محافظ الحديدة لـنيوزيمن: أي تلوث بيئي في البحر الأحمر مسألة حياة أو موت
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
يترقب أبناء محافظ الحديدة ما تحمله الأيام من كوارث بيئية تهدد حياتهم جراء الهجمات المتكررة التي تشنها الميليشيات الحوثية، ذراع إيران في اليمن، تجاه السفن والناقلات المحملة بالنفط المارة قبالة سواحل المحافظة جنوب البحر الأحمر.
وباتت تلك السفن قنابل موقوتة، وقد تتسبب الهجمات الإرهابية التي تشنها الميليشيات الحوثية، بحجة الدفاع عن غزة، بحدوث تسرب كبير لا يمكن تداركه، ما يعني أضعاف الكارثة التي كانت ستخلفها سفينة "صافر العائمة" التي تحمل نحو مليون برميل من النفط الخام.
ومع عدم اتخاذ الجهات المعنية إجراءات فعالة لحماية البيئة والتصدي لهذه الكارثة الوشيكة، تواصل الميليشيات الحوثية إرهابها في استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر بشكل متكرر ويومي، وبات "باب المندب" مسرحاً للعمليات العسكرية، دون إدراك لخطورة ما تقوم به هذه الميليشيات المدعومة من إيران من أضرار على اليمن وأبناء المناطق الساحلية.
ما قامت به ميليشيا الحوثي مؤخراً من استهداف مباشر لسفينة "روبيمار" التي تحمل 41 ألف طن من الأسمدة أثناء مرورها في خليج عدن، أدى إلى تسرب نفطي بطول 18 ميلاً، ووصفها خبراء بالكارثة الحقيقية التي حتماً ستؤثر على الكائنات البحرية والشواطئ، في حال عدم اتخاذ التدابير اللازمة والتعامل مع هذا التسرب وسحب السفينة إلى سواحل جيبوتي.
وأكد محافظ الحديدة الدكتور الحسن طاهر في تصريح لـ"نيوزيمن"، أن استهداف الحوثيين للسفن المحملة بالنفط يعد كارثة بيئية في البحر الأحمر، وكان آخرها استهداف السفينة البريطانية روبيمار التي تعد قنبلة موقوتة جديدة تهدد البيئة والحياة البحرية والاقتصاد اليمني، مستنكراً تماهي المجتمع الدولي مع جماعة الحوثي تجاه الممارسات الرهيبة التي تحدث بشكل متكرر، كون أذاها لا يقتصر على اليمن فحسب، بل قد يمتد إلى باقي دول العالم.
وقال المحافظ طاهر: إن التلوث البيئي الذي حصل في البحر الأحمر نتيجة للأحداث الأخيرة، حقيقة هذه بالنسبة للمنطقة مسألة حياة أو موت، لأن معظم المواطنين هنا يمتهنون مهنة الصيد، إضافة إلى نفوق الكثير من أنواع الأحياء البحرية، ويتضرر بالتالي الصياد في رزقه.
وأضاف، لدينا نحن فريق دربناه في جمهورية مصر العربية وفي الحديدة دربنا مجموعة من الشباب، لكن الإمكانات لا تمكننا من مواجهة هذه الكارثة -لا سمح الله- لو حدثت بشكل أكبر، حتى إمكانات الدولة محدودة.
وحذر من هذه الكارثة، قائلاً لا بد من تدخل المجتمع الدولي في هذا الأمر الواقع، مشيراً إلى أن التماهي مع الحوثي والتساهل معه أدى بنا إلى هذا الوضع، وسيتضرر المجتمع الدولي كما تضررنا نحن بهذا الوضع الكارثي، مؤكداً على المجتمع الدولي ضرورة التصدي بشدة لهذه الأعمال العدائية والتأكد من الحماية للبيئة البحرية من التلوث والأضرار، فالوضع لا يُحتمل إذا استمر التساهل والتهاون في مثل هذه الأمور التي تحدث الآن من تراشقات هنا وهناك.
وقال، إن البحر الأحمر ممر حيوي دولي، ممر لا يخص اليمن لوحده، ولكن أكثر المتضررين من هذه الكارثة البيئية نحن اليمنيون والأكثر نحن أصحاب السواحل، وسيطال هذا الضرر العالم.
تسبب عسكرة الحوثيين للبحر والأحمر بحرمان آلاف الصيادين من الاصطياد السمكي ومصدر رزقهم، وبحسب صيادين، فإنه منذ إطلاق الولايات المتحدة قوة مهام بحرية دولية لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن من هجمات الحوثيين، تضرروا بشكل كبير، وأصبحوا محل استهداف واشتباه لدى القوات العسكرية، بعد استخدام الميليشيا لقوارب الصيد اثناء تنفيذ هجماتها على السفن.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: فی البحر الأحمر المجتمع الدولی هذه الکارثة
إقرأ أيضاً:
اليمن تُرعب واشنطن ..
عبدالحكيم عامر
في لحظة فارقة من مسار الصراع الإقليمي، سجّل اليمن واحدة من أهم وأقوى الضربات الاستراتيجية في معركة الصراع العربي الصهيوني، عندما أجبر واشنطن على الانكفاء العسكري من المشهد الحربي الداعم للعدوان الإسرائيلي على غزة، لم يكن هذا التراجع الأمريكي وليد ضغط دبلوماسي، ولا نتيجة حسابات داخلية، بل كان استجابة قسرية أمام واقع فرضته صنعاء بالصواريخ والطائرات المسيّرة، والثبات الشعبي والميداني والسياسي في وجه أعتى تحالف عسكري على وجه الأرض.
منذ أن دخلت القوات المسلحة اليمنية في مواجهة مباشرة مع أمريكا وتحالفها، تحت عنوان حماية السفن المرتبطة بإسرائيل، ردًا على العدوان الوحشي على قطاع غزة، لكن ما بدأ بعمليات عسكرية من البحر الأحمر، سرعان ما تحوّل إلى تصعيد متسارع وعمليات نوعية امتدت حتى المحيط الهندي، وصولًا إلى باب المندب، في تحوّل أربك أمريكا وأفشل رهاناتها، ورغم الضربات الجوية والقصف المستمر، ظل الموقف اليمني صلبًا، وصاعدًا في استراتيجياته، ورافضًا للمساومة أو التراجع.
مفاجأة العالم كانت صادمة: الطرف الذي طلب وقف التصعيد هي أمريكا، وليس اليمن، والأهم من ذلك، أن قرار الحرب والسلم لم يكن في البيت الأبيض، بل في اليمن، هذا التحول يكشف حجم الانتصار اليمني، الذي لم يكن عسكريًا فقط، بل سياديًا، فرض على أمريكا إعادة التموضع والانسحاب من ساحة كانت تراها حديقتها الخلفية.
في هذا الإطار، جاء إعلان صنعاء تعليق عملياتها البحرية كمبادرة حرة لا تعني التراجع عن الدعم لفلسطين، بل كرسالة مضادة أن الحرب تُدار من اليمن، وأنه قادر على التهدئة أو التصعيد بحسب مصلحة القضية المركزية.
المفارقة أن واشنطن التي كانت تتفاخر بفرض إرادتها على الممرات البحرية، تجرّعت مرارة الفشل حينما تحولت من “شرطي البحر الأحمر” إلى طرف عاجز، يبحث عن وساطة للخروج من المستنقع اليمني، إن إيقاف العمليات العسكرية الأمريكية لم يكن خيارًا تكتيكيًا، بل هزيمة استراتيجية، لأنها اعترفت ضمنيًا بأن فاعلية اليمن العسكرية وشراسته الميدانية أقوى من كل ترسانتها.
في خطابه الأخير، فضح السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي “حفظة الله” تفاصيل اللقاءات الإقليمية التي نقلت رسالة أمريكية عبر سلطنة عمان، تعلن فيها واشنطن رسميًا وقف دعمها العسكري لإسرائيل في اليمن، متخلية عن الكيان الإسرائيلي الذي كانت مصممة بوقف اليمن عن إسنادة لغزة، وذلك بعدما استشعرت خطورة الموقف وفعالية الرد اليمني، هذا التصريح وحده يكفي لتدوين اليمن في قائمة القوى المؤثرة على السياسات الأمريكية في المنطقة.
ولم يكن لافتًا فقط مضمون الرسالة، بل رد السيد القائد على أكاذيب ترامب، الذي زعم أن اليمن “توسّل” لوقف الضربات، فجاء الرد حاسمًا: هذا الحديث “أبعد من عين الشمس”، نافضًا عن اليمن تهمة الانكسار، ومثبتًا أن الموقف مبني على وعي ديني وقرآني راسخ، يرى في مواجهة المستكبرين فريضة لا تقبل التأجيل.
الحرب النفسية التي شنّها الإعلام الأمريكي والإسرائيلي، وراهنت على تقزيم دور اليمن أو إظهاره كحالة تمرد معزولة، سقطت بمجرد أن اعترفت أمريكا بأن الضربات اليمنية هي ما دفعتها للتوقف، لم يكن تأثير اليمن في حدود البحر فقط، بل امتد ليصيب كيان العدو مباشرة، كما حدث في الضربة الصاروخية الدقيقة لمطار “بن غوريون”، والتي دشّنت مرحلة جديدة في الردع الاستراتيجي.
وفي الأخير، إن الانتصار اليمني اليوم اصبحت تقاس بالتحول الكبير في موقع اليمن داخل الخارطة الجيوسياسية، حيث بات “بوابة الردع” في البحر الأحمر، وقبلة للمقاومة السياسية والعسكرية.
وبينما تراهن بعض الأنظمة على الانبطاح لحماية مصالحها، وكانت فيه العواصم تتسابق للتطبيع، وترتجف من مجرد شجبٍ خافت، اختار اليمن خيار الكرامة، وبنى مشروعه التحرري على أسس إيمانية راسخة، تجمع بين وضوح الهدف وصلابة الموقف، وحكمة القيادة.
ما جرى هو إعلان نصر سياسي وعسكري وأخلاقي، فأن تُجبر أمريكا على وقف الدعم العسكري لـ”إسرائيل”، وتعيد تموضعها هربًا من الميدان، فهذا إنجاز يُسجّل لليمن لا كقوة عسكرية فقط، بل كمشروع تحرري متكامل.
لقد فرض اليمن معادلته: لا أمن للمحتل، ولا أمن للمصالح الغربية في البحر الأحمر، ولا استقرار لها، ما دام الدم الفلسطيني يسفك، وما دام الحصار على غزة مستمرًا.، وفي طريق القدس، تتقدم صنعاء، حاملة الصواريخ والإيمان، لتقول للعالم: اليمن ليس تابعًا، بل قائدًا، وفي زمن الغدر والتواطئ العربي، يبقى “يمن الإيمان والحكمة” شعلةً لا تنطفئ، في وجه الطغيان الأمريكي والصهيوني.