تجول بنا أحداث رواية "رحلة أبو زيد العماني" بين ولايات عديدة من سلطنة عمان وتحملنا معها إلى تلك المناطق الجميلة بين ربوع العاصمة مسقط. رواية ثرية للكاتب محمد بن سيف الرحبي صدرت عن دار بيت الغشام للنشر والترجمة، استطاع من خلالها كاتبها أن يعرض العديد من القضايا التي ناقشها بكل موضوعية. من هذه القضايا ما يخص الدين والسياسة والواقع الاجتماعي والاقتصادي ومواضيع أخرى لها طبيعتها وثقلها على أرض الواقع.

ظهرت المعالجة جلية في الطريقة التي اتبعها الكاتب حيث استخدم أسلوبه العلمي والمعرفي ضمن إطار تشويقي جاذب يستحضر فيه لب القارئ ويشده لاستكشاف ما بين تلك السطور، لتحصل هذه الرواية على جائزة الشارقة للإبداع العربي في مجال الرواية.

وتمكن الكاتب من أن يربط بطلَي روايته في شخصية واحدة، وهما عاشقان حاولا أن يتوجا قصة حبهما بالطريقة الشرعية، ولكن الظروف وضعت أمامهما الكثير من العراقيل والعثرات، ومنها فقر وبساطة ذلك الشاب ومكانته الاجتماعية وأوضاعه المعيشية. أدى ذلك إلى أن يقف السد عالياً أمام طموح حبه واقترانه بمحبوبته.

تبرز لنا الرواية قضية اجتماعية شبه منتشرة، خاصة في الآونة الأخيرة، فتجد البطل ذاته شخصاً مواظباً على صلواته، نافعاً لبلده، يكدح ليلاً ونهاراً في سبيل تأمين قوت يومه ويسعى لبناء مستقبله، ولكن ما ذنبه حينما يعجز أمام شظف الحياة ويضطر لأن يعيش حياة الفقر والبساطة؟

يتقدم بطلنا للزواج رغم تردده المتكرر بعد أن يستعرض طبيعة حاله وسوء ما أوصلته إليه ظروفه الاجتماعية والمادية، التي تتناقض مع طبيعة حال ذوي حبيبته المعروفين بالمكانة الاجتماعية والظروف المعيشية المتصفة بالرخاء، مما يجعل أمر ارتباطه بابنتهم موضع رفض وإنكار.

ولا تتوقف المعاناة عند البطل بل شملت تلك الفتاة العشرينية الجميلة التي عانت كثيراً من ممانعات الأهل ورفضهم. فقد كان أبوها يهتم كثيراً لهذه النقاط الخلافية التي سماها أسساً لا يمكن التفريط بها بعيداً عن اهتمامه براحة ابنته التي سعى لأن يكون مستقبلها كزوجة أحد أصحاب المال أو المناصب أو القبيلة الفلانية المعروفة بمكانتها.

في هذه الرواية عاش البطلان رحلة حب حزينة وسعيا للتوصل إلى طريقة للقائهما بصورة شرعية، ولكن أملهما خاب. ولكن الحب الدائم يكون بالاتصال الشرعي الذي سنّه الله لنا في القرآن الكريم، وحدثنا رسولنا عليه الصلاة والسلام عنه وعن فوائده، وذلك ضمن إشهار رسمي معلن. وقد أوضح لنا الكاتب هذا الأمر ضمن فقرات عديدة، وذلك بشكل استبياني محاط بأسلوب ذكي وجميل.

يعيش الحبيبان في دوامة من الأسى والاشتياق على أثر غربة صعبة وفراق ألزم عليهما تحمل مشاقه بثقل شديد. برز ذلك التعلق الذي سيطر على قلب الشاب وتصرفاته التي برزت ضمن كلمات تلك الرواية التي أفرد فيها الكاتب مجموعة من الجمل الوصفية التي تضمنت دراسة لغة الجسد وفلسفة حركاته وتبرير أفعاله، وهي علوم لا تعد مقبولة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.

ويظهر البطل وقد اعتاد على القيام بأفعال غريبة بعيدة عن سيطرة عقله إلى أن تجره الصدفة ليتعرف على أحد أفراد جماعة تتخذ من الإسلام قناعاً لأفعالها المشبوهة.

يجد الشاب نفسه واقعاً ضمن شباك تلك الخلية وتجبره على القيام بأعمالها المشبوهة، إلى أن يجد نفسه معتقلاً في أحد سجون بلاده، حيث قضى فيه عدة سنوات قبل أن يخرج بعفو عام.

ومن بين الاقتباسات التي سمحت لنفسي أن أختارها من الرواية:

(ها أنا أجر قدمي للمرة الأولى خارج حدود زمني الذي عشته في معتقلي، ودعت سجاني وقرأت ما جاد الله به علي من أدعية. للمرة الأولى، منذ أكثر من عام، تسير قدمي أكثر مما اعتادته من مسافات كانت تفصل بين الزنزانة ودورة المياه).

من خلال قراءة هذه الرواية الشيقة، نستطيع تصنيفها ضمن عدة محاور لأنها امتزجت بأدب السجون والرومانسية وتدخل في الفلسفة أيضاً.

ينهي لنا الكاتب سرده المثري الذي يبين لنا من خلاله أن الدين ليس بتكبير اللحى أو تقصير الثوب، بل الدين دين السماحة والقلب الطاهر والنقي، وقد كان يقصد بفكرته أن الإيمان بعيد كل البعد عن الخزعبلات المتطرفة.

يعيش البطل مكابدته العاطفية باحثاً عن حلمه واجتهاداته الدينية، مفتشاً عن روحانية تعيد السكينة إلى روحه، كما يعيش مكابدته مع السياسة بعد أن وجد نفسه في المكان الخطأ، حيث اشتعلت في ثوبه النيران دون أن يحسب لذلك حساب.

* محمد الزعابي كاتب عماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ميرنا نور الدين عن استبدال المنتجين بالـ AI: «مش هيجيب الإحساس» - فيديو

أعربت الفنانة ميرنا نور الدين، عن استيائها من دخول الذكاء الاصطناعي إلى الفن خلال الساعات القليلة الماضية، مشيرة إلى أنه لن يتمكن من توصيل الإحساس للجمهور.

وكشفت ميرنا نور الدين، خلال لقائها مع برنامج «سينماتك» عن استيائها من استبدال المنتجين بـالـ AI، قائلة: «كل استخدامات الذكاء الاصطناعي في الفن تنفع ما عدا الإحساس، ممكن يستبدلوا صورنا أو يركبوا صور معين لكن الاحساس خاص بالفنان ودا صعب نستبدله».

View this post on Instagram

A post shared by سينماتك (@stvcinematk)

كما أضافت ميرنا نور الدين: «بيتداول كتير على مواقع التواصل الاجتماعي صور من إنتاج الـ AI، لكن الناس بتبقي عارفة أنه شغل ذكاء اصطناعي ودا بيخليني أهدي، وبتجاهل كل اللي بشوفه لأنه مش بيأثر عليا سلبيًا، لكن لو حصل أي تأثير عليا أو على شغلي بالسلب من أي حد نتيجة استخدام الذكاء الاصطناعي وقتها هأخد إجراءات قانونية».

ومن ناحية آخرى، تعيش ميرنا نور الدين، حالة من النشاجط الفني في الوقت الحالي، حيث تستعد لتصوير آحدث أعمالها بمشاركتها في مسلسل «أنا إنت أنت مش أنا» بالتعاون مع باقة كبيرة من النجم.

آخر أعمال الفنانة ميرنا نور

وعلى صعيد آخر، عرض لـ ميرنا نور الدين داخل السباق الرمضاني 2025، مسلسل «فهد البطل» مع كلًا من الفنان «أحمد العوضي وأحمد عبد العزيز ومحمود البزاوي ولوسي وكارولين عزمي ويارا السكري وعصام السقا وصفاء الطوخي وحجاج عبد العظيم وكذلك محسن منصور وحمزة العيلي»، ويعرض عبر شاشات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.

اقرأ أيضاًميرنا نور الدين تحتفل بمسلسلها الجديد «أنا أنت.. إنت مش أنا» مع معتصم النهار (صور)

مسلسل فهد البطل الحلقة 3.. أحمد العوضي ينقذ ميرنا نور الدين من التحرش

مسلسلات رمضان 2025.. ميرنا نور الدين وأحمد عبد العزيز ينضمان لـ مسلسل «فهد البطل»

مقالات مشابهة

  • تصريح عاجل من وزير الخارجية العماني بشأن المفاوضات الأمريكية الإيرانية
  • الكاتب عمر الحمود: الأجيال السابقة أوفر حظا منا في النقد والوصول للقارئ.. نحن جيل بلا نقّاد
  • هل المنطقة العربية تتغير فعلا أم هي الأماني؟
  • الفنان خالد الصاوي السر.. الكاتب عبدالرحمن هيبة يكشف حقيقة اسمه
  • كيف غيّرت الجوائز الأدبيَّة أساليب الرواية؟
  • شاهد بالصور..  المذيعة نسرين النمر توثق للحظات العصيبة التي عاشتها داخل فندق “مارينا” ببورتسودان بعد استهدافه بمسيرات المليشيا ونجاتها هي وزميلتها نجمة النيل الأزرق
  • تعاون بين البنك الوطني العماني و"نفط عُمان" لتقديم عروض مميزة للعملاء
  • "صحار الدولي" يرعى البطل العُماني عمر الغيلاني
  • ميرنا نور الدين عن استبدال المنتجين بالـ AI: «مش هيجيب الإحساس» - فيديو
  • الرق في الرواية السودانية- من التاريخ المؤلم إلى التمثيل الأدبي الناقد