبة البركة، وعن السواك، وعن الأضحية، وأن العلم يتنافى مع هذه السلوكيات، وأن كثيرا من هذه السلوكيات غير حضاري، ولا يتسم بالسلوك السوي.
بينما يرون بأم أعينهم ما يدور ويحدث في الموالد، فأطعمة مكشوفة، وكم من التلوث لا حدود له، وكم من الهرج والمرج، والخرافة، ومسح الأعتاب، وحضور عدد ليس هينا في هذه الخرافات التي لا يقر بها عالم صوفي حقيقي، ولا عالم لا يسلك مسلك التصوف، وفي هذه الخرافات ما يتعارض مع صحيح الإيمان، وما يتعارض مع كل أدبيات العلم والحضارة، سواء في الممارسات الشكلية، من حيث اللبس وما يتسم به من شكل غير مقبول دينيا أو حضاريا، أو من حيث الأداء، لحلقات الذكر والتراقص، وما يحدث من منكرات وخرافات هائلة.
فلا تجد مقالا لأحدهم، ولا إنكارا، ولا رفضا، بل صمت مطبق، بل إن أحدهم وهو إبراهيم عيسى، كتب قصة فيلم، بعنوان: صاحب المقام، وقصته مملوءة بالأساطير والخرافات، والتكريس لها، فعيسى الذي يصدع رؤوس الناس ليل نهار بالتحرش بقضايا دينية، بين الحين والآخر، بغية تصدره التريند، تراه يكتب قصة فيلم عن مقام لأحد الأولياء، وكيف أن شخصا أراد هدمه فتعطلت الآلات، واضطر الرجل ليذهب لأحد الأضرحة ليقرأ رسائل الناس المكتوبة لهذا الولي، ويحاول تحقيقها.
فإذا كان موقف إبراهيم عيسى من هدم الأضرحة هو الرفض، فما موقفه من هدم مقابر آخرين قام بالهدم هنا السيسي، وليس رجل أعمال، لن تجد له رأيا، ولن تجد له موقفا، فإزالة تاريخ مصر المملوكية، وهدم مقابر، لا تحوي فقط رفات شخصيات تاريخية، بل أيضا تحوي كما من الفنون التي تعد شاهدا على مرحلة تاريخية، يصمت لأن السلطة هي التي قامت بذلك، ولكنه يروج للخرافة والأسطورة في سياق آخر، السياق الدرامي، ومطلوب من المشاهد والقارئ في كل الحالات أن يقتنع بوجهة نظر هؤلاء أدعياء التنوير، الذين يريدون تحويل الثوابت الدينية، أو القضايا الدينية إلى خرافة، وتحويل الخرافة إلى صمت، أو حقيقة، فباسم التنوير يتم التحرش بالسنة والثوابت، وباسم الفن يروج للخرافة، إما بالحديث المباشر، أو بالصمت عما يقوم به أهل الخرافة، لأن البوصلة هنا السلطة، وليس التنوير الحقيقي.
تستطيع أن تقيس عدة قضايا أخرى على نفس المنوال، أردت فقط أن أضرب مثالا بما قام به إبراهيم عيسى، وما يقال عنه يقال عن بقية النماذج، فهم وقحاء في الحديث عن الثوابت، وأكثر وقاحة في حديثهم عن السنة وكتبها، دون علم بها، بينما لديهم قدر أكثر من الوقاحة بالتواطؤ أو التطبيع مع الخرافة، لو كان لها علاقة بالسلطة، أو الخوف من جماهير الخرافة.
ولذا كان من أكثر الأمور التي وفق الله إليها الدكتور محمد عمارة، أن قام بإنشاء سلسلة من الكتب نشرتها دار نهضة مصر، بعنوان: التنوير الإسلامي، وأصل للتنوير، لأن أصله في سورة النور: (الله نور السماوات والأرض)، والإسلام دين النور، والتنوير، وفق ضوابط الشرع، واستكتب في هذه السلسلة الدكتور عمارة، عددا من العلماء الكبار، ليبرهن على أن رموز التنوير الحقيقي هم علماء الإسلام ومفكروه الأصلاء، الذين يجمعون بين الأصالة والمعاصرة، الذين يتمسكون بالثوابت، وينافحون عنها، ويرفضون الخرافة والأساطير، وما أكثرهم في هذه الأمة، في مصر وخارجها، ولذا وسع عمارة الدائرة، فنشر عدة رسائل وكتب، لمصريين وغيرهم، ليبرهن على أن التنوير الإسلامي لا يخلو منه قطر عربي أو مسلم.
فكشف أكاذيب وتناقض أدعياء التنوير، وإبراز هذه الرموز التنويرية الإسلامية هو واجب المرحلة، وهو الرد الكفيل بمواجهة أدعياء التنوير، الذين يتخذونه ذريعة للتحرش بالثوابت، والعبث بتدين المسلمين، تحت دعاوى عديدة، كلها تتهاوى تحت دفاع هؤلاء العلماء.
[email protected]
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء مصر مصر رأي رموز دينية قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی هذه
إقرأ أيضاً:
«التعاون الإسلامي» تناشد السودانيين بضرورة الحوار
الرياض (وكالات)
أخبار ذات صلةجددت منظمة التعاون الإسلامي، أمس، مناشدتها إلى الفرقاء السودانيين بأهمية الحوار بهدف التوصل إلى هدنة لوقف دائم لإطلاق النار. وأعربت المنظمة، التي تتخذ من جدة مقراً لها، في بيان أمس، عن بالغ قلقها إزاء التطورات الأخيرة في جمهورية السودان.
ودعت المنظمة، التي تضم في عضويتها 57 دولة مسلمة، إلى الالتزام الصارم بالقانون الإنساني الدولي، وضمان حماية المدنيين، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين دون عوائق، وشددت على أهمية احترام أحكام إعلان جدة الموقع في 11 مايو 2023.
وجددت المنظمة مناشدتها بأهمية الحوار بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية عاجلة تمهيداً لوقف شامل ودائم لإطلاق النار، بما يسهم في حماية أرواح المدنيين، ورفع المعاناة عن الشعب السوداني، وصون وحدة السودان وسيادته وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه.
وفي وقت سابق، سيطرت قوات الدعم السريع على الفاشر، آخر مدينة رئيسة في إقليم دارفور الغربي كانت لا تزال تحت سيطرة الجيش. وقال الجيش إنه انسحب من المدينة، التي يقطنها نحو 300 ألف شخص، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
وقتل نحو 20 ألف شخص، فضلاً عن أكثر من 15 مليون نازح ولاجئ، جراء الحرب المتواصلة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ أبريل 2023، وفق تقارير أممية ومحلية، بينما قدرت دراسة جامعية أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفاً.