سودانايل:
2025-08-02@07:07:03 GMT

تغيرات المشهد السياسي في السودان

تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
بدأ المشهد السياسي المتعلق بالسودان يتغير بشكل واضح، و التغيير لم يطال الأجندة المتعلقة بالحرب و العمل السياسي فقط، بل سيطال حتى الاعبين في المسرح السياسي، و سوف يتم تغييرهم من خلال التغيير الذي سوف يحصل في الميدان العمليات العسكرية، و هذا ما كنت قد ذكرته في عدد من المقالات السابقة، و كان بعض من المعلقين يعتقدوا ليس بالضرورة أن تكون الحرب عاملا لتغيير الاعبين.

. أن مؤتمر القاهرة للقوى المدنية السودانية الذي عقد تحت رعاية الحكومة المصرية، شكل نقطة فارقة بين مرحلتين.. المرحلة الأولى كانت هناك سيطرة كاملة لعدد من الدول التي تدير المشهد هي أمريكا و بريطانيا و السعودية و الاتحاد الأوروبي و يوظفون معهم منظمة الإيغاد و الاتحاد الأفريقي، و هؤلاء كانوا يعتبرون "قوى الحرية و التغيير المركزي" هي القوى المدنية التي يعترفون بها ،و يعملون جاهدين إلي إرجاعهم للسلطة.. و هناك ضغط عسكريا كان يتم من الميليشيا على القوات المسلحة، و تدعم دولة الأمارات الميليشيا عسكريا، و أيضا تدعم القوى السياسية التي تشكل حاضنة للميليشيا، فالقيادات "تقدم" تقع تحت الضغط الأماراتي لكي تنفذ لها الأجندة التي تريدها..
شعرت أمريكا و بريطانيا بضعف " قحت المركزي" عندما نصحتها أن تذهب للقاهرة و تعقد مؤتمرها هناك و تتفاعل مع القوى السياسية الموجودة في القاهر لكي يشكلوا ضغطا من أجل وقف الحرب،.. و ذهبت "قحت المركز" للقاهرة و عقدت مؤتمرها و اصدرت بيانها، و لكنها عجزت أن تدير حوارا مع القوى السياسية في القاهرة، هذا العجز جعل الداعمين يبحثون عن طريقة تتغير بموجبها القيادة، و تظهر قيادة جديدة تتحمل عبء العمل السياسي، و بالفعل أوكلت المهمة للأربعة الذين كانوا قد أصدروا بيانا بأسم القوى المدنية في أمريكا و هم " الباقر العفيف و نورالدين ساتي و بكري الجاك و عبد الرحمن الأمين" و بالفعل تحول من بيان إلي واقع بفضل الدعم الأمريكي الأوروبي الأماراتي، و فرضت الأمارات عليهم عبد الله حمدوك الذي احتفظت به منذ قدم استقالته في نوفمير 2021م. و أظهرته بعد الحرب، و سمحت له عقد مؤتمر صحفي في أبوظبي.. أن الأحزاب المناط بها قيادة العمل السياسي تتراجع و تفسح مقاعد القيادة لمستقلين، تؤكد أنها بالفعل عاجزة تماما عن إدارة الأزمة السياسية، و عبد الله حمدوك لأنه قليل التجربة، و كانت الأمارات تعتقد أن الرجل مايزال يحتفظ بمكانة في الشارع السوداني الذي قال له عند تعينه " شكرا حمدوك" أول خطأ ارتكبته " تقدم" أنها وقعت إعلان سياسي مع الميليشيا تحت الأضواء الكاشفة للقنوات الفضائية.. ثانيا عندما ذهب لزيارة مصر للقاء القيادة المصرية و التقي برئيس المخابرات، و رفض الذهاب للإلتقاء بالمواطنين السودانين في القاهرا خوفا من ثورتهم.. وجدت "تقدم" دعما من أمريكا و الدول الأوروبية إلا أن الإثنتين شعرتا أثناء المؤتمر التأسيسي كان هناك حضورا كبيرا لعناصر الميليشيا في المؤتمر و تأكدا أن " تقدم" لا تستطيع إدارة الأزمة كما توقعوا..
لذلك قبلت تقدم توسيع قاعدة المشاركة في حوار فرنسا و سويسر، أما مؤتمر القاهرة؛ كان نقطة تحول كبيرة في العملية السياسية، حيث سقط تماما مصطاح " لا للإغراق السياسي" و قبلت "تقدم" أن تجلس مع الذين رفضتهم من قبل، خاصة عندما كانت تجرى حوارات " الإتفاق الإطاري".. و مؤتمر القاهرة الذي حضره عدد كبير من ممثلي الدول و المنظمات، تأكد لهم أن "تقدم" كانت صنيعة لقيادة فشلت في مهامها، و ايضا لا تسندها أي قواعد اجتماعية واسعة، و في ذات الوقت تحولت الميليشيا من قوى ترفع شعارات سياسية إلي مجموعات من الحرامية و القتلة و النهابين تجوب مدن و قرى السودان، و ليس لها قيادة يمكن أن تسيطر عليها هذه القضايا كانت لابد أن تحدث تغييرات جوهرية في العملية السياسية..
من قبل كانت " قحت المركزي" و التي أصبحت " تقدم" هي التي تحدد للاتحاد الأفريقي و الإيغاد من الذي يجب أن يحضر أي حوار تجريه هذه المنظمات أو يتم إلغائه، الآن تقدم أعتذرت بعدم حضور مؤتمر الحوار الذي دعا إليه الاتحاد الإفريقي، و عقد الحوار بمن حضر.. و للتنبيه: إذا كانت هناك قيادة سياسية حكيمة في هذه الأحزاب المنضوية تحت لواء " تقدم" عليها أن تسحب نفسها، و تجري تعديلات في قيادتها إذا كانت بالفعل تريد الاستمرار مستقبلا في العمل السياسي.. أن الحرب سوف تتوقف أن شاء الله بإنتصار الجيش و تخرج الميليشيا من الدائرتين العسكرية و السياسية، وسوف تصبح تلك الأحزاب في مواجهة مباشرة مع الشعب داخل السودان.. إذا كانت الأحزاب تقبل أن يقودها مستقلين لماذا تكونت أصلا؟. هذا يؤكد أن قياداتها إما ناشطين سياسيين أو بضعف القدرات.
أن زيارة رئيس الوزراء الأثيوبي إبي أحمد لبورتسودان و مقابلة الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة يمثل موقفا جديدا.. في أول اجتماع لرباعية دول الإيغاد في أديس أثناء الحرب، بعظمة لسانه قال إبي أحمد يوجد في السودان فراغ في السلطة، و كان يطالب بدخول قوات من شرق أفريقيا لتجعل الخرطوم منطقة منزوعة السلاح بحدود خمسين كيلومتر.. الآن يركب طائرته و يتوجه لبورتسودان المكان الذي تدار منه الدولة, و يلتقي بالقيادة.. هذا الفعل بغض النظر عن الرسائل و الموضوعات التي يحملها أو طرحها تعد اعترافا و تحول جديد في المشهد له ما بعده.. أما فرض الأراء و الشروط على الآخرين كانت فرصة " لقحت المركزي" منذ "الاتفاق الإطاري" أن تفتح الباب للمشاركة و الحوار الجامع للوصول لتوافق وطني، و لكن قصر النظر، و الطمع في السلطة، جردتها من الكروت التي كانت في يدها.. و سوف تتحول الآن المهمة لقيادات جديدة عندها خبرة سياسية و فهم كامل لعملية التحول الديمقراطي، التي تؤسس عبر التوافق الوطني الجامع و ليس الفرقة و الإقصاء.. نسأل الله التوفيق و حسن البصيرة..

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: العمل السیاسی

إقرأ أيضاً:

تقدم: كيان لأداء وظيفة في الحرب لا ضدها!

عندما شكلت قحت كيان “تقدم” زعمت أن هدفها هو (تكوين أكبر كتلة مدنية “ضد الحرب). لكن الحقيقة أن الهدف كان هو (تكوين أكبر كتلة من الأحزاب والحركات المسلحة الواقفة ضد الجيش المتبنية لسردية الميليشيا بشأن الحرب)، أي تشكيل كيان لأداء وظيفة في الحرب، وليس لأداء وظيفة ضدها. فتقدم تمارس “محاكاة” غير متقنة لخطاب مضاد للحرب. هذه الحقيقة تبرهنها الوقائع بأقوى طرق البرهنة:

١. كان الهدف الواضح هو؛ (تكوين أكبر كتلة ضد الجيش) و(متبنية بالكامل لرؤية الميليشيا بشأن الحرب: من هو مشعلها؟ ما أهدافها؟ ما هي جذورها؟ من هو طرفها الإرهابي؟ من هو الصائب سياسياً؟ ما الموقف من دور الإمارات؟ طرفها الصائب سياسياً، ما هي الطريقة الصحيحة لإيقافها؟ كل هذه الأسئلة أُجيبت بواسطة “تقدم” من خلال تبني سردية الميليشيا كما هي، بلا تعديل، ولا تحفظ، وكل القوى التي انضمت إلى “تقدم” تنطبق عليها هذه القاعدة، ولا يشذ أي منها عنها.

٢. “لا للحرب” يقولها الجميع، كل على الطريقة التي يكيِّف الحرب بها: يقولها خصوم الميليشيا بصيغة “لا للتمرد”، “لا لمكافأة المتمردين” ، “لا للعدوان الأجنبي” ويقولها خصوم الجيش، ويعبئونها بمعنى “لا للحرب التي أشعلها الجيش او الفلول”، “لا لانتصار الجيش”. “لا لهزيمة الميليشيا”، “لا لتصنيفها كجماعة إرهابية”، “لا لإدانة داعميها”… إلخ.

٣. عندما تقول تقدم “لا للحرب”، ثم تصف الجيش وداعميه بـ (مشعلو الحرب/معسكر الحرب/ أنصار الحرب/ دعاة الحرب) فإن “لا للحرب” ستأخذ تلقائياً، وبلا أي خسارة دلالية، معنى “لا للجيش وداعميه”، “لا لحربهم على الدعم السريع”، وهذه وظيفة في الحرب لا وظيفة ضدها.
٤. بمجرد تشكيل “تقدم” دخلت مباشرة في “حرب السرديات”، وخاضتها بكل شراسة، وفاقت في ذلك الميليشيا نفسها، وكانت الخلاصة هي: الحرب من جهة الجيش حرب عدوانية عبثية لا شرعية لها، بينما الحرب من جهة الميليشيا ذات شرعيتين: تاريخية “جذور الحرب”, و آنية “صد العدوان”. وهذه أيضاً وظيفة في الحرب.

٥. شعار “لا للحرب” في نسخته المضادة للجيش، شعار فاقد للفعالية بالكامل فيما يخص الميليشيا، إذ لم يُرفَع في وجه أي دولة داعمة لها، ولا في وجه مرتزقتها الأجانب، ولا في وجه المتعاونين معها، ولا في وجه استنفاراتها وفزوعاتها، ولا في وجه زعماء القبائل الذين انضموا لها. بينما رُفِع بوضوح تام ضد أي دعم للجيش. ولذلك فإن “لا للحرب”، بمعنى الوقوف ضد أي شيء يدعم أي طرف ويقويه في الحرب، لم يكن هو المعنى الذي تبنته “تقدم”، كان هذا المعنى في اتجاه الجيش فقط. ولذلك لم تكن “لا للحرب” بمعناها الحقيقي أحد عوامل التجميع الذي شكل جماعة “تقدم”. دعك من ان يكون عامل التجميع الأول الذي يصنع العنوان لهذا الكيان ولأهدافه.

٦. ثم أتى إعلان أديس أبابا الذي شكل وثيقة تحالف سياسي، تؤطر السردية المشتركة، وتحدد العدو، وتقنن الحل المشترك، وتحدد الأطراف المسؤولة عن آلياته، وتشرعن تشكيل “الإدارات المدنية” .. وهذه في مجملها وظائف في الحرب، وإن وُضِعَت في قالب وظائف ضدها.
٧. كانت “تقدم” تقدم خدمات دفاعية وتبريرية للميليشيا، بل كانت كياناً ببوابة واحدة مفتوحة ناحية الميليشيا، يخرج منها بسلاسة كل من رأوا أن إشهار تحالفهم مع الميليشيا أفضل من الاستمرار في التستر عليه. ولا يبدو في أقوال وأفعال البقية تأثرهم “بنقصان” الكتلة المدنية “المضادة للحرب”، بل صُوِّر الأمر كاختلاف هامشي في التقديرات لا يخرج بموجبه هؤلاء الناس من كتلة “رفض الحرب”. بل يظلون دعاة سلام ووحدة وديمقراطية، وأصحاب تأهيل كامل للتنسيق والتعاون من “منصتين مختلفتين”، وهو التأهيل الذي ينسحب بالضرورة على الدعم السريع صاحب المنصة الأخرى!

٨. الحركات “المسلحة” المنضوية تحت كيان “تقدم” (القوى المدنية) انضمت بسلاسة، وبلا مفاجأة للناس، إلى الميليشيا، وإلى القتال معها، وكان رأي أحد قادة “تقدم” أن هذا “تقدير قد يخطيء وقد يصيب”. أي أن القتال في صف الميليشيا يمكن أن يكون خياراً سياسياً مشروعاً.
٩. التلاعب بالمسميات يوجد أيضاً في تحالف الميليشيا “تأسيس” التي سمت حكومتها حكومة “السلام”، وهي حكومة الحربين لا الحرب الواحدة، أولاهما وأسوأهما ضد المدنيين، فذات “الحكومة” التي تقول إنها ستقدم الخدمات للمواطنين تقوم بتدمير الخدمات في المناطق خارج سيطرتها (محطات الكهرباء نموذجاً)، وذات الكيان الذي يدعي الوقوف ضد الحرب يمارس وظيفته في الحرب ويجد أحد قادته (محمد عبد الحكم) للميليشيا عذراً مخفِّفاً للإدانة: (مسيَّرات الجيش تستخدم الكهرباء)!

من “تقدّم” إلى “صمود” إلى “تأسيس”، تحوّلت المسميات إلى حوامل شكلية بلا مضمون ثابت، تُملأ مؤقتاً بأي شعار يخدم لحظة التحالف الحربي المتدثر بخطاب السلام، وتُفرغ من جديد لتستوعب تواطؤا آخر. وهذا بالضبط ما وصفه زيجمونت باومان بـ”التحالفات السائلة”: “كيانات تقوم على الشعارات لا المبادئ، وعلى اللحظة لا المبدأ، وعلى المرونة لا الأخلاق.”.
إبراهيم عثمان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الحكومة: الحوثيون يجنون من قطع التبغ الذي سيطروا عليه نصف مليار دولار سنوياً
  • مسؤولون أمريكيون: ترامب يتصور نتنياهو يتعمد إطالة أمد الحرب لمصالحه السياسية
  • مسؤولون أمريكيون: ترامب يتهم نتنياهو بإطالة أمد الحرب لمصالحه السياسية
  • السودان والاتحاد الإفريقي.. تطورات المشهد..!!
  • تقدم: كيان لأداء وظيفة في الحرب لا ضدها!
  • ???? مغالطة جون قرنق الكبري وتجلياتها في الحاضر السياسي
  • شاهد بالفيديو.. كيكل: سنطارد “الدعم السريع” حتى “أم دافوق”
  • هل الخيار المتطرف الذي تبحثه إسرائيل في غزة قابل للتنفيذ؟
  • من هو أبو شباب؟ .. تحقيق يُعرّي الميليشيا التي تحكم بالمساعدات التي تنهبها وتُهدد مستقبل غزة
  • القافلة الرابعة من المساعدات المصرية تعبر إلى غزة.. وخبير يوضح المشهد السياسي والإنساني