التدخين في العراق.. ملايين الدولارات وأرقام صادمة وقانون مركون
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
شفق نيوز/ يحتل العراق المرتبة الرابعة عالمياً باستيراد السجائر والتبوغ بعد إيطاليا وألمانيا وإسبانيا، بقيمة تقدر بنحو مليار دولار سنوياً، وبعدد مدخنين يتراوح ما بين 14- 15 مليون مدخن.
ويقول الخبير الاقتصادي، أحمد صدام، لوكالة شفق نيوز، إن "مشكلة هذا المنتج، هو عدم سيطرة الجهات الحكومية عليه، بسبب دخول كميات كبيرة منه عبر منافذ غير رسمية، ولا تدخل التعرفة الجمركية المفروضة إلى خزينة الدولة".
وأكد، أن "الوضع الراهن، يضرّ بالاقتصاد بسبب عدم استيفاء التعرفة الجمركية، وكذلك الحال بالأضرار الصحية للمجتمع بسبب عدم خضوع هذه المنتجات إلى التقييس والسيطرة النوعية".
3 أسباب نفسية للتدخين
تشير أخصائية الطب النفسي، الدكتورة بتول عيسى، إلى أن "هناك أسباباً نفسية للتدخين، أولها ما يتعلق بتربية وتنشئة الطفل منذ ولادته حتى عمر سنة واحدة، حيث أن هذه الفترة لها تأثير على مستقبله من ناحية اشباع رغباته المكبوتة، ولا يقتصر ذلك على التدخين فقط، بل يشمل شرب الكحول وتعاطي المخدرات بل وحتى السُّمنة".
وتضيف عيسى لوكالة شفق نيوز، "أما الأمر الثاني فهو يعود إلى الجينات والعوامل الوراثية للتدخين أو الإدمان، والثالث تقليد الطفل لوالده المدخن أو أي شخصية يراها في صغره وتطبع في دماغه وعندما يكبر يرغب بتقليدها".
مخاطر صحية قاتلة
ويؤكد إستشاري طب الأسرة، الدكتور علي أبو طحين، أن "التدخين بأنواعه خطر قاتل وسبب رئيسي للوفيات والأمراض، حيث يتوفى أكثر من 8 ملايين شخصاً في العالم سنوياً بسبب التدخين".
ويشرح أبو طحين لوكالة شفق نيوز، أن "التدخين سبب مباشر وغير مباشر للعديد من سرطانات المجاري التنفسية بأنواعها من القصبات الهوائية والرئة والحنجرة، وسرطانات الجهاز الهضمي من المعدة والأمعاء والقولون والمثانة، وأمراض القلب والسكري والحساسية والمشاكل الجلدية ومشاكل الفم والأسنان والسعال المزمن والربو، وحتى على القدرة الجنسية والخصوبة للرجل والمرأة، وغيرها الكثير".
ويوضح، أن "مشاكل التدخين لا تنحصر بالمدخن فقط، وإنما حتى على الجالس بقربه (التدخين غير المباشر)، والأطفال والحوامل هم الأكثر عرضة للتأثير بهذا النوع من التدخين".
ويبيّن، أن "السجائر والنركيلة وكذلك السجائر الالكترونية كلها مُضرّة، وترتبط الأضرار بكمية الدخان ونوعيته ومدة التدخين، وكلما كان التدخين في عمر مبكر كانت أضراره أكبر".
ويتابع، "رغم ذلك، لا يزال التدخين منتشر بشكل واسع في العراق، لرخصه وعدم وجود رقابة عليه إلا الشيء البسيط، فضلاً عن فقدان البرامج الحقيقية لمكافحة التدخين، وأن أُقرت قوانين بهذا الخصوص".
قانون مكافحة التدخين
بدوره، يقول الخبير القانوني، علي التميمي، إن "قانون مكافحة التدخين رقم 19 لسنة 2012 احتوى على 21 مادة، ووضع مواصفات للتدخين والسجائر المُستخدمة ونسبة النيكوتين".
ويضيف التميمي لوكالة شفق نيوز، أن "هذا القانون منع التدخين في الأماكن العامة، وأوجب توفير أماكن خاصة للمدخنين في الوزارات والمؤسسات، وفرض غرامات مالية على الأشخاص والمحلات تصل إلى 50 مليون دينار، وكذلك على الشركات المستوردة وحتى على وسائل الإعلام المروّجة للسجائر".
ويتابع، أن "هذا القانون أثار موجة كبيرة عند تشريعه في حينها، لأن العراق عبارة عن مدخنة كبيرة من المدخنين، وبعض المدخنين يستهلك 3 إلى 6 علب يومياً، لذلك من الصعوبة تطبيق القانون بهذه الطريقة".
ويرى الخبير القانوني، أن "قانون مكافحة التدخين يحتاج إلى تعديل وتطبيق التدرجية في التنفيذ، كما فعلت الدول الأخرى، من خلال البدء بالتثقيف والإرشاد في المدارس والكليات والجامعات، وكذلك عن طريق وسائل الإعلام وخطب الدين والصحف، ثم بعد ذلك تُفرض غرامات بسيطة في الشوارع، والتدرج في ذلك رويداً رويداً".
ويؤكد، أن "تطبيق هذا القانون في الوقت الحاضر أشبه بالمستحيل، لأن البلاد في الأساس تُعاني من ظروف اقتصادية صعبة، وهناك شيوع للمخدرات والجريمة، لذلك قانون مكافحة التدخين مركون ولم يُطبق على أي أحد لحد الآن".
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي العراق مكافحة التدخين لوکالة شفق نیوز
إقرأ أيضاً:
العراق: الإدارة المالية للدولة والعبث!
يفترض أن يكون الدستور والقانون، المرجع الوحيد ذا الطبيعة الإلزامية الذي يحكم عمل الدولة، وينظم السلطات العامة فيها. لكن في العراق لا تبدو هذه الفرضية صحيحة؛ وعلى جميع مستويات إدارة الدولة؛ فقد ألزم الدستور الحكومة بتقديم مشروع قانون الموازنة العامة والحساب الختامي (حساب الإيرادات الفعلية والمصروفات الفعلية لسنة مالية منتهية) إلى مجلس النواب لإقراره. لكن الحكومات المتعاقبة، ومجالس النواب المتعاقبة، تواطأت جميعها على إقرار قوانين الموازنة العامة دون إقرار قوانين الحسابات الختامية، وإلى حد هذه اللحظة لم تقدم الحسابات الختامية للسنوات 2016 إلى 2024 إلى مجلس النواب لإقرارها، وآخر حسابات ختامية قدمت إلى مجلس النواب، كانت موازنة عام 2015 وقد أقرت عام 2023!
ما يعكس عدم اهتمام مجلس النواب باقرار قوانين الحسابات الختامية، هو التنازع بين القوانين التي شرعها والمتعلقة بهذه المسألة؛ فبينما نص قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم 13 لسنة 2018 على أن «يعرض الحساب الختامي على المجلس في مدة لا تزيد على تسعة أشهر من تاريخ انتهاء السنة المالية» (المادة 21/ أولا). نص قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 على أن «يعلن وزير المالية تاريخ غلق الحسابات الختامية للسنة المالية المنتهية على أن لا يتجاوز (31/1) من السنة اللاحقة»، وأن يصدر ديوان الرقابة المالية تقريره عن هذه الحسابات «في موعد أقصاه نهاية شهر حزيران من السنة اللاحقة» (المادة 28/ أولا وثالثا). وبالتالي يفترض أن تعرض هذه الحسابات وتدقيقها خلال ستة أشهر وليس تسعة أشهر!
وسبق للمحكمة الاتحادية العليا أن أثبتت بقرارها (190/ اتحادية/ 2023) أن الحساب الختامي «يشكل عاملا أساسيا، إن لم يكن العامل الأول، في وقف هدر المال العام والحد من ظواهر الفساد المالي والإداري الذي تعاني منه مؤسسات الدولة». وأنها من خلال التحقيقات التي أجرتها قد ثبت لديها «عدم التزام كل من وزارة المالية ومجلس الوزراء بإنجاز الحسابات الختامية ضمن التوقيت المحدد في الدستور والقانون»، وألزمت رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية بتقديمها وفقا لتلك التوقيتات!
في عام 2023 أُقرت موازنة اتحادية لمدة ثلاثة أعوام، وبالرغم من أن قانون الإدارة المالية قد اشترط أن يقدم مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة إلى مجلس النواب «قبل منتصف شهر تشرين الأول من كل سنة»، واشترط أيضا أنه «لا يجوز أن يزيد العجز في الموازنة التخطيطية عن 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي» (المادة 6/ رابعا) لكن مشروع قانون الموازنة لم يصل إلى مجلس النواب إلا في 16 آذار/ مارس 2023، أي بعد أكثر من خمسة أشهر عن التاريخ المحدد في القانون، فيما زادت نسبة العجز المخطط في الموازنة عن 20٪ تقريبا من الناتج المحلي الاجمالي، أي سبعة أضعاف النسبة المحددة في القانون (وفقا لأرقام البنك الدولي فقد بلغ الناتج المحلي الاجمالي للعراق 250.84 مليار دولار في العام 2023، فيما بلغت نسبة العجز المخطط في الموازنة ما يقارب 49.6 مليار دولار). كما قرر القانون أنه من بين مصادر تمويل هذا العجز الهائل، قروض داخلية وخارجية بما يزيد قليلا عن 10 مليار دولار!
يفترض أن يكون الدستور والقانون، المرجع الوحيد ذا الطبيعة الإلزامية الذي يحكم عمل الدولة، وينظم السلطات العامة فيها قبل أيام قرر مجلس الوزراء العراقي تخويل وزيرة المالية صلاحية «سحب مبالغ الامانات الضريبية التي لم يمض عليها خمس سنوات»، والتي تبلغ ما يقارب 2.3 مليار دولار، لتمويل وتسديد الرواتب الحكومية «على أن تجري التسوية النقدية شهريا عند المطالبة بها»، وسوغت وزريرة المالية هذا القرار بالقول: «الإجراء طبيعي لتعظيم إيرادات الموارد والسيطرة عليها بكافة انواعها»!
والأمانات الضريبية مبالغ تودعها الشركات لحين إكمال التحاسب الضريبي، ولا تعد من الإيرادات العامة للدولة، إلا بعد مرور خمس سنوات على إيداعها دون المطالبة بها كما يقرر القانون. وبالتالي فان قرار مجلس الوزراء يُعد اجراء مخالفا للقانون من أوجه عدة، وليس «إجراء طبيعيا» كما قالت وزيرة المالية.
فضلا على أن استخدام أموال الأمانات الضريبية لتسديد الرواتب االحكومية يمثل دينا داخليا إضافيا ما يزيد حجم هذا الدين الذي وصل إلى أرقام غير مسبوقة في ظل الحكومة الحالية؛ فقد ارتفع الدين الداخلي عام 2023 2023 من 48.624 مليار دولار إلى 55.033 مليار دولار، وارتفع أيضا في نهاية النصف الأول من عام 2024 ليصل إلى 58.995 مليار دولار وفقا لأرقام وزارة المالية. فيما يقدم البنك المركزي العراقي أرقاما مختلفة، فعلى موقعه الرسمي بلغ الدين الداخلي في العام 2024 ما يقارب 63.883 مليار دولار وفقا لسعر الصرف الرسمي، في حين قرر قانون الموازنة أنه يجب أن لا يزيد الدين الخارجي والداخلي عن 10 مليار دولار! كما أن قانون إدارة الدولة اشترط أن الااقتراض لتمويل العجز يجب أن يكون «ضمن الحدود القصوى المقررة في قانون الموازنة العامة الاتحادية» (المادة 39/ اولا)!
كان يمكن للدولة أن تلجأ إلى إجراءات أخرى لتخفيض العجز الكبير في الموزانة العامة، خاصة بعد الانخفاض الكبير في أسعار النفط (بلغ سعر برميل النفط المقدر في قانون الموازنة 70 دولارا وانخفاض سعر النفط عن هذا السعر سيعني زيادة العجز في الموازنة بأكثر من 1.5 مليار دولار عن كل دولار واحد) من بينها خفض الإنفاق الحكومي، أو خفض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار، لكنها لم تفعل ذلك لأسباب انتهازية بحتة، تتعلق بقرب موعد الانتخابات، وعدم استعدادها للذهاب إلى اجراءات اقتصادية يمكن أن تفقدها بعض الأصوات؛ لهذا كان الحل هو كالعادة اللجوء إلى انتهاك أحكام القانون في سياق التواطؤ الجماعي على عدم احترام القانون بشكل منهجي، فالقانون بالنسبة للطبقة السياسية العراقية مجرد «سطر تكتبه وسطر تمسحه» متى شاءت، ومتى ما اقتضت مصالحها ذلك!
(القدس العربي)