نشر أرشيف الدولة الإسرائيلي، الجمعة الأول من مارس 2024، عشرات الوثائق السرية للمفاوضات التي جرت بين إسرائيل وسوريا قبل 50 عاما، بوساطة وزير الخارجية الأمريكي آنذاك هنري كيسنجر.

وقال أرشيف دولة إسرائيل، وهو وحدة تابعة لمكتب رئيس الوزراء، إنه نشر وثائق بعنوان "حكومة غولدا مائير والمفاوضات بشأن اتفاقية فصل القوات مع سوريا، يناير/ كانون الثاني- مايو/أيار 1974".



وأضاف: "يتضمن المنشور نحو 40 وثيقة من مجموعات الأرشيف، بما في ذلك محاضر اجتماعات الحكومة خلال فترة المفاوضات، والتي تم فتحها مؤخرًا للدراسة".

وتتعلق الوثائق بالوساطة التي قام بها كيسنجر بين رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك غولدا مائير ورئيس النظام السوري السابق حافظ الأسد.

وقال الأرشيف الإسرائيلي: "في مثل هذا الأسبوع قبل خمسين عامًا، في 27 فبراير/ شباط 1974، سلم وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر، قائمة بأسماء أسرى الحرب الإسرائيليين المحتجزين لدى السوريين إلى رئيسة الوزراء غولدا مائير، وبذلك أنهى المرحلة الأولى من الاتصالات مع سوريا بعد حرب يوم الغفران (حرب أكتوبر)".

وأشار إلى أنه: "في أكتوبر/تشرين الأول 1973، بدأت المحادثات مع مصر، وتم تنفيذ عمليات تبادل أسرى الحرب معها في نوفمبر/ تشرين الثاني (من العام نفسه)".

وأضاف أرشيف إسرائيل، أن "المفاوضات مع سوريا كانت أصعب بكثير، ولم تسفر عن اتفاق إلا في نهاية مايو/أيار 1974، أي بعد حوالي ستة أشهر من انتهاء الحرب".

وأكد أن "سوريا كانت مهتمة بانسحاب إسرائيل من المناطق التي احتلتها أثناء الحرب، لكنها رفضت أن تنقل إلى إسرائيل قائمة بأسرى الحرب الذين تحتجزهم أو أن تسمح للصليب الأحمر بزيارتهم".

وعن الشروط الإسرائيلية، قال الأرشيف: "كشرط لبدء المفاوضات، طلبت حكومة إسرائيل قائمة بأسماء أسرى الحرب، وبعد اتصالات أولية، تقرر في اجتماع للحكومة في 3 فبراير 1974، إبلاغ كيسنجر بأن الحكومة ستوافق على تقديم أفكار له بشأن خط فصل جديد فقط، بعد أن تتلقى قائمة بأسرى الحرب، والسماح بزيارات الصليب الأحمر".

ولفت إلى أنه "نتيجة للضغوط التي تعرض لها حافظ الأسد، وافق على إعطاء قائمة الأسماء إلى كيسنجر".

وأدى استلام القائمة، وفق المصدر، إلى "تسهيل كبير، وقررت الحكومة الإسرائيلية أن تبادل أسرى الحرب سيكون المادة الأولى في أي اتفاق".

ولفت إلى أن "محاضر اجتماعات الحكومة الإسرائيلية، أسفرت عن الخلاف حول الانسحاب من هضبة الجولان إلى ما وراء الخط البنفسجي، وهو خط الفصل بين القوات بعد حرب الأيام الستة (1967)".

وتابع: "ناقشت الحكومة الأهمية الأمنية للانسحاب من الجيب السوري، والقلق على أمن المجتمعات المحلية في مرتفعات الجولان".

وتكشف الوثائق أن وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك موشيه ديان، أعرب عن "قلقه من استئناف الحرب إذا استمرت إسرائيل في التمسك بالخط الحالي".

وعن موقف غولدا مائير، قال الأرشيف: "عارضت رئيسة الوزراء في البداية أي انسحاب، لكنها اضطرت في النهاية إلى الموافقة على التنازل عن مدينة القنيطرة (جنوبي سوريا)".

وتتناول الوثائق أيضاً "حرب الاستنزاف في سوريا، وتسلل التنظيمات من لبنان، وتتعلق المنشورات أيضا بالأجواء العامة العاصفة، والضغوط التي تمارسها عائلات أسرى الحرب والمعتقلين، وبروز حركة معارضة للانسحاب من هضبة الجولان".

وأشار الأرشيف إلى أن "الاتفاق، الذي وافقت عليه الحكومة بالإجماع، ثم أقره الكنيست بعد ذلك، تم التوقيع عليه في 31 مايو 1974 في جنيف".

وقال "أرشيف دولة إسرائيل": "دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في نفس اليوم، وأُعيد أسرى الحرب الجرحى إلى إسرائيل في اليوم التالي".

ويأتي الكشف الإسرائيلي عن هذه الوثائق بعد أيام من كشف مصر، وثائق نادرة من حرب خاضتها ضد إسرائيل في أكتوبر 1973.

ونشرت وزارة الدفاع المصرية عبر موقعها الإلكتروني، في فبراير الماضي، الوثائق تحت عنوان "وثائق حرب أكتوبر 1973 أسرار الحرب".

وسلطت الوثائق الضوء على "أسرار الحرب"، منذ حرب يونيو/ حزيران 1967 التي أسفرت عن احتلال إسرائيل لسيناء (شرقي مصر)، مرورا بالتخطيط الاستراتيجي العسكري.

المصدر : وكالة سوا

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: غولدا مائیر أسرى الحرب مع سوریا إلى أن

إقرأ أيضاً:

كسر الإرادات بين ايران إسرائيل

#كسر #الإرادات بين #ايران #إسرائيل
بقلم: د. #هشام_عوكل – أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولية


بينما يدّعي ترامب قدرته على إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في 24 ساعة فإن الواقع يكشف أنه – بدلًا من إطفاء الحرائق – يُشعلها. الهجوم الإسرائيلي على طهران رغم استعراض القوة لم يُضعف إيران كما كان مأمولًا بل فتح ساحة جديدة لصراع مفتوح الأطراف.
الضربات ما زالت تتساقط على حيفا وتل أبيب والمدن كبرى وتستهدف بشكل مباشر منشآت تعتبر جزءًا من العمود الفقري للصناعات الإسرائيلية. إيران، التي لا تملك ترسانة إسرائيل الدفاعية ولا غطاءً نوويًا معلنًا تمكنت من فرض معادلة ردع جديدة عنوانها: كسر الإرادات لا تحقيق النصر السريع.
هنا نطرح مسألة في غاية الأهمية هل مازلت إسرائيل تفكر في ان تسمك بعصا القيادة في المنطقة بعد غياب دور اقليمية كبرى بالعالم العربي والاسلامي . لم يعد واقعيًا. هذا الدور أصبح من الماضي وواقع ما بعد الضربة الإيرانية يُظهر أن إسرائيل باتت تلهث خلف الحدث لا تصنعه.
وفي الجانب المقابل هل الضربات الإيرانية عشوائية أو استعراضية بل موجّهة نحو مواقع ذات تأثير مباشر تستهدف تفكيك الشعور بالأمان داخل الشارع الإسرائيلي. كل ضربة تم حسابها سياسيًا ونفسيًا قبل أن تكون عسكرية. إيران تدرك أن كسر صورة التفوق أهم من حجم الدمار.
في هذا السياق المضطرب تتجه الأنظار إلى القوى الكبرى وتحديدًا إلى الولايات المتحدة وروسيا. كلا الطرفين مرشحان للتدخل في رسم تهدئة جديدة ليس فقط لاحتواء التصعيد. بل لإعادة إيران إلى طاولة المفاوضات وفق شروط جديدة ولكن السؤال الكبير يظل مطروحًا: طالما أن إيران كانت قد تنوي دخول أصلًا الجولة الخامسة من المفاوضات، فما مبرر هذه الضربة؟
هل كانت حقًا الضربة تهدف لخلط الأوراق؟ أم أن ترامب يحاول تصدير أزمة داخلية أميركية إلى الخارج؟ الحديث عن منحه 60 يومًا لطهران كنافذة تفاوض لا يصمد سياسيًا خاصة أن سجل ترامب حافل بالوعود الممنوحة التي لم يلتزم بها. في علم السياسة لا يُكافأ من يفاوض بالقصف، ولا تُدار المفاوضات بصواريخ الكروز.
نتنياهو وجه خطابًا للشعب الإيراني دعمته وسائل الإعلام، في محاولة للاستثمار في معارضة خارجية، خاصة في الأحواز. إلا أن هذه المعارضة الهشة فشلت، إذ لا تزال مؤسسات إيران، من الحرس الثوري ومجلس الشورى إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام، قوية ومتماسكة، ولا تتغير بسهولة تحت أي تحريض خارجي.
لكن من جهة أخرى، يمثل امتلاك إسرائيل لمعلومات استخباراتية دقيقة عن قيادات إيرانية تحديًا كبيرًا، فهو يعكس هشاشة البنية الاستخباراتية وكشف عن صعوبة ولعنة الجغرافيا الإيرانية التي تسمح بالتسلل بسهولة في بعض المناطق مما يضع إيران في موقف دفاعي دائم ويشكل نقطة ضعف كبيرة أمام الحرس الثوري.
هنا تبرز مفارقة خطيرة: كلا الطرفين يملك نقاط ضعف استراتيجية. إسرائيل عاجزة عن الحسم رغم تفوقها التكنولوجي، وإيران تواجه اختراقًا استخباراتيًا يهدد أمنها الداخلي. كيف ستُدار هذه المعادلة؟ وهل سيقودها هذا التوازن الهش إلى تسوية سياسية؟ أم إلى انفجار أكبر؟
بالمقابل هناك سؤال جريء لا بد أن يُطرح: هل ترامب يريد فعلاً إسقاط النظام الإيراني؟ أم يسعى إلى جرّه إلى المفاوضات كنظام قوي متماسك بغض النظر عن طبيعته؟ هل تهدف الاستراتيجية الأمريكية إلى تغيير النظام أم إلى ترويضه؟
وبالتوازي، يُطرح تساؤل داخل إيران نفسها: لماذا لم تستخدم طهران حتى الآن منظومات الدفاع الجوي الروسية S-300 وS-400 في صد الضربات الإسرائيلية؟ هل هذا قرار تكتيكي؟ أم أن هناك اتفاقًا غير معلن مع موسكو بعدم توجيه هذه الصواريخ نحو أهداف إسرائيلية؟
ما زالت إيران تُمسك بخيوط استراتيجية دفاعية لكن السؤال الذي يُطرح الآن: متى ستنتقل من الدفاع إلى الهجوم المنظم؟ وهل باتت الظروف ناضجة لتغيير هذه المعادلة؟
وبالتالي يبرز سؤال مركزي أكثر خطورة: هل يمكن أن تُقدم إيران على ضربة استراتيجية استباقية؟
الجواب: نعم، ولكن بشروط دقيقة جداً.
طهران قد ترى أن ضربة استباقية، مدروسة ومحددة الأهداف، تمنحها ورقة تفاوضية قوية تقول من خلالها للعالم: إسرائيل هي من بدأت الحرب لكن إيران هي من أنهاها. هكذا ضربة لن تكون مجرد رد فعل عسكري بل إعادة صياغة لمفهوم الردع الإقليمي.
والغاية الحقيقية من ضربة كهذه ليست فقط عسكرية بل سياسية بامتياز العودة إلى طاولة المفاوضات من موقع الفاعل لا المفعول به ومن موقع يكرّس إيران كلاعب إقليمي أساسي لا يمكن تجاوزه.
وإذا ما حدث ذلك فإن المفهوم التقليدي للتفوق الإسرائيلي سينهار لصالح معادلة جديدة: إيران تملك قرار البدء والإنهاء، لا فقط قرار الرد.
وبهذا لا يعود الصراع مجرد سباق دموي على من يقتل أكثر، بل على من يملك الحق في رسم النهاية.
زاوية حادة تترك لنا سؤال
إسرائيل ليست سوى ذراع أمريكية وأمريكا لا تمانع في إشعال الشرق طالما بقيت يدها بعيدة عن النار. والنتيجة: طهران تحت القصف غزة تحت الحصار، والمنطقة كلها على شفا الانهيار و إسرائيل لا تستطيع تدمير المعرفة النووية التي راكمتها إيران
إلى أن يقرر نتنياهو كيف يخرج من هذا المستنقع، سيبقى الشرق الأوسط أسير حرب لا يملك أحد شجاعتها ولا شرف ختامها.

مقالات مشابهة

  • من نشوة القصف إلى فخ الاستنزاف.. كيف وقعت “إسرائيل” في فخ الحرب التي أرادتها؟
  • خامنئي ينتقد إسرائيل بسبب شن هجوم على إيران في ظل المفاوضات النووية
  • ألم يأنِ للعقلاء أن ينقذوا العالم؟!
  • نتيجة الحرب بين إسرائيل وإيران.. انخفاض في أعداد السفن التي تمر عبر مضيق هرمز
  • مواجهة إسرائيل وإيران ترفع أسعار الغاز في أوروبا
  • تداعيات الحرب الإيرانية الإسرائيلية.. سلطنة عُمان ترفع مستوى التأهب للتعامل مع المواد الخطرة
  • يوسف زيدان: الحرب بين إسرائيل وإيران ترفع شعارات دينية وتهدف لإفناء الآخر
  • كسر الإرادات بين ايران إسرائيل
  • الحلبوسي يدعو إلى إبعاد العراق عن الحرب الإيرانية الإسرائيلية
  • أمريكا ترفع درعها في الشرق الأوسط: هل يقترب تدخلها المباشر في الحرب؟