د. علي بن سعيد الريامي -

لم تكن عُمان عبر تاريخها الطويل كيانا هامشيا في جغرافيا المنطقة؛ بل كيان سياسي وحضاري مستقلّ بقراره ومواقفه. وقد وصف ابن خلدون عُمان في «العِبر» بأنها مملكة من ممالك جزيرة العرب، وقال عنها: «إقليم سلطاني منفرد»، في إشارة إلى ما تتمتع به من خصوصية تكوينها السياسي واستقلال شخصيتها في مختلف الحِقَب التاريخية، وهذه الخصوصية إنما هي نتاج تضافر عوامل عدّة، في مقدّمتها موقعها الإستراتيجي على الحافة الجنوبية الشرقية لشبه الجزيرة العربية، وتنوّع واجهاتها البحرية حيث تطل على بحر عُمان وبحر العرب والخليج العربي، فضلًا عن طبيعة طوبوغرافيتها فإذا كانت جبالها وصحاريها شكلت حواجز حماية طبيعية، فإن إطلالتها البحرية مكّنتها من الانفتاح على العالم الخارجي حيث التجارة والملاحة، والتواصل مع مختلف المراكز الحضارية العالمية.

وقد ظلّ البحر عنصر التأثير الأكثر أهمية في شهرة عُمان التجارية والملاحية عبر القرون، وهو ما عبّر عنه أندريه شغاكوف بالقول: «وكانت السفن العمانية تبحر إلى إندونيسيا وجنوب الصين، وسريلانكا (سرنديب)، ومدغشقر، وزنجبار، وظلت التجارة والنقليات في البحار الجنوبية مركّزة في أيدي التجار والبحارة العمانيين طيلة مئات السنين».

تلك الخصائص الطبيعية والسمات البشرية بما تشكله من أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية مدخل مهم لفهم التطور التاريخي الذي مرت به عُمان وتمييز طبيعة أنظمة الحكم المتعاقبة وسماتها، وديناميكية بناء السلطة السياسية في عُمان، ومن الملاحظ أن القيادات السياسية المتعاقبة تعي قيم الإرث العظيم المكتسب والمستمد من التجارب التاريخية المتراكمة، وأصبح ذلك الإرث جزءًا أصيلًا من الهوية العمانية، وهو ما أكده حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق-حفظه الله- في خطابه بتاريخ 23 فبراير 2021م بالقول: «لقد عرف العالم عمان عبر تاريخها العريق والمشرّف كيانًا حضاريًّا فاعلًا ومؤثرًا في نماء المنطقة وازدهارها، واستتباب الأمن والسلام فيها...، وتحرص على أن تظل رسالة عمان للسلام تجوب العالم حاملة إرثًا عظيمًا وغايات سامية تبني ولا تهدم، تقرّب ولا تباعد...».

من المؤكد أن أحداث التاريخ لا تسير على وتيرة واحدة، ويشبّه الفلاسفة الدول بالكائن الحي الذي ينمو ويتطور ويتجدد، وتلك سنة كونية، وكل نظام سياسي يولد مرهون بظرفية تاريخية معينة، ويتأثر بعوامل مختلفة تساهم في ولادته وتشكله، وعُمان باعتبارها كيانا سياسيا عريقا ليست حالة استثنائية، فهي ومنذ فترة مبكرة من عمرها امتلكت مقومات الدولة (شعب، إقليم، سلطة، وسيادة)، غير أن أنظمة الحكم التي تعاقبت عليها لم تثبت على صيغة محددة، بل كانت متغيرة حسب المقتضيات الظرفية التاريخية، فما كان يناسب مرحلة معينة قد لا يناسب مرحلة أخرى، لذلك سيلاحظ المتتبع لصيرورة التاريخ العماني تعددية في نظم الحكم بها، لكن بقت -بشكل أو بآخر- من حيث الجوهر للتقاليد الثقافية السائدة القائمة على التوافق بين مكوّنات المجتمع، مع ميلٍ فِطريّ إلى الاستقلالية.

يستقصي هذا المقال بشكل مختصر التطور التدريجي لبناء السلطة في عُمان عبر مختلف الحقب التاريخية، من خلال الإشارة إلى أبرز المنعطفات المهمة التي تشكلت على أثرها، وساهمت في تطور أنظمة الحكم والسلطة، وصاغت عقدها الاجتماعي الناظم لعلاقة السلطة بالرعية، وعلاقتها مع مختلف الكيانات السياسية التي تزامنت معها.

تشير الشواهد الأثرية إلى معرفة عُمان بالنظام الملكي منذ الألف الثالث قبل الميلاد؛ إذ عُثر على نقشٍ جنائزي بخط المسند ذُكر فيه «ملك عُمان»، بما يشي بوجود نظام ملكي وسلطة سياسية مبكّرة. ومع الهجرات العربية، خاصة من جنوب الجزيرة، تبلورت صيغ حكم سُلالية وقبلية، وقد اتضح ذلك جليًّا مع هجرة الأزد إلى عُمان وتأسيس حكم عربي قبلي بزعامة مالك بن فهم، ويبدو أن توريث السلطة كان حاضرًا، على نحوٍ ينسجم مع السياق العربي القديم، إذ تشير المصادر إلى انتقال الحكم من بعده -بعد حادثة مقتله خطأً على يد ابنه سليمة- إلى ابنه هناءة.

بعد سلالة مالك بن فهم انتقل الحكم لاحقا إلى سلالة أخرى من الأزد وهي سلالة معولة بن شمس، وقد أشار العوتبي إلى أول ملوكهم بالقول: «فأول ملوك المعاول بعمان عبد العز بن معولة بن شمس بن عمرو، فملك واشتد ملكه، وكان من أعز الناس نفسا ومملكة». وعند بزوغ الإسلام، كان الحُكم في يد بني الجُلندى وهم من سلالة بني معولة بن شمس، وقد خاطبهم الرسول - في رسالةٍ حملها عمرو بن العاص لملكي عُمان، في إشارة إلى نظام تشاركي في الحكم بين الأخوين. ومع قيام الإمامة الإباضية في عُمان للمرة الأولى عام 132هـ/749م، تحوّل اختيار الحاكم من التوريث السُّلالي إلى الشورى والبيعة من «أهل الحلّ والعقد»، وجاء اختيار الإمام الأول من السلالة الحاكمة السابقة وهو الجلندى بن مسعود (132-134هـ/749-751م).

لم تَصمد الإمامة الأولى طويلًا في ظلّ ضغط الخلافة العباسية، التي سعت لإسقاطها، لكنها رسّخت مبدأ الحكم القائم على الاختيار من أهل الفضل والعلم والتقوى والكفاءة لا على أساس المكانة القبلية، وعلى مبدأ الاختيار المفتوح وليس التوريث، وهو تطور لافت في تجربة الحكم؛ ذلك أن نظام الإمامة الذي تشكّل في عُمان في تلك الحقبة التاريخية كان قد استمد مبادئه الأولى من تجربة الحكم الأولى في الإسلام إثر اجتماع السقيفة واختيار الخليفة الأول أبي بكر الصدّيق (رضي الله عنه).

أعادت الإمامة الثانية (177-280هـ/793-893م) إنتاج التوازن بين الفكرة الدينية كمنطلق لنظام الحكم والنظام القبلي، وذلك بانتخاب أول إمام من سلالة اليحمد، وبقي الحكم يتداول في اليحمد باستثناء إمام واحد هو عبد الملك بن حميد العلوي (208-226هـ/ 822-840م)، لكنه في المقابل لم يكن نظامًا وراثيًّا تقليديًّا، كما كان الإمام مهددًا بالعزل إذا خالف شروط البيعة أو ارتكب ما يستدعي عزله، وفي الوقت ذاته حافظ الأئمة على التشاور في القرارات المصيرية مع العلماء وزعماء العشائر. غير أن الإخلال بهذه القاعدة كان يُفضي إلى انقسامات، كما حدث في أواخر إمامة الصلت بن مالك (237-273هـ/851-885م)، حين تفاقم الصراع، وبعد فترة تحول إلى انقسام فكري حول الشرعية بين «النزوانية» و«الرستاقية»، وهو اختلاف بدأ في شكل تنظير واستقطاب سياسي إلا أنه سرعان ما تحول لاستقطاب قبليّ أوسع (يماني/نزاري).

تلك الانقسامات الداخلية فتحت البابَ للحروب الأهلية والتدخلات الخارجية. وفي ظل هذه الحالة من عدم الاستقرار والتنازع وصل بنو نَبهان إلى السلطة بالتغلّب لا بالاختيار، وتلقّبوا بالملوك والسلاطين والأمراء، وحافظوا على نظام انتقال الحكم بالوراثة عموديا وأفقياً داخل الأسرة النبهانية، واتسم عهدهم بتنافسٍ شديد على السلطة داخل الأسرة نفسها وصراعاتٍ قبلية، ولم تنجح خلاله أيٌّ من صيغ الحكم القائمة -لا الملكية النبهانية ولا الإمامة- في توحيد الدولة، فاستغل الغزاة البرتغاليون ذلك لفرض هيمنتهم واحتلال المناطق الساحلية منذ عام 1507 إلى أن نجح اليعاربة في طردهم وتحرير عُمان سنة 1650م.

في مرحلة تاريخية مفصلية أتى انتخاب الإمام ناصر بن مرشد اليعربي (1624-1649م)، فعُمان كانت مقسّمة إلى ممالك وإمارات صغيرة ومشيخات قبلية، كما كانت واقعة تحت الاحتلال البرتغالي، لذا اجتمع أهل الحل والعقد في مدينة الرستاق لانتخاب إمام قادر على توحيد البلاد وقيادتها للتحرر من البرتغاليين، وهكذا جاءت بيعة الإمام ناصر من قبل أبرز العلماء وعدد من زعامات القبائل، مع ملاحظة أن الإمام ناصر ينتمي إلى سلالة أسرة حاكمة مركزها الرستاق ونخل، وهكذا يتكرر المشهد مع انتخاب إمام جديد بعد فترة انقطاع وانقسام، حيث يتم اختياره من الكفاءات ومن يتوسمون فيه قيادة المرحلة الحرجة، ويكون الاختيار في الغالب في تلك الظروف من سلالة خبرت شؤون الحكم، على أن يكون لأهل الحل والعقد كلمة الفصل، وقد نجح الإمام ناصر في توحيد البيت اليعربي أولاً، ثم توحيد القبائل، وبالتالي توحيد البلاد لتتمكن من مواجهة الغزاة ودحرهم.

بعد وفاة الإمام ناصر انتقل الحكم بالمبايعة لابن عمه وصهره سلطان بن سيف الأول(1649-1668م)، وهناك رواية يذكرها المؤرخ السالمي عن الإمام ناصر، والتي يمكن الاستدلال بها على فكرة الاستخلاف «... وخليفتي الذي أخلفه ركنا لهذا المذهب»، حيث لم يكن للإمام ناصر وريثا من الأبناء الذكور، وقد أوصى لابن عمه سلطان بالحكم بالنظر إلى ما كان يملكه من مؤهلات قيادية، لكن منذ عهد الإمام سلطان مالت السلطة لاحقًا إلى التوريث العمودي، خلافا للمبدأ النظري للإباضية القائم على الشورى؛ وبقى التوريث قائماً ينتقل من الأب إلى الابن حتى وفاة سلطان بن سيف الثاني 1711م، وعندما وصل خليفته سيف بن سلطان الثاني وكان صغير السن، لا يملك الخبرة ولا الكفاءة، دخلت الإمامة اليعربية مرحلة الضعف ما أجّج الصراعات والانقسام الحزبي المتمثل في (الغافري/الهناوي)، كما تمت الاستعانة بقوى خارجية لترجيح كفّة بعض المتنافسين على السلطة من أفراد البيت اليعربي.

في ذروة التدافع والانقسام الداخلي وتدخل القوى الخارجية، برز الإمام السيد أحمد بن سعيد البوسعيدي باعتباره شخصية موحّدة، بعد مقتل الإمام سلطان بن مرشد في معركة صحار عام 1743م، ومنذ عام 1744م بدأ الإمام أحمد بن سعيد استعادة الوحدة العُمانية وبسط سيطرته على كافة الأراضي العُمانية، بعد أن رسّخ شرعيته بتحرير البلاد وتثبيت دعائم الوحدة الوطنية.

وصل الإمام أحمد بن سعيد إلى السلطة بالاختيار والبيعة، فكان أول إمام من الأسرة البوسعيدية، أما عن تداول الحكم فقد استمر وراثيا، كما كان الحال إبان الدولة اليعربية، حيث انتقل الحكم بعد وفاة الإمام أحمد إلى ابنه سعيد بن أحمد (1783-1792م) الذي عرف أيضا بلقب الإمام، وهو آخر من تلقب بالإمام من أبناء الإمام أحمد، وما جرى بعد ذلك يعد بداية تغير جذري في نظام الحكم، ولما كان للإمام أحمد عديد الأبناء فلم يخل الأمر من تنافس حاد أحياناً بين الأخوة لاقتسام السلطة، فمثلا الحاكم الفعلي الثالث السيد سلطان بن أحمد بن سعيد(1792-1804م)، لم يصل للحكم بالبيعة، وإنما بالغلبة منهياً بذلك نظام الاختيار وبيعة أهل الحل والعقد، مرسخاً بذلك الطابع السلطاني للدولة، مع محاولاتٍ محدودة لإحياء الإمامة لكن لم يُكتب لها النجاح (مثل تجربة عزّان بن قيس 1868-1871م، والتجارب التالية منذ 1913-1959).

تتابع الحكم الوراثي العمودي داخل الأسرة البوسعيدية في ذرية السلطان تركي بن سعيد حتى الآن، مع استثناء حالة تنصيب جلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور- حفظه الله - حيث وصل لسدة الحكم بالوصاية من قبل السلطان قابوس (1970-2020) - رحمه الله -، إذ لم يكن له أبناء، وترك أمر الاختيار حسب النظام الأساسي للدولة الإصدار الأول (101/96) في المادة (6) «يقوم مجلس العائلة الحاكمة، خلال ثلاثة أيام من شغور منصب السلطان، بتحديد من تنتقل إليه ولاية الحكم. فإذا لم يتفق مجلس العائلة الحاكمة على اختيار سلطان للبلاد قام مجلس الدفاع بتثبيت من أشار به السلطان في رسالته إلى مجلس العائلة». ومما جاء في وصية السلطان الراحل إلى مجلس العائلة الحاكمة: «... فإننا بعد التوكل على الله، ورغبة منا في ضمان استقرار البلاد؛ نُشير بأن يتولى الحكم السيد هيثم بن طارق؛ وذلك لما توسمنا فيه من صفات وقدرات تُؤهله لحمل هذه الأمانة...».

هذه الوصية بصيغتها لا سابقة لها في التاريخ العُماني، وهو تطور يعكس حرصاً كبيراً من المغفور له بإذن الله، على وحدة البلاد، والحفاظ على مكتسبات نهضته، وأن تستكمل تلك النهضة التي بدأها في 23 يوليو بنهضة متجددة تأخذ في الاعتبار متطلبات المرحلة والمتغيرات السياسية والاقتصادية والثقافية في العالم.

هكذا أسّس النظام الأساسي للدولة آليةً واضحة لانتقال الحكم داخل أسرة آل بوسعيد، وعزّز الإصدار الأخير (المرسوم السلطاني 6 /2021) قواعد آلية انتقال السلطة ضمن تحديد صريح لوليّ العهد الموصى به، فنصّت المادة (5) على: «تنتقل ولاية الحكم من السلطان إلى أكبر أبنائه سنًّا، ثم إلى أكبر أبناء هذا الابن، وهكذا طبقة بعد طبقة...»، مع بيان حالات بديلة تضمن استقرار الدولة وسلاسة تداول السلطة.

ختاماً، يمكن القول إن إرث نظام الحكم في عُمان هو نتاجُ تجارب وتراكم تاريخيّ اتّسم بالمرونة والتدرج والقدرة على التكيّف مع مقتضيات كلّ مرحلة: من الملكية القبلية المبكّرة، إلى الإمامة بالشورى، وصولاً إلى مؤسسة الحكم السلطانية الحديثة بمؤسساتها ونصوصها الدستورية، فليس مهماً أن يكون نظاماً ملكياً أو إمامياً أو سلطانياً، أو أن يكون بالاختيار الحر المفتوح أو بالاختيار المغلق أو بالوراثة العمودية أو الأفقية وإنما الأهم أن يحقق العدالة، ويذود عن البلاد ويحقق مصالح العباد، ويحمي المصالح الوطنية، وهو ما عبرّ عنه الحارثي صاحب كتاب العقود الفضية بالقول: «المطلوب عند علماء المذهب من الملوك استقامتهم ونشر الدين والعمل بالكتاب والسنة، ثم لا يهمهم من تولاهم إماماً أو سلطاناً أو ملكاً».

ومع عهد النهضة المتجددة على الصعيد الداخلي تم البدء في تطبيق اللامركزية في الإدارة المحلية، أما على الصعيد الخارجي فمن الملاحظ التوجه إلى انفتاح وتواصل واندماج أكبر في النظام العالمي مع إيلاء اهتمام متزايد بتبادل المصالح الاقتصادية، وهناك اشتغال ملحوظ على توظيف ممنهج لمقومات القوة الناعمة التي تمتلكها السلطنة، خاصة وأن لها رصيداً كبيراً ووازناً في بناء العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل وسياسة الحياد الإيجابي دون التفريط في القيم العُمانية الأصيلة، والمواقف الثابتة في نصرة القضايا الإنسانية العادلة، والدعوة إلى إرساء قيم العدالة والأمن والسلام لجميع شعوب العالم.

د. علي بن سعيد الريامي رئيس قسم التاريخ، جامعة السلطان قابوس

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مجلس العائلة أحمد بن سعید الإمام ناصر الإمام أحمد أهل الحل سلطان بن فی ع مان نظام ا ما کان

إقرأ أيضاً:

البوسعيد.. ورسوخ الدولة العمانية

خميس بن راشد العدوي -

(أبناءَ عمان الأوفياء.. لقد حافظت بلادنا العزيزة على كينونتها كدولة مستقلة ذات سيادة عبر العصور، وقد تعاقبت عليها أنماط حكم عديدة أدى كل منها دوره الحضاري وأمانته التاريخية.

وإنَّنا نستذكر في هذا اليوم الأغر قادة عُمان الأفذاذ على مر التاريخِ، قادة حملوا راية هذا الوطن، ووحَّدوا أمته، وصانوا أرضه الطاهرة، ودافعوا عن سيادته، ونحمِلُها مِن بعدهم على الطريق ذاته، معاهدين الله عزَّ وجلَّ ألا يُثنينا عن عزمِنا عزمٌ، ولا تُشغِلُنا عن مصلحة وطنِنا مصلحة، تعضدنا في ذلك أمة مباركة بفضل الله، مشرَّفة بدعاء نبيه الكريم. 

إنَّه لمن دواعي سرورنا، وتكريما لأسلافنا مِن السلاطين، واستحضارا ليوم مجيد مِن تاريخ عمان الحافل بالأيام المشرقة، أنْ نعلن في هذا المقام، بأنْ يكون يوم العشرين مِن نوفمبر مِن كل عام؛ يوما وطنيا لسلطنة عمان، وهو اليوم الذي تشرّفت فيه الأسرة البوسعيدية بخدمة هذا الوطن العزيز؛ منذ العام ألف وسبعمائة وأربعة وأربعين للميلاد، على يد الإمام المؤسِّس السيد أحمد بن سعيد البوسعيدي، الذي وحَّد راية الأمة العمانية، وقاد نضالها وتضحياتها الجليلة؛ في سبيل السيادة الكاملة على أرض عمان، والحرية والكرامة لأبنائها الكرام، وجاء مِن بعده سلاطين عظام؛ حملوا رايتها بكل شجاعة واقتدار، وأكملوا مسيرتها الظافرة بكل عزم وإصرار.

وإنَّ احتفاءنا بهذا اليوم إنَّما هو تخليد لسِيَرهم النبيلة ومآثرهم الجليلة، والتزام أكيد منا بالمبادئ والقِيَم التي شكَّلت نسيج أمتنا العمانية؛ نصون وحدتها وتماسكها، ونسهر على رعاية مصالحِ أبنائها، رافضين أيَّ مساس بثوابتها ومقدساتها). 

مولانا صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق أعزَّه الله وأدام مجده.. مخاطبا شعبه يوم السبت 11 يناير 2025م، في الذكرى الخامسة لاستوائه على عرش سلطنة عمان.

 إنَّ هذا الخطاب العميق بالمعنى الأخلاقي للسياسة؛ ليس مِن جنس الخطابات التي يلقيها الحكام للحديث عن منجز متحقق، أو سياسة مُتَّبعة، أو رؤية استراتيجية، أو قضية مُلِحّة، وإنَّما هو خطاب تأسيسي، مِن الخطابات التي ينبغي أنْ تدرس ضمن مقررات المدرسة السياسية العمانية؛ بكونه أحد معالم نظريتها السياسية. وهو خطاب ملفت لنظر المحللين السياسيين والمنظّرين في فلسفات الحكم. إنَّه خطاب يلخّص أسباب ثبات أنظمة الحكم في عمان ورسوخ الدولة بها، وهذا ما يجعلني أضعه نصا مرجعيا للحديث عن دور أسرة البوسعيد في استقرار الدولة العمانية. 

إنَّ هذا الخطاب كاشف عن جوانب مِن مضامين النظرية السياسية الحديثة، التي بدأ تشكلها بتنصيب الإمام أحمد بن سعيد بن أحمد بن محمد البوسعيدي (ت:1198هـ)، عام 1744م؛ أي منذ حوالي 281 سنة، مدة توشك على الثلاثة قرون، امتد فيها نفوذ الدولة العمانية إلى مناطق شاسعة في الشرق الإفريقي والسواحل الغربية مِن الهند وإيران وباكستان، ثم رست ثابتةً بالدولة الحديثة؛ لتكون محورا للسلام العالمي.

 يخاطب جلالة السلطان المعظم حفظه الله شعبه في بيان السيرة التي سار عليها حكام عُمان بقوله: (أبناء عمان الأوفياء)، وهذه العبارة كما أنَّها تكشف عن طبيعة العلاقة المتبادلة بين الشعب والحاكم؛ فإنَّها كذلك تعكس إحدى أهم الخصال التي يتمتع بها جلالته، وهي صفة يدركها كل مَن عرفه؛ منذ قبل أنْ يستوي سلطاناً على دست الحكم، ألا وهي صفة الوفاء، وهي مِن جملة الصفات النبيلة التي يتمتع بها جلالته. ولأدرك المسار القادم للدولة؛ فقد كتبت عند توليه مقاليد الحكم مقالاً بعنوان «جلالة السلطان هيثم بن طارق.. الخصال الشخصية في قيادة الأمة»، نشرته مجلة «تكوين» بتاريخ: 13/ 2/ 2020م؛ أشرت فيه إلى بعض خصاله، بيد أنَّني خصصت مقالاً لصفة الوفاء -ومعها الحكمة- التي تأتي في مقدمة خصاله العظيمة، فكتبت مقالا بعنوان «جلالة السلطان المفدى.. قوام حكمه: الوفاء والحكمة»، نشرته جريدة «عمان» بتاريخ: 10/ 1/ 2022م، وقد ضمنت المقالين كتابي «طور التحولات»، لمن أراد الرجوع إليهما، كشهادة واجبة اتجاه عاهل بلادنا المفدى أيدَّه الله، ومفتاح لدراسة النظرية السياسية التي تسير عليها الدولة. 

ومما قلته في صفة الوفاء التي تحلى بها جلالته حفظه الله: (الوفاء.. هو الدافع النفسي لمحبة الإنسان لوطنه، يصنع شعباً متآصر الوشائج، متحد الصف، فيغدو كل فرد فيه مطمئناً بأنْ كرامته تُصان، وحقوقه تُحفظ، ويُعترف بجميل صنعه، ويُقدَّر حُسن إنجازه. فما أعظمها مِن سياسة يتتوج بها الحكم، وتساس بها الرعية، وتقام عليها العلاقات الخارجية).

 إنَّ هذه الصفة هي التي انتظم عليها الحكم البوسعيدي.. فكان الأئمة الأفذاذ والسادة الكرام والسلاطين العظام منهم؛ يحفظون الود لكل مَن كان سنداً للدولة وعمل على استقرارها، وقدم خدمة وطنية للبلاد، فبالأمس القريب.. رأينا جلالة السلطان قابوس بن سعيد (ت:2020م) يمد بيد الإكرام لمن وقف مع الدولة الحديثة بداية نشأتها، فأسند المهام إليهم، واستمرت المودة في أبنائهم. وهذه صفة تأسست في آلبوسعيد منذ جدهم الإمام أحمد بن سعيد، حيث يروي عنه حميد بن محمد بن رزيق النخلي (ت:1291هـ) مؤرخ الدولة البوسعيدية أمثلة جميلة مِن الوفاء تجاه مَن وقف معه، وقد حصل ذلك عنده، حيث وصّى الإمام أحمد أبناءه السادة بأنْ يكون رزيق بن بخيت «قلم الحساب في الفرضة»؛ أي مسئول المحاسبة في ميناء مسقط، بيده وبيد أبنائه مِن بعده، حيث كتب عهداً بذلك، فكان مِن بعده ابنه محمد، ثم حفيده حميد. 

وقد تأكد الوفاء بمولانا المعظم السلطان هيثم بن طارق حفظه الله؛ عندما ذكر الدور العظيم الذي قام به حكام عُمان على مر التأريخ. وبهذا هو أول حاكم عماني يشيد ذكراً بالدور الحضاري لكافة الحكام الذين تعاقبوا على البلاد بمختلف أنظمة الحكم. وهذا نهج الدولة البوسعيدية؛ فتداول الحكم بين حكامها لم يتنكب لثقافة البلاد وتأريخها، ورغم النزاعات السياسية التي كانت تحصل بين القبائل بعضها البعض، وبين بعض القبائل مع نظام الحكم القائم حينها، إلا أنَّها لم تجّرْ الحكام إلى الانتقام مِن قبيلة أو بلد.. بل ولم يتعدَّ إلى شخص آخر مهما كانت القرابة، طالما أنَّه لم يرتكب جرماً اتجاه الدولة أو الناس. 

أشار الخطاب السامي إلى عامل عظيم لاستقرار الدولة؛ وهو ضمان الحرية والكرامة لأبناء عمان، وهما عنصران عمليان منبثقان عن مبدأين أخلاقيين هما العدل والمساواة، اللذين تمتع بهما حكام عمان عموما. ومَن يقرأ تاريخ حكام البوسعيد يجد آية ذلك، فقد دأب السادة والسلاطين على الالتقاء بالشعب، فالتأريخ يحدثنا عن جولتين سنويتين كان يقوم بهما السيد حمد بن سعيد بن أحمد بن سعيد البوسعيدي (ت:1206هـ)، حتى أحبه الشعب، والتف حوله، وانقاد له، في ظل حكم والده الإمام سعيد (ت:1225هـ). وهذا ما عاصرناه لدى جلالة السلطان قابوس بن سعيد طيّب الله ثراه مِن خلال جولاته السنوية، وهو ما نشهده اليوم مِن لدن جلالة السلطان هيثم بن طارق في الالتقاء بالشعب؛ عبر زياراته السامية للمحافظات. 

مِن منطلق هذه المبادئ الكلية.. يأتي التحول في الاحتفال باليوم الوطني للبلاد مِن يوم 18 نوفمبر إلى 20 نوفمبر مِن كل عام. إنَّ الجميع يدرك الدور المحوري الذي قام به السلطان قابوس في بناء الدولة الحديثة، فقد أخرج البلاد مِن عصر كان يعيش الشعب فيه متأخرا عن الزمن العالمي؛ سواء مِن حيث الثقافة النامية أم الإدارة المتقدمة للمجتمعات أم التطلع نحو مستقبل أفضل، إلى عصر حديث مِن بناء الإنسان والمجتمع والدولة يحقق كل ذلك، ولذلك؛ رأيت بحق أنَّه افتتح طوراً جديداً مِن أطوار التاريخ العماني الكبرى. بيد أنْ البلاد أكبر مِن أجيالها وحكامها، والدولة أرسخ مِن حكوماتها ومؤسساتها، فكان الاحتفاء بذكرى 20 نوفمبر 1744م هو انطلاقة جديدة مِن الحرية والكرامة بتوحيد الأمة العمانية وطرد المستعمر الأجنبي عنها، وكل الحكام الذين ظهر في عهدها إنَّما هم حلقات في جِيد التاريخ العماني، وتحفظ المجد للشعب، على أرض وطن يأبى إلا الاستقلال والكرامة والحرية. إنَّه لفتة حكيمة ووفاء عظيم من جلالته أدام الله مجده.

ومِن باب التسجيل التأريخي.. حريٌّ بأنْ أشير إلى أنَّ الحكم البوسعيدي في شرق إفريقيا قد اعتمد هذا التأريخ للاحتفال بقيام الدولة البوسعيدية المجيدة، وذلك؛ بمناسبة مرور 200 عام على قيامها عام 1944م؛ زمن السلطان خليفة بن حارب بن ثويني بن سعيد بن سلطان البوسعيدي (ت:1960م). فقد جاء في الدعوة السلطانية لحضور الاحتفال:

(«تذكار».. الاحتفال بمرور مائتي عام على قيام الدولة السعيدية.

 من خليفة بن حارب.. إلى حضرة الفاضل..... تحيةً وسلاماً.

وبعد سنحتفل رسمياً في يوم 20 نوفمبر 1944 مع حكومتنا بذكرى تأسيس وقيام مملكتنا السعيدية، التي مضى عليها الآن مائتا عام.

ففي مثل هذا اليوم، منذ مائتين سنة مضت، قامت عمان «مجمعة» بانتخاب جدنا الأكبر الإمام أحمد بن سعيد بن أحمد البوسعيدي إماماً عليها. ولمناسبة هذه الذكرى السعيدة؛ فإنَّنا متأكدون مِن أنَّ الأمة العربية كلها، في كل مكان، ستشاركنا بقلوبها في هذه الذكرى، ولا غرو.. فهذا العيد في الحقيقة عيدها، وهذا المجد في الواقع مجدها، وأنَّ أمتنا التي عملت قديماً للخلود؛ كتب لها البقاء في سجل الأبد.

وبمناسبة هذه الذكرى السعيدة.. ندعوك للحضور في قاعة القصر الكبرى، لتشاركنا في الاحتفال الرسمي في يوم 20 نوفمبر 1944، في الساعة ثلاث والدقيقة 45 صباحاً. ولك الشكر، وعليك السلام.

تنبيه: عند حضورك إلى القصر احمل معك هذه الورقة).

[وهذا التوقيت غروبي؛ يقابله بالزوالي حوالي الساعة 9,45 صباحاً].

إنَّ العلاقة المتبادلة بين الحكام والشعب؛ الحاكم بصيانة البلاد وحفظ كرامة الإنسان، والشعب بالحفاظ على اللحمة الاجتماعية والولاء للسلطان، هي ما جعل الدولة تنحو باستمرار نحو الاستقرار، لتصبح دولة راسخة الوجود، متجددة النهوض. فرغم الاضطراب السياسي الذي مرت به عُمان، كانت الدولة تنحاز للشعب وتستند عليه. فمِن بعد الدولة المركزية لليعاربة في مرحلتها الأولى القوية، التي انهارت بعد موت الإمام سلطان بن سيف اليعربي الثاني (ت:1131هـ)، دخلت البلاد في عنف قبلي مستطير، لجأت فيه الأطراف المتصارعة إلى الاستعانة بالقوات الفارسية، فكاد الوطن أنْ يفقد سيادته، والشعب أنْ تداس كرامته؛ لولا أنَّ الله قيّض لهما القائد الفذ الهمام أحمد بن سعيد البوسعيدي، فجنّد معه جموعاً مِن الشعب، فقمع بهم أولاً رؤوس الفتنة في البلاد، ثم واجه بهم المحتل، وطردهم مِن البلاد، وتعقبهم حتى البصرة، وفرض هيبته على مياه الخليج، فحمد الناس سيرته، ووثق به الشعب لقيادته، وانتخبه العلماء وزعامات البلاد وعموم الشعب إماماً على عمان. ليؤكد على مبدأ ألّا بقاء لمحتل، وأنَّ الشعب دوماً مع قيادته؛ طالما أنَّها تحفظ حريته واستقلال بلاده.

ثم إنَّ الحكام عملوا جَهدهم على تجاوز الصراع العنيف بين الحلفين الكبيرين؛ الهناوي والغافري، اللذين انقسمت الأمة بهما، وتكلل بإعادة صهر القبائل في شعب واحد متآخٍ في الدولة الحديثة، التي قامت على الحقوق المدنية المتساوية وسيادة القانون. إنَّ بناء الدولة المدنية الذي تجلى دستورياً في الدولة الحديثة هو عمل تراكمي، يمكن رجع بدايته -خارج الولاء القبلي والتأطير الفقهي- إلى السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي (ت:1856م)، كان ذلك يحصل مِن دون هدم بنية القبيلة، ولا تنازل عن مقاصد الدين الحنيف.

وعندما امتد النفوذ البوسعيدي إلى شرق إفريقيا في عهد السيد سعيد بن سلطان قامت هناك دولة مواكبة للتحولات الجيوسياسية في العالم. لقد عاشت الشعوب التي حكمها البوسعيد في رخاء وازدهار. ولم يفرض عليهم العمانيون دينهم أو مذهبهم أو ثقافتهم أو لغتهم، وإنَّما تشكل مزيج حضاري مِن الثقافة العمانية العربية وثقافة تلك الشعوب؛ لاسيما الإفريقية، فقد تزاوج العمانيون مع هذه الشعوب؛ صهراً وثقافةً ومصيراً، ولعله مِن أفضل صيغ التعايش التي حصلت في هذه البلدان. كان ذلك والاستعمار الغربي ينهب إفريقيا، ويشحن سفناً كالرواسي بالأفارقة عبيداً إلى أوروبا وأمريكا، وكان يتخلص مِن الحمولة الزائدة أثناء هيجان البحر بكثير منهم، ومَن يصل الناجي مِن غرق الأمواج وسياط العذاب وفتك الأمراض يواصل حياةً مهينة في خدمة الإقطاعيين الغرب.

لم ينسَ حكام البوسعيد الذين بنوا دولة لعُمان في شرق إفريقيا شعبهم، ففتحوا المجال للعمانيين بالهجرة إليها؛ ليسندوا حكامهم هناك، فاستقطب السلاطين الفقهاء والقضاة والشعراء والمؤرخين، مثل: الفقيه المتكلم ناصر بن جاعد الخروصي (ت:1263هـ)، والشاعر الفقيه ناصر بن سالم الرواحي؛ أبي مسلم البهلاني (ت:1339هـ)، والمؤرخ سعيد بن علي المغيري (ت:1962م)، ومُفسّر القرآن عبدالله بن صالح الفارسي (ت:1982م). وهذا امتداد لما قام به سلاطين البوسعيد في عُمان، والذين ما انفكوا يستقطبون إليهم الفقهاء والقضاة والعلماء ورؤوس القبائل، للاستفادة منهم في بناء الدولة العمانية، وقد تتوج ذلك ببناء مؤسسات للثقافة العمانية والفكر الديني والشئون الداخلية؛ تأتي في مقدمتها وزارات: الشئون الدينية، والثقافة، والداخلية، المتعاقبة، وخصص النادي الثقافي والمنتدى الأدبي لرعاية الحقول البحثية والإبداعية.

لقد استقرت الدولة على المبادئ العليا التي تُطوَّع لها المتغيرات؛ بمختلف تقلباتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لترسّخ الدولة وينعم الشعب. ومن أهم هذه المبادئ التي قام عليها «النظام الأساسي للدولة»:

- الإسلام هو دين البلاد، ومِن روحه تستمد الأنظمة والقوانين، ومِن توجيهاته تنبع القيّم والآداب. والعربية هي اللغة الرسمية، التي لا يجوز أنْ تؤثر عليها أية لغة أخرى. وفي ظل مقاصد الإسلام وسعة الثقافة العربية؛ تأسست الدولة المدنية، كافلةً التنوع الثقافي.

- الوحدة الوطنية لا تقبل المساس، تحت ظل قيادة واحدة على رأسها السلطان حاكم البلاد، فلا يُسمح أنْ تتكوّن أية قوى داخلية خارج إطار مؤسسات الدولة وقوانينها، ولا يجوز لأيٍ مِن مكونات الوطن الارتباط بجهة خارجية، دون أنْ تنشئه الدولة أو تسمح به المبادئ الدستورية والتشريعات القانونية.

- دولة حديثة نامية، قائمة على التدرج في بناء المؤسسات الدستورية والقانونية والإدارية، بغية الوصول لمشاركة كافة شرائح الوطن في إدارة الدولة، تحت قبة «مجلس عمان» بغرفتيه: مجلس الشورى ومجلس الدولة.

- عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، وإنَّما تبنى العلاقات معها في أطر الاتفاقيات والمواثيق الدولية، تحت مظلة الأمم المتحدة وهيئاتها.

- التسامح وحرية الفكر والتعبير هو العقيدة الأخلاقية التي يجب أنْ تسود بين جميع مَن يقطن عمان. والسلام والتعاون وعدم إذكاء الحروب هو عقيدتها السياسية التي تتعامل بها مع الدول، وفي إطارها تسعى السلطنة للمساهمة في حل النزاعات الدولية.

- عدم التنكر للمنجز العماني عبر التاريخ؛ دينياً وحضارياً وسياسياً، بما في ذلك تجارب الحكم السابقة وتطور نظرياتها السياسية.. بل الاستفادة مِن هذا المنجز بحيث يحقق التوازن في الانتقال إلى الدولة الحديثة وتجدد نهضتها المستدامة، وجعله هُوية تشكل الثقافة العمانية التي تؤمن بالتعدد في إطار الوحدة.

- التواصل الحضاري مع الشعوب، وتجنب العزلة الدولية، عبر التمثيل السياسي، والتبادل الاقتصادي، والاستفادة مِن التجارب العلمية والتعليمية والثقافية، والحضور مِن خلال الفعاليات والمناشط الإقليمية والدولية، في كل مناحي الحياة.

- الموازنة المحكومة بالعدالة والمساواة في توزيع الثروة لبناء كل قطاعات السلطنة، عبر توزع المؤسسات الخدمية في كل المحافظات، وتحقيق الرخاء الاقتصادي والرفاه الاجتماعي لجميع سكان عمان. وآخر صور التوزيع العادل؛ هو ما منحه عاهل البلاد المفدى مِن استقلال المحافظات في رؤيتها لما يحقق الصالح العام للشعب في الولايات؛ بكافة مدنها وقراها وواحاتها، وتخصيص البنود المالية اللازمة لتنفيذ هذه الرؤية. 

خميس العدوي كاتب عماني

مقالات مشابهة

  • البوسعيد.. ورسوخ الدولة العمانية
  • تشكل الإمامة الأولى وتفرعاتها
  • اليوم الوطني .. التحول التاريخي للدولة البوسعيدية
  • الدولة البوسعيدية.. من مجد التاريخ المتألق إلى عهد النهوض المُتجدد
  • العرف القبلي.. منظومة قضائية متكاملة من “الغرامة” إلى “تشريف الحكم” تفصل النزاعات بعدالة صارمة “الجزء11”
  • من الإمام إلى السلطان
  • كيف بدأت الدولة البوسعيدية العظيمة؟!
  • تحذيرات الشرع تهزّ المشهد.. هل تنجح سوريا في محاربة الفساد؟
  • تطوّر العملية التشريعية في الدولة البوسعيدية.. رحلة حلم وطني يتجدد