الوطن:
2025-05-08@22:09:58 GMT

دعاء حلمي تكتب.. لماذا الحشاشين؟!

تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT

دعاء حلمي تكتب.. لماذا الحشاشين؟!

أيام معدودة تفصلنا عن موسم مسلسلات رمضان 2024، ليترقب الجميع إنتاجات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التى نالت ثقة الجمهور المصرى والعربى بإنتاجاتها الدرامية المتميزة على مدار العام لأعمال تحترم عقلية ووجدان المواطن بمختلف اهتماماته وفئاته.

إلا أن حالة الترقب والانتظار تصل إلى ذروتها بعد الإعلان عن مسلسل الحشاشين على وجه التحديد لعدد من الأسباب، أهمها أنه من صنيعة عدد من أمهر صُناع الدراما، على رأسهم النجم كريم عبدالعزيز لما يحظى به من نجومية مستحقة، ومن إخراج المخرج المتميز بيتر ميمى الذى اقترن اسمه بعدد من الأعمال الجماهيرية الناجحة.

وكذلك المؤلف عبدالرحيم كمال الذى أصبح اسماً يحمل علامة لجودة المحتوى الذى يحمل اسمه، بالإضافة إلى التكلفة الإنتاجية الضخمة للمسلسل الذى تم تصويره بين ثلاث قارات مختلفة، وهى أفريقيا وأوروبا وآسيا الوسطى، وهو ما يعيد مصر إلى المنافسة فى مجال الأعمال التاريخية بعد غياب سنوات طويلة كانت لمصر الصدارة خلالها فى التصدى لتقديمها، وها هى تعود إلى موطنها الأصلى.

ولكن التساؤل الذى يطرح نفسه هو: لماذا «الحشاشين» الآن؟

وبما أننا الآن ليس أمامنا سوى التكهن لأننا لم نرَ المسلسل كى نتمكن من الإجابة، إلا أن التساؤل يمكن الإجابة عنه فى حال معرفة من هى تلك الطائفة وما هو الظرف التاريخى لنشأتها. وعقدُ المقارنة بالظرف التاريخى الذى نحياه اليوم فى وطننا العربى قد يجعل الإجابة ممكنة.

فقد ظهرت هذه الحركة التاريخية عندما كان الصراع السياسى على أشده فى المنطقة بأسرها بعد ضياع هيبة الدولة العباسية فى العراق وانهيارها الذى أصبح وشيكاً، وكانت مصر وشمال أفريقيا تحت حكم الفاطميين، أما الأندلس فكانت تحت إمرة فرَق متبقية من انهيار الدولة الأموية وهم ملوك الطوائف.

باختصار كان الصراع السياسى والعراك العسكرى والتناحر العقائدى -خاصة بين السنة والشيعة- يعصف بالأمة الإسلامية، واكتملت الطينة بلة بظهور الصليبيين، وهذا ما يعكس أن ظهور الحركات الدينية دائماً ما يرتبط بالأزمات الحضارية والمراحل الانتقالية، وبالفعل ظهرت حركة الحشاشين التى اختلفت الروايات حولها، فسُميت الحركة النزارية نسبة إلى نزار ابن المستنصر الذى انحاز إليه حسن الصباح عندما كان فى مصر وهو مؤسس هذه الحركة، كما سُميت بالحركة الألموتية نسبة إلى قلعة ألموت التى باشر منها حسن الصباح قيادة تلك الحركة السرية، أما ماركو باولو فسماها حركة الملاحدة.

وكما اختلفت المسميات اختلفت أيضاً الأسباب وراء تسميتها بالحشاشين فقالوا إن المنتمين إليها كانوا يأكلون من حشاش الأرض بسبب حصار الدولة السلجوقية الحاكمة آنذاك لهم، وآخرون قالوا إنهم كانوا يختبئون خلف الحشائش لاغتيال معارضيهم، وقيل لشربهم «الحشيش» قُبيل عمليات الاغتيال، إلا أن الرواية الأشهر أن زعيمهم حسن الصباح استعان بنبات القنب «الحشيش» كى يتمكن من السيطرة على أتباعه وإيهامهم عن طريق تشييد قلعة ضخمة كمصغر للجنة وبها كل ما لذ وطاب من أنهار العسل واللبن وفتيات أشبه بالحوريات كى يجعلوا منه زعيماً بل وحاكماً بأمر الله.

كانت تلك الفرقة الشيعية التابعة للطريقة الإسماعيلية الفاطمية واحدة من أشرس وأعنف الحركات الدينية على مر التاريخ الإنسانى، ولكنها لا تختلف أبداً من حيث الهرمية والتراتبية والهيكلية فى تنفيذ الأوامر عن أى جماعة ثيوقراطية «تحكم باسم الدين» مهما اختلفت المسميات والمشارب، مثل التنظيمات الشيوعية والجماعات اليهودية المتطرفة والحملات الصليبية.

وكذلك الحركة الصهيونية، وبالطبع جماعة الإخوان، وكافة التنظيمات الإرهابية -مثل القاعدة وداعش وغيرهما- التى تتشابه إلى حد التطابق مع تلك الفرقة الدموية وكأنها الامتداد الطبيعى لها، من حيث الطاعة العمياء للإمام أو القائد المعصوم، واستخدام العنف والإرهاب للسيطرة على العامة، واستغلال الفقر وقلة الوعى لتحقيق المكاسب المادية، واستغلال الدين كحصان طروادة للوصول للسلطة.

ولذلك كانت هناك ضرورة ملحة لإنتاج مثل تلك النوعية من الأعمال الدرامية التى ترصد التاريخ الحقيقى والجذور الأصلية لكل تلك الحركات الأصولية، على أمل أن تنفع الذكرى ويزيد الوعى الجمعى بمخاطر هذا المرض اللعين المسمى بالحكم باسم الدين، فيا عزيزى كلهم «حشاشين» وجب العلاج الجذرى لهم!

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الدراما الموسم الرمضانى الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية الحشاشين

إقرأ أيضاً:

د. شيماء الناصر تكتب: صورة المرأة المصرية في الدراما بين الترويج السلبي والإيجابية المفقودة

تُعد الدراما المصرية واحدة من أبرز الفنون التي تعكس ثقافة المجتمع وتوجهاته، حيث تلعب دورًا حيويًا في تشكيل الرأي العام وصياغة القيم.

ومع ذلك، فإن صورة المرأة في هذه الدراما غالبًا ما تتعرض لتصوير سلبي لا يعكس واقعها المتنوع، من خلال تكرارها في العديد من الشخصيات النمطية السلبية، مما يعزز من الصورة السلبية للمرأة، ويُحول هذه الصورة إلى واقع تعيشه كل سيدات المجتمع.

على مدى السنوات الماضية، برزت العديد من الأعمال الدرامية التي قدمت نماذج سلبية تعكس جوانب مشوهة من المجتمع، مسلطةً الضوء على العلاقات الدخيلة والعادات المستوردة، وبعض السلوكيات الهمجية وغير الأخلاقية للأفراد، وخاصة في الأحياء الشعبية، والتي لا تمثل في حقيقتها إلا تصرفات فردية كانت حتى وقت غير بعيد مرفوضة، بل كان فاعلها منبوذًا من قبل عادات وتقاليد الحارة المصرية، مما أثر سلبًا على القيم الثقافية الأصيلة والذوق العام.
وقد كان من أبرز ما تم تقديمه هو الصورة غير المتوازنة للمرأة المصرية، التي غالبًا ما تُصوَّر كمتسلطة أو منتقمة أو متمردة، متعددة العلاقات، منساقة وراء أمور الدجل والشعوذة.
حتى نموذج المرأة البسيطة قُدم بشكل فج غير حقيقي بالمرة، وتم تصويرها بذات الصوت العالي، والألفاظ السوقية، والملابس غير اللائقة، والتي تسعى للكسب بأي طريقة أو وسيلة، حتى وإن كانت غير مشروعة، إلى جانب الظهور الفج لصورة "المعلمة" المدخنة، التي تدير مجموعات من البلطجية بشخصية مؤذية للآخرين، دون أن تعكس أيًا من النماذج الإيجابية التي تُظهر قوتها وقدرتها على مواجهة التحديات ودورها المحوري في الحياة.

إن هذه النماذج السلبية لا تعكس الواقع، بل تعزز من ثقافة العنف والتحرش والابتزاز ضد المرأة، كما أن تصوير المرأة في أدوار سلبية يعكس رؤية مشوهة تؤثر على الأجيال القادمة، وتُعزز من قوالب نمطية طالما حاربت المرأة للخروج منها.

وهنا، لابد أن نقف أمام التراجع الكبير والصادم في الدراما المصرية في تقديم النماذج الإيجابية الواقعية، وخاصة إذا أردنا أن نعد شعبًا طيب الأعراق، فلابد أن نعد له نموذج الأم المستقبلية الإيجابية، الداعمة، الملهمة، الواعية، والأمثلة لا حصر لها في المجتمع من سيدات قمن بأداء رسالات عديدة لأسرهن وللمجتمع، نساء تحملن الصعاب من أجل تأسيس أسرهن، وتحدين الأوقات والظروف لإثبات كفاءتهن في مختلف المجالات.

هذه النماذج، وإن كانت موجودة في المجتمع — وأنا لا أنكر ذلك — يجب أن تبقى في عداد النماذج المرفوضة، التي لابد أن تُؤَد وتُكافَح بنشر الأنماط والأفكار الإيجابية، كضوء يأبى أن يكون مثل هؤلاء حتى ظلًا له. ولا يجب أن يُصدروا على أنهم يمثلون جموع المجتمع المصري، وأن هذا النوع من الدراما هو ما يستسيغه الجمهور ولابد أن نتعامل معه بمنطق السوق (عرض وطلب)، وليس لصنع قيمة فنية ومنطق درامي. وهنا، لابد أن يُدَق ناقوس الخطر المجتمعي لما لهذا النوع من الدراما من تأثير على توجه الأفكار والقيم.

لذا، من الضروري أن نعيد النظر في كيفية تقديم المرأة في الأعمال الدرامية والإعلام بشكل عام.
يجب أن نركز على النماذج الإيجابية التي تعكس قوة المرأة وقدرتها على التغيير، مثل الأمهات اللاتي يتحملن الصعاب، ويعززن من قيم العطاء والتضحية، ورائدات الأعمال، وكثير من النماذج الإيجابية الملهمة، لمحاربة النماذج السلبية، من خلال خلق محتوى درامي يبرز القصص والقضايا الهادفة.
بالإضافة إلى تسليط الضوء على قصص نجاح واقعية تقدم شخصيات مستوحاة من نساء حقيقيات حققن إنجازات ملموسة، كذلك يمكن تعزيز وجود المرأة في المناصب الإبداعية (كتابة، إخراج، تصوير) لضمان أن تكون وجهات نظرهن وتجاربهن جزءًا من العمل الفني.
بل ويمكن إنتاج أعمال درامية موجهة بشكل خاص لأحد قضايا المرأة، وتقدم العلاج والحل القانوني، مستهدفة الجمهور النسائي.
كما يتعين على صُنّاع القرار في اللجان الرقابية أن يكونوا واعين للأثر الذي يمكن أن تحدثه هذه الأعمال على المجتمع، وأن يسعوا إلى تقديم محتوى يُعزز من القيم الإيجابية، بوضع قوالب وأطر استرشادية للشكل المسموح به لصورة المرأة المصرية، وضرورة أن يتقيد معدّو الأعمال الدرامية بتقاليد وأعراف المجتمع المصري، وإبراز سمات ثقافته، وكذلك المحافظة على الهوية المصرية في الأعمال من ملابس وإكسسوارات وأنماط معيشية.

ختامًا، فإن مراجعة الدراما تُعد ضرورة ملحة.
فيجب أن ندرك أن ما يُقدَّم من محتوى له تأثير عميق على تشكيل القيم والأفكار في المجتمع.
لذا، فإن التوجه نحو تقديم نماذج إيجابية سيساهم في رسم صورة أفضل للمرأة المصرية، ويُعزز من قيم المجتمع ككل.

طباعة شارك الدراما المصرية الرأي العام الأعمال الدرامية

مقالات مشابهة

  • لمياء شرف تكتب: الأمر لم ينتهِ.. انهض.. الفشل جزء من النجاح
  • د. شيماء الناصر تكتب: صورة المرأة المصرية في الدراما بين الترويج السلبي والإيجابية المفقودة
  • منال الشرقاوي تكتب: ناصر 56
  • د.حماد عبدالله يكتب: فاقد الشىء لا يعطيه !!
  • رسوم ترامب على الأفلام غير الأميركية.. هل تكتب نهاية هوليود؟
  • محافظ دمياط يشارك بتجربة للنحت على الخشب
  • النائب العام ينعى المستشار مصطفى حلمي الحسيني رئيس الاستئناف
  • دونجا: حلمي طولان وطارق مصطفى الأنسب لقيادة الزمالك
  • كأس العالم قد تكتب الفصل الأخير في مسيرة فهد المفرج
  • «حاميها حارميها».. مافيا السوق السوداء تسيطر على تذاكر القطارات