عيد مزين بالألوان.. ملابس المسلمين الاحتفالية بين البساطة والترف والأزمة الاقتصادية
تاريخ النشر: 29th, June 2023 GMT
عندما يأتي ذكر عيد الأضحى المبارك، يقفز إلى الأذهان فورا مشهد صلاة العيد في الصباح الباكر، حيث يرتدي الرجال الجلاليب البيضاء الناصعة، وتتزين النساء بالأثواب الملونة، ويرتدي الأطفال خليطا من هذا وذاك ابتهاجا بالعيد قبل أن يبدأ ذبح الأضاحي. ولكن الصورة لم تكن دوما بهذا الشكل، فقد تطورت علاقتنا بالملابس عبر التاريخ، وخلال الأربعة عشر قرنا الماضية وهي عمر الإسلام، تطورت ملابس المسلمين عامة، وما يرتدونه في الأعياد خاصة، بتوالي العهود وتوسّع رقعة الإسلام واختلاطه بالأمم المجاورة، وإن تمسك الناس على الدوام بارتداء أفضل ثيابهم في ذلك اليوم حتى وإن لم تكن أجددها.
الملابس الأولى
عبر تاريخ الإنسان العاقل القصير، الذي لا يتجاوز ثلاثمئة ألف عام على الأكثر، اكتشف بنو جنسنا كيف يصنعون الملابس رويدا رويدا، وإن كان من الصعب تحديد تاريخ لذلك لأن الأقمشة تتحلل بعد بضعة آلاف من السنين فحسب، ولكن وفقا للدراسة المنشورة في مجلة "آي ساينس" (IScience) فمن المحتمل أن الأمر قد بدأ قبل 120 ألف سنة في منطقة المغرب، بعد أن ساد العالم عصر جليدي جديد جعل ارتداء الملابس ضرورة للبقاء على قيد الحياة.
داخل أحد كهوف مدينة تمارة المغربية، والمطلة على المحيط الأطلسي، وُجدت بقايا عظام حيوانات لاحمة مثل ابن آوى والقطط البرية والثعالب وعليها علامات سلخ واضحة، تبدأ عند الأطراف الأربعة، وتنتهي عند الرأس، وتشبه كثيرا علامات السلخ التي تُسببها تقنيات السلخ الحديثة التي تُستخدم اليوم، مما يشي بأن سكان الكهف القدماء استخدموا جلود وفراء هذه الحيوانات ملابس من أجل الاستدفاء (1).
كانت الملابس حتى ذلك الحين تؤدي غرضا وظيفيا، قبل أن يبدأ الإنسان في رؤية الجانب الجمالي فيها، ويخصص ملابس بعينها للمناسبات الخاصة. أحد أقدم الأدلة على ارتداء الإنسان الملابس الاحتفالية في عصور ما قبل الحضارات هو تمثال "عاشقا عين صخري" الذي وُجد في بيت لحم بفلسطين المحتلة، ويُمثل حبيبين متعانقين ومتزينين بقطع من الجلود يبدو أنها ذات طبيعة احتفالية خاصة وليست مجرد ملابس عادية، ويقدر عمره بـ9000 عام (2).
وإذا سرنا قليلا عبر الزمان والمكان إلى الأراضي المصرية، فسنجد أن المصريين في عصر الدولة المصرية الوسطى احتفلوا بـ"عيد الإبت"، الذي يحتفل فيه الملك بتجديد شبابه عطيةً من آمون، وكان يُقام في مدينة طيبة (3). وقد امتد الاحتفال بهذا المهرجان حتى عصر الدولة الحديثة، أي قبل الميلاد بنحو 1000 سنة، في زمن أحمس قاهر الهكسوس، نلاحظ هنا تطورا في فخامة الملابس، حيث ارتدت نفرتاري زوجة أحمس رداء أبيض ذا أكمام واسعة تغطي مرفقيها، بعد أن جرت العادة أن ترتدي النساء ما يغطي الجزء السفلي من أجسادهن فحسب، انتشر أيضا وضع الشعر المستعار المزدان بالخرز الملون، وظهرت موضة الرداء الكتاني المثلث الذي يثبت بياقة ويمتد من الكتفين حتى الوسط (4).
رمزية الملبس في مجتمعات الماضي
على مر التاريخ كان لتطور الملابس علاقة بالحياة السياسية، والدينية أيضا، بقفزة أخرى عبر الزمان إلى بدايات الفتح الإسلامي سنلمس تغييرا كبيرا، وذلك بسبب موقف الإسلام الداعي إلى حسن الهيئة والزينة، وتعدد الآيات القرآنية والأحاديث التي تضع ضوابط للملابس وتحرّم بعض ما كان سائدا في الجزيرة العربية وفي البلاد الأخرى التي انتقل إليها الإسلام.
كانت الملابس في بعض المناطق مثل السودان وجنوب مصر تغطي القليل من الجسم بسبب درجات الحرارة المرتفعة، فنقلت تعاليم الإسلام مفهوم ستر الجسد بضوابطه للمرأة والرجل، فضلا عن الضوابط الأخرى التي وضعتها الشريعة للملبس، مثل النهي عن جر الثوب وتحريم لبس الحرير للرجال وغيرها، وهو ما جعل الفتح الإسلامي في البلاد التي وصل إليها علامة فارقة في هيئة الملابس فيها.
أما عن الأعياد فكان أحد أهم التعاليم الإسلامية التي تتعلق بالملابس في المناسبات هو الاعتناء بالمظهر يوم الجمعة وتخصيص ملابس له تختلف عن غيرها المخصصة للعمل، فضلا عن تخصيص أفضل الثياب ليوم العيد. ولكن مع تعاقب الدول تسللت عادات وتقاليد إلى الملبس لم تراعِ تعاليم وأحكام الإسلام بالقدر نفسه الذي حدث في العهود الأولى، غير أنها كانت تعبر، كأغلب الملابس في العصور الوسطى، عن طبيعة الحكم وسلطة الدولة وفئات المجتمع، وأبرز الاحتفالات والأعياد (5).
كان المسلمون يقيمون مدنا جديدة في البلاد المفتوحة، وكان التأثر بسكانها حتميا، فصناعة المنسوجات مثلا كانت متقدمة بالفعل في مصر وسوريا والعراق وحتى إيران، حتى إن الحكام كانوا يستمدون ما يحتاجون إليه من أفخم الأقمشة من مصر تحديدا، يُذكر منها الكتان الرقيق الذي كان مخصصا لكبار رجال الدولة، و"القباطي" الذي صنعت منه كسوة الكعبة منذ عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحتى العهد الفاطمي (6).
الفخامة الأموية والفاطمية
بتتبع محطات التغيّر في ملابس المسلمين على مدار العصور الوسطى، أي منذ فجر الإسلام وحتى القرن السادس عشر، يمكننا ملاحظة التغييرات الجذرية التي ألمَّت بها، فبعد البساطة التي ميزت السنوات الأولى من العصور الإسلامية، تسلل الترف إلى الملابس، بسبب تضافر عوامل مختلفة؛ منها الفتوحات الإسلامية بما أسفرت عنه من اقتباس عادات شعوب مختلفة، وتدفق الأموال والغنائم من البلاد المفتوحة، وتطور صناعات النسيج. في ذلك العصر ارتدى بعض الناس الحرير والستان وكل أنواع الأقمشة الفخمة التي توافرت لهم.
تفنن الأمويون مثلا في ارتداء الأنواع المختلفة من الأنسجة، وراقتهم الثياب المَوْشيّة (المنقوشة)، وارتدوا ملابس الروم، وإن ظلوا محتفظين بارتداء العمائم وتعليق السيوف، وارتدى الحكام ثيابا حملت في أطرافها تطريزات ملونة بخط عربي (7).
ثم تطور الزي في العصر الفاطمي بشكل لافت في مصر، وحرص الفاطميون على أن تعبر الملابس عن "مذهبهم الشيعي" وعن الثراء المادي الذي ميز عصرهم، ونظرا لِما عُرف عن الفاطميين من الاهتمام بالأعياد والاحتفالات إلى جانب الرغبة في إظهار مظاهر الثراء والترف، فقد خصص الحكام ملابس فاخرة لكل مناسبة.
أنشأ الخليفة المعز لدين الله دار الكسوة، لتوفر للمسلمين من كبار رجال الدولة وحتى أصغر الموظفين ملابس خاصة للأعياد سميت "بالبدلة الموكبية"، واختلفت فخامة الملابس وفقا لمركز كلٍّ منهم، فكان أعلى الأمراء مركزا يحصلون على الياقات المطرزة وشرائط الذراع، بينما يحصل الوزير على عقد مرصّع بدلا من الياقة.
كان الزي الواحد يتكون من عدد من القطع يصل إلى 12 قطعة، وكانت تُصنع من أفخر أنواع الأقمشة، كالحرير والكتان والنسيج الموشّى، وكانت معظم الملابس الاحتفالية بيضاء اللون موشاة بخيوط من الذهب والفضة، ولم تُعرف هذه الثياب في مصر قبل العصر الفاطمي، وكان الحكام يخرجون للاحتفال في المناسبات الدينية المختلفة وعلى رأسها عيدا الفطر والأضحى في مواكب احتفالية فاخرة (8).
العيد في ثياب الخليفة
في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، كان الخليفة يخرج للصلاة مرتديا ثوبا من الحرير الأبيض، غير الموشى بالذهب، توقيرا للصلاة، فوقه طيلسان (شال أو وشاح أخضر اللون)، وكان يرتدي عمامة من الحرير الأبيض الرقيق، ربما كانت ملابس الخلفاء تختلف فيما بينها اختلافات طفيفة، لكنها تتشابه في هذه المناسبة.
يدّخر الخليفة ليوم عيد الفطر ملابس أكثر فخامة وترفا، إذ يُصنع له ثوب خاص هو البدنة، يُصنع أغلبه بخيوط الذهب وتحته ثوب مطرز بالحرير، وعلى الوسط حزام من الحرير مطرز بالذهب، العمامة، وهي أيضا أحد مظاهر الترف والكرامة، كانت تُرصّع بالجواهر تتصدرها "الدرة اليتيمة" (التي لا مثيل لها)، حول العمامة منديل يُعرف بـ"شاش العمامة" يُنسج من خيوط الذهب ويُلف بطريقة مميزة. يمكن تخيل قدر المتعة التي كان العامة يشعرون بها فقط بمجرد الخروج لمشاهدة مواكب بمثل هذا الترف، وربما كانت أحد أبرز مباهج الأعياد في تلك العصور.
وفي عيد الأضحى تميزت ملابس الحكام باللون الأحمر، لاقتران المناسبة بذبح الأضحية، وكان الخليفة يذبح بنفسه عددا كبيرا منها في الأيام الثلاثة الأولى للعيد ويستريح في اليوم الرابع، لكن الملابس تختلف أيضا بحسب توجه الحاكم، فعُرف مثلا عن الحاكم بأمر الله نزوعه للزهد والتصوف، لذا خلت مواكبه من مثل هذه الزينة (9).
وزع الخلفاء في مناسبة عيد الفطر تحديدا الكثير من الخلع على العامة، وكانت تُصنع في دار الكسوة، التي يعمل فيها أمهر الخياطين، ويخصص جزء منها لصناعة ملابس الخليفة نفسه، فيما يجري العمل في القسم الثاني منها لصناعة الحُلل، التي يهديها الخليفة لرجال دولته في المناسبات المختلفة، ويمتد عطاؤه في عيد الفطر لعامة الشعب، ولذا سُمي بعيد الحُلل؛ لأن الكساء يشمل الجميع.
كانت الملابس تشي بمكانة أصحابها بين رجال الدولة، بحث بعضهم عن التميز فصنع ملابسه في المكان نفسه الذي تُصنع فيه ثياب الخلفاء والحكام، ويمكن تصور أهمية الملابس حين نعرف أن الخلفاء كانوا يصادرونها من رجال دولتهم عندما يحدث ما يعكر صفو علاقتهم بهم، تماما كما كانوا يخلعون عليهم الكثير منها في حالات الرضا.
كان لأغطية الرأس كذلك أهمية لا تقل عن الملابس، فكان القضاة مثلا يتحلون بأكبر العمائم نظرا لقدرهم بين رجال الدولة، وكانت العمامة بين الملابس التي يخلعها عليهم الحكام عند تولي منصب القضاء، كما كان إرخاء طرف العمامة أحد مظاهر المكانة الرفيعة، ولم يكن مسموحا في المواكب إلا للخليفة والوزير.
الألوان كانت سمة أخرى تميز الناس وتفصل بينهم، وكانت تكلفة إضافية لأجرة الخياط أن تُحمل الملابس لصباغتها، ولكل لون تكلفته، فضلا عن وجود بعض الصباغين الذين يستخدمون مواد رديئة للصباغة، تبهت ألوانها بعد مرات قليلة من ارتدائها، لتشي بضيق ذات اليد.
راجت تجارة المنسوجات والملابس واتخذت أشكالا مختلفة وفق عادات المجتمع، فظهرت إلى جانب الأسواق المكتظة بالبضائع مهنة "الركاضون"، وهم تجار الثياب الذين يجوبون البلاد الصغيرة وداخل الأحياء لبيع الملابس، كما ظهرت "الدلالة" التي تحمل بضائعها إلى النساء في البيوت اللاتي لا تسمح مكانتهن الاجتماعية الرفيعة بارتياد الأسواق (10).
أعياد القاهرة المملوكية
يحكي المقريزي أشهر مؤرخي عصر المماليك عن سهر الناس من العامة ليلة العيد لإعداد ملابس العيد وتطريزها، كما يحكي عن عادة سلاطين المماليك في عيد الأضحى، بعد الانتهاء من النحر في توزيع "الحُلل" على الناس، يحكي مؤرخ آخر هو ابن الحاج عن الاهتمام بالزينة بشكل ناقد، إذ يكتب عن "بنات العيد" اللاتي يتزين بالملابس الجديدة ويخرجن للشوارع والحوانيت يغنين ويجمعن النقود من العابرين.
يرصد المؤرخون في عصر المماليك ظهور "الموضة"، فالملابس باهظة الثمن التي تتزين بها نساء الطبقات العليا في المناسبات والأعياد تجد محاولات لتقليدها بين العامة، وحتى ذلك الحين كانت الدولة تتدخل بسلطتها لمنع بعض الثياب، فيطوف المنادون في الشوارع يحذرون النساء من ارتداء ملابس معينة، كالتي يزيد طول أكمامها مثلا فيصل إلى القدمين، وهي ثياب ارتدتها نساء السلاطين والأمراء وحاولت نساء العامة تقليدها، لكنها اختفت سريعا لتجد ثيابا أخرى مكانها بين عامة النساء، كانت أيضا تقليدا لنساء السلاطين، وانتقلت إلى العامة من أعلى إلى أسفل (11).
العيد على الطريقة الحديثة
عندما قامت الدولة العثمانية في القرن الرابع عشر، لم يحدث تغير مفاجئ في شكل الثياب، بل استمرت في اتخاذ الطابع الذي كان سائدا بالفعل، حيث ارتدى الرجال القفطان المطرز بينما ارتدت النساء اليليك، وهي سترة مطرزة بلا أكمام تُرتدى فوق قميص طويل الأكمام وتزدان بالخيوط الملونة والحُليّ.
مع الانتقال إلى العصور الأكثر حداثة، بدأت قصة الموضة تكتمل شيئا فشيئا؛ ومع الثورة الصناعية صار الحصول على الكثير من الملابس ممكنا، وبسعر أقل من العصور السابقة، وصار بوسع الطبقات الأدنى الحصول على ملابس تشبه ملابس الأثرياء والطبقات الأعلى ليتغير الكثير في ملابسنا.
بحلول مطلع القرن العشرين، بدأت الملابس تتخذ طابعا عصريا متأثرا بالموضة الأوروبية والغربية، تُستثنى من ذلك مناطق بعينها حافظت على لباسها التاريخي. وهكذا انزوى الزي التقليدي في كثير من البلاد الإسلامية لكن الأعياد ظلت تستحضر هذه الأزياء -إلى حدٍّ ما- في شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى، حيث ترتدي النساء العباءات الفاخرة والمطرزة والملونة، ويرتدي الرجال الجلباب الأبيض (12). الجدير بالرصد أننا كلما ابتعدنا عن المدن المركزية الكبيرة، تناقص التأثر بالأزياء والموضات العالمية وبدا التمسك بالأزياء التقليدية، مثل الحال في صعيد مصر، حيث ترتدي النساء الجلاليب وأربطة الرأس الملونة، ويرتدي الرجال الجلابيب ذا الأكمام الواسعة والعمائم البيضاء والقفطان.
لطالما كانت ملابس العيد جزءا لا يتجزأ من الاحتفال بالعيد نفسه، وربما فرصة وحيدة لا تتاح بقية العام للحصول على ملابس جديدة، لكنها تتحول في ظل الوضع الاقتصادي العالمي المتذبذب في السنوات الأخيرة إلى عبء مادي جديد على الأسرة، ومصدر للضغط والقلق. لذلك، تزدهر أسواق الملابس المستعملة والفائضة من المصانع ازدهارا واسعا اليوم، وتصبح محط اهتمام العديد من الطبقات، والجدير بالذكر أن هذا التوجه ليس جديدا تماما، فقبل زمن طويل شهد العصر الفاطمي في فترات ركوده حلولا مشابهة، فظهر سوق الملابس المستعملة، خاصة وقت الشدة المستنصرية، وقدمت أغلب بضائعه من مدينة باليرمو بصقلية (13)، اليوم توفر كثير من هذه الأسواق ملابس عالية الجودة بأسعار زهيدة مقارنة بأسعارها الأصلية، ويصبح بالإمكان معها الاحتفاظ بأحد أسباب بهجة العيد، رغم الصعاب المتزايدة.
————————————————————————————-
المصادر:1- Evidence of Fur and Leather Clothing, Among World’s Oldest, Found in Moroccan Cave | Science| Smithsonian Magazine
2- sculpture | British Museum
3- Festivals in Ancient Egypt – World History Encyclopedia
4- Fashion & Dress in Ancient Egypt – World History Encyclopedia
5- تطور الملابس في المجتمع المصري من الفتح الإسلامي حتى نهاية العصر الفاطمي
6- ARAB DRESS: From the Dawn of Islam to Modern Times
7- تاريخ الأزياء وتطورها
8- ARAB DRESS: From the Dawn of Islam to Modern Times
9-تطور الملابس في المجتمع المصري من الفتح الإسلامي حتى نهاية العصر الفاطمي
10- المصدر السابق
11- المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك
12- ARAB DRESS: From the Dawn of Islam to Modern Times
13-تطور الملابس في المجتمع المصري من الفتح الإسلامي حتى نهاية العصر الفاطمي
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
نصائح نبوية لنشر السلام والمحبة بين المسلمين.. تعرف عليها
أرشدنا النبي الكريم إلى مجموعة من النصائح الشاملة التي تساعد على إرساء المحبة والسلام بين المسلمين في مجتمعهم فتقوي وحدته وتشد من بنيانه.
وروي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه» صحيح مسلم.
وقوله: «ولا تدابروا» أي ولا يهجر بعضكم بعضا ولا تعرض بوجهك عن أخيك وتوله دبرك استثقالاً له وبغضاً، ويفهم من نهيه عن التدابر نهيه المسلم أن يستنكف عن استماع الآخر وإعطائه الفرصة للتعبير عن مكنوناته وذاته، ففي التدابر عدم احترام لإنسانيته واعتداء على حقه في التعبير عن رأيه.
والتدابر يعني وصول الطرفين إلى حلقة مسدودة لا تسمح بمرورهم سوياً إلى السلم بمعنى التواصل الفكري والاجتماعي والإنساني، فالتدابر بين الأفراد والأمم يعني فشلها في الوصول إلى حالة الإقناع أو الاقتناع وفق منهج عقلي، وهذا بالتالي سيجر كلا المتدابرين إلى استخدام وسائل عدوانية أو غير إنسانية للتعبير عن ذاتهما ووجودهما.
المسلم أخو المسلموعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة».
ويؤكد هذا الحديث على ضرورة الإيجابية والتفاعل مع حاجات الغير والسعي في قضائها كمبدأ أساسي لتحقيق السلام في المجتمع الإسلامي، فالمسلم لا يظلم المسلم، وكذلك لا يخذله بالامتناع عن مناصرته على ظالمه، وفي هذا الحديث أيضاً ترغيب من النبي صلى الله عليه وسلم على معاونة المسلم وقضاء حاجته وستر عيوبه، بإخباره أن من فعل ذلك بطاقته المحدودة مسانداً أخاه استحق أن يسانده الله في الدنيا والآخرة بقدرته اللامحدودة.
وأخرج الإمام أبي داود حديث آخر هاماً يرشد عامة المسلمين للتحالف والتآخي لترسيخ السلام بينهم، فعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه».
ويلاحظ هنا استخدام النبي صلى الله عليه وسلم صيغة العموم في الاسم الموصل «من» ليشمل هذا الحديث جميع أفراد المجتمع باختلاف عقيدتهم، وفيه من مبادئ السلام الاجتماعي تقديم الحماية لمن يطلبها وتقديم العطاء وإجابة الدعوة والمكافأة على المعروف بأي شيء ولو بالدعاء، وفيه عرض النبي صلى الله عليه وسلم عدة مستويات متدرجة في نشر السلام في المجتمع، فبعد أن كانت دعوته في الأحاديث إلى الأمر بتقديم الحماية والعطاء والمكافأة، فالسلام في كف الأذى أولاً ثم السلام في تقديم المعروف والخير ثانياً، وكلاهما سلام.