بعد إنقاذه من الإعدام بساعات.. نقل سجين إلى المستشفى إثر فقدانه الوعي
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
بعد ساعات فقط من صدور قرار حاكم ولاية أوكلاهوما كيفن ستيت، بتخفيف عقوبته إلى السجن المؤبد دون إفراج مشروط وإنقاذه من تنفيذ حكم الإعدام بالحقنة المميتة، تعرّض سجين أميركي لوعكة صحية مفاجئة.
إدارة الإصلاحيات في الولاية أكدت أن الحراس عثروا على تريمان وود (46 عاما)، فاقد الوعي داخل زنزانته خلال فحص روتيني مساء اليوم الذي صدر فيه أمر العفو.
وقالت المتحدثة باسم الإدارة، كاي طومسون، إن الفحوص الأولية تشير إلى أن الجفاف والإجهاد كانا السبب وراء فقدانه الوعي، مضيفة أن حالته أصبحت مستقرة بعد تلقي العلاج.
وفي تسجيل صوتي نشرته الإدارة، قال وود إنه كان بمفرده في الزنزانة عندما شعر بالدوار واستلقى، مرجحا أنه سقط من فوق السرير لحظة فقدانه الوعي.
العفو قبل ساعات من الإعداموكان من المقرر إعدام وود بتهمة المشاركة في قتل الشاب روني ويبف (19 عاما) أثناء محاولة سطو على فندق في أوكلاهوما مطلع عام 2002. وقبل موعد تنفيذ الحكم بساعات فقط، أعلن الحاكم كيفن ستيت قبوله توصية مجلس العفو والإفراج المشروط بتخفيف العقوبة إلى السجن المؤبد دون إمكانية الإفراج.
وقال ستيت في بيانه، "بعد مراجعة شاملة للحقائق وتأمل عميق، قررت تخفيف عقوبة تريمان وود إلى المؤبد دون إفراج مشروط".
ونصّ قرار الحاكم على أن السجين لن يكون مؤهلا لأي عفو أو تخفيف حكم أو إفراج مشروط مدى الحياة.
وضع معقّد واعترافات متأخرةورغم عدم إنكار وود مشاركته في عملية السطو، يقول فريق الدفاع إن شقيقه الراحل زغيتون وود هو من نفذ الطعن، وقد اعترف بذلك أمام عدة أشخاص قبل وفاته في السجن عام 2019. فيما وصف الدفاع محاكمة وود عام 2002 بأنها شابها "قصور قانوني"، وأشار إلى أن الادعاء أخفى عن المحلّفين معلومات حول مزايا حصل عليها بعض الشهود.
أما المدعون العامون، فرسموا صورة مغايرة تماما، مؤكدين أن وود واصل داخل السجن ممارسة أنشطة عصابية، وبيع المخدرات، واستخدام هواتف مهربة، والتحريض على الاعتداء على نزلاء آخرين.
إعلانوخلال جلسة العفو، قال وود عبر الفيديو، "أنا مذنب بسرقة، لكنني لست قاتلا. لم أكن كذلك، ولن أكون كذلك يوما".
من جانبه، أبدى المدعي العام لولاية أوكلاهوما، جينتنر دروموند، استياءه من القرار، قائلا "أشعر بخيبة أمل لهذا العفو، لكنني أحترم قرار الحاكم".
أما محامية وود، أماندا باس كاسترو ألفيس، فرحّبت بدورها قائلة إن القرار "يلبي رغبات أسرة الضحية والناجي الوحيد من الحادث، ويمنح العائلتين شيئا من السكينة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات
إقرأ أيضاً:
حصون الوعيِ
أحمد الضبيبي
بعدَ أن تجلَّتْ معالمُ النصرِ المؤزَّرِ في مسرح العملياتِ الكُبرى، وبعدَ أن اضطلعتْ قواتُنا المسلحةُ الباسلةُ بدورِها المحوريِّ والتاريخيِّ في تحصينِ الثغورِ الجغرافيةِ للوطنِ وكبحِ جماحِ أي غُلُوٍّ خارجيٍّ يسعى لتدنيسِ حياضِه واحتلاله، وبَعدَ أن أرستْ وزارةُ الداخليةِ وأجهزتُها الأمنيةُ قواعدَ الأمنِ الصُّلبةِ، مُحكِمةً قبضةَ الحديدِ والنارِ على الجبهةِ الداخليةِ، حَيثُ سُحقتِ العناصرُ التخريبيةُ واقتُلِعَتْ جذورُ الفتنةِ من مَنابتِها.
لقد تكلَّلَ هذا الجهدُ النوعيُّ بالقبض على خلايا التجسُّسِ المُنظَّمةِ والمُرتبطةِ بالشيطان الأكبر وأجندته الهدّامةِ، ممّا أفضى إلى إجهاض مخطّطاتِه الجهنَّميةِ في التآمُرِ والزَّعزعة.
إنَّ هذا الاستحقاق الأمنيَّ والعسكريَّ المهيب يفرضُ علينا اليوم، كنسيجٍ اجتماعيٍّ مُتراصٍّ وشعبٍ واعٍ ومُدرِكٍ لخطورةِ المرحلةِ، مسؤوليةً مُضاعفةً وواجبًا مُقدَّسًا: وهو الانتقال من مرحلةِ الدفاعِ الجغرافيِّ إلى مرحلةِ التحصينِ الذاتيِّ والتدريع المنهجيِّ لبيئتِنا المحيطةِ من مخاطرِ حربِ العدوّ القادمةِ.
لقد غيَّرَ الصراعُ مع العدوّ وَجهَهُ بشكلٍ حاسمٍ؛ إذ تحوَّل القتالُ من المدفعيةِ الثقيلةِ إلى المعلومةِ المُبهمةِ؛ فأصبح لزامًا على الفردِ أن يكونَ هو الحارس الأمينَ وخطَّ الدفاع الأخير، مُستشعرًا أنَّ الوَعي هو السلاحُ الأفتكُ في المواجهةِ الشاملة ضدَّ الخطر السَيبرانيِّ والاستخباريِّ الذي يتربَّصُ بنا.
لقد وَلَجنا مرحلةً تَغدو فيها المواجهةُ أشدَّ وَطأةً وأعظم رِفعةً في سُلَّمِ المسؤوليةِ، حَيثُ تتجلَّى التكنولوجيا الاصطناعيةُ كالبوابةِ الكُبرى لاختراق الخصوصياتِ، وإنّها لَفِتنةٌ تُغري، ولكنّها تُخفي جاسوسًا مُترصِّدًا، يُجاورُنا في كُـلّ رُكن.
وهُنا يتعيَّنُ أن تكون اليَقظةُ الأمنيةُ درعًا حصينًا، فلا عُذر في الرِّهان على الجَهلِ بحقيقة هذه الأدَاة ذاتِ الوجهَينِ، فعدمُ الوَعي بخطرِها هو تَبديدٌ لِمَناعةِ الصَّرح.
وعلى الرغمِ من التحالُفِ الكَونيِّ في محاربتِنا، يَتوجَّبُ علينا أن نرقى لمستوى التحدِّي الجسيمِ من خلالِ صَقلِ وَعيِ شعبِنا وأمَّتِنا، وهو عُمدةُ المَسيرةِ والبوابةُ الذهبيةُ التي سنَعبرُ منها إلى التحصينِ المَنيعِ والارتقاء الحضاريِّ، وإنَّ تحصينَ كُـلّ جبهاتِنا لا يتحقّق إلّا بقوةِ وَعيٍ وحِسٍّ أمنيٍّ يتَّسِمُ بالبَأسِ الشديدِ.
لم تَعُد ميادينُ النِّزال محصورةً في خنادق الحروبِ التقليديةِ، بل امتدَّت لتَخوض صراعًا أثيريًّا يُعنَى بالعقولِ والأسرارِ، وإنَّ الساحةَ المعاصرةَ للصراعِ هي ساحةُ الوَعيِ والمعلومات، والمعركةُ التي نخوضُها اليومَ ليستْ مُجَـرّد مواجهةٍ عابرةٍ، بل هي تجسيدٌ حاسمٌ لمبدأِ الاستخباراتِ العكسيةِ أَو الاستخباراتِ المضادَّةِ، هذه المعركةُ هي اشتباك فكريٌّ ومعرفيٌّ غايتُه تحصينُ الذاتِ وإجهاض المخطّطاتِ الخبيثةِ للعدوِّ التجسُّسيِّ والاستخباريِّ.
إنَّ أولى عَتَبَاتِ النصر تبدأُ بفَكِّ شفرةِ الأجندة العدائيةِ واستكشافِ مَكامِن الخطر، فالمواجهةُ اليوم هي بامتيَاز نِدِّيَّةٌ معرفيةٌ تتطلبُ الإحاطةَ الكاملةَ بطُرق عمل الخصمِ وآلياتِه المُتقَنةِ، ويجبُ علينا تأمُّلُ المشهد بعُمقٍ ثاقبٍ، لفَهمِ كيفَ يقومُ العدوّ بتنسيقِ خيوطِ مُؤامراتِه وإحكامِ قَبضتِه على المعلوماتِ الحسَّاسةِ، فالأمرُ يتجاوزُ المراقبةَ التقليديةَ لِيُصبحَ تَوغُّلًا مُمنهجًا يستهدفُ صَميمَ كيانِنا العمليِّ والشخصيِّ.
وفي السياقِ ذاته أصبح الهدفُ الأسمى للمعركةِ الحاليةِ هو اكتشاف الوسائل المُستخدَمةِ، سواءٌ كانتْ أدوات عتيقةً متوارَثةً في فُنونِ التجسُّسِ، أَو تقنياتٍ ناشئةً ومُبتكَرةً، وإنَّ هذا الكشفَ ليس مُجَـرّد ردَّ فعلٍ، بل هو جُزءٌ أصيلٌ من استراتيجيةِ الرَّدعِ الاستباقيِّ التي تهدفُ إلى شَلِّ حركةِ العدوّ قبلَ أن يَتمكّن من إرساءِ قواعدِه التخريبية.
لقد أصبح الرِّهان الأعظم والمُدخل الأخطر إلى خصوصيتِنا هو الثورةُ التكنولوجيةُ بحدِّ ذاتِها، وتحديدًا أدوات الذكاءِ الاصطناعيِّ التجسُّسيةُ، إنَّ هذه الأدوات ليستْ مُجَـرّد برامجَ صامتةٍ، بل هي أَذْرُعٌ رقميةٌ مُتغلغِلةٌ تتمتَّعُ بقدرةٍ فائقةٍ على الاختراق والتحليل العميقِ للبياناتِ، وحجمُ المعركةِ يَتَعاظَمُ والمسؤوليةُ تَتفاقَمُ كلَّما ازدادَ اعتمادنا على هذه التقنياتِ.
ويجب أن ننظرَ إلى الجهازِ التكنولوجيِّ الذي نَحمِلُه بينَ أيدينا كـ”جاسوسٍ مُتَنقِّلٍ” كامنٍ في بيوتِنا ومكاتبِنا، هذا الجاسوسُ يعمل بـسُلطةٍ مُطلقةٍ في جمع المعلوماتِ، سواءٌ كُنّا نُدرِكُ عواقبَ استخدامه أم لا، وأن نحذر هذا المدخلَ التكنولوجيَّ، واخشَ أن تجهل أساليب استخدامه، سواءٌ كان ذلك بعلمٍ مُبَيَّتٍ أَو بِجَهلٍ غيرِ مقصودٍ.
المواجهةُ الآن تَتّخذُ بُعدًا كونيًّا ومحليًّا، حَيثُ تكونُ في أعلى المستوياتِ العملياتيةِ أَو حتى في دائرةِ المُقرَّبين والأهلِ، ممَّن قد يُستخدَمونَ كـبَوّاباتِ عُبورٍ غيرِ واعيةٍ للبياناتِ.
إنَّ الحصنَ المَنيع في هذه الحربِ غيرِ المرئية هو الانضباط اللغويُّ وحِكمةُ الصَّمتِ، وإنَّ لُغةَ الحذرِ هي دِرعُنا الواقي ضدَّ التسريب غير المقصودِ، وهُنا يَكمُنُ صَميمُ التكتيكِ الدفاعيِّ، لا تَتحدثْ بما تَعرِفُ مع كُـلّ مَن لا تَربطُه صِلةٌ مُباشرةٌ ومُصرَّحٌ بها بِسياقِ الموضوعِ، كُـلّ هَفوةٍ لفظيةٍ، كُـلّ كلمةٍ منطوقةٍ سَهوًا، سواءٌ كانت داخل سياقٍ مِهنيٍّ دقيقٍ أَو خارج حديثٍ عابرٍ، هي بمثابةِ “مادَّةٍ خامٍّ ثمينةٍ” للعدوِّ، هناك دائمًا “المُلتَقِطُ اليَقِظُ” الذي يعملُ بـدهاءٍ وتحليلٍ مُتناهٍ، يلتقِطون هذه الشَّذَرات، يُحلِّلونَ دلالاتها الكامنةَ، ويربطونَها بخيوط المعلوماتِ المُبعثَرةِ، ليتمكّنوا في نهاية المطاف من إكمال نقاط النَّقص في مهمَّتِهم الاستخبارية.
إنَّ هذه الكلماتِ المُنبعثةِ هي جُسورٌ للعبور يستطيعونَ من خلالِها الوصولَ لأبواب مُحكَمةِ الإغلاق واكتشاف آخرين يُشكِّلونَ هدفًا لمخطّطاتِهم، إنّها أهميّة التأمُّل في المنطوقِ وَوَزْنِ الكلماتِ بميزانٍ من ذَهَبٍ.
وفي الختامِ يَبقى هذا النضالُ الشاقُّ، في لُغتِنا الأكثر بساطةً، هو ما يُعرَفُ بـ”الاستخباراتِ العكسيةِ” أَو “الاستخباراتِ المُضادَّةِ”، وإنّها ليستْ مُجَـرّد دفاعٍ، بل هي مُبادرةٌ استراتيجيةٌ تهدفُ إلى إحباط، تضليلِ، وتفكيكِ نشاطات أجهزةِ التجسُّس المعادية في معركةِ وَعيٍ شاملةٍ تتطلَّبُ يَقظةً مُتأصِّلةً، وفهمًا عميقًا لتغيُّراتِ العصرِ، وتطبيقًا صارمًا لمبدأِ التحصين اللغويِّ والرقميِّ.
فلنكن جميعًا الحُرّاس الأُمناءَ على سِرِّنا ومستقبلِنا، وكلُّ مِنّا جَبهةٌ لا تُخترَقُ.