الوطن:
2025-10-09@15:23:12 GMT

دعاء حلمي تكتب.. لماذا الحشاشين؟!

تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT

دعاء حلمي تكتب.. لماذا الحشاشين؟!

أيام معدودة تفصلنا عن موسم مسلسلات رمضان 2024، ليترقب الجميع إنتاجات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التى نالت ثقة الجمهور المصرى والعربى بإنتاجاتها الدرامية المتميزة على مدار العام لأعمال تحترم عقلية ووجدان المواطن بمختلف اهتماماته وفئاته.

إلا أن حالة الترقب والانتظار تصل إلى ذروتها بعد الإعلان عن مسلسل الحشاشين على وجه التحديد لعدد من الأسباب، أهمها أنه من صنيعة عدد من أمهر صُناع الدراما، على رأسهم النجم كريم عبدالعزيز لما يحظى به من نجومية مستحقة، ومن إخراج المخرج المتميز بيتر ميمى الذى اقترن اسمه بعدد من الأعمال الجماهيرية الناجحة.

وكذلك المؤلف عبدالرحيم كمال الذى أصبح اسماً يحمل علامة لجودة المحتوى الذى يحمل اسمه، بالإضافة إلى التكلفة الإنتاجية الضخمة للمسلسل الذى تم تصويره بين ثلاث قارات مختلفة، وهى أفريقيا وأوروبا وآسيا الوسطى، وهو ما يعيد مصر إلى المنافسة فى مجال الأعمال التاريخية بعد غياب سنوات طويلة كانت لمصر الصدارة خلالها فى التصدى لتقديمها، وها هى تعود إلى موطنها الأصلى.

ولكن التساؤل الذى يطرح نفسه هو: لماذا «الحشاشين» الآن؟

وبما أننا الآن ليس أمامنا سوى التكهن لأننا لم نرَ المسلسل كى نتمكن من الإجابة، إلا أن التساؤل يمكن الإجابة عنه فى حال معرفة من هى تلك الطائفة وما هو الظرف التاريخى لنشأتها. وعقدُ المقارنة بالظرف التاريخى الذى نحياه اليوم فى وطننا العربى قد يجعل الإجابة ممكنة.

فقد ظهرت هذه الحركة التاريخية عندما كان الصراع السياسى على أشده فى المنطقة بأسرها بعد ضياع هيبة الدولة العباسية فى العراق وانهيارها الذى أصبح وشيكاً، وكانت مصر وشمال أفريقيا تحت حكم الفاطميين، أما الأندلس فكانت تحت إمرة فرَق متبقية من انهيار الدولة الأموية وهم ملوك الطوائف.

باختصار كان الصراع السياسى والعراك العسكرى والتناحر العقائدى -خاصة بين السنة والشيعة- يعصف بالأمة الإسلامية، واكتملت الطينة بلة بظهور الصليبيين، وهذا ما يعكس أن ظهور الحركات الدينية دائماً ما يرتبط بالأزمات الحضارية والمراحل الانتقالية، وبالفعل ظهرت حركة الحشاشين التى اختلفت الروايات حولها، فسُميت الحركة النزارية نسبة إلى نزار ابن المستنصر الذى انحاز إليه حسن الصباح عندما كان فى مصر وهو مؤسس هذه الحركة، كما سُميت بالحركة الألموتية نسبة إلى قلعة ألموت التى باشر منها حسن الصباح قيادة تلك الحركة السرية، أما ماركو باولو فسماها حركة الملاحدة.

وكما اختلفت المسميات اختلفت أيضاً الأسباب وراء تسميتها بالحشاشين فقالوا إن المنتمين إليها كانوا يأكلون من حشاش الأرض بسبب حصار الدولة السلجوقية الحاكمة آنذاك لهم، وآخرون قالوا إنهم كانوا يختبئون خلف الحشائش لاغتيال معارضيهم، وقيل لشربهم «الحشيش» قُبيل عمليات الاغتيال، إلا أن الرواية الأشهر أن زعيمهم حسن الصباح استعان بنبات القنب «الحشيش» كى يتمكن من السيطرة على أتباعه وإيهامهم عن طريق تشييد قلعة ضخمة كمصغر للجنة وبها كل ما لذ وطاب من أنهار العسل واللبن وفتيات أشبه بالحوريات كى يجعلوا منه زعيماً بل وحاكماً بأمر الله.

كانت تلك الفرقة الشيعية التابعة للطريقة الإسماعيلية الفاطمية واحدة من أشرس وأعنف الحركات الدينية على مر التاريخ الإنسانى، ولكنها لا تختلف أبداً من حيث الهرمية والتراتبية والهيكلية فى تنفيذ الأوامر عن أى جماعة ثيوقراطية «تحكم باسم الدين» مهما اختلفت المسميات والمشارب، مثل التنظيمات الشيوعية والجماعات اليهودية المتطرفة والحملات الصليبية.

وكذلك الحركة الصهيونية، وبالطبع جماعة الإخوان، وكافة التنظيمات الإرهابية -مثل القاعدة وداعش وغيرهما- التى تتشابه إلى حد التطابق مع تلك الفرقة الدموية وكأنها الامتداد الطبيعى لها، من حيث الطاعة العمياء للإمام أو القائد المعصوم، واستخدام العنف والإرهاب للسيطرة على العامة، واستغلال الفقر وقلة الوعى لتحقيق المكاسب المادية، واستغلال الدين كحصان طروادة للوصول للسلطة.

ولذلك كانت هناك ضرورة ملحة لإنتاج مثل تلك النوعية من الأعمال الدرامية التى ترصد التاريخ الحقيقى والجذور الأصلية لكل تلك الحركات الأصولية، على أمل أن تنفع الذكرى ويزيد الوعى الجمعى بمخاطر هذا المرض اللعين المسمى بالحكم باسم الدين، فيا عزيزى كلهم «حشاشين» وجب العلاج الجذرى لهم!

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الدراما الموسم الرمضانى الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية الحشاشين

إقرأ أيضاً:

طوفان النصر

عندما نحتفل كل عام فى السادس من أكتوبر، بذكرى يوم النصر المجيد، فإن الذاكرة تستعيد على الفور اليوم الذى أعاد فيه المصريون كتابة الكرامة الوطنية بأحرف من دم وتضحية، وتمكّنوا من تحطيم أسطورة جيش العدو الصهيونى الذى لا يُقهر.

لقد كان هذا النصر تتويجًا لسنوات من الإعداد الدقيق والتخطيط المحكم، وتعبيرًا صادقًا عن إرادة شعب رفض الاستسلام، وأبى إلا أن يستعيد أرضه المغتصبة وكرامته التى حاولت الهزيمة فى 1967 أن تنال منها.

لم تكن حرب أكتوبر نصرًا عسكريًا فحسب، بل كانت ملحمة قومية متكاملة الأركان، تجلّت فيها أروع صور التلاحم بين الشعب والجيش، حيث وقف المصريون جميعًا خلف قواتهم المسلحة، يقدمون الدعم بكل أشكاله، ويجسدون فى كل شبر من أرض الوطن، المصير الواحد، والأمل المشترك.

لقد حمل نصر أكتوبر رسائل عديدة، أولاها أن الشعوب حين تمنح ثقتها لقيادتها السياسية، يمكنها أن تصنع المعجزات، وثانيتها أن الجيش المصرى العظيم قادر على صنع ما لم يتوقعه العدو، لذلك فإن ما تحقق فى أكتوبر لم يكن فقط استعادة الأرض، بل أيضًا استعادة الثقة الوطنية، والتحول العميق فى موازين القوى، الذى أكده اعتراف العالم بقدرة مصر على فرض إرادتها، وحماية سيادتها، واستعادة دورها التاريخى فى محيطها العربى والإقليمى.

فى هذا العام، تأتى احتفالات النصر المجيد، تزامنًا مع الذكرى الثانية لطوفان الأقصى، حيث تتقاطع الأحداث، ولا تتشابه، لكنها تؤكد استمرار الصراع بشكله الأوسع، بعد عملية السابع من أكتوبر 2023، حين أقدمت فصائل المقاومة الفلسطينية على تنفيذ عملية عسكرية مفاجئة ومرعبة ضد مواقع إسرائيلية، فى لحظة مشحونة بالتوترات السياسية والإنسانية.

ورغم الجدل الذى أثارته هذه العملية فى الأوساط الإقليمية والدولية حتى الآن، فإنها كانت بمثابة تذكير صارخ بأن القضية الفلسطينية لا تزال حية، وأن جمر الاحتلال لم يُطفأ بعد، مهما طال أمد الجمود السياسى أو تعددت مبادرات السلام، وآخرها خطة ترامب التى أيدها العالم، لكنها تواجه تعنتًا من قادة الاحتلال الصهيونى.

لكن المقارنة المباشرة من البعض بين حرب أكتوبر وطوفان الأقصى، أمر غير دقيق من الناحية الاستراتيجية أو السياسية، لأن التزامن الزمنى بين الذكرى الثالثة والخمسين لنصر مصر المجيد واندلاع المواجهات الفلسطينية الإسرائيلية، يدفعنا للتأمل فى طبيعة هذا الصراع الطويل، الذى لم يُخمد بعد، بل تتجدد أشكاله وأدواته، وتبقى جذوره كامنة فى غياب العدالة واستمرار الاحتلال، ولذلك من المهم، فى هذا السياق، أن يُنظر إلى كل حدث ضمن سياقه الموضوعى، بعيدًا عن الانفعالات أو التوظيفات السياسية، وأن يظل ميزان القِيم مرجعيًّا فى التقييم والفهم.

الآن بعد أكثر من خمسة عقود على تلك الملحمة، تبقى مصر شامخة بجيشها القوى وشعبها الواعى قادرة على حماية أرضها، وصون قرارها، والدفاع عن قضايا أمتها بالحكمة والدبلوماسية حينًا، وبالقوة حين يلزم الأمر.

 

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • الفن المصرى... سلاح فى أكتوبر وأنغام تخلّد ذاكرة الوطن
  • لماذا يتصاعد الدين الداخلي في العراق؟
  • الأمين على حق
  • فخ الاتفاقيات الإبراهيمية
  • د. أمل منصور تكتب: هي هكذا .. من يكتفي يختفي
  • مصر التى فازت وسوريا التى ضاعت!!
  • أطول حرب وأعنفها.. كيف اختلفت حرب غزة الراهنة عن الجولات السابقة؟
  • ريال مدريد كان حلمي منذ الطفولة.. رودريجو يكشف كواليس فشل انتقاله إلى برشلونة
  • اللواء فؤاد فيود أحد أبطال أكتوبر ومستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية : المقاتل المصرى كان معجزة الحرب التى حطمت أسطورة الجيش الذى لا يقهر 
  • طوفان النصر