الذرائع الواهية.. والسيكولوجية المتجذرة
تاريخ النشر: 1st, November 2025 GMT
محمد بن رامس الرواس
لم تعد السردية الفلسطينية في الغرب موضوعًا للنقاش بين من يصدقها ومن ينكرها؛ فالعالَم بأسره شاهد على التلفاز مباشرة وعبر وسائل التواصل، ورأى بعينيه ما يجري في غزة، لا عبر روايات متنازع عليها، فشاهد الأحداث حيّة نقلتها له وسائل الإعلام، فأسقط ذلك السردية الصهيونية المزيفة وفضح زيفها وكشف الحقيقة بلا قيود.
لقد كشفت حرب غزة المشروع الصهيوني بفلسطين، وكشفت عن أيديولوجيا استعمارية قائمة على الإبادة والتهجير والقوة العمياء، لا على القيم الإنسانية ولا على شعارات الحرية والديمقراطية التي طالما تسترت بها إسرائيل لتخدع العالم الذي عرف الحقائق بدون زيف.
التاريخ كما يقولون خير مُعلم، ولمن أراد أن يدرس السيكولوجية اليهودية التي يمارسونها على مر العصور فعليه أن يشاهد ما يحدث في غزة، فما إن توقفت الحرب بغزة حتى بدأت الأذرع السياسية بدولة الكيان الإسرائيلي البحث عن ذرائع واهية لضمان استمرار دائرة العنف.
حيث تعتبر قضية استرداد جثث موتى جيش الاحتلال الإسرائيلي "قضية الساعة" التي تُستغل للضغط والتصعيد، لكن الواقع على الأرض يُشير إلى تعقيدات هائلة لا يكترث بها الجانب الإسرائيلي لأنه لا يريد الانتقال إلى المرحلة التالية من الهدنة والصفقة التي تمت بين حماس وإسرائيل. الجثث لا توجد في مكان واحد؛ بل هي منتشرة بالعديد من الأماكن المتباعدة في قطاع غزة؛ بل وأكثر من ذلك بعضها في الأماكن التي تسيطر عليها قوات الاحتلال الإسرائيلي من خلال تمركزها في 40 موقعًا بغزة.
وما يزيد الأمر صعوبة هو أن القصف الإسرائيلي خلال فترة الحرب قد أودى بحياة العديد من الأسر الفلسطينية التي كانت تحرس هذه الجثث، كما دُمّرت الآلة الحربية الصهيونية العديد من المنازل التي كانت بها بعض هذه الجثث وتحولت اليوم إلى ركام، وبرغم هذه الظروف القاهرة التي تستدعي وقتا وجهدا مضاعفا، لا تنظر دولة الاحتلال إلى هذه التعقيدات، بل تُصر على تنفيذ تسليمها الأسرى في أسرع وقت، وكأنها عملية لوجستية بسيطة.
ومن المفارقات أن يطالب الكيان الإسرائيلي بسرعة التسليم، وهو في الوقت ذاته يشارك في عدم تسهيل مهمة البحث عن هؤلاء الأسرى، الذين هم في الأصل أسرى صهاينة سيتم تسليمهم إليهم، هذا الإصرار على العناد والتجاهل للواقع هو محرك أساسي للسلوك الراهن للبحث عن إيجاد الذرائع لاستئناف الحرب.
إن قرار الحرب ووقف إطلاق النار له مواثيق وعهود والتزامات وشروط تمت في مؤتمر دولي شهده رؤساء وقادة وممثلو أكثر من 20 دولة في شرم الشيخ، جاؤوا كشهود ومنهم الضامنون لوقف الحرب، لكن برغم الإجماع الدولي والتعهدات الواضحة، لا يزال الكيان الإسرائيلي يبحث عن الأعذار الواهية للعودة للحرب ومحاولة التنصل منه بذرائع واهية.
يُظهر لنا التاريخ أن التشبث بالأعذار الواهية، أداة إسرائيلية مُستخدمة عبر العصور لتبرير العدوان بجانب التنصل من الالتزامات والعهود والمواثيق فالبحث المستمر عن ذريعة العودة للقصف هو تكتيك يهدف إلى إبقاء المنطقة تحت ضغط دائم.
إنَّ المجتمع الدولي والضامنين في مؤتمر شرم الشيخ مطالبون اليوم بوقفة حازمة لوقف هذا العناد والتنصل من العهود، قبل أن تُعيد الأكاذيب والأعذار الواهية المنطقة إلى مربع الصراع الدموي المقيت الذي يرفضه المجتمع الدولي.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إسرائيل: الجثث التي سلمتها حماس ليست لأسرى إسرائيليين.. وحماس تعلق
القدس المحتلة -الوكالات
قالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن الجثث التي سلمتها حماس لإسرائيل أمس ليست لأسرى إسرائيليين.
وفي وقت سباق قالت هيئة البث الإسرائيلية إن الصليب الأحمر سلم الجيش رفات 3 أسرى، حيث جرى نقلها إلى معهد الطب الشرعي لإجراء الفحوص اللازمة للتعرف على هوياتهم، واستدركت "لكنه لا يزال من غير الواضح بعد، ما إذا كانت هذه الرفات تعود إلى جثث أسرى إسرائيليين من بين الأسرى الـ11 الذين ما زالوا في غزة".
وبدورها، أشارت القناة الـ13 الإسرائيلية إلى أن حركة حماس أبلغت الصليب الأحمر بأنها لا تعرف أصحاب هذه الجثث، لكنها اقترحت أن تقوم إسرائيل بفحصها.