#المدعو محمد محمد خير وملكه العريان “١”
عزمي عبد الرازق
​من المفارقات التي تدعو إلى السخرية أن تستنفِرَ الدائرة المحيطة برئيس الوزراء، كامل إدريس، الأجهزة الرسمية للدولة لشن حملة إقصاء شخصية ضد صحفي، قال كلمته ومضى، بينما كان الأجدر بها أن توجه هذه الطاقة نحو استنفار الجهود لدعم الجيش في الميدان، ومداواة جراح النازحين من الفاشر وبارا.

وقد بلغ الهزل بهذه الدائرة درجة سخّرت فيها الوكالة الرسمية “سونا” لنشر أوصاف لم تُطلقها حتى على قنوات معادية كـ “سكاي نيوز”. ولم نسمع من قبل بالمستشار الوضيع محمد محمد خير وهو ينتقد الإعلام الخليجي الذي يسيء للدولة وللشعب السوداني، ولكنهم جميعهم، على درجة واحدة من الانحطاط السياسي، هبوا لقمع “وجهة نظر” حول أداء رئيس حكومة مُعَيَّن، ضل الطريق، وتمادى في قتل الأمل.

 

​هنا، في مسرح العبث السياسي، يلعب المدعو محمد خير دور النائحة المستأجرة، كدأبه، وهو بلا أخلاق ولا مبادئ، ومشغول بالتفكير فيمن سيخلف البرهان وكيف يتملّقه. وهذا ما يفسّر ترديده لخطابات الغزل الفطيرة ذاتها أمام جهات مختلفة، بدءاً برجال الإنقاذ ومروراً بقادة ميليشيا الدعم السريع وليس انتهاءً بالمسؤولين الحاليين، ما يجعله رمزاً لتلك الفئة من الرجال الذين هزمتهم الشروخ، كما وصفهم أمل دنقل، وهو محض سفيه أحمق يُسافِه عنهم.

 

​يتخيل هذا المستشار الوضيع أن الإسفاف قادر على إرهاب الأقلام الحرة، وأن الضجيج يمكن أن يثنيها عن مواجهة الفساد والفشل. والأعجب أنه يتحدث عن “الصدقات” بينما لم تنقطع عنه عطايا المحسنين؛ إذ ظل يتكفّل المحامي حسن البرهان به شخصياً في فواتير سكنه ورحلاته وعلاجه، وجاء به إلى هذا المنصب الذي انحدر به وأساء من خلاله إلى الدولة وإلى قبيلة الصحفيين الشرفاء، فهو لا ينتمي إليهم، ولذلك لا يتورع عن نهش لحومهم أمام المسؤولين طلباً للرضا والحظوة.

 

​ثمة سؤال قمين بالإجابة، وربما كان محرجاً للمستشار الكسول، والذي يردد في خفة لا متناهية بأنه يعمل متطوعاً: من أين يحصل على فواتير فندق القراند وتذاكر السفر ونثريات الأكل والشراب والعلاج والمساج؟ ولماذا تُصرَف هذه الأموال من الخزينة العامة، ومن فقر السودانيين المدقع، على المدعو محمد محمد خير، ونحن في حالة حرب، وفي حاجة لأي دولار لدعم المدارس ومحطات المياه والكهرباء؟ ألم يكن الأولى بهذه الأموال إغاثة النازحين في معسكرات الدبة وفي المشافي المتهالكة؟ إن هذا الهدر المالي يمثل إجحافاً صارخاً بحق شعب يواجه أشرس الظروف.

 

​إذا كان رئيس الوزراء يتحدث عن النزاهة والشفافية فمن باب أولى طرد هذا الدعي وصرف ما يتلقفه من أموال على أسر الشهداء، عوض أن يغذيه بالأكاذيب، سيما وأننا لا نعرف الاستشارة العظيمة التي قدمها حتى الآن، فقط تمر علينا تسجيلات أشبه بتسجيلات تراجي والجبوري، ولا يمكن للدولة أن تكون أسيرة لكائنات اسفيرية بلا هدى ولا كتاب مُبين.

 

​مؤكدٌ أن تاريخ محمد محمد خير حافل بحكايات التملّق وتقديم المدائح للحكام، حتى إنَّ حيطان الشوارع نفسها تكاد تشتمه. وهو صاحب سيرة فضائحية يعرفها القاصي والداني، ومستعد لأن يلعق قدم القوني دقلو إذا ما تم طرده من فنادق بورتسودان، فليس في حساباته همّ الناس ولا جراحهم، ولا ينتمي لهذه الأمة العظيمة، التي تغشى الوغى وتعف عند المغنم.

 

​أما محاولة التبرير بأن كامل إدريس لا يتقاضى مرتباً فهي محاولة واهية لا طائل من ورائها، فعدم تقاضي المرتب هو شأن شخصي لا يهمنا، ولن نسمح له بأن يَمُنَّ علينا بذلك، طالما أنَّ الدولة تسدد له فواتير السكن والوقود والكهرباء والسفر والطعام الشهي وأبهة المنصب.. ما يهمنا حقيقة هو الأداء الذي أخفق فيه على مرأى ومسمع.

 

 

​إن إصرار رئيس الوزراء على استنفار أجهزته وإهدار أموال الدولة في صراعات شخصية بينما البلاد تنزف، يمثل دليلاً دامغاً على الفشل في فهم متطلبات المرحلة، وقد وصل بهم الأمر إلى تلفيق الأكاذيب، ومحاولة ترهيب من يشير إلى ملكهم العريان، ولم تظهر لهم غضبة في صباح الغدر، بل كانوا في انتظار وصول حميدتي إلى سُدة السلطة لمبايعته علناً بعد أن بايعوه سراً.
​نواصل

رئيس وزراء السودان كامل إدريسعزمي عبد الرازقمحمد محمد خير

المصدر: تاق برس

كلمات دلالية: رئيس وزراء السودان كامل إدريس عزمي عبد الرازق محمد محمد خير محمد محمد خیر رئیس الوزراء

إقرأ أيضاً:

السوداني في العراق.. من مرشح توافقي إلى قطب سياسي (بروفايل)

بفوز ائتلافه في الانتخابات البرلمانية التي أُجريت الثلاثاء، يواصل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني صعوده السياسي ويجتاز محطة مفصلية في مسيرته وتطور القوى الشيعية في بلاده.

في البداية كان يُنظر إلى السوداني (55 عاما) على أنه مجرد شخصية تنفيذية اعتمدت على التوافق السياسي.

لكنه الآن أصبح المهندس السياسي وراء فوز ائتلاف "الإعمار والتنمية" في انتخابات شارك فيها 56.11 بالمئة من الناخبين.

والأربعاء، أعلنت مفوضية الانتخابات حصول ائتلاف السوداني على 1.317 مليون صوت، ليتصدر الائتلاف المشهد الانتخابي.

وتصدر الائتلاف نتائج 9 محافظات، بما فيها العاصمة بغداد، ليصبح السوداني قطبا انتخابيا له نفوذ مؤثر وحقيقي.

وعقب إعلان النتائج الأولية، قال السوداني في خطاب بثه التلفزيون: "نبارك لكم فوز ائتلافكم بالمرتبة الأولى في انتخابات مجلس النواب".

* خلفية أكاديمية

ينطلق السوداني من خلفية أكاديمية، إذ يحمل درجتي البكالوريوس في الزراعة والماجستير في إدارة المشاريع، وبنى مسيرته على سجل حافل في الإدارة الحكومية.

انتُخب عضوا ثم محافظا لمحافظة ميسان جنوبي البلاد (2005-2010)، حيث اكتسب خبرة مباشرة في الإدارة المحلية والخدمية.

وشغل مناصب وزارية ذات طابع خدمي وإنساني، بينها وزير حقوق الإنسان ووزير العمل والشؤون الاجتماعية، إضافة إلى مناصب بالوكالة لوزارات حيوية مثل الهجرة والصناعة.

على مستوى التمثيل النيابي، فاز السوداني بمقعد نيابي لثلاث دورات متتالية (2014، 2018، 2021) عن ائتلاف "دولة القانون".

وفي نهاية 2019، أعلن استقالته من "حزب الدعوة" وأطلق "تيار الفراتين"، ليبدأ مسارا جديدا نحو الاستقلالية السياسية.

ومع انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية في 2022، عاد بقوة مرشحا لقيادة حكومة "الإطار التنسيقي"، ليحظى بثقة الأطراف الشيعية الرئيسية ومراكز القرار الإقليمي.

* غطاء شعبي

ومنذ تولي السوداني رئاسة الوزراء في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، تميزت فترته بالتركيز على الملفات التنفيذية والخدمية.

وحقق إنجازات بارزة أهمها تحقيق استقرار مالي واقتصادي، إذ نجح في إدارة فائض الإيرادات النفطية بفاعلية، ووضع خططا لتعزيز سعر صرف الدينار العراقي.

كما أطلق مشاريع كبرى في قطاعات البنية التحتية والكهرباء والمشاريع الاستثمارية، ما انعكس على تحسن محسوس في الخدمات العامة وتفعيل الحركة العمرانية في المحافظات.

وعلى المستوى الخارجي، عمل على ترسيخ التوازن في علاقات العراق الإقليمية والدولية، مع محاولة تعزيز دور بغداد كوسيط إقليمي.

وينظر إلى السوداني كشخصية تتمتع بالنزاهة والقدرة الإدارية العالية، ويمنحه فوز ائتلافه غطاء شعبيا واسعا وقوة تفاوضية كبيرة.

* الحكومة المقبلة

وبهذا الأداء خلال سنوات حكمه، انتقل السوداني من "مرشح توافقي" إلى "قطب سياسي" يمتلك أوراق ضغط انتخابية حقيقية.

وأصبح لاعبا محوريا في تشكيل الحكومات المحلية، ومنافسا رئيسيا على ولاية ثانية في رئاسة الوزراء، رغم التنافس المتوقع مع ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي.

ووفقا للنتائج الأولية التي أعلنتها مفوضية الانتخابات، حصل ائتلاف "الإعمار والتنمية" على المرتبة الأولى في بغداد بـ411 ألفا و26 صوتا.

بينما جاء حزب "تقدم" برئاسة محمد الحلبوسي في المركز الثاني بحصوله على 284 ألفا و35 صوتا، وحل "ائتلاف دولة القانون" ثالثا بـ228 ألفا و103 أصوات.

ومن المرتقب إعلان النتائج النهائية بعد اكتمال فحص أي طعون خلال الأيام المقبلة.

وإجمالا، قالت مصادر مقربة من ائتلاف "الإعمار والتنمية" إنه أصبح "الأكبر"، مع عدد مقاعد قد يصل إلى 50، ما يمنح السوداني الأفضلية في التفاوض لتشكيل الحكومة المقبلة، بحسب النتائج الأولية.

وفي العراق لا يستطيع حزب بمفرده تشكيل حكومة في مجلس النواب المؤلف من 329 عضوا.

وهو وضع يدفع الأحزاب إلى بناء تحالفات لتشكيل حكومة، في عملية عادة تستغرق شهورا.

وجرت العادة أن يكون رئيس الوزراء شيعيا ورئيس الجمهورية كرديا، ورئيس مجلس النواب سنيا، وفقا لنظام محاصصة بين القوى السياسية النافذة.

مقالات مشابهة

  • مكتب رئيس الوزراء السوداني يوضح حقيقة غياب كامل إدريس ويتوعد
  • جدل حول غياب رئيس الوزراء السوداني كامل ادريس.. صمت رسمي وحديث عن رحيل “وبحث عن بديل”
  • عزمي… والابتزاز الإعلامي بملامح متقلبة
  • عزمي عبد الرازق فاجأ كثيرين أنا أولهم وهو يكتب مطالبًا برحيل كامل إدريس!
  • محافظ القاهرة ومستشار رئيس الجمهورية للتنمية المحلية يشددان على سرعة أعمال التطوير الجارية بمنطقة القاهرة الخديوية
  • يوم غد الأحد.. الصحفي المياحي يمثل مجددا أمام محكمة حوثية في صنعاء
  • رئيس الدولة ونائباه يهنئون الرئيس الفلسطيني بذكرى استقلال بلاده
  • السوداني في العراق.. من مرشح توافقي إلى قطب سياسي (بروفايل)
  • مسلسلات رمضان 2026.. عودة يسرا وهند صبري من جديد وغادة عبد الرازق تتعاون مع أيمن سلامة