منير أديب يكتب: غزة بعد فشل هُدن إسرائيل
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
يبدو مستقبل غزة غامضا بعد فشل الوصول إلى اتفاق هدنة، خاصة وأنّ كل من طرفي الصراع تمسك بشروطه، ولما لا وكل منهما يُريد أنّ يُعلن انتصاره سواء حركة حماس، التي نجحت في توجيه ضربة قوية على وجه جيش الدفاع الإسرائيلي في 7 أكتوبر الماضي، أو محاولة الأخير تحقيق أي فوز على حماس سواء بالقضاء على حكمها أو القضاء عليها.
توقع صاحب هذا المقال قبل أيام فشل أي مفاوضات بينهما وأنها لن تُفضي إلى شيء؛ خاصة وأنّ إسرائيل اعتقدت أنّ الضغط العسكري خلال الخمسة شهور الماضية قد يُساعدها في مرحلة التفاوض لخروج رهائنها، فإذا بذلك يقف عائقًا أمام تحقيق أي اتفاق؛ فالحركة تضع مكسب وقف إطلاق النّار ولو بشكل مؤقت أمام ما فعلته إسرائيل خلال الشهور الماضية، فتجد نفسها خاسرة وهو ما يؤدي إلى تعثر المفاوضات في كل جولة.
سوف يأتي شهر رمضان دون التوصل إلى أي اتفاق وإذا حدث فلن يصمد؛ وقد يمتد لهيب الحرب في غزة إلى ما حولها وسط تهديد القيادة السياسية في إسرائيل بضرب رفح الفلسطينية، وهنا يمكن أنّ نقول إنّ غزة باتت مستنقع إسرائيل التي فشلت في أنّ تخرج منه؛ فبعد أن حاولت أنّ توظف حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي، ففوجئت بأنّ حماس باتت خطرًا لم تكن تتوقعه بل بات أكبر من قدراتها العسكرية، بدليل أنها لم تحقق أهدافها المعلنة سواء بتحرير الأسرى الإسرائيليين أو بالقضاء على الحركة!
ونجحت إسرائيل في توريط أمريكا في وحل غزة؛ فكل منهما يُريدان الوصول إلى اتفاق مجان ولكنهما لم يستطعا تحقيق ذلك على الأقل في الوقت الراهن؛ وهو ما اضطر جو بايدن إلى اصدار تكليفاته بإنشاء ميناء بحري على شواطئ غزة من أجل وصول المساعدات الإنسانية، بما يُعني أنّ الحرب مستمرة وقتًا أطول، وللمفارقة فإنّ إسرائيل أعلنت موافقتها ومساعدة واشنطن في تحقيق ذلك.
لا توجد أي مسارات تفضى إلى هدنة مؤقتة أو دائمة بين حماس وإسرائيل، ولعل سيناريو شبح الحرب مازال قائمًا، في ظل وضع سياسي وعسكري معقد، ولكن ما نُريد قولة إنّ واشنطن فشلت في ضبط سلوك حليفتها حتى تورطا كل منهما في وحل الحرب التي مازالت دائرة في غزة.
ولذلك يعملان سويًا على سيناريو تقليل مخاطر استمرار هذه الحرب في شهر رمضان الكريم، ولذلك لجأوا إلى خيارات إنشاء ميناء على شواطئ غزة، رغم أنّ المساعدات يمكن أنّ تدخل في معبر رفح بكل أريحية لو أرادت واشنطن وتل أبيب، كما أنّ خطوة ميناء غزة جاءت متأخرة، فلماذا الآن؟ وهنا نتساءل عن تأخر هذه الخطوة وليس على اتخاذها.
نتنياهو وضع خطة لوجود قواته 10 سنوات في غزة! رغم أنه سوف يفقد منصبة ربما خلال أقل من 10 أشهر، وهو لم يُدرك أن قواته فشلت في تحقيق أهدافها سواء منذ إنشاء الحركة في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي أو خلال الشهور القليلة الماضية منذ إعلان الحرب على القطاع، وهو ما يُعني فشلًا ذريعًا لجيش الدفاع الإسرائيلي.
وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي تصور عامين أو ثلاثة للقضاء على حماس؛ وهذا التصور من الناحية العسكرية سوف يستغرق وقتًا طويلًا بما يُعني إما قوة حماس أو ضعف جيش الدفاع الإسرائيلي أمامها، وإنّ كنّا نشكك في تحقيق هذه الأهداف التي يُداعب من خلالها الرأي العام الإسرائيلي وهي غير قابلة للتحقيق.
المنطقة على شفا هرب سوف تُشعلها تل أبيب وسوف تكون واشنطن أحد أدواتها، وسوف تستثمرها إيران سياسيًا وعسكريًا من خلال محاولة امتلاك أدوات قوة أكبر في منطقة الشرق الأوسط؛ ولعل هذه الحرب ليست في مصلحة أحد، وإذا ما انتهت في أي وقت، فسوف يكون الرابح فيها هو الشعب الفلسطيني، حيث بدأ العالم يتعاطف عمليُا مع قضيته، كما بدأ يضغط من أجل الوصول إلى حقه، رغم صمته على ما يتعرض له الآن.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: هدنة فلسطين فلسطين إسرائيل غزة دولة فلسطين الحرب في غزة
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي: توسيع حرب غزة سيشمل تهجير «غالبية سكان» القطاع
المناطق_متابعات
أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، في بيان ألقاهعند حدود قطاع غزة، أنه «على الرغم من الإنجازات الأخيرة للجيش والضغوط على (حركة) حماس»، فإن الحركة لا تزال «غير راغبة» في الموافقة على صفقة أسرى.
وقال المتحدث إيفي ديفرين: «لدينا خطة منظمة. نحن نمضي قدماً نحو مرحلة جديدة ومكثفة (من الهجوم)، عملية عربات جدعون». وأضاف: «هدف العملية هو إعادة أسرانا وإسقاط حُكم (حماس). هذان الهدفان مرتبط بعضهما ببعض»، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».
أخبار قد تهمك استشهاد أربعة فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي بغزة 6 مايو 2025 - 9:45 صباحًا ردا على توسيع عملية غزة.. تظاهرات ضد نتنياهو بالقدس 5 مايو 2025 - 7:14 مساءًوقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إن إسرائيل تنوي احتلال قطاع غزة بشكل دائم، وليس جزءاً من مناورة مؤقتة، مضيفاً: «نحن نحتل غزة للبقاء، لم يعُد هناك دخول وخروج. هذه حرب من أجل النصر».
وأكد وزير الثقافة ميكي زوهار في حديث لهيئة البث العامة (كان)، المسألة، وقال إنه لم يعُد هناك خيار آخر غير «الاحتلال الكامل للقطاع».
ودعا سموتريتش، في مؤتمر نظمته صحيفة «بشيفاع» اليمينية، الإسرائيليين، إلى التوقف عن الخوف من استخدام مصطلح «الاحتلال»، مضيفاً: «حان الوقت للتوقف عن الخوف من كلمة الاحتلال. نحن نسحق (حماس)، لن نستسلم، هي ستستسلم».
ووصف سموتريتش قرار الحكومة الإسرائيلية بأنه دراماتيكي، وأردف: «منذ اللحظة التي تبدأ فيها المناورة – لن يكون هناك انسحاب من الأراضي التي نحتلها، حتى في مقابل الرهائن».
ويعني حديث سموتريتش ببساطة أن إسرائيل ستعيد احتلال القطاع، مثلما كان معمولاً به قبل اتفاق أوسلو عام 1993، وهو وضع لا يشبه أي وضع اختبرته غزة حتى الآن بما في ذلك الحرب الحالية.
حتى نفهم ذلك علينا أن نفهم ما هي مسؤوليات القوة القائمة بالاحتلال.
والاحتلال تعريفه بموجب القانون الدولي الإنساني، هو أن «تمارس دولة ما سيطرة فعلية غير مقبول بها على أراضٍ لا تملك حق السيادة عليها».
وتعرِّف المادة 42 من قواعد لاهاي لعام 1907، الاحتلال على النحو التالي: «تعدّ الأرض محتلة عندما توضع عملياً تحت سيطرة الجيش المعادي. ويشمل الاحتلال فقط الأراضي التي تم فيها تأسيس تلك السيطرة وأمكن مزاولتها». وينظم قانون الاحتلال، باعتباره فرعاً من القانون الدولي الإنساني، الاحتلال الجزئي أو الكلي للأراضي من جانب جيش معادٍ، وجاء في النص أنه «لا تكتسب القوة المحتلة حق السيادة على الأراضي المحتلة بموجب قانون الاحتلال، وهي مطالبة باحترام القوانين والمؤسسات القائمة بالأراضي المحتلة إلى أقصى درجة ممكنة»،
وجاء أيضاً أن على القوة القائمة بالاحتلال «ضمان الحماية والرعاية للمدنيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة. وتشمل مسؤوليات السلطة المحتلة، ضمن أمور أخرى، الالتزام بضمان المعاملة الإنسانية للسكان المحليين وتلبية احتياجاتهم، واحترام الممتلكات الخاصة، وإدارة الممتلكات العامة، وعمل المؤسسات التعليمية، وضمان وجود وعمل الخدمات الطبية».
ويعني ذلك باختصار أن على إسرائيل أن تكون مسؤولة عن الحياة اليومية للفلسطينيين في غزة، من تعليم وصحة وشؤون بلدية أخرى، وهذا وضع لا يشبه وضع إسرائيل اليوم في غزة التي عليها فقط أن تؤمن دخول مساعدات إنسانية.
وقال مسؤول فلسطيني لـ«الشرق الأوسط»: «إعادة احتلال القطاع رسمياً يعني أن عليهم نشر جيشهم هناك، وتنظيم عملية السير عبر الشرطة، عليهم دفع رواتب المعلمين والأطباء، وعليهم معالجة الناس، وعليهم التعامل مع احتياجات الناس بما في ذلك معالجة القمامة بالشوارع. المسألة ليست نزهة».
وأضاف: «لو كان ذلك يسيراً لطبقوه في الضفة الغربية، وفككوا السلطة. المسألة مكلفة للغاية بشرياً ومالياً. إنها لا تشبه الاقتحامات مثل تلك التي تحدث في الضفة، ولا الحروب مثل تلك التي تحدث في غزة. في الحالتين هناك نهاية، وهناك سلطة مدنية فلسطينية مسؤولة عن الفلسطينيين، عن 5 ملايين فلسطيني في الضفة وغزة… هل إسرائيل مستعدة لأن تصبح مسؤولة عنهم؟».
معارضة الجيش
والخوف من هذه التكلفة في حقيقة الأمر، هو ما يدفع الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب إلى معارضة هذه الفكرة.
ودبت خلافات كبيرة بين المستويين السياسي والعسكري بعد قليل من الحرب، عندما طرح أو حاول نتنياهو الترويج لأفكار مثل حكم مدني إسرائيلي أو عسكري في قطاع غزة، فهاجمه وزير الدفاع الأسبق يوآف غالانت، وقائد الجيش الأسبق هرتسي هاليفي، وبقية قادة الأجهزة الأمنية على قاعدة أن تكلفة ذلك مرتفعة.
وقال غالانت آنذاك إن فكرة السيطرة على غزة ستكلف إسرائيل ثمناً باهظاً في الأرواح والأموال، وقد تعرضها لعواقب قانونية بعيدة المدى.
وموقف غالانت يشبه إلى حد كبير موقف قائد الجيش الحالي، إيال زامير، الذي عارض أيضاً احتلال القطاع، وحذر من أن ذلك قد يعني خسارة الرهائن، وهو موقف تحول إلى نقاش حاد، وأصبح أكثر حدية، عندما طال النقاش مسألة المساعدات الإنسانية بعدما قال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، إنه لا داعي للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وإنه يجب قصف مخازن المواد الغذائية التابعة لـ«حماس»، فرد زامير: «أنت لا تفهم ما تقول. أنت تعرضنا جميعاً للخطر. هناك قانون دولي ونحن ملتزمون به. لا يمكننا تجويع القطاع، تصريحاتك خطيرة».
في النهاية، وافق المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) على خطة لتجديد إمدادات المساعدات إلى غزة مع إصلاح الآلية من أجل تقليل تحويل البضائع من قبل «حماس» لصالح عناصرها.
ويبدو أن ذلك في إطار خطة الاحتلال، التي تشمل أيضاً نقل الغزيين من الشمال إلى الجنوب.
هل الاحتلال ممكن فعلاً؟
لكن؛ هل يمكن فعلاً احتلال القطاع؟ وهل توجد مآرب أخرى؟ ثمة أصوات كثيرة في إسرائيل تعارض الفكرة؛ ليس فقط مسؤولو الأمن، وإنما قادة أحزاب سياسية وعائلات الرهائن الذين دعوا الجنود إلى رفض الخدمة، لأسباب أخلاقية باعتبار أن الحرب تقتل أبناءهم في الأسر.
وكتب ناداف إيال في «يديعوت»: «إسرائيل تقف الآن عند مفترق طرق: إما أن تدفع الضغوط التي تمارس في القطاع (حماس) إلى التوصل إلى اتفاق، أو أننا سنتجه نحو احتلال غزة بالكامل. ولكن من الصواب أيضاً أن نفكر في خيار ثالث: التوصل إلى اتفاقيات تسمح بإنهاء الحرب، وإزالة حكم (حماس)، وعودة المختطفين».
لكن ربما ثمة شيء آخر يفكر فيه نتنياهو، وقال مسؤولون إن الضغط العسكري قد يجلب «حماس» إلى الطاولة، ويجبرها على تسليم المحتجزين ومغادرة القطاع.
وقال مصدر سياسي للقناة 13 الإسرائيلية إن «نتنياهو واصل الترويج لخطة ترمب لتمكين الخروج الطوعي لسكان غزة، وإن محادثات تجري حول هذه القضية مع عدة دول».
زيارة ترمب
ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مسؤول أمني قوله اليوم (الاثنين)، إن إسرائيل لن تبدأ عمليتها الجديدة في غزة، التي أقرها مجلس الوزراء الأمني المصغر أمس (الأحد)، إلا بعد نهاية زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط والمقررة في منتصف مايو (أيار).
وقال المسؤول الإسرائيلي، الذي لم تكشف الصحيفة عن هويته، إن خطة توسع العمليات في قطاع غزة لن تدخل حيز التنفيذ إلا في حال عدم التوصل إلى اتفاق حول الرهائن بحلول منتصف مايو. وأكد المسؤول أن العملية الإسرائيلية الجديدة في غزة ستشمل بقاء الجيش في المناطق التي يسيطر عليها، لمنع عودة ما وصفه بـ«الإرهاب». وأضاف: «الجيش سيتعامل مع كل منطقة محتلة وفقاً لنموذج رفح، حيث تم القضاء على جميع التهديدات، وأصبحت جزءاً من المنطقة الأمنية».