أخبارنا المغربية - بدر هيكل

القمر الصناعي هو جهاز يُرسل إلى الفضاء ليُدور حول الأرض في مدارات محددة، ويقوم بمهام متنوعة تشمل إرسال واستقبال إشارات راديوية كهرومغناطيسية من محطات أرضية مخصصة، بالإضافة إلى مهام أخرى متخصصة. وقد أدى انخفاض تكلفة البيانات التي توفرها الأقمار الصناعية إلى جعلها أكثر جاذبية من أي وقت مضى، بما في ذلك لمتابعة الأنشطة الاقتصادية.

تُعتبر متابعة التطورات الاقتصادية عبر الأقمار الصناعية ذات أهمية بالغة، خصوصًا في الجزائر التي لا تنشر معلوماتها وبياناتها الاقتصادية بانتظام، في وقت أصبحت فيه تعليقات الرئيس "تبون" الاقتصادية محط سخرية عالمية.

الأقمار الصناعية تراقب حقول الغاز والنفط

تُظهر صور الأقمار الصناعية شدة الأنشطة المنجزة في حقول الغاز والنفط الجزائرية، ليلاً ونهاراً، ما يُعتبر مؤشراً جيداً للنشاط الاقتصادي. ورغم أنه من السهل رصد هذه الأنشطة نهاراً، فإن رصد الأنشطة الليلية يُعد أمراً مثيراً للجدل. حيث يُشير البنك الدولي إلى أن الجزائر تستنزف حقولها في الظلام. وبالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية، يقوم البنك الدولي بمراقبة الحقول الجزائرية وأنشطتها ليلاً.

وفي تقرير اطلعت عليه "أخبارنا"، يُشار إلى أنه "يمكن استخدام بيانات الأضواء الليلية لتتبع النشاط الاقتصادي في الجزائر، بشرط الفصل بين نشاط المحروقات والنشاطات الأخرى. وقد أظهرت العديد من الدراسات على مدى العقد الماضي أن الإضاءة الليلية تعتبر مؤشراً موثوقاً للنشاط الاقتصادي".

وفي هذا السياق، جاء في تقرير حديث للبنك الدولي أن "إنتاج ومعالجة النفط والغاز الطبيعي يؤدي إلى كميات كبيرة من الإضاءة، وهو ما يمكن ملاحظته حول حقل حاسي مسعود النفطي (ولاية ورقلة)، وحقل حاسي الرمل للغاز (الأغواط، غرداية)، وكذلك في ولايتي أدرار وإليزي المنتجتين للنفط والغاز. تنبعث من حقول النفط والغاز الجزائرية أضواء ليلية كبيرة".

الصورة نقلاً عن تقرير البنك الدولي: حاسي الرمل محاط بدائرة باللون الأزرق، وحاسي مسعود باللون الأحمر، وحقول النفط والغاز في أدرار وإليزي باللون الأصفر والأخضر على التوالي.

ويضيف نفس المصدر أن الإضاءة الليلية تعتبر تقديراً جيداً للنشاط الاقتصادي في الجزائر وتوفر معلومات عن ديناميكيات النمو الإقليمي.

تلميحات جزائرية لاستنزاف الحقول رغم القمع

تكشف التصريحات المختلفة للمسؤولين الجزائريين بشأن قدرات بلادهم على زيادة كميات الغاز المصدرة لأوروبا عن ارتباك شديد. فمن ناحية، يسعى النظام الجزائري لتقديم نفسه كلاعب رئيسي في أزمة الغاز، ومن ناحية أخرى، يقول الخبراء إن الجزائر لا تقدر على ضخ كميات إضافية على المدى المتوسط، وأن حقول الغاز الجزائرية ستكون مهددة بالاستنزاف.

وكان محمد سوالم، العضو القيادي السابق في نقابة عمال المحروقات (سوناطراك)، قد صرح بأن "صناعة استخراج النفط والغاز، العمود الفقري للاقتصاد الجزائري، تعرضت في السنوات الأخيرة لهزات عنيفة أثرت على الإنتاج"، وهو ما أكده الخبير الاقتصادي الجزائري مصطفى مقيدش بقوله: "ليس بالإمكان أن تضخ الجزائر أكثر مما هو متاح ومتوفر. الجزائر لن تقوم باستنزاف حقولها لتقوم بالضخ أكثر من طاقة الحقول".

وكان وزير الطاقة السابق عبدالمجيد عطار قد حذر من تراجع قدرات البلاد في إنتاج وتصدير النفط والغاز، مشيراً إلى أن "ضغط الاستهلاك الداخلي سيستهلك غالبية الإنتاج من الغاز خلال السنوات المقبلة، وأن تراجع المخزون النفطي سيزيح الجزائر من لائحة الدول المنضوية تحت لواء منظمة أوبك على المدى المتوسط".

هذا الاستنزاف لا يهدد فقط حقول النفط والغاز، بل يمتد إلى الأمن الطاقي للجزائر واقتصادها القائم على المحروقات، وكذلك العلاقات الخارجية لنظام الكابرانات. فاستنزاف هذه الحقول يهدد التزامات الجزائر بتصدير الغاز. ويعتقد مصطفى مقيدش أن الجزائر "لا تقدر على التعهد بأي التزامات جديدة"، مضيفاً أن "الجزائر لديها عقود مع شركاء أوروبيين مثل إيطاليا وإسبانيا وتركيا والبرتغال وفرنسا".

رغم الاستنزاف، الاقتصاد يتباطأ

توفر الثروات لا يعني بالضرورة الاستدامة، حيث يعرف الجميع أن استهلاكها سيؤدي إلى نهايتها. هكذا يتعامل نظام الكابرانات الذي بنى اقتصاده على الغاز والنفط مع الثروات الجزائرية. فرغم الإنتاج الكبير للغاز والنفط، مع التراجع الملحوظ، فإن الأمور في الجزائر لا تبشر بالخير طالما أن الاقتصاد يعتمد على المحروقات.

وقد توقع البنك الدولي تباطؤ النمو في الجزائر هذا العام نتيجة تراجع الإنتاج الزراعي والنفطي. ويشير التقرير الذي اطلعت عليه "أخبارنا" إلى أن الإنتاج القياسي للغاز الطبيعي عوَّض انخفاض إنتاج النفط الخام. وعلى الرغم من انخفاض الأسعار العالمية للمحروقات وزيادة الواردات، فإن الميزان التجاري الجزائري قد تقلص.

وأضاف التقرير أن انخفاض أسعار المحروقات في عام 2023 أدى إلى تقليص فائض الحساب الجاري وزيادة عجز الموازنة العامة ليصل إلى 5.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة الدين إلى الناتج المحلي. وتم تمويل العجز بالكامل من خارج القطاع المصرفي؛ حيث انخفضت الإصدارات السيادية مع زيادة الادخار النفطي إلى 8.2 في المائة من الناتج المحلي، وارتفاع طفيف في الدين العمومي إلى 49.2 من الناتج المحلي الإجمالي. وتوقع البنك الدولي أن يتباطأ النمو في عام 2024 في ظل انخفاض الإنتاج النفطي والزراعي.

وذكر البنك الدولي أنه في ظل زيادة الواردات والنفقات العمومية، سيؤدي انخفاض عائدات المحروقات إلى زيادة الضغط على التوازنات الخارجية وتوازنات الموازنة. وبالتالي، "من المتوقع أن تنخفض صادرات المحروقات وترتفع الواردات، بما يتماشى مع ديناميكية الطلب المحلي، ما يعيد الميزان التجاري إلى التوازن في عام 2024، قبل أن يولِّد عجزاً في الميزانية العمومية خلال العامين المقبلين".

وتوقع البنك الدولي أن يزداد عجز الموازنة في عام 2024 قبل أن يستقر خلال السنتين التاليتين، وهو ما سيؤدي بدوره إلى زيادة الدين العمومي ليتجاوز 55 في المائة من الناتج المحلي بحلول عام 2026.

وشدد البنك الدولي على أهمية تكثيف الجهود الرامية إلى تشجيع استثمارات القطاع الخاص والتنويع الاقتصادي لتفادي المخاطر المرتبطة بالنفط والغاز، وهو التوجيه الذي يشكل صدمة لنظام الكابرانات الذي يعتمد دائماً على المحروقات، التي لن تسعفه في المستقبل القريب.

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: الأقمار الصناعیة من الناتج المحلی النفط والغاز البنک الدولی الغاز والنفط فی الجزائر حقول الغاز الدولی أن فی عام إلى أن

إقرأ أيضاً:

تنمية نفط عمان تسجل إنتاجا يوميا بـ679 ألف برميل في 2024

كتب-مي الغدانية

سجل متوســط إنتاج النفط الخام من شركة تنمية نفط عمان العام الماضي 679,922 برميلا يوميا متجاوزا المعدل المســتهدف بنحو 7 آلاف برميل ما يعادل 101.1 % من الخطة الإنتاجية وهو أعلى معــدل للإنتاج منذ 20 سنوات الماضية مما يعكس كفاءة الشركة في إدارة حقولها النفطية.

وبلغ إنتاج المكثفات 83,622 برميلا يوميا، فيما سجل إنتاج الغاز الطبيعي 48.79 مليون متر مكعب يوميا، بما يتماشى مع انخفاض الطلب من الجهات المستهلكة. وبلغ متوسط إجمالي الإنتاج اليومي من النفط والمكثفات والغاز حوالي 1.1 مليون برميل مكافئ نفطي.

وأسهمت الزيادة في الإنتاج وما صاحبها من تحسن أسعار النفط في تحقيق إيرادات تجاوزت 22.5 مليار دولار، مدفوعة بأداء تشغيلي مرن وكفاءة تشغيلية عالية، إذ حافظت الشركة على تكلفة تشغيلية منخفضة قدرها 7.4 دولار فقط لكل برميل.

وشهد عام 2024 حفر 886 بئرا نفطية وغازية، إلى جانب تنفيذ أكثر من 24 ألف نشاط متعلق بإكمال الآبار وصيانتها وإدارة المكامن، ضمن استراتيجية تهدف إلى تعزيز الإنتاجية واستدامة العمليات.

مشاريع استراتيجية

ونفذت شركة تنمية نفط عمان في عام ٢٠٢٤ حزمة واسعة من المشاريع النفطية والغازية، بقيمة إجمالية بلغت مليار دولار أمريكي من أبرزها مشروع منطقــة الهويســة الــكبرى في شمال منطقة الامتياز.

و في جنوب منطقة الامتياز، تنفيذ مشروع ضغــط الغاز بمحطــة الإنتاج الرئيســية في مرمول الذي الذي أسهم في تحسين الكفاءة وتقليل حرق الغاز.

وشــغلت الشركة مشروع سيح رول شــمال-غرب، ومشروع تحديث عــداد التصديــر في مينــاء الفحل، وإنجاز مراحل تشــغيل المرافق الحيوية (M130)لكل من المحفظــتين (أ) و(ب) فــي الموعــد المحدد.

الطاقة المتجددة

واصلت الشركة استثماراتها في الطاقة المستدامة، إذ يجري العمل على إنشاء محطة شمسية مستقلة بقدرة 100 ميغاواط ومزرعتين للرياح، من المقرر تشغيلها في عام 2026 وتتماشى هذه المشاريع مع أهداف الشركة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050 وحققت مديرية الاستكشاف اكتشافات نفطية وغازية مهمة، أضافت 135.4 مليون برميل من النفط و0.73 تريليون قدم مكعبة من الغاز غير المصاحب إلى الاحتياطات، بتكلفة استكشاف منخفضة بلغت 1.3 دولار لكل برميل مكافئ.

وجرى خلال العام الماضي حفر 32 بئرا استكشافية لاختبار طبقات جيولوجية مختلفة ضمن مبادرة "الإنتاج المتزامن مع الاستكشاف"، التي تتيح الاستفادة المبكرة من الاكتشافات.

تطوير الموارد

واعتمدت الشركة خططا خمسية متكاملة لتطوير الموارد الغازية والنفطية، تركز على التكوينات العميقة والمعقدة والمكامن غير التقليدية، مع استخدام تقنيات المسح الزلزالي المتقدمة (WAZ) وتقنيات التعلم الآلي لتحسين تفسير البيانات مشاريع استثمارية بلغت قيمة المشاريع المنفذة في 2024 نحو مليار دولار، شملت مشاريع بنية تحتية وتحسين الكفاءة التشغيلية في مناطق الامتياز، إلى جانب تعزيز ضغط الغاز واستخدام تقنيات إزالة الكبريت لتقليل الانبعاثات.

المحتوى المحلي

وخصصت شركة تنمية نفط عمان 16% من إنفاقها في سلسلة التوريد لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وشركات المجتمع المحلي، حيث بلغ إجمالي الإنفاق على هذه الشركات 171 مليون دولار.

كما نفذت 44 مناقصة بقيمة 4.4 مليار دولار، و7 فرص استثمارية جديدة بقيمة 40 مليون دولار لتعزيز التصنيع المحلي في مجالات متعددة مثل الطاقة الشمسية والاتصالات.

وأطلقت الشركة برامج تدريبية مكثفة شملت 70 شركة ومقاولا من الباطن، إضافة إلى برنامج "ارتقاء" بالتعاون مع هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والذي استهدف 30 مؤسسة عبر 9 نماذج تدريبية لتعزيز المهارات والمنافسة.

مقالات مشابهة

  • تعاون استثنائي بين وزارتي «النفط والثقافة» لدعم المشاريع المعرفية في الجنوب
  • المكثفات تتجاوز 52 ألف برميل… أرقام جديدة لإنتاج النفط الليبي
  • ظاهرة غامضة تهدد الأقمار الصناعية منبعها أفريقيا.. ما القصة؟
  • «مبروك والزويتينة» تستعرضان استراتيجيات زيادة الإنتاج النفطية لعام 2025
  • مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء في صلب مباحثات عرقاب ووزير خارجية نيجيريا
  • إنتاج النفط والمكثفات يقترب من 1.5 مليون برميل خلال 24 ساعة
  • النفط والمالية يتفقان على خطة إنقاذ لتسييل الميزانية ودعم الإنتاج
  • وزير النفط يبحث مع السفير الياباني تعزيز التعاون في قطاع الطاقة وجذب الاستثمارات
  • تنمية نفط عمان تسجل إنتاجا يوميا بـ679 ألف برميل في 2024
  • مؤسسة النفط: الإنتاج الخام يتجاوز 1.39 مليون برميل خلال 24 ساعة