جمال بن ماجد الكندي عبارتان نسمعهما دائماً في مقررات الجامعة العربية، عندما كان الاحتلال الإسرائيلي يوغل في عدوانه على الشعب العربي في فلسطين ولبنان وسوريا، ويقتل الأطفال والشيوخ ويدمر كل شيء ينبض بالحياة، خاصة في غزة الصامدة، فكنا نحن العرب لا نملك إلا هاتين الكلمتين “نشجب ونستنكر” لأننا نعلم أن وراء هذه الدولة العنصرية كيان عالمي يدافع عن هذا المجرم مهما تجاوز في إجرامه، فكان لابد من استبدالهما بفعل على الأرض يردع هذا الإجرام الصهيوني، فكانت معادلة الردع العسكري في فلسطين ولبنان، حيث اسستها قوى المقاومة الوطنية ونتائجها ظهرت في ساحات القتال يذكرها العدو الصهيوني ويدركها جيداً قبل غيره .
هذه النظرية العسكرية بنيت بسواعد رجال المقاومة الفلسطينية واللبنانية ضد غطرسة الكيان الصهيوني، وأصبح للسياسيين أدبياتهم المعروفة ومنها “نشجب ونستنكر”، ولرجال الميدان أفعالهم التي تجبر الإسرائيلي بالتفكير ألف مرة في الإقدام على أي عمل إجرامي ضد الشعب الفلسطيني أو اللبناني، وإذا فعل ذلك يقدم الوساطات للتهدئة كما هو حاصل في غزة. “نشجب ونستنكر” نسمعها اليوم مجتمعة من دول عربية وإسلامية إزاء فعل عنصري إجرامي متطرف من لاجئ عراقي الأصل في السويد قام بتدنيس المصحف الشريف لمرتين، وأهان أقدس المقدسات لأكثر من مليار مسلم في العالم، وعندما تكررت كلمة “نشجب ونستنكر” فقط أقدم متطرف آخر من الدنمارك وقام بنفس العمل، فكيف لنا أن نستبدل شعارنا “نشجب ونستنكر” كلما دنس دستور المسلمين، كما فعلنا مع الكيان الصهيوني، والذي أسس لقاعدة في العقل العسكري الإسرائيلي مفادها أن الإجرام لا يقابله إلا الرد، والرد مهما كان حجمه فهو يؤلم الإسرائيلي. من هنا نقول بأن التحرك في إجرام من يحتضن المتطرفين والعنصريين اتجاه القران الكريم لابد أن يكون رده بالأفعال وليس بالكلام فقط، فمثل هذه العبارات تعبت ألسنتنا من التحدث بها، وتعود من يفعل هذه الأفعال أن تكون ردودنا “نشجب ونستنكر” كما كان في الماضي مع الكيان الصهيوني، وكل ميدان له أدواته، فأدوات عدوان الكيان الصهيوني قوبلت بالقوة ونفعت في تأسيس قاعدة الردع العسكري، وفي قضية تدنيس المصحف الشريف لابد من تأسيس قاعدة يجتمع عليها كل المسلمين، كما يفعل الغرب تجاه أي شخص يتحدث بسوء إزاء ما حدث لليهود إبان الحرب العالمية الثانية، ويشكك في أعداد من قتلتهم ألمانيا النازية في تلك الحقبة ويتم محاكمته ووصفه بأنه معادياً للسامية، ولا يقال له أبداً بأنه يمارس حرية كلمة يقدسها الغرب. نحن العرب والمسلمون نملك من المقومات التي نتجاوز بها كلمات الإدانة والاستنكار في أي فعل ضد قيمنا الدينية وفي مقدمتها القرآن الكريم ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهناك سلاح الاقتصاد والعلاقات السياسية وغيرها، تؤلم من يجرؤ على التعدي على مقدساتنا الإسلامية وعندنا دول إسلامية ذات ثقل إقليمي وعالمي تستطيع التأثير في حجم الرد على من يحتضن من يهين القرآن الكريم، وكلما كان العقاب مؤثراً وفعالاً سيفكر ألف مرة من أقدم على حماية من قام بهذا الفعل بتكرار ذلك ، والإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية كثيرة، وهي التي لابد أن نستبدلها بدل كلمتي “نشجب ونستنكر” فقط كما فعل رجال المقاومة مع العدو الصهيوني. هنالك استبدلت كلمة “نشجب ونستنكر” بالسلاح، وأمام فعل من دنس القرآن الكريم دستور المسلمين نستبدل هذه الكلمة بفعل مؤثر على الأرض ميدانه الاقتصاد والسياسة، ولو كان تأثيره بسيط فهو سيبلور في الفكر الغربي مسالة اتفاق جميع المسلمين على أن مقدساتهم خط أحمر، وما نفعله اليوم سيؤثر في المستقبل خاصة عندما تتفق جميع الدول الإسلامية بفعل سياسي اقتصادي واحد يكون مؤثراً، ويبني قاعدة جديدة في التعامل مع الغرب الذي يؤي مثل هؤلاء المتطرفين ويدعمهم تحت دعوى حماية حرية الكلمة ، بأن الرد ليس كلاماً فقط ولكن يتبعه فعلاً على الأرض، والغريب بأن الحرية تقف عندهم عندما يتم التعدي على رموزهم السياسية والدينية ، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على حقد دفين على الإسلام والمسلمين، والكيل بموازين مختلفة حسب المزاج الغربي. القران الكريم هو الذي يوحدنا نحن المسلمين وقضية الإساءة له ليست قضية سياسية تختص جماعة عن غيرها، ولكنه مرجعية إسلامية لكافة المسلمين على وجه هذه البسيطة بكل تنوعاتهم السياسية والطائفية ، من هنا لابد أن يأتي الرد مجتمعاً بقرار واحد عبر المؤتمر الإسلامي بإجماع الدول المنضوية تحت هذا التجمع، يؤسس لقاعدة عدم المساس بقيمنا الدينية تثبت في العقل الغربي، وتساوي معادلة الردع العسكري عند الكيان الصهيوني، وتبقى كلمة “نشجب ونستنكر” ولكن تغلف بقرارات سياسية واقتصادية يدرك فيها من يسمح لهؤلاء المتطرفين في السويد، والدنمارك وغيرها من الدول أن لدستور المسلمين رجال يدافعون عنه وهو خط أحمر لا يمكن تجاوزه والعبث فيه بداعي حرية الكلمة، وبهذا فقط يتم احترام مقدستنا بفعل ما نقوم به تجاه كل من يستهين بالقرآن الكريم ونبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وأله وسلم، وقوتنا في ذلك وحدة قرارنا السياسي والاقتصادي تجاه هذا الفعل المشين. كاتب عُماني
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
محرم إنجه: لابد من إخراج تركيا فورًا من السياسة ثنائية القطب
أنقرة (زمان التركية) – انتقد رئيس حزب المملكة، محرم إنجه، الاستقطاب السياسي الحالي في تركيا.
وشدد إنجه في تغريدة على ضرورة إخراج تركيا بشكل سريع من السياسة ثنائية القطب، مفيدا أن ما يلزم لتحقق هذا هو إقرار مسار سياسي ثالث.
وأضاف إنجه أن السياسة في تركيا أصبحت أداة للعند أكثر من الخلافات الفكرية، وأن الناخبين أصبحوا مجبورون على التصويت لأطراف لا يرغبون فيها.
وأوضح إنجه أن هذا الوضع تسبب في إنحصار السياسة بين قطبين قائلا: “ هذا المسار الذي سيجمع الشرفاء من جميع الفئات سيخرج البلاد بسرعة من المأزق الذي تعانيه وسيعيد الثقة في العدالة والدولة ومؤسساتها”.
ولفتت تغريدة إنجه الانظار لتعارضها مع العبارات الداعمة لعمدة إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، وحزب الشعب الجمهوري التي أدلى بها في السابق.
وكان إنجه الذي انفصل سابقا عن حزب الشعب الجمهوري وأسس حزب المملكة، قد ذكر في كلمته خلال لقاء جماهيري في 22 مارس/ آذار في منطقة ساراتشهانه أن “الرئيس الشاب لحزب الشعب الجمهوري سيبذل قصارى جهده ليعاود الحزب تصدر القوائم” وتعهّد بهذا.
وأثارت تصريحات إنجه الأخيرة الذي أبدى كانت مواقفه في بعض الأحيان داعمة بشكل غير مباشر للرئيس رجب طيب اردوغان، آراء متفاوتة بالدوائر السياسية والرأي العام، حيث يرى البعض هذه التصريجات بأنها تغيير في الموقف السياسي لإنجه، بينما يرى البعض الآخر أن مساعي المسار الثالث قد تشكِّل بديلا جديدا في السياسة التركية.
وبذلك وعاود إنجه وهو مرشح رئاسي سابق، تأجيج النقاشات بشأن الاستقطاب السياسي في تركيا، وسط تساؤلات حول مدى الدعم الذي سيحظى به مقترحه لخلق مسار ثالث خلال الأيام القادمة.
Tags: أكرم إمام أوغلوالاستقطاب السياسي في تركياحزب الأمةحزب الشعب الجمهوريعمدة إسطنبولمحرم إنجه