عربي21:
2025-11-16@18:39:16 GMT

الشرائط الحمراء.. صرخةُ حريةٍ لأجل الرهائن الفلسطينيين

تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT

في شوارع ويستمنستر وسط لندن، وبين الزحام الصامت للمدينة، لفتتني شرائط حمراء معلّقة على الأعمدة والأسوار. ليست إعلانا تجاريا ولا ملصقا سياسيا؛ بل إشارة رمزية مكثفة، عفوية في حضورها، قوية في معناها، أعادت إلى الواجهة وجوها غابت طويلا خلف جدران السجون: الرهائن الفلسطينيين الذين اختطفهم الاحتلال من مستشفياتهم وبيوتهم، وتركهم بلا محاكمة، في مشهد لا يشبه سوى منطق الغابة.



هذه الشرائط بدت كأنها محاولة فردية، أو سلسلة مبادرات صغيرة، تحاول أن تقول للعالم شيئا بسيطا ومهملا في آن: إن ملف الرهائن الفلسطينيين ما يزال غارقا في الظل، رغم أنه أحد أكثر الملفات امتلاء بالقصص الإنسانية، ولأنه يضم آلاف الأشخاص الذين جرى اقتلاعهم من حياتهم بلا تهمة وبلا مسار قضائي واضح.

ومن بين نحو 9,100 معتقل فلسطيني، يُقدّر أن ثلثهم تقريبا يُعاملون فعليا كرهائن؛ خُطفوا ولم يُقدَّم لهم أي حق قانوني أو ضمانة قضائية.

لغة يجب أن تستعيد معناها

لفترة طويلة جرى استخدام كلمة "أسير" بوصفها توصيفا عاما، لكن ما يقوم به الاحتلال منذ سنوات لا يشبه الاعتقال، بل أقرب إلى الاختطاف: أشخاص يُسحبون من بيوتهم أو من غرف العلاج، ويختفون لفترات غير محددة، بلا لوائح اتهام، ولا محاكمات، ولا حتى الحد الأدنى من الإجراءات القانونية.

والأرقام وحدها تكشف حجم المأساة:

• 3,544 معتقلا إداريا بلا محاكمة.

• 400 طفل.

• 53 امرأة.

• 16 طبيبا.

• واستشهاد 117 رهينة خلال العامين الأخيرين، بالتزامن مع الإبادة في غزة.

هؤلاء لا يمكن وصفهم إلا بأنهم رهائن، لأن لغة القانون لا تنطبق عليهم، والاحتلال نفسه يتعامل معهم على هذا الأساس، فضلا أن وجود هذه الدولة من الأساس غير قانوني.

الأحمر.. لونٌ يذكّر لا يجمّل

اختيار اللون الأحمر لا يحتاج شرحا مطولا، هو اللون الذي يعبّر عن الدم الذي سال، وعن الظلم الذي وقع، وعن الألم الذي لم يتوقف. وحين تتدلى الشرائط على أعمدة مدينة مثل لندن، فإنها تحاول، ولو بصمت، أن تنقل للعالم سؤالا مباشرا: كيف يمكن لآلاف الأشخاص أن يُختطفوا هكذا، ويظل العالم عاجزا عن رؤيتهم؟

ليس المطلوب أن يقود كل إنسان حملة، ولا أن يتحول الجميع إلى ناشطين؛ يكفي الاعتراف بأن هذا الملف يحتاج إلى تبنٍّ أوسع، وإلى تفاعل حقيقي، لأن خلف كل رقم إنسان يعيش عذابا يوميا، وأسرة تبحث عنه، وأطفالا يكبرون في غيابه.

قصص معلّقة على الأعمدة.. كي لا يسقطها النسيان

الشرائط الحمراء أعادت إلى مخيلتي تلك القصص التي تفيض بالتفاصيل الموجعة:

• الطفل الذي أُخذ من فراشه لأن الجنود اعتبروا أنه "يشكل تهديدا"..

• المرأة التي اقتيدت أمام أبنائها..

• الطبيب الذي اختفى من غرفة العمليات ولم يعد..

• أولئك الذين تعرضوا للتعذيب والإخفاء القسري..

• وحكايات الاغتصاب والانتهاكات التي كشفت عنها تقارير دولية حديثا..

قصص لا تحتاج إلى مبالغة، فالحقيقة فيها كافية لإرباك أي ضمير إنساني. وقد ذكّرني ذلك بقول ستيف بيكو: "أعظم سلاح يمتلكه الظالم هو عقل المقهور"، وهذه الشرائط تبدو كأنها محاولة بسيطة لتحرير هذا العقل.

حين يصبح الإعدام احتفالا

لم يكن من السهل تقبّل أن يحتفل وزير الأمن القومي لدى الاحتلال، إيتمار بن غفير، داخل الكنيست بإقرار قانون يتيح إعدام الأسرى الفلسطينيين، لكن الأكثر فزعا هو أن تتحول هذه اللحظة إلى مشهد عابر في الأخبار اليومية، وكأن ما يحدث مجرد "اختلاف سياسي" لا أكثر.

حين تُشرّع دولة قتل من اختطفتهم أصلا بلا محاكمة، فهذا يعني أن السجن لم يعد مكانا للاحتجاز، بل محطة في سلسلة تنتقل من الخطف إلى التعذيب إلى القتل.والأرقام الأخيرة عن الشهداء داخل السجون تثبت أن الأمر ليس تهويلا، بل حقيقة تتسع يوما بعد يوم.

خاتمة: إنقاذ الذاكرة قبل إنقاذ الجسد

الشرائط الحمراء لا تعِد بتحرير أحد، وليست بديلا عن الجهد القانوني أو السياسي. لكنها تنجح في شيء جوهري: أن تُعيد الوجوه إلى الواجهة، وأن تمنع سقوط القصص في العتمة.

ملف الرهائن الفلسطينيين بحاجة إلى من يتبناه، وإلى من يجعله حاضرا في الفضاء العام، لأنه ملف مكتظ بالألم، ومثقل بالانتهاكات، ومع ذلك ما يزال الأقل تناولا دوليا.

ربما لا تملك الشرائط قوة تفكيك القضبان، لكنها تملك القدرة على تذكير العالم بأن خلف كل رقم إنسان ينتظر أن يُنقذ من الاختفاء.

العدالة تبدأ بأن نرى.. وما المانع أن تكون إحدى الخطوات المهمة على طريق التغيير بخيط أحمر صغير يتدلّى على عمود في مدينة بعيدة؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الرهائن الفلسطينيين حملة بريطانيا اسرى فلسطين حملة رهائن قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة رياضة رياضة سياسة اقتصاد سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرهائن الفلسطینیین

إقرأ أيضاً:

نادر خطاطبة يكتب ..”صرخة المناصير” بين الرواية المجهولة والنسخ واللصق الجماعي

#سواليف

” #صرخة_المناصير ” بين الرواية المجهولة والنسخ واللصق الجماعي..

كتب .. #نادر_خطاطبة

الخبر المتداول منذ امس، وتبعه سلاسل من التغريدات التواصلية، حول “ #صرخة #المستثمر #زياد_المناصير ” ضد #ابتزاز بعض #المسؤولين، وضغطهم لفرض #تعيينات، أو شراء بضائع تخصهم، وتلويحهم بقلب الطاولة عبر إطلاق الإشاعات عليه، لا شك أثار ضجة محلية، لا من حيث المضمون فقط، بل بسبب طريقة انتشاره أيضًا.

مقالات ذات صلة البدور لمدراء الصحة: تفقدوا جاهزية المراكز الصحية وراقبوا مخزون الأدوية 2025/11/15

المقلق مهنيا أن الخبر نُشر في غالبية المواقع الإخبارية، ان لم يكن كلها بالصيغة نفسها، ومن “مصدر واحد”، رغم أن التصريحات قيل إنها وردت في جلسة خاصة، ونُسبت إلى مصادر مطلعة.

في العمل الصحفي المحترف، يُقبل العزو لمصدر مجهول، إذا قدّم معلوماته لوسيلة إعلام مستقلة واحدة، على أن تشير الوسيلة لذلك بوضوح، كما يُقبل أن تنقل باقي المواقع او الوسائل عنها مع نسب الفضل للمصدر الأصلي، لكن من غير المقبول مهنيا أن تتعامل عشرات المنصات مع خبر بهذا الحجم كأنه نص مقدس، فتنسخه حرفيا دون بذل محاولة للوصول إلى مصدرين مستقلين على الأقل، أو التواصل مع صاحب الرواية المنقول عنه للاستيضاح.

التطابق شبه التام في الصياغة والانتشار، يوحي وكأن مصدر الخبر وكالة رسمية او شبه رسمية، او شبكة إعلام يُفترض أنها “مستقلة”، لكن لا وكالة تبنت التفرد بالمعلومة، والقضية خبر ضارب وجاذب، تم تداوله نسخا ولصقا، باسلوب اشبه بسلوك (…) فما ان ينشر موقع واحد مادة مثيرة، حتى تتسابق باقي المواقع على نشرها فورا، لسبب واحد، هو الخوف من أن تكون الوحيدة التي لم تنشر الخبر، بالتالي المشهد الذي لمسناه، ان لا احد يخشى الخطأ، فيما الجميع يخشون التفرد .

ما علينا ..

قرابة 24 ساعة على نشر الخبر، وانتظرنا تطورات حوله، لكن ذلك لم يحدث، علما ان الخبر يفترض ان له تداعيات سياسية واقتصادية، وحتى اجتماعية، وما نخشاه أن تطوى القصة سريعا، وأن يخرج من نُسب إليه الكلام ليقول ببساطة:

“أنا ما قلتش هالحكي… وما عندي خبر فيه” ، وقتها نحن امام مسالة خطيرة، عنوانها من يحاسب الإعلام حين يصبح بوقا لروايات مجهولة، وغايات …؟

مقالات مشابهة

  • أردوغان يوقف موكبه لأجل رضيع في أديامان
  • صرخة تحذير: مشروع القرار الأمريكي لغزة يهدد السيادة الفلسطينية والحقوق الأساسية
  • الجزيرة نت ترصد أجواء القمة الإنسانية لأجل غزة بإسطنبول
  • “خذنا يا الله”.. صرخة تتجاوز حدود النزوح إلى مأساة إنسانية لا تجد صدى / شاهد
  • هل تؤثر دعوى ترامب ضد BBC على حرية الإعلام والصحافة في الغرب؟
  • الحوثيون يلاحقون المثقفين والدعاة ويخنقون حرية الفكر
  • نادر خطاطبة يكتب ..”صرخة المناصير” بين الرواية المجهولة والنسخ واللصق الجماعي
  • صرخة تضامن.. جوارديولا يدعم فلسطين قبل مباراة كتالونيا الودية
  • إسرائيل تتسلم رفات أحد الرهائن الأربعة المتبقين في غزة