جون أفريك: مشروع نفق جبل طارق حلم لا يزال حاضرا
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
في تقرير لمجلة "جون أفريك" الفرنسية، يعرض الكاتب بلال مسجد خلفية تاريخية وطموحا متجددا لمشروع نفق جبل طارق الذي يهدف إلى ربط المغرب بإسبانيا عبر نفق للسكك الحديدية.
ويشير الكاتب إلى أن هذا المشروع، الذي يعود إلى عام 1979 حين اتفق ملك المغرب الراحل الحسن الثاني والملك خوان كارلوس، ملك إسبانيا على إطلاقه، كان يُنظر إليه منذ البداية باعتباره خطوة إستراتيجية لربط أفريقيا بأوروبا وتعزيز المبادلات التجارية بين ضفتي البحر المتوسط.
وعلى الرغم من التحديات الجيولوجية الهائلة التي واجهت المشروع منذ العقود الأولى، فقد ظل حاضرا في النقاشات السياسية والهندسية لدى البلدين.
وذكر التقرير أن الدراسة التقنية الجديدة التي أنجزتها شركة "هيرنكنيشت" الألمانية لصالح الحكومة الإسبانية أعادت إحياء النقاش، إذ أكدت للمرة الأولى إمكانية تنفيذ النفق من الناحية التقنية، على الرغم من التعقيدات المرتبطة بالعمق الكبير لمضيق جبل طارق وطبيعة تربته غير المستقرة.
ووفق ما نشرته صحيفة "فوز بوبولي" الإسبانية، فإن مرحلة التنفيذ الفعلية قد تبدأ في حدود عام 2030، بالتزامن مع استضافة المغرب وإسبانيا لكأس العالم.
قيمة إستراتيجيةونقل الكاتب عن جيلالي شفيق، أحد أبرز مهندسي المشروع والمستشار السابق للديوان الملكي، تأكيده منذ عقود أن النفق سيكون ذا قيمة إستراتيجية كبرى، إذ يجعل إسبانيا بوابة أوروبا والمغرب امتدادا طبيعيا للقارة الأفريقية.
ومع ذلك، يقر شفيق بأن المشروع واجه صعوبات تقنية غير مسبوقة، أبرزها التشققات الجيولوجية وغياب أرضية صخرية صلبة، على عكس ما كان عليه الوضع في نفق المانش بين بريطانيا وفرنسا.
وعلى الرغم من هذه التحديات، يقول التقرير: يصر مطورو المشروع على الاستمرار، معتبرين أن الحل يكمن في إنشاء نفق استطلاع استكشافي قد تبلغ تكلفته مليار دولار للتحقق من صلاحية المنطقة.
إعلان الحاجة لدراسات معمقةغير أن ارتفاع التكلفة يمثل العقبة الأكبر، إذ تُقدّر الكلفة الإجمالية للنفق بـ8.5 مليارات دولار، ما يستدعي دراسات مالية معمّقة لتحديد جدوى المشروع الاقتصادية وجاذبيته للمستثمرين.
وعلى الرغم من التحديات التقنية والمالية، يبقى المشروع من وجهة نظر داعميه فرصة إستراتيجية فريدة قد تغيّر مستقبل الربط بين أفريقيا وأوروبا، وتفتح آفاقا جديدة للتعاون المغربي الإسباني إذا توفرت الإرادة السياسية والتمويل الكافي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات على الرغم من
إقرأ أيضاً:
غزة الجديدة: مشروع أمريكي بأدوات صهيونية وتواطؤ عربي
وتشير المعطيات المتداولة في وسائل إعلام أمريكية وصهيونية إلى أن الخطة تعتمد على تقسيم قطاع غزة إلى منطقتين، عبر ما يسمى الخط الأصفر الذي يفصل القطاع إلى قسم شرقي تحت سيطرة قوات العدو الصهيوني، وقسم غربي يخضع للفلسطينيين، في مشهد يشبه جدار برلين الذي قسم أوروبا لعقود طويلة.
وبحسب صحيفة هآرتس الصهيونية، فإن الخط الأصفر يمثل حجر الأساس في مشروع غزة الجديدة، إذ يجري العمل على تحويله إلى حدود فعلية تفصل بين ما يُسمى “غزة الجديدة وغزة القديمة”، فيما تضغط واشنطن للمضي قدماً في تطبيق هذه الخارطة، رغم عدم إعلان أي جدول زمني رسمي للخطة. وتشير الصحيفة إلى أن المرحلة الأولى من المشروع تبدأ من إعادة إعمار رفح بوصفها نقطة الارتكاز الأولى لإعادة تشكيل القطاع وفق الرؤية الأمريكية.
وفي سياق متصل، كشفت هآرتس أن الخطة الأمريكية حصلت على موافقة حكومة العدو الصهيوني خلال محادثات جرت بشكل سري، وبعيداً عن إطار المفاوضات الخاصة بوقف إطلاق النار في غزة، ودون إشراك المؤسسات الأمنية الصهيونية أو العسكرية في تفاصيل المشروع.
وتؤكد الصحيفة أن الأطراف الدولية التي تلعب دور الوساطة لا تُبدي استعداداً لتولي إدارة غزة القديمة، ما يكشف حجم التواطؤ الإقليمي والدولي في تمرير المخطط بعيداً عن أي غطاء قانوني أو وطني فلسطيني.
كما نقلت الصحيفة عن مسؤولين صهاينة قولهم إن الجهات الأمنية لم يُطلب منها تقديم تقييمات أو تحذيرات حول تبعات الخطوات الجذرية التي تنوي الولايات المتحدة، ومعها مصر وقطر وتركيا، تنفيذها في قطاع غزة، ما يعكس أن المشروع يتم تسييره من دوائر سياسية عليا تتجاوز حتى مؤسسات العدو الداخلية، وهو ما يكشف حجم التوظيف الأمريكي للعدو باعتباره الأداة التنفيذية للمخطط.
أما صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الصهيونية فقد أكدت أن الخطة الأمريكية تتضمن مقترحاً لنقل نحو مليون فلسطيني "أي ما يقارب نصف سكان قطاع غزة" إلى مناطق مخصصة لإعادة الإعمار شرقي الخط الأصفر، وخاصة في رفح، وذلك حتى قبل الانسحاب الكامل لقوات العدو من تلك المناطق.
ويثير هذا السيناريو مخاوف واسعة من أن يكون جوهر المخطط قائماً على التهجير القسري وإعادة توزيع السكان بما يضمن تغييرات ديمغرافية طويلة الأمد.
وفي اتجاه موازٍ، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن عمليات بناء متواصلة لتحصينات عسكرية صهيونية على طول الخط الأصفر، في خطوات تكرّس وجوداً دائماً لقوات العدو داخل القطاع، وسط إصرار أمريكي على تحويل تلك المنطقة إلى ما يشبه “حدود أمنية صلبة”، بما يعزز فرضية أن المشروع يحمل ملامح احتلال دائم للجزء الشرقي من غزة تحت غطاء دولي.
وتشير مصادر أمريكية وصهيونية إلى أن المقترحات البديلة المطروحة تتضمن إنشاء حكومة انتقالية خاضعة مباشرة للإدارة الأمريكية، تتولى إدارة غزة لعدة سنوات، إلى جانب مشاريع اقتصادية ضخمة تشمل تحويل أجزاء من القطاع إلى مدينة تكنولوجية أو سياحية، وفقا لما نقلته وكالة رويترز، بينما كشفت تسريبات عن أن الرئيس الأمريكي، المجرم ترامب، تقدّم باقتراح يقضي بإقامة إدارة أمريكية مؤقتة للقطاع، تمهد لاحقاً لمخططات إعادة الإعمار وفق رؤية سياسية مشروطة.
ويرى خبراء في القانون الدولي أن مشروع غزة الجديدة، بمضمونه العسكري والديمغرافي والسياسي، يندرج ضمن جرائم التهجير القسري وتغيير التركيبة السكانية بالقوة، وهي انتهاكات صريحة للقانون الدولي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
ويحذر الخبراء من أن أي إعادة انتشار للسكان أو إعادة رسم للجغرافيا تحت الاحتلال، أو في ظل وجود عسكري مفروض بالقوة، يشكل خرقاً خطيراً لاتفاقيات جنيف وميثاق روما.
ويؤكد محللون أن المخطط الأمريكي الصهيوني، المعلن منه والمخفي، يستهدف القضاء على وحدة غزة الجغرافية والسياسية، وتحويلها إلى كانتونات ضعيفة خاضعة لإدارة أمنية أمريكية إسرائيلية غير مباشرة، مع محاولة تهيئة الرأي العام العربي والإسلامي لقبول هذا الواقع عبر تسويق الخطة كـ“مشروع إعادة إعمار”، رغم أنها في حقيقتها إعادة إنتاج للاحتلال بصيغة جديدة.
وإزاء هذا المشهد تتصاعد التحذيرات الفلسطينية والإقليمية من أن غزة الجديدة ليست مشروع إعمار ولا رؤية سلام، بل هي خطوة استراتيجية لشرعنة التقسيم، ودفن القضية الفلسطينية، وتكريس الهيمنة الصهيونية عبر أدوات أمريكية ودعم عربي صامت، وهي خطوة تأتي في سياق حرب ممتدة تسعى لفرض وقائع على الأرض قبل أي مسار سياسي، وبما يخدم أجندة العدو في إعادة ترتيب غزة بما يتناسب مع أطماعه الأمنية والعسكرية.