غزة- كان الستيني نعيم الشريف يرافق زوجة نجله حسن في رحلة علاجها من مرض السرطان، عندما اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي على معبر بيت حانون "إيرز" شمالي قطاع غزة، وزجت به أسيرا في "سجن نفحة"، بينما عادت المرأة المريضة إلى منزلها محملة بالحزن وأسيرة لمرضها الخبيث.

والشريف (64 عاما) واحد من 7 فلسطينيين اعتقلتهم قوات الاحتلال منذ مطلع العام الجاري، في أثناء تنقلهم من خلال معبر إيرز المخصص لسفر شريحة محدودة من قطاع غزة، جُلها من المرضى، وأعداد معلومة من العمال والتجار، وقلة من المواطنين العاديين، بعد منحهم تصاريح إسرائيلية خاصة تتيح وصولهم إلى وجهاتهم في الضفة الغربية أو الداخل (إسرائيل).

ووثّقت هيئات تعنى بالأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي اعتقال 45 فلسطينيا منذ مطلع العام الجاري، من مرضى وتجار وصيادين وشبان، في أثناء محاولتهم اجتياز السياج الأمني بحثا عن فرص عمل.

وحسب وزارة شؤون الأسرى والمحررين في غزة، فإن من بين المعتقلين 7 فلسطينيين اعتقلوا على معبر "إيرز"، وهو المعبر الوحيد المخصص للأفراد على حدود غزة، ويخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة.

الأسير نعيم الشريف بين أحفاده في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وقد اعتقله الاحتلال في أثناء مروره عبر معبر "إيرز" (الجزيرة) اعتقال بسبب "تحويل رصيد"

وقع اختيار أسرة الشريف على كبيرها نعيم لمرافقة زوجة ابنه "أم علي" في رحلة علاجها من مرض السرطان الذي تم تشخيصه قبل بضعة شهور، بعدما رفضت سلطات الاحتلال منح زوجها حسن تصريحا للسفر ومرافقتها للمستشفى الاستشاري في رام الله لتلقي العلاج غير المتوفر في المستشفيات والمؤسسات الصحية بغزة المحاصرة.

ويقول حسن (38 عاما) -في حديثه للجزيرة نت- إن والده عمل سابقا في إسرائيل لنحو 30 عاما، ولم يسبق له أن تعرض للاعتقال، وقد حصل على تصريح إسرائيلي للسفر، ورافق زوجة ابنه مرتين لعلاجها قبل أن يتم اعتقاله في مارس/آذار الماضي حين جرى اعتقاله وتحويله إلى سجن نفحة، والتحقيق معه وعرضه على المحكمة.

وتتهم إسرائيل الستيني الشريف بتحويل رصيد مكالمات لجهاز هاتف محمول لقريب للأسرة معتقل في سجون الاحتلال. ويقول حسن إن الحادثة تعود لعام 2005، "عندما طلب ابن خالي -وهو من محافظة قلقيلية بالضفة الغربية- المعتقل لدى الاحتلال بطاقة مكالمات كرصيد لهاتف محمول يستخدمه الأسرى للاطمئنان على ذويهم".

ويضطر المعتقلون في سجون الاحتلال إلى استخدام هواتف مهربة للتواصل مع أسرهم وأبنائهم، للتغلب على القيود الإسرائيلية المفروضة على الزيارات.

خديعة إسرائيلية

في يوم الاعتقال، بينما كان الشريف رفقة "أم علي" بانتظار دورهما للمرور، فاجأه ضابط مخابرات إسرائيلي باصطحابه للتحقيق، ولنحو 9 ساعات ظلت الكنّة المريضة محتجزة في صالة المعبر، يتملكها الخوف والقلق الممزوجان بآلام المرض، حتى تسلمت بطاقة هويتها وسُمح لها بمواصلة طريقها إلى المستشفى وحدها، حسبما نقل عنها زوجها حسن.

وقال الابن "رفضت زوجتي السفر بمفردها، وقررت العودة إلى المنزل في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وكانت الساعة وقتها قد تجاوزت منتصف الليل (..) وعاشت لفترة في وضع نفسي صعب جدا، ضاعف من آلام مرضها الجسدي".

ويصنف حسن الشريف اعتقال أن والده خديعة إسرائيلية، ويقول إن "منح أي إنسان تصريح للسفر، خاصة لو كان لغرض إنساني مثل مرافقة مريضة سرطان، يعني أنه في مأمن من الاعتقال أو التعرض لأذى، غير أن والدي فقد الأمان وفقد حريته باعتقاله وهو في الـ60 من عمره".

الناطق باسم وزارة شؤون الأسرى والمحررين: الاحتلال يحول معبر إيرز لمصيدة اعتقال بغرض الابتزاز والمساومة (الجزيرة) سياسة غير إنسانية ولا أخلاقية

وتستخدم وزارة شؤون الأسرى والمحررين وهيئات حقوقية أهلية وصف "مصيدة" للتعبير عن سياسة الاعتقال التي تمارسها سلطات الاحتلال على معبر "إيرز"، والتي تطول غالبا حالات إنسانية.

وقال المتحدث باسم الوزارة منتصر الناعوق -في حديث للجزيرة نت- إن الاحتلال يوظف هذا المعبر كمصيدة اعتقال، لاستدراج المستهدفين عبر منحهم التصاريح، التي تعد "موافقات أمنية"، ومن ثم يعتقلهم ويخضعهم للتحقيق لدى جهاز الأمن الإسرائيلي (الشاباك)، بهدف الابتزاز وانتزاع الاعترافات والحصول على معلومات.

وهذه السياسة -برأي الناعوق- "غير إنسانية وغير أخلاقية"، وتزداد بشاعتها باستهدافها المرضى ومرافقيهم، إضافة إلى عمال وتجار يتنقلون بحثا عن لقمة العيش.

وبدوره، يتفق رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني المحامي صلاح عبد العاطي، مع سابقيه في ما ذهبا إليه، وأكد أن تحويل الاحتلال المعابر الإنسانية لـ"فخاخ ومصائد للاعتقال" يمثل انتهاكا جسيما لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومعايير حقوق الإنسان.

وقال عبد العاطي للجزيرة نت إن إسرائيل تستغل حاجات الناس للسفر بغية العلاج أو العمل، لابتزازهم ومساومتهم للحصول على معلومات، ومعاقبة الرافضين بالسجن.

وعن اعتقال الشريف، أكد عبد العاطي أنه لم يقم بجريمة يعاقب عليها القانون سوى عند الاحتلال، الذي لا يتوقف عن صناعة محددات وقوانين بمواصفات عنصرية، واضعا ما تمارسه إسرائيل على معبر "إيرز" في سياق "العقوبات المتعددة الأشكال التي تفرضها على غزة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

يعتبر أهم معبر لنقل النفط في العالم.. ما هو تأثير إمكانية غلق معبر هرمز على المغرب ؟

زنقة 20 | الرباط

في ظل تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل وبعد الضربات الأمريكية للمواقع النووية الإيرانية، وافق البرلمان الإيراني على إغلاق مضيق هرمز، ولكن الأمر لم يحسم بعد، بانتظار مصادقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.

وقالت وسائل إعلام إيرانية رسمية، إن قرار إغلاق مضيق هرمز الحيوي لا يزال مرهونا بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، في وقت تتصاعد فيه التوترات الإقليمية بعد الضربة الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية.

و يعتبر مضيق هرمز أحد أشهر الممرات المائية في العالم، وتصفه إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بأنه “أهم ممر لنقل النفط في العالم”، يقع بين سلطنة عمان وإيران، ويربط الخليج بخليج عمان وبحر العرب.

في هذا الإطار يطرح متتبعون مغاربة ، تأثير هذا الإغلاق إن تقرر من طرف إيران على الإقتصاد المغربي.

حاليا يقول الخبير المغربي إدريس الفينة، فإن ارتفاع أسعار البترول إلى 79 دولاراً يعمق الضغوط على الاقتصاد المغربي، المستورد شبه الكلي للطاقة، ويهدد التوازنات الماكرو-اقتصادية للبلاد.

و أورد أن أبرز الآثار على الاقتصاد المغربي، تتمثل في رفع الفاتورة الطاقية بأكثر من 10 مليارات درهم، ما يوسع العجز التجاري ويضغط على الاحتياطي من العملة الصعبة، و ارتفاع النفط نحو 1 نقطة مئوية إلى معدل التضخم، مما يقلص القدرة الشرائية ويؤثر سلباً على الاستهلاك الداخلي، المحرك الرئيسي للنمو.

كما سيضطر صندوق المقاصة بحسب الفينة، إلى رفع مخصصات دعم المحروقات، ما قد يؤدي إلى عجز مالي إضافي، ويهدد استقرار المؤشرات السيادية.

و أشار أيضا إلى إمكانية تضرر قطاعات حيوية مثل الصناعة، الفلاحة، والنقل ستشهد ارتفاعاً في التكاليف، مما يُضعف تنافسية العرض الوطني داخلياً وخارجياً.

مهتمون سجلوا أن الدول الأكثر تأثرًا بإغلاق مضيق هرمز هي دول الخليج العربي المنتجة للنفط والغاز مثل السعودية، الإمارات، الكويت، وقطر، و الدول المستوردة للطاقة في آسيا وأوروبا وأمريكا، و الدول المحيطة التي تعتمد على استقرار أسعار الطاقة.

هل المغرب ستتأثر بإغلاق مضيق هرمز؟

بحسب قراءات محللين، فإن المغرب ليس من الدول التي تمر عبرها صادرات النفط في المضيق، لكنه قد يتأثر بشكل غير مباشر عبر ارتفاع أسعار النفط والغاز العالمية.

هذا التأثير يمكن أن يؤدي إلى زيادة تكاليف الطاقة بالمغرب، مما يؤثر على الاقتصاد الوطني ومستوى المعيشة.

مقالات مشابهة

  • يعتبر أهم معبر لنقل النفط في العالم.. ما هو تأثير إمكانية غلق معبر هرمز على المغرب ؟
  • ضبط أكثر من 10 آلاف مسيّرة في طهران.. وإسقاط 130 منذ بدء الحرب مع إسرائيل
  • ناقد رياضي يروي موقفا إنسانيا لـ شيكابالا.. صور
  • إيران.. اعتقال 53 شخصاً بتهمة التخابر مع إسرائيل
  • اعتقال العشرات في حملة مداهمات إسرائيلية بالضفة
  • إيران.. اعتقال 22 شخصا بتهمة التخابر مع إسرائيل
  • اعتقال 22 شخصا في إيران بتهمة التجسس لصالح إسرائيل منذ اندلاع الحرب
  • إعلام إيراني: اعتقال 22 شخصا في محافظة قم بتهمة التجسس لحساب إسرائيل
  • إسرائيل تقصف منصات ومستودعات صواريخ غرب ووسط إيران
  • إسرائيل تقصف مواقع بإيران وطهران تقدم عرضا للعملاء