من يراقب المشهد الإقليمي في الاسابيع الأخيرة يشعر بأن المعركة او الحرب الشاملة ستندلع في المنطقة، حتى ان البعض ذهب الى الحديث عن شرارة الحرب العالمية الثالثة، لكن تراكم الأحداث التي ظهرت في الايام الماضية وتحديداً منذ تنفيذ "حزب الله" رده على إسرائيل بسبب إغتيال القيادي العسكري فؤاد شكر يوحي بمسار مختلف كلياً، ان لناحية التطورات العسكرية او التوقعات السياسية، وعليه فإن بعض المراقبين بدأوا يفرطون في التفاؤل ويتحدثون عن مسألة انتهاء الحرب خلال فترة وجيزة، وان كل ما يحكى عن انها ستستمر حتى تسلم الادارة الاميركية الجديدة ليس سوى تكهنات غير مبنية على وقائع علمية.
بعيداً عن الهدف العسكري الذي اصابه الحزب خلال رده، وبالنظر الى شكل الردّ وطبيعته، يمكن بسهولة القول أنه لم يكن رداً يواكب مساراً تصعيدياً، وان كان يهدف الى الردع، يمعنى آخر فإن ما حصل أوحى لكثير من المراقبين أن تسوية ما حصلت بعيداً عن الاعلام، وهذا ما ينطبق على الردّ الايراني المنتظر الذي بدأت التسريبات تؤكد أنه سيكون مدروساً وأن الحلول التي ستصل اليها الولايات المتحدة الاميركية سترضي طهران في هذه المرحلة الحساسة وتعوض لها عن ردّ بمستوى كبير، كذلك فإن خفض اسرائيل لحالة الاستنفار فيها يعني أن تطمينات كبرى قد وصلتها وهذا ما حصل في الضاحية الجنوبية لبيروت ايضاً التي عاد إليها من تركها خوفاً من التصعيد.
بدأت اسرائيل عملية عسكرية كبيرة في الضفة الغربية، علماً ان وضع الجيش الاسرائيلي ليس جيداً، لكن ما يحصل هو عبارة عن تحسين الشروط التفاوضية، فإضعاف الضفة في هذه المرحلة سيحسن وضع نتنياهو السياسي في الداخل الاسرائيلي وسيحسن واقعه أمام حركة حماس على طاولة المفاوضات، على اعتبار أن الواقع الدولي وواقع الجيش الاسرائيلي لا يسمح بعملية طويلة في الضفة ولا بعملية تهجير بإتجاه الاردن، لان ذلك سيؤدي الى اضرار كبرى تصيب علاقات اسرائيل العربية وتحديداً بدول الجوار. من هنا يصبح الحديث عن تكرار تجربة غزة غير منطقي وغير واقعي.
تحاول اسرائيل تشكيل صورة ردعية ضد "حزب الله"، اذ ان حكومة نتنياهو لا تستطيع ايقاف الحرب مع الحزب من دون ان تطمئن المستوطنين، وهذا قد تكون احدى بواباته هي الغارات اليومية الليلية العنيفة التي تشن على الجنوب والتي قد تظهر بأنها عملية ردع تساهم في اعادة الامان الى المستوطنات الشمالية، وهذا الامر ممر إلزامي لوقف الحرب التي قد يقبل بها نتنياهو بسبب الضغوط الاميركية الكبرى التي بدأت تأخذ منحى مختلفا مع اقتراب الإنتخابات الرئاسية في واشنطن، حيث أن الحزب الديمقراطي لن يسمح للرئيس السابق دونالد ترامب بإستغلال الحرب لتحقيق المكاسب والفوز بالمعركة.
من الممكن ان تكون التطورات الداخلية والضغوط الخارجية قد اوصلت نتنياهو الى قناعة بضرورة وقف الحرب، لكن هذا الامر لا يتم الا بعد ضمانات فعلية تقدم له، علما ان تحضير مسرح العمليات للتسوية بدأ، ان عبر تسريبات تعلن الانتصار في الاعلام العبري او عبر استعراضات قوة في الجبهة الشمالية (جنوب لبنان) او عبر المعركة في الضفة الغربية التي قد تحسن ظروف الاتفاق مع صورة نصر لنتنياهو.
لكن ماذا لو هرب رئيس الحكومة الاسرائيلية الى الامام في اللحظة الاخيرة؟ ماذا سيكون مصير المنطقة؟ المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
ماهي الأدوار المهمة التي يمكن أن يلعبها الإعلام في السودان في فترة ما بعد الحرب
يلعب الإعلام دوراً مفصليا في إعادة بناء المجتمع، وتحقيق السلام، والمساهمة في التنمية. إفماهي الأدوار المهمة التي يمكن أن يلعبها الإعلام في السودان في فترة ما بعد الحرب :
أولا : تعزيز السلام والمصالحة الوطنية
و لكي يتحقق ذلك يتوجب
أ. التزام وسائل الاعلام بتغطية إخبارية متوازنة وموضوعية لما يجري ، وتجنب الرسائل المتحيزة و خطابات التحريض على الكراهية..
ب. وسائل الإعلام عليها أن تعطي مساحة مقدرة لرسائل السلام والمصالحة، بالتركيز على مبادرات السلام وجهود المصالحة الوطنية النابعة من المجتمع نفسه، ذلك أن وسائل الاعلام كثيرا ما تعد رسائل تبدو و كأنها رغبة سلطوية رسمية مما يضعف التفاعل معها..
ج. على وسائل الإعلام توفير منصة للحوار حول القضايا المهمة، وإشراك جميع الأطراف بلا اقصاء لأحد.. بمشاركة متوازنة تقدم الرأي و الرأي الآخر الموضوعي بما يهدف للوصول للمشتركات في الأفكار و الأطروحات و الحلول
ثانيا . دعم إعادة الإعمار والتنمية. من خلال :
أ. تسليط الضوء على الاحتياجات الإنسانية والمجتمعية في المناطق المتأثرة بالحرب، والاسهام في توجيه جهود الإغاثة وإعادة الإعمار.
ب. متابعة المشاريع التنموية القائمة و المستحدثة في البلاد، وتسليط الضوء على الإيجابيات في هذه المشروعات..
ج. على وسائل الإعلام أن تشجع المشاركة المجتمعية في جهود إعادة الإعمار والتنمية، وإبراز قصص نجاح المواطنين و أدوارهَم في بناء مستقبل أفضل لهم و لوطنهم .
د. إحياء قيم العمل و احترام الوقت.. و تعزيز خطاب التوازن بين الحقوق و الواجبات في علاقة المواطنين و الدولة..
ذلك أنه و لفترة مضت ساد خطاب الحق على الواجب.. و آن الأوان لتصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة حول موضوعات السلطة و الثروة، و كانت سببا في استمرار الصراع مما أضعف بنية الدولة و تسبب في تأخر جهود البناء و الاعمار و التقدم نحو الأفضل..
ثالثا : اعادة صياغة الخطاب الاعلامي السياسي و ضرورة تعزيز و نشر قيم الديمقراطية و الشورى، و حقوق الآخر و العناية و الدفاع عن حقوق الإنسان، وتسليط الضوء على الانتهاكات، والمطالبة بالعدالة .
ب. أن تضطلع وسائل الاعلام بدورها، في مراقبة الأداء الحكومي: و يجب عليها مراقبة أداء الحكومة ومؤسسات الدولة، وكشف الفساد وسوء الإدارة، والمساهمة في تعزيز الشفافية والمساءلة.
ج. توعية الجمهور بحقوقهم وواجباتهم، و الدور الذي يجب أن يقوموا به في بناء مجتمع قائم على احترام حقوق الإنسان.
رابعا؛ تعزيز خطاب اعلامي ينبني على الحقائق لا غيرها ومحاربة الشائعات و المعلومات المضللة والأخبار ذات الغرض..
أ. يجب على وسائل الإعلام التحقق من الحقائق قبل نشرها، والتأكد من مصداقية المصادر ، وتجنب نشر المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة.
ب. على وسائل الإعلام مكافحة خطاب الكراهية والتحريض على العنف، وتعزيز التسامح والاحترام المتبادل بين جميع مكونات المجتمع.
خامسا : بناء ثقافة السلام والتسامح.
أ. هنالك قصص كثيرة و إيجابية عن التعايش السلمي والتسامح، يمكن لوسائل الإعلام أن تسهم في نشرها وتسليط الضوء على المبادرات الفردية و الرسمية و الجهود المبذولة لتعزيز الوحدة الوطنية.
ب. حسن ادارة قضايا التنوع الثقافي و تشجيع الحوار بين الثقافات وتعزيز التفاهم المتبادل والاحترام بين جميع أفراد المجتمع.
خاتمة.. خلاصة القول أن ما نحتاجه لادارة اعلام ما بعد الحرب في السودان أننا نريده اعلاما مسؤولاً ومهنياً، تقوم رؤيته على بناء مجتمع متماسك و قوي مؤمن بوحدته و تنوعه الثقافي، يسوده السلام والعدل والمساواة.
أ. يس إبراهيم
خبير اعلامي