تحذير أممي جديد من «جوع كارثي» بالسودان خلال الأشهر المقبلة
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
بحسب منسق المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة المستويات الحادة من الجوع ترجع إلى التأثير الشديد للصراع على الإنتاج الزراعي، والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الرئيسية.
التغيير: وكالات
حذر منسق المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن جريفيث في مذكرة إلى مجلس الأمن الدولي، الجمعة، من أن ما يقرب من 5 ملايين شخص قد يعانون من “جوع كارثي” في بعض مناطق السودان خلال الأشهر المقبلة.
وقال جريفيث إن المستويات الحادة من الجوع ترجع إلى التأثير الشديد للصراع على الإنتاج الزراعي، والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الرئيسية، وتعطيل التدفقات التجارية، والزيادات الحادة في الأسعار، والعوائق التي تحول من دون وصول المساعدات الإنسانية، والنزوح على نطاق واسع، وفق ما أوردت “رويترز”.
وكتب جريفيث في المذكرة: “من دون مساعدات إنسانية عاجلة وإمكانية الوصول إلى السلع الأساسية قد ينزلق ما يقرب من 5 ملايين شخص إلى الجوع الكارثي، في بعض أجزاء البلاد في الأشهر المقبلة”.
وقال إنه من المحتمل أن يواجه بعض الناس في غرب ووسط دارفور “ظروف المجاعة، مع تفاقم الوضع الأمني وبدء موسم الجفاف”، مشدداً على أن تسليم المساعدات عبر الحدود من تشاد إلى دارفور يعد “شريان حياة حاسما”.
وأشار جريفيث إلى أنه من المتوقع أن يعاني ما يقرب من 730 ألف طفل في جميع أنحاء السودان من سوء التغذية الحاد الشديد، بما في ذلك أكثر من 240 ألف طفل في دارفور.
بدورها، قالت ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” في السودان، مانديب أوبراين، الجمعة، إنه لم يتبق سوى بصيص من الأمل للحيلولة دون “خسارة جماعية” لحياة ومستقبل الأطفال في السودان.
وأضافت أوبراين، أن 14 مليون طفل يحتاجون للمساعدات الإنسانية في السودان، وأن 4 ملايين طفل باتوا مشردين، كما يعاني الملايين من الجوع وسوء التغذية الحاد.
ودعت ممثلة “يونيسف” لوقف فوري لإطلاق النار في السودان، وتوفير مزيد من الموارد، وإتاحة الوصول بدون عوائق لإنقاذ ملايين الأطفال الذين يكابدون من أجل البقاء على قيد الحياة.
وكانت “هيئة إنقاذ الطفولة” قد ذكرت أن ما يقرب من 230 ألف طفل وامرأة حامل وأم جديدة قد يموتون في الأشهر المقبلة بسبب الجوع، ما لم يتم الإفراج عن تمويل عاجل منقذ للحياة للاستجابة للأزمة المتفاقمة في السودان.
وتكشف الأرقام عن تدهور في قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول إلى المحتاجين، مع نقص غير مسبوق في التمويل.
ومنذ 15 أبريل الماضي، أدى النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى سقوط أكثر من 9 آلاف شخص، وفق حصيلة للأمم المتحدة، التي أشارت إلى نزوح نحو 6 ملايين شخص داخل البلاد، أو إلى دول مجاورة.
وفي أكتوبر 2023، ذكرت “يونيسف” أن السودان سجَّل أكبر عدد من الأطفال النازحين في العالم “حيث تم دفع حوالي 3 ملايين للفرار” على وقع الحرب.
ويواجه السودان أكبر عدد من النازحين داخلياً في العالم، بحسب منظمتي “يونيسيف” و”الصحة العالمية”، اللتين قالتا، في الشهر نفسه، إن افتقار أولئك النازحين إلى الغذاء ومياه الشرب المأمونة والبيئة النظيفة والرعاية الصحية والعديد من الخدمات الأساسية يجعلهم يواجهون خطر الوفاة بسبب مضاعفات الولادة، وانخفاض التطعيم، وتفشي الأمراض، كما أن سوء التغذية آخذ في الارتفاع بسرعة.
الوسومآثار الحرب في السودان الأزمة الإنسانية الأمم المتحدة الجوع حرب الجيش والدعم السريعالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الأزمة الإنسانية الأمم المتحدة الجوع حرب الجيش والدعم السريع الأشهر المقبلة ما یقرب من
إقرأ أيضاً:
تصنيف «الإخوان» منظمة إرهابية يفاقم ارتباك الجماعة بالسودان
شعبان بلال (القاهرة)
أوضح خبراء ومحللون سياسيون أن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه إدراج تنظيم الإخوان على لائحة الإرهاب وإصدار الأمر التنفيذي المتعلق بحظر التنظيم، أدى إلى ارتباك داخل صفوف الجماعة في السودان، مؤكدين أن التحرك الأميركي يحد من دور الإخوان في السودان.
وأشار هؤلاء في تصريحات لـ«الاتحاد» إلى وجود حالة ارتباك واضحة في خطاب قيادات وأشخاص ينتمون إلى التنظيم الإخواني خلال الساعات والأيام الأولى للقرار، موضحين أن التنظيم وجد نفسه أمام تحول دولي كبير يعمق أزمته الداخلية ويضيق مساحة تحركه في بلد يشهد حرباً وانقساماً سياسياً غير مسبوق، مما جعل تأثير القرار مضاعفاً وذا انعكاسات مباشرة على وجود الجماعة ومستقبلها في السودان.
ووجَّه الرئيس ترامب في أمره التنفيذي وزيري الخارجية والخزانة للنظر فيما إذا كان ينبغي تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان منظمات إرهابية أجنبية (FTOs) وإرهابيين عالميين مُصنفين بشكل خاص (SDGTs)، مما يعيد رسم ملامح السياسة الأميركية تجاه التنظيم، في خطوة حاسمة تهدف إلى مواجهة تأثير الإخوان وشبكاتهم السياسية والمالية، سواء داخل الولايات المتحدة أو في محيطها الدولي.
وأوضح الباحث في شؤون الحركات المتطرفة، منير أديب، أن السودان يمثل نموذجاً واضحاً لخطورة تنظيم الإخوان، مشيراً إلى أن التنظيم هناك يعيش حالة ارتباك غير مسبوقة بعد قرار ترامب الأخير والأمر التنفيذي لوضع التنظيم على لائحة الإرهاب، لافتاً إلى أن الإخوان كانوا من أوائل من أشعل فتيل الصراع في السودان وأسهموا في تعقيده، رغم كل المبادرات المطروحة لوقف إطلاق النار، ومنها مبادرة «الرباعية الدولية».
وقال أديب في تصريح لـ«الاتحاد»: «إن حالة الارتباك التي يعيشها التنظيم في السودان جعلته يتخبط بين أطراف الصراع، ويحاول استغلال الفوضى للحفاظ على نفوذه، مما زاد المشهد السياسي والأمني تعقيداً، إذ تكشف ممارسات الإخوان بوضوح ميلهم إلى تأجيج العنف وإطالة أمد الحرب، مما يجعلهم عبئاً ثقيلاً على السودان والمنطقة كلها».
من جانبه، شدد الدكتور محمد المصالحة، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، على أن قرار الرئيس الأميركي بشأن جماعة الإخوان أحدث ارتباكاً واضحاً داخل الأجنحة المرتبطة بالجماعة في السودان، مؤكداً أن هذا الارتباك يعكس أزمة أعمق تعيشها الحركة منذ اندلاع الحرب.
وأوضح المصالحة في تصريح لـ«الاتحاد» أن جماعة الإخوان في السودان كانت تاريخياً جزءاً من البنية السياسية التي أثرت في المشهد الداخلي، لكن الحرب وما تبعها من انهيارات سياسية ومؤسساتية، كشفت هشاشة وجودهم التنظيمي، مشيراً إلى أن القرار الأميركي جاء ليضاعف هذا الارتباك.
وأشار إلى أن التنظيم في السودان يتخبط اليوم بين محاولة الحفاظ على قواعده التقليدية، وبين السعي لإعادة التموضع داخل الساحة السياسية التي تغيرت جذرياً بسبب الحرب، موضحاً أن هذا التوتر الداخلي انعكس في تصريحات متضاربة ومواقف مرتبكة صدرت عن قياداتها خلال الأيام الماضية.
وقال: «إن تنظيم الإخوان في السودان وجد نفسه أمام واقع سياسي شديد التعقيد، لا يسمح له بمساحة مناورة واسعة، خاصة بعد فقدانه مواقع النفوذ التي تمتع بها في فترات سابقة».
وأضاف أن القرار الأميركي يرتبط أيضاً بقراءة واشنطن لدور الإخوان في صراعات المنطقة، ومن بينها السودان، إذ إن الولايات المتحدة تنظر إلى الجماعة باعتبارها عاملاً يزيد من اضطراب المشهد السياسي والأمني، وهو ما يفسر الضغوط الإضافية التي قد تتعرض لها بعض الدول التي لا تزال هذه الجماعات تنشط في فضائها العام.
في السياق، قال الدكتور هيثم عمران، أستاذ العلوم السياسية، إن التوجه الأميركي نحو إدراج جماعة الإخوان على قوائم التنظيمات الإرهابية ستكون له تداعيات خاصة على السودان، نظراً لكونه إحدى أهم البيئات التي تحركت فيها الجماعة تاريخياً، واستثمرتها سياسياً وأيديولوجياً.
وأضاف عمران في تصريح لـ«الاتحاد»: «إن السودان، الذي يعيش حرباً مفتوحة وانقساماً سياسياً حاداً، سيكون أكثر الدول تأثراً بالتصنيف المحتمل، مما يفاقم حالة الارتباك داخل شبكات الإخوان هناك، خاصة تلك التي أعادت تشكيل نشاطها خلال سنوات عدم الاستقرار»، موضحاً أن الجماعة في السودان تعتمد تقليدياً على شبكات مالية وخيرية وإعلامية شكلت أدوات تأثير ونفوذ، وأي تصنيف أميركي سيعطل هذه البنى بشكل شبه كامل بفعل التشريعات الدولية الخاصة بمكافحة تمويل الإرهاب.
وأشار إلى أن النظام المصرفي السوداني، الذي يعاني عزلة مصرفية، سيتضرر بشدة، إذ ستضطر البنوك وشركات التحويل إلى تشديد الامتثال للمعايير الأميركية خشية التعرض لعقوبات أو قيود، مما سيؤدي إلى تجميد تلقائي لأي نشاط مالي مرتبط بالجماعة، وهو ما يحرم الإخوان في السودان من أهم أدواتهم التقليدية.
ضغوط مضاعفة
أوضح عمران أن السودان في ظل حربه الداخلية وتعقيدات المشهد الإقليمي سيواجه ضغوطاً مضاعفة، إذ سيُنظر إلى استمرار نشاط الإخوان ووجودهم التنظيمي أو الإعلامي على أراضيه باعتباره تعارضاً مع الالتزامات الدولية في مكافحة الإرهاب، مما ينعكس على فرص السودان في الحصول على دعم سياسي أو اقتصادي، خصوصاً في ظل سعيه لبرامج دولية تتعلق بالانتقال السياسي وإعادة الإعمار.
ولفت إلى أن حالة الارتباك داخل الإخوان في السودان باتت واضحة منذ اللحظة التي طُرح فيها القرار الأميركي، حيث صدرت مواقف متضاربة ومحاولات للتنصل من الروابط التنظيمية في محاولة للالتفاف على الآثار المالية والقانونية، مؤكداً أن الجماعة تدرك أن السودان، في ظل وضعه الراهن، لم يعد يوفر لها الهامش الذي كانت تتحرك فيه، وأن أي ضغط أميركي سيقيد قدرتها على الوجود والفعل السياسي بدرجة كبيرة.