وزعت الولايات المتحدة مشروع قرار لمجلس الأمن لإنشاء قوة دولية في قطاع غزة، بزعم "تهيئة الظروف لما بعد الحرب وإنهاء الصراع"، لكن قراءة فيما سُرّب من نصوص أولية تكشف عن خطر جسيم يهدد سيادة الفلسطينيين وحقهم في تقرير المصير، ويحوّل غزة إلى ساحة إدارة خارج إرادة أهلها.

فالمسودة تمنح إسرائيل دورا محددا في تنسيق عمل القوة الدولية وضمان الأمن، وهو تحوّل خطير يجعل الاحتلال يكتسب غطاء دوليا رسميا.

فأي ترتيبات مدنية أو إنسانية تصبح مرتبطة بموافقة إسرائيل، وهذا ما يضع الفلسطينيين تحت ضغط مستمر، ويحوّل إعادة الإعمار إلى أداة نفوذ سياسي وأمني، بدلا من أن تكون وسيلة لتمكين السكان. فالقرار يركز أعلى الأمن والسيطرة على الحدود والمعابر ومكافحة "التهديدات"، لكنه يغفل الحقوق الأساسية للفلسطينيين. فأي نشاط مدني أو سياسي فلسطيني لاحق، قد يُصنّف على أنه تهديد أمني، مما يعرّض حرية الحركة والعمل المدني والتعليم وغيرها للخطر تحت حجّة التهديد الأمني.

في الوقت نفسه، يُوصَف إشراف القوة الدولية على غزة في مشروع القرار الأمريكي بأنه انتقالي ومؤقت، وهذا ما يفتح الباب لإنشاء إدارة موازية خارج الشرعية الفلسطينية، ويضع الفلسطينيين في موقف ثانوي في إدارة القطاع. فهذا الإهمال للشرعية يهدد وحدة الساحة الفلسطينية ويقوّض أي فرص للحلول السياسية المستقبلية. هذا بالإضافة الى البعد الإقليمي والدولي لهذا المشروع الذي يحول غزة إلى حقل نفوذ أمريكي-إسرائيلي، مع مشاركة ضعيفة للدول العربية، وتقليص المساحة المتاحة للتأثير الفلسطيني.

التحرك العاجل

لم يعد هناك متسع من الوقت، فالفلسطينيون مدعوون للتحرك الفوري عبر ثلاثة محاور أساسية:

- توحيد الموقف الداخلي:

فالسلطة والفصائل والمجتمع المدني يجب أن يصدروا وثيقة موقف وطنية موحدة تحدد البنود المقبولة والمرفوضة، وتؤكد وجوب إشراف فلسطيني كامل أو مشترك على الإدارة المدنية وإعادة الإعمار.

- الضغط الإقليمي والدولي:

الاستثمار في دور الدول العربية وغير العربية الراغبة في المشاركة في القوة الدولية، والضغط على أعضاء مجلس الأمن لتعديل أي بنود تهدد السيادة الفلسطينية، وفرض آليات رقابة على عمل هذه القوة الدولية ومراجعة دورية للتفويض الممنوح لها.

- فرض خطوط حمراء للحفاظ على الشرعية الفلسطينية (الرسمية والفصائلية)، تشمل:

1- منع تشكّل أي إدارة موازية خارج إطار الشرعية الفلسطينية.

2- الحد من النفوذ الإسرائيلي على عمل هذه القوة الدولية.

3- حماية الحقوق الأساسية للسكان: تقرير المصير، وحرية الحركة، والتعليم، والصحة والخدمات الأساسية، وولاية الأونروا.

4- التأكيد على الطبيعة الانتقالية لأي إدارة دولية، مع آلية رقابة مستقلة تضم خبراء فلسطينيين ودوليين.

خاتمة

غزة ليست مجرد منطقة نزاع، بل قلب القضية الفلسطينية، وإذا لم تتحرك السلطة والفصائل والمجتمع المدني بسرعة فإن مشروع القرار الأمريكي قد يحوّل القوة الدولية من حل إنساني إلى أداة لترسيخ السيطرة والإقصاء وتهديد للحقوق الفلسطينية الأساسية. فالفلسطينيون والعرب والمجتمع الدولي مطالبون بالتحرك الآن.. قبل أن تصبح غزة مجرد صفحة في مشروع قرار ينسف السيادة الفلسطينية وحقوق السكان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء غزة الفلسطينيين إسرائيل الأمريكي إسرائيل فلسطين غزة أمريكي قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة اقتصاد سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوة الدولیة

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: اعتماد مشروع قرار حول السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على موارده الطبيعية

اعتمدت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالمسائل الاقتصادية والمالية (اللجنة الثانية)، مشروع القرار المعنون بـ "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية" بأغلبية 152 صوتا لصالح القرار، فيما عارضته 8 دول في حين امتنعت عن التصويت 12 دولة.

ويؤكد مشروع القرار، على مجموعة من المبادئ والأسس المتعلقة بالموارد الطبيعية الفلسطينية كانطباق اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب على الأرض الفلسطينية المحتلة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. 

ويشير مشروع القرار إلى الفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية في 19 يوليو 2024 بشأن الأثار القانونية الناشئة عن سياسات إسرائيل وممارساتها في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وعدم قانونية استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، وكذلك يستذكر فتوى محكمة العدل الدولية بشأن جدار الفصل والتوسع العنصري.

ويُعرب مشروع القرار أيضا عن القلق البالغ إزاء إستغلال إسرائيل للموارد الطبيعية الفلسطينية والدمار الذي تلحقه بالأرض والزراعة الفلسطينية والتدمير واسع النطاق للهياكل والبنى التحتية الزراعية وبالأخص المتعلق منها بإمدادات المياه والكهرباء سيما في قطاع غزة، كذلك الآثار الضارة للمستوطنات غير الشرعية على كافة أشكال الحياة الفلسطينية.

ويؤكد مشروع القرار على الحقوق الثابتة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني في موارده الطبيعية، ويطالب إسرائيل بالكف عن استغلال هذه الموارد، وكذلك يؤكد حق الشعب الفلسطيني في المطالبة بالتعويض عن استغلال إسرائيل لهذه الموارد، ويشدد على جملة من الأمور من بينها أن ما تقوم به إسرائيل من تشييد للمستوطنات والجدار وغيرها من الأعمال هي أعمال مضرة بالبيئة الفلسطينية. 

ويعيد التأكيد على النداء الموجه من قبل مجلس الأمن في قراره 2334 والذي دعا فيه الدول للتمييز بين إقليم دولة إسرائيل والأراضي المحتلة منذ عام 1967.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يعقد اجتماعا لمناقشة مشروع القرار الأمريكي حول الدولة الفلسطينية
  • مجلس الأمن يصوت الاثنين على مشروع القرار الأمريكي بشأن غزة
  • بعد غد.. مجلس الأمن يُصوت على مشروع القرار الأمريكي حول «خطة ترامب» في غزة
  • مجلس الأمن يصوت الإثنين على مشروع القرار الأمريكي بشأن خطة ترامب في غزة
  • بريطانيا تعلن دعمها لمشروع القرار الأمريكي بشأن غزة.. الانسحاب الإسرائيلي على مراحل محددة
  • مصادر: المشروع الأمريكي لتشكيل قوة استقرار بغزة تعارضه روسيا والصين
  • روسيا والصين تعارضان مشروع القرار الأمريكي بشأن غزة
  • من يحكم غزة؟.. الولايات المتحدة تتحدث عن إدارة القطاع ومباحثات نشر القوة الدولية
  • الأمم المتحدة: اعتماد مشروع قرار حول السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على موارده الطبيعية