تحذير مرعب…الصداع النصفي المستمر قد يؤشر لمرض أكثر فتكاً
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
شمسان بوست / متابعات:
يعاني الملايين حول العالم من الصداع النصفي المستمر تقريبًا والذي يمكن أن يكون منهكًا لدرجة أنهم يضطرون إلى الاتصال بالعمل وإلغاء الخطط، وفقًا لما نشرته “ديلي ميل” البريطانية.
وبينما يمكن أن تكون الحالة العصبية خطيرة بما يكفي في حد ذاتها، فإنها يمكن أن تكون أيضًا علامة على حالة صحية خطيرة ربما لا يدرك البعض أنهم مصابون بها.
ضغط دم مرتفع
اكتشف باحثون في هولندا أن الصداع النصفي عند النساء، ولكن ليس الرجال، مرتبط بارتفاع ضغط الدم، حيث إن الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم أكثر عرضة بنسبة 16% على الأقل للإصابة بالصداع النصفي أيضًا.
رجحت نتائج الدراسة، التي نُشرت في دورية Neurology، أن الصداع النصفي وضغط الدم يمكن أن يكونا مرتبطين لأن ارتفاع ضغط الدم يمكن أن يقلل من تدفق الدم في الأوعية الدموية الصغيرة. ويمكن أن يقلل من إمدادات الأكسجين إلى خلايا المخ وبالتالي يؤدي إلى نوبة صداع نصفي.
سكتة دماغية ونوبة قلبية
كما ارتبط ارتفاع ضغط الدم بعدد لا يحصى من الحالات الصحية الأخرى، بما يشمل السكتة الدماغية والنوبة القلبية لأن الضغط المرتفع يمكن أن يزيد من خطر تجلط الدم في المخ وتلف الأوعية الدموية.
قال الباحثون إن نتائجهم لم تظهر أن جميع الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم يصابون بالصداع النصفي، إنما يمكن أن يكون ضغط الدم المرتفع محركًا محتملًا للحالة.
قياس ضغط الدم سنويًا
وبينما لم يوص الفريق الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي بفحص ضغط الدم بانتظام، تؤكد فرقة عمل الخدمات الوقائية الأميركية USPSTF بفحصه مرة واحدة على الأقل في السنة لمن تزيد أعمارهم عن 40 عامًا، مع مراعاة أن ضغط الدم الصحي لمعظم البالغين هو حوالي 120/80 مليمتر زئبق.
عوامل الخطر لدى الإناث
قالت الدكتورة أنطوانيت ماسين فان دن برينك، عالمة الأدوية في مركز إيراسموس الطبي والتي قادت البحث: “أظهرت الأبحاث السابقة أن الصداع النصفي مرتبط بارتفاع خطر الإصابة بالأحداث القلبية الوعائية مثل السكتة الدماغية وأمراض القلب والنوبات القلبية، ولكن لا يُعرف الكثير عن كيفية ارتباط عوامل الخطر للأحداث القلبية الوعائية بالإصابة بالصداع النصفي”.
بحثت الدراسة في عوامل الخطر المعروفة لأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل مرض السكري والتدخين والسمنة وارتفاع نسبة الكوليسترول، وتوصلت إلى أن هناك زيادة في احتمالات الإصابة بالصداع النصفي فقط لدى المشاركات الإناث ذوات ضغط الدم الانبساطي المرتفع.
كما نظر الباحثون في كيفية ارتباط التدخين والسكري بالصداع النصفي، حيث اكتشفوا أن المدخنين لديهم خطر أقل بنسبة 28% للإصابة بالصداع النصفي، وأن مرضى السكري لديهم خطر أقل بنسبة 26%.
قالت الدكتورة ماسين: “يجب تفسير هذه النتائج بحذر، لأنها لا تثبت أن التدخين يسبب انخفاض خطر الإصابة بالصداع النصفي”، موضحة أن “التدخين يمكن أن يؤدي إلى إثارة نوبات الصداع النصفي، وبالتالي، فإن الأشخاص الذين يختارون التدخين هم أقل عرضة للإصابة بالصداع النصفي”.
تأثير مسكن للنيكوتين
وقد أشارت الأبحاث السابقة إلى أن النيكوتين الموجود في السجائر يمكن أن يكون له تأثير مسكن للألم، أو مخفف للألم – مما يقلل من خطر الإصابة بالصداع النصفي، في حين قد يتناول مرضى السكري أدوية خفض ضغط الدم، مما يقلل أيضًا من المخاطر. ولكن في الحالتين يتم الحد من تمدد الأوعية الدموية الصغيرة، أو تضخمها، مما يقلل من تدفق الدم ويزيد من خطر الإصابة بالصداع النصفي.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: الإصابة بالصداع النصفی ارتفاع ضغط الدم الأشخاص الذین الصداع النصفی خطر الإصابة یقلل من یمکن أن
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد سياسة.. ولا يمكن فصلهما
سهام بنت أحمد الحارثية
harthisa@icloud.com
منذ أن تشكّلت الدول وبدأت تمارس وظائفها، ظل الاقتصاد جزءًا لا يتجزأ من أدواتها السياسية، فالسياسات الاقتصادية ليست مجرد قرارات تقنية تُتخذ بمعزل عن الواقع، بل هي في جوهرها قرارات سياسية تعكس مصالح، وأولويات، وتوازنات قوى. القول إن الاقتصاد محايد أو مستقل عن السياسة يتجاهل حقيقة أن كل قرار مالي أو استثماري أو تجاري يتطلب إرادة سياسية لتوجيهه، وتحمل تبعاته.
في التاريخ القديم، كانت السيطرة على الموارد الاقتصادية تُعد بمثابة إحكام للسيادة السياسية. الإمبراطورية الرومانية لم تكن لتصمد دون تأمين تدفق القمح من مستعمراتها، وعلى رأسها مصر، التي شكّلت “سلة الغذاء” للإمبراطورية. وفي ذلك الزمن، لم يكن الغذاء مجرد سلعة؛ بل أداة للحكم، والاستقرار السياسي كان رهناً بالوفرة الاقتصادية.
أما في العصر الحديث، فقد تجلّت العلاقة بين الاقتصاد والسياسة بوضوح في أزمة النفط عام 1973، حين قررت الدول العربية المنتجة للنفط خفض الإنتاج وفرض حظر على الولايات المتحدة وهولندا بسبب دعمهما لإسرائيل. أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة 300%، وانزلاق الاقتصاد العالمي في موجة تضخم وركود حاد. وهنا لم يكن النفط مجرد مادة خام؛ بل أداة سياسية أثَّرت في مواقف دول، وساهمت في إعادة تشكيل النظام الدولي.
في التجربة الصينية، شكّل النمو الاقتصادي منذ نهاية السبعينيات خطة سياسية منظمة، لم يكن تحرير السوق وتوسيع قطاع التصدير هدفًا اقتصاديًا فحسب، بل وسيلة استراتيجية لإرساء شرعية الحزب الشيوعي داخليًا، وتعزيز مكانة الصين في النظام العالمي. خلال أربعة عقود، نجحت الصين في انتشال أكثر من 800 مليون إنسان من الفقر، وفق بيانات البنك الدولي، وأصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهو إنجاز اقتصادي ما كان ليتحقق لولا رؤية سياسية محكمة.
الواقع الأوروبي يعزز أيضًا هذا الترابط الوثيق، فالاتحاد الأوروبي بُني على فكرة أن التكامل الاقتصادي سيمنع اندلاع الحروب مجددًا بين دول القارة. إنشاء السوق الموحدة، وتبني العملة الموحدة “اليورو”، لم يكن مسعى اقتصاديًا بحتًا، بل هدفًا سياسيًا طويل المدى لتحقيق السلام والاستقرار. رغم التحديات، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي نحو 18 تريليون دولار في عام 2023؛ مما يعكس عمق هذا التكامل الذي جمع بين السياسة والاقتصاد.
في منطقتنا العربية، تتضح العلاقة في اعتماد العديد من الدول على السياسات الاقتصادية كأدوات للتماسك الاجتماعي والسياسي. برامج الدعم الحكومي للوقود والغذاء، والتوظيف في القطاع العام، والإعفاءات الضريبية، كلها قرارات اقتصادية تُستخدم سياسيًا لاحتواء التوترات الاجتماعية وتعزيز شرعية الدولة. وفي دول الخليج، مثلًا، لا تُفهم خطط التنويع الاقتصادي بمعزل عن التحولات السياسية والاجتماعية التي تهدف إلى ضمان الاستدامة والاستقرار في عالم ما بعد النفط.
ومن واقع تجربتي، حين ناديت أثناء المقاطعة الشعبية الأخيرة بعد حرب غزة بضرورة تطوير المنتج المحلي ليحل محل السلع المُقاطَعة، اعتبر البعض أن هذا الموقف تعاطف عاطفي لا علاقة له بالاقتصاد، وأن الأجدى هو تغيير سلوك المستهلك فقط. لكن هذا الفهم يغفل عن حقيقة أن الأزمات تخلق فرصًا لإعادة توجيه الموارد، وتعزيز الإنتاج الوطني، وتثبيت السيادة الاقتصادية. وقد وقعت بعض الجهات والدول في هذا الخطأ، حين تعاملت مع المقاطعة كفعل شعبي مؤقت بدل أن تستثمره في بناء بدائل وطنية مستدامة.
حتى في مفاوضات صندوق النقد الدولي مع الدول، يظهر الاقتصاد كأداة ضغط سياسي.. الاشتراطات المصاحبة لبرامج الإصلاح، مثل تحرير سعر الصرف، أو خفض الدعم، أو خصخصة المؤسسات، ليست فقط إصلاحات تقنية، بل تؤثر مباشرة في القاعدة الاجتماعية والسياسية للحكم، وتعيد رسم العلاقة بين الدولة ومواطنيها.
في النهاية.. الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة. لا يمكن فصل الإنفاق عن التمويل، ولا الضرائب عن العقد الاجتماعي، ولا الاستثمار عن رؤية الدولة لمكانتها في الداخل والخارج. كل قرار مالي هو رسالة سياسية، وكل سياسة اقتصادية تعكس هوية الدولة وأولوياتها… لهذا، فإن من يزعم أن الاقتصاد حيادي، يغفل عن واحدة من أهم حقائق التاريخ: الاقتصاد كان وسيظل أداة للسياسة، وأحيانًا جوهرها.