لجريدة عمان:
2025-07-13@00:38:00 GMT

على العالم أن يقف إلى جانب الأونروا

تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

بعد قرابة أربعة أشهر من الحرب، أصبح الوضع في غزة كارثيا. إذ نزح أكثر من 75% من سكان المنطقة البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة. ولقي عشرات الآلاف من الفلسطينيين مصرعهم، والكثير منهم أطفال. وتحذر الأمم المتحدة من أن مجاعة توشك على الوقوع. وتنتشر الأمراض المعدية. والافتقار إلى الرعاية الصحية أمر بالغ الخطورة.

وشريان الحياة الرئيسي لسكان غزة في هذا المشهد هو وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أو الأونروا، أي الوكالة التي يبلغ عمرها خمسة وسبعين عاما تقريبا ويجري تمويلها بالكامل تقريبا من خلال المساهمات الطوعية.

والآن، أعلنت خمس عشرة دولة على الأقل، منها الولايات المتحدة، وقف المدفوعات للأونروا، انتظارا لتحقيق، وذلك بسبب تقارير من المخابرات الإسرائيلية تفيد بأن عشرات من العاملين في الأونروا قد شاركوا في الهجوم على إسرائيل يوم السابع من أكتوبر.

ولكن الوقت الراهن تحديدا هو بالضبط الوقت الخطأ لوقف تمويل الأونروا. ولذلك تلتزم النرويج بقوة تجاه مواصلة تمويل هذه الوكالة الحيوية وتجاه الشعب الفلسطيني. وبوصفي وزير الخارجية النرويجية، فإنني أحث الدول المانحة على التفكير في العواقب واسعة النطاق التي قد تترتب على قطع خدمات الأونروا.

لأننا إذا لم يتم التراجع عن هذه القرارات، فإننا نواجه خطرا جديا يتمثل في تفاقم الأزمة الإنسانية الأليمة في غزة. وبما أن الأونروا تدعم أيضا ملايين اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا، فإن وقف المدفوعات قد يزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة مضطربة للغاية بالفعل.

غير أنه يتعين على العالم أن يستمر في تمويل الأونروا لأسباب أكثر من هذه الأسس العملية. فلا ينبغي لنا أن نفرض عقابا جماعيا على ملايين الناس بسبب أفعال مزعومة ارتكبها عدد قليل من الناس.

لقد فزعت النرويج، شأن غيرها من البلاد المانحة، من المزاعم القائلة بأن اثني عشرا من موظفي الأونروا البالغ عددهم ثلاثة عشر ألف موظف في غزة قد تورطوا في الهجوم على إسرائيل، وهو الهجوم الذي وجهنا له أشد عبارات الإدانة الممكنة. فلا يجب أبدا أن نتسامح مع أي من هذه الأفعال. ولذلك فإننا نرحب برد فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا، بإقالة الأفراد المتهمين والبدء في التحقيق. وتتوقع النرويج شفافية كاملة. فإذا ما تم التحقق من هذه الادعاءات، فتجب محاسبة المتورطين في الهجوم.

ولكن تعليق التمويل لوكالة رئيسية تابعة للأمم المتحدة بسبب سلوك مزعوم لاثني عشر موظفا ليس هو الحل. فلو أن بعض العاملين في قسم للشرطة ارتكبوا جريمة، فسوف يحاسب هؤلاء الأفراد، ولن تحَلَّ قوة الشرطة بأكملها. أي أنه يجب علينا أن نميز بين ما يحمل أن يكون أفراد قد قاموا به وبين ما تمثله الأونروا.

منذ تأسيس الأونروا في عام 1949، وهي توفر الخدمات الأساسية والتعليم والمأوى والبنية الأساسية للمخيمات والمساعدات الطارئة لمن فروا من منازلهم أو طردوا منها في حرب عام 1948 التي أعقبت تأسيس إسرائيل. وفي ذلك الوقت، كان عدد اللاجئين يبلغ تقريبا سبعمائة وخمسين ألفا. أما اليوم، وبعد مرور أربعة أجيال، فإن قرابة 5.9 مليون لاجئ من فلسطين مؤهلون للحصول على خدمات الأونروا في جميع أنحاء المنطقة.

ومنذ أن بدأت الحرب الحالية، واصل موظفو الأونروا في غزة، ومعظمهم من الموظفين المحليين، أداء خدمات الإغاثة في ظل ظروف فائقة القسوة وفي ظل تعرضهم لخطر يومي على حياتهم. فقد دفعوا، شأن كثيرين آخرين، ثمنا باهظا: إذ لقي منذ السابع من أكتوبر أكثر من مائة وخمسين موظفا في الأونروا مصرعهم.

والنرويج، وهي بلد صغير نسبيا، من أكبر الجهات المانحة للأونروا، إذ التزمت في العام الماضي بمبلغ خمسة وأربعين مليون دولار - وهو مبلغ يبقى أقل بكثير مما تقدمه الولايات المتحدة. ولقد جعلت النرويج من عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين أولوية لها منذ المفاوضات التي أدت إلى اتفاق أوسلو الأول بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، والذي تم التوقيع عليه في عام 1993. وعلى مدى السنوات الثلاثين الماضية، ترأست النرويج مجموعة دولية مانحة لفلسطين ينصب تركيزها على دعم إقامة المؤسسات الفلسطينية، التي تعد أساسية لإقامة الدولة الفلسطينية.

هناك ما يقرب من ستة ملايين فلسطيني لم يختاروا طوعا أن يعيشوا حياة اللاجئين. فأنا على قناعة بأنهم، شأننا جميعا، يفضلون الحياة في بلد يمكنهم أن يعتبروه بلدهم. ومسألة مصير اللاجئين الفلسطينيين تقع في قلب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ولكن بعد مرور خمسة وسبعين عاما، لا يزال الحل السياسي بعيد المنال.

والأونروا أكثر بكثير من محض منظمة إنسانية. فهي تمثل التزاما من جانب المجتمع الدولي تجاه اللاجئين الفلسطينيين. وعملياتها أيضا شديدة الأهمية بالنسبة لوجود منظمات إنسانية أخرى في غزة. وإننا بحاجة إلى المزيد، لا إلى تقليل، وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة التي مزقتها الحرب. والحق أن تحسين وصول المساعدات الإنسانية يعد قضية رئيسية بالنسبة للمحادثات الجارية بشأن اتفاق محتمل على إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين إلى جانب وقف دائم للأعمال العدائية. ولكي ينجح هذا الأمر، فإننا نحتاج إلى وجود أشخاص على الأرض قادرين على توصيل هذه المساعدات. ولو أننا تخلينا عن البنية الأساسية الداعمة الكبيرة الخاصة بالأونروا واستبدلنا بها قنوات بديلة، كما يقترح منتقدو الأونروا، فسوف يستغرق ذلك الكثير من الوقت.

ولذلك فإنني أقول لزملائي من المانحين، إننا ينبغي أن نطالب الأونروا بالشفافية والمحاسبة. ولكن لا ينبغي أن يدفع شعب غزة واللاجئون الفلسطينيون في مختلف أنحاء الشرق الأوسط ثمن تجاوزات بعض الأفراد. فلا يمكننا أن نتخلى عن الشعب الفلسطيني الآن.

إسبن بارث إيدي وزير خارجية النرويج.

الترجمة لـ عمان عن «نيويورك تايمز»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: اللاجئین الفلسطینیین أکثر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

ترامب يهدد معارضي إسرائيل بالترحيل ويعرف أنه لا يستطيع ذلك

 

وكانت قضية الناشط الفلسطيني محمود خليل دليلا لا يقبل الشك على سعي الإدارة الأميركية لطرد معارضي إسرائيل من الولايات المتحدة، حتى لو خالف ذلك القانون الأميركي، وهو هدف تعمل تل أبيب على تعزيزه لاسيما في المجتمع الطلابي الذي يتعرض لحملة تشويه ممنهجة بدعم من اللوبي الصهيوني في أميركا.

فقد اعتقلت سلطات الهجرة خليلًا وصدر حكم فدرالي بترحيله لكنه ألغي لاحقا من محكمة أخرى بعدما قضى 3 أشهر في السجن وحظِيت قضيته باهتمام سياسي وحقوقي واسع.

وصل الأمر إلى حد مهاجمة ترامب ووزير خارجيته ماركو روبيو لخليل بشكل علني، والتأكيد على ضرورة ترحيله وترحيل كل من يخالف سياسة أميركا بغض النظر عن قانونية إقامته.

طلاب جامعة كولومبيا يتعرضون لضغوط هائلة لوقف مظاهرات التضامن مع غزة (الجزيرة) تخويف المعارضين

ولم يكن ترحيل خليل من الولايات المتحدة هدفا بقدر ما كان الهدف هو تخويف آخرين من الانخراط في الاحتجاجات التي اندلعت في العديد من الجامعات الأميركية للتنديد بالحرب الإسرائيلية، كما يقول المحامي والناشط في الحزب الجمهوري كمال نعواش.

فإدارة ترامب كانت تعرف منذ البداية أنها لن تجد مسوّغًا قانونيا لترحيل خليل -المقيم الدائم في الولايات المتحدة- ولا غيره من المقيمين، لكنها حاولت جعله مثالا لما يمكن أن يتعرض له مناهضو السياسة الأميركية، حسب ما أكده نعواش لحلقة "من واشنطن" المذاعة في 2025/7/10.

ورغم ضمان الدستور الأميركي لحق كل من يعيش داخل الولايات المتحدة في التعبير عن رأيه بحرية، إلا أن إدارة ترامب -التي تستهدف المهاجرين بشكل علني- أخرجت قانونا كان معمولا به خلال الحرب الباردة قبل أكثر من 70 عاما، لترحيل خليل، رغم معرفتها بصعوبة هذا الأمر.

لكن الناشط الفلسطيني الذي حظي بدعم حقوقي كبير يقول إنه عاش تجربة صعبة جدا، وإنه يعتقد أن إدارة ترامب لن تتوقف عن محاولات ترحيله هو وكل معارضي إسرائيل، الذين ربما لن يحظوا بالدعم الذي حظي به.

إعلان

ومع ذلك، فإن تعامل الإدارة الأميركية مع خليل عكس حجم التخبط الذي تعيشه الولايات المتحدة في عهد ترامب ومن قبله في عهد جو بايدن، إزاء تزايد دعم القضية الفلسطينية في الداخل الأميركي.

ومن المحتمل أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– قد حاول خلال زيارته لواشنطن هذا الأسبوع رفع وتيرة ترحيل معارضي إسرائيل من أميركا.

وقد لا تجد هذه المحاولات صدى لدى المحاكم الأميركية التي توصف بأنها الحصن الأخير في مواجهة سعي ترامب الدائم للاستيلاء على كل السطات والتخلص ممن يعترهم خطرا على الولايات المتحدة حتى لو كان ذلك بطرق تنتهك القانون الأميركي نفسه.

القضاء هو الفيصل

بَيد أن ترامب لن يوقف مطاردة الأجانب لمجرد أنه فشل في ترحيل خليل، لأنه معني بفكرة الترحيل في ذاتها التي يقول أستاذ القانون بجماعة كولورادو وديع سعيد، إنها سياسة رئيسية بالنسبة له بغض النظر عن قانونيتها، لافتا إلى أن اقتحام أسوار الجامعة يعكس مدى عدم اكتراث الحكومة بالقانون.

وحتى القضاء الذي يعول عليه كثيرون في انتزاع حقوقهم، يبدي في بعض الأحيان تماشيًا مع ترامب وخصوصا المحكمة العليا التي يرى سعيد أنها تتجنب الصدام مع الرئيس وتتنازل له عن كثير من سلطاتها، كما فعلت عندما لم تصدر قرارا حاسما في سعي الرئيس لسحب الجنسية ممن ولدوا داخل الولايات المتحدة لوالد كان مقيما بطريقة غير قانونية.

ففي هذه الدعوى، اكتفت المحكمة بتحديد اختصاصات ونطاق عمل المحاكم الفدرالية بشأن هذه القضايا دون أن تعالج الموضوع الرئيسي المتمثل في عدم قانونية سحب الجنسية للأسباب التي قدمتها الحكومة.

غير أن هذه المحاكم لا تُماشي الرئيس دون سند قانوني -كما يقول شعوان- ولكنها تعلم أن هذه المطالب لن تتحقق في النهاية لأنها غير قانونية، بدليل أن القاضي الذي أوقف قرار ترحيل خليل قال صراحة إن الحكومة لن تتمكن من ترحيله مهما حاولت.

ومن ثَمّ، فإن ترامب ومسؤولي إدارته يحاولون ترهيب المعارضين ودفعهم للتراجع خشية الملاحقة التي قد لا يحظون فيها بدعم كالذي حظي به الناشط الفلسطيني، إذ ليس من السهل أن يترافع محام دون مقابل.

لكن معرفة بسيطة بالقوانين الأميركية ستكشف لكل معارض أن الحكومة لن تكون قادرة على ترحيله من البلاد أو سحب جنسيته لمجرد أنه عبر عن رأيه، ما لم يرتكب عملا من الأعمال التي حددها القانون للترحيل أو إسقاط الجنسية، كما يقول شعوان.

10/7/2025-|آخر تحديث: 19:34 (توقيت مكة)

مقالات مشابهة

  • ليلى خالد... المرأة التي هزّت سماء العالم
  • إسرائيل: مفاوضات غزة "لم تنهار" رغم تعقيدات من جانب حماس!
  • إيكاد: سفينة "إترينتي سي" التي استهدفها الحوثيون كانت متجهة لميناء جدة السعودي وليست إلى إسرائيل
  • المرأة التي زلزلت إسرائيل وأميركا
  • لافروف يشير إلى تزايد المخاطر التي تهدد احتمالات إقامة الدولة الفلسطينية
  • إسرائيل تدعو الولايات المتحدة لاستئناف ضرباتها على الحوثيين
  • الخوذة التي تقرأ المستقبل.. الإمارات تُطلق أول جهاز توليدي بالذكاء الاصطناعي
  • ترامب يهدد معارضي إسرائيل بالترحيل ويعرف أنه لا يستطيع ذلك
  • شر البلية ما يضحك.. المنصات تتفاعل مع الرسوم التي فرضها ترامب على العراق
  • فرانشيسكا ألبانيز ترد على عقوبات واشنطن: سأظل واقفة إلى جانب العدالة رغم الضغوط