لماذا تشعر أوكرانيا بالخوف من ترامب؟
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
يترقّب الأوكرانيون بقلق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، الثلاثاء، إذ يخشى البعض أن يؤدي فوز الجمهوري دونالد ترامب إلى وقف المساعدات الحيوية التي تقدمها واشنطن لكييف لمواجهة القوات الروسية.
قبل أيام قليلة من الاستحقاق الرئاسي، يتكبّد الجيش الأوكراني الذي يفتقر إلى الرجال والذخيرة، خسائر ميدانية في وقت تشير تقارير إلى أن روسيا على وشك تلقي تعزيزات مع وصول قوات كورية شمالية.
ويظهر الغرب تردداً في ما يتعلق بتقديم المساعدة لأوكرانيا، ويمنعها خصوصاً من استخدام صواريخه لاستهداف الأراضي الروسية، ولم يبد ترامب أي إشارة إلى رغبته في منح كييف الوسائل اللازمة لهزيمة روسيا.
لذلك فإن "انتصار ترامب سيطرح أخطاراً جدية. سيكون الوضع مقلقاً"، وفق ما قال سفير أوكرانيا السابق لدى الولايات المتحدة أوليغ تشمتشور لوكالة فرانس برس.
وقدّمت واشنطن والدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، مساعدات عسكرية ومالية حيوية لأوكرانيا بقيمة عشرات مليارات الدولارات منذ بداية الحرب عام 2022، ما سمح لكييف بمواصلة القتال ضد عدو أكثر عديداً وتسلّحاً. لكن منذ أشهر، تزايدت المماطلة في أوروبا كما في الولايات المتحدة.
وبالتالي، فإن خوف أوكرانيا الأكبر هو أن يتخلى الملياردير الجمهوري عنها، خصوصاً أنه انتقد المساعدة الأمريكية لكييف وصرّح بأنه قادر على إنهاء الحرب "في 24 ساعة".
وقال تشمتشور إن ترامب وفريقه "لا يؤمنون بأن أوكرانيا ستنتصر" ويريدون "إنهاء الحرب بأي ثمن" حتى يتمكنوا من التركيز على مواجهة الصين.
لم يقدّم ترامب مطلقاً أي تفاصيل عن نياته لكنه لم يعلن أيضاً رغبه في "انتصار" كييف. كما يتّهم بأنه معجب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأوردت وسائل إعلام غربية أن مخططه سيكون ملائماً إلى حد كبير لروسيا، وهو يتضمن نزع السلاح من المنطقة التي تحتلها موسكو حالياً (20 % من الأراضي الأوكرانية) دون استعادة كييف السيطرة عليها، وتخلي أوكرانيا عن عزمها على الانضمام إلى الناتو، وهو أمر يريده الكرملين.
واعتبر تشمتشور أن مشروعاً مماثلاً سيكون "كارثياً" لأن روسيا ستكون قادرة بعد ذلك على إعادة بناء جيشها، وتكرار الهجوم "لتدمير أوكرانيا".
من جهته، استبعد الرئيس فولوديمير زيلينسكي تنازل أوكرانيا عن أراض، وأكد أن "أوكرانيا لن تعترف بهذه الأراضي على أنها روسية، مهما حدث، وأيا كان الفائز في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة". لكنه أقر بأنه إذا خفضت واشنطن دعمها، ستكون موسكو قادرة على "احتلال المزيد من الأراضي".
غير أن مسؤولاً كبيراً في الرئاسة الأوكرانية أكد لوكالة فرانس برس أن لقاء زيلينسكي وترامب، الذي عقد في سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة، كان "جيداً جداً".
واعتبر هذا المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "ترامب لن يرغب بالتأكيد في أن يكون الرجل الذي خسرت معه أمريكا أمام بوتين"، مؤكدا ًأن أوكرانيا "تعمل" على إقامة علاقات جيدة مع الفائز في الانتخابات، سواء كامالا هاريس أو دونالد ترامب.
وتأتي الانتخابات الأمريكية في وقت حرج بالنسبة إلى كييف.
فقد سيطر الجيش الروسي على 478 كيلومتراً مربعاً من الأراضي الأوكرانية في أكتوبر (تشرين الأول)، محققة تقدماً قياسياً لشهر منذ مارس (آذار) 2022 مع بداية الحرب، وفق تحليل أجرته وكالة فرانس برس لبيانات المعهد الأمريكي لدراسة الحرب.
في منطقة دونيتسك حيث يقع ثلثا هذه المساحة، قال السيرغنت الأوكراني سيرغي "لا يهمني من سيفوز. المهم هو أن تواصل الولايات المتحدة مساعدتنا"، معترفاً في الوقت نفسه بأن فوز الجمهوريين "قد يكون كارثة".
فقد تسبب منع الجمهوريين إرسال مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا أواخر العام 2023 ومطلع العام 2024، بإجبار القوات الأوكرانية على تقنين القذائف ما سمح لروسيا بتعزيز تمركزها.
من جهته، قال بوغدان، وهو جندي شاب يقاتل في دونيتسك أيضاً، إنه يتمسك بالأمل، معتبراً أن ترامب "يرغب (...) في إظهار قوة أمريكا وعزيمتها وقدراتها".
كذلك، قال روديون، وهو جندي آخر يقاتل في مدينة خاركيف في شمال شرق البلاد "أنا أعلم أنهم (الأمريكيون) لن يخونوننا" متعهّداً القتال "حتى النهاية، حتى النصر".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الجيش الأوكراني ترامب الأمريكية الانتخابات الأمريكية الحرب الأوكرانية الولایات المتحدة دونالد ترامب
إقرأ أيضاً:
إخفاقات ترامب.. من أوكرانيا إلى غزة
– يريد البعض أن يقتنع أن كل ما تُقدم عليه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعبر عن خطط مدروسة بعناية وعن تفاصيل مبرمجة على جدول زمني، ويجب التدقيق في كيفية إدارة الرئيس ترامب لملف الحرب الأوكرانية من أجل أن ينتبه هؤلاء إلى حقيقة أن غالبية طروحات وتصورات ترامب يغلب عليها الطابع الاستعراضي، بحيث يجري إطلاق الخطوة الأولى لمشروع متعدد الخطوات، والرمي بالثقل المعنوي لمكانته ومكانة أمريكا على أمل أن يملأ الفراغات خلال المسار العملي للخطوة الأولى نحو بلورة الخطوة الثانية وما بعدها هكذا تباعاً، لأن الرئيس ترامب ينطلق في مشاريعه من الحاجة لتحقيق إنجازات في ولايته الرئاسية على الصعيد الخارجي بعدما اصطدم بعقبات كبرى عطلت فرص الإنجازات الداخلية، ولأن أمريكا لم تعد تملك القدرة على فرض إرادتها وفق تصوّرات مسبقة تضعها وتلزم الآخرين على السير بها.
– لا تزال خطة ترامب لإنهاء حرب غزة في أيامها الأولى ولا يزال الانبهار سيّد الموقف، وتدور التحليلات مرة حول الضغط على نتنياهو فيتفاجأ الذين يقولون ذلك بتصرف ترامب عندما يرونه يتماهى مع نتنياهو، ومرة يتحدث آخرون حول التزام ترامب بالسعي لخدمة خطة نتنياهو فيتفاجأ هؤلاء بأن ترامب ينتقد نتنياهو أو يتحرك بعكس اتجاه ما يريده نتنياهو، وذلك عائد إلى ارتباك ترمب نفسه وعدم وضوح الصورة لديه، وتركيزه على الطابع الاستعراضي والتجريبي ضمناً، لملء الفراغات في آليات تطبيق ما يفترض أنه خطة وهو لا يعدو كونه مجرد خطوط عريضة، كحال ما وقع عليه ترامب وقادة الدول الذين شاركوه ما عُرف باتفاق إنهاء الحرب، خلال قمة شرم الشيخ، حيث النص الذي وقّع عليه ترامب وقادة تركيا ومصر وقطر ليس إلا مبادئ فضفاضة يشبه التوقيع عليها التوقيع على ميثاق الأمم المتحدة مرة ثانية، لأن لا شيء فيها له صلة بالسياسة ولا بكيفية حل المعضلات التي بدون حلها لا يمكن ضمان إنهاء الحرب، أي صناعة الاستقرار، ويكفي القول إن نصاً يفترض أنه يتصدى لصراع عمره ثمانية عقود عنوانه فلسطين لم يتطرّق لكيفية حل هذه القضية.
– خلال شهور طويلة تكرّرت وعود ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا، هو يتباهى بأنه أوقف ثمانية حروب لا يعرف الناس عنها شيئاً، فهل كان هناك فعلاً حرب هندية باكستانية أم مناوشات حدودية لا يريد الطرفان تحويلها إلى حرب، ومثلها بين كمبوديا وتايلاند، ولم يكن هناك حرب أذربيجانية أرمنية، وهل كان هناك حرب إثيوبية مصرية، أو صربية كوسوفية؟ وهل تمّ التوصل إلى حل للنزاع بين رواندا والكونجو؟ ويكتشف أي باحث ومدقق أن ترامب استعراضي يتباهى بإنجازات أغلبها وهميّ، وحرب أوكرانيا خير مثال، وهو قال في حملته الانتخابية إنه قادر على إيقافها خلال 24 ساعة بمجرد أن يصبح رئيساً، ومرة يطرد الرئيس الأوكراني من البيت الأبيض ومرة يعده بصواريخ بعيدة المدى لأن الرئيس الروسي يصبح شريراً بنظره بعد رفضه السير بوقف إطلاق نار دون اتفاق كامل، ثم يعود كما حدث بعد قمة آلاسكا يوزع التفاؤل بأنه يسيطر على الوضع ويملك خطة لإنهاء الحرب، وبعد أيام يتحدث عن الفشل واليأس والانسحاب من مساعي إيقاف الحرب.
– في حرب غزة الأكيد أن إيقافها صار مصلحة أمريكية إسرائيلية، بعدما فشلت حرب الإبادة بتهجير الفلسطينيين كهدف أمريكي إسرئيلي كان ترامب أول دعاته، وبقدر ما صارت الأرباح معدومة تكاثرت الخسائر حتى صارت لا تحتمل مع تنامي حركة الاحتجاج العالميّة ضد الحرب وصولاً إلى تراجع هائل في الرأي العام الأمريكي لمؤيدي الحرب، بل لمؤيدي موقف ترامب إلى جانب “إسرائيل”، إلى الحدّ الذي صارت بيئة الحزب الجمهوري ومجموعة مافا المساندة لترامب والكنيسة الإنجيلية المؤيدة لترامب و”إسرائيل”، في موضع انتقاد الحرب باعتبارها مخالفة للمعايير الأخلاقية والدينية، ولأن وقف الحرب بشروط تناسب المقاومة مستحيل أمريكياً وإسرائيلياً، لأنها هزيمة مدوّية، كان المطلوب التلاعب بصيغة وقف الحرب وأخذها إلى الغموض الذي يقوم على تجاهل القضية الفلسطينية ويسلّم بسقوط التهجير، ويسعى لمقايضة سلاح المقاومة بإعادة الإعمار وتوفير شروط العيش الآدميّ لسكان غزة، واستبدال السعي لتهجير سكان قطاع غزة بشطب الهوية الفلسطينية عن غزة وجعلها ولاية دولية يحكمها مجلس وصاية أجنبيّ وتضمن أمنها قوة دولية.
– هذه العناوين التي لم تقبل بها المقاومة بقيت عائمة، وصار الاتفاق مجرد وقف الإبادة وتبادل الأسرى وانسحاب جزئيّ وفك جزئيّ للحصار، وصار تشكيل مجلس الوصاية معضلة ومثله تشكيل القوة الدولية، حيث ترفض “إسرائيل” أيّ إطار أممي لذلك ويتمسك المطلوب منهم المشاركة في المجلس ولا قوة بالعبور من خلال مجلس الأمن الدولي، كما يتمسكون بأفق سياسيّ يتصل بحل الدولتين ولو كشعار والدولة الفلسطينيّة كأفق، وهو ما ترفضه إسرائيل بصورة قاطعة.
– ترامب ينجح دائماً بإطلاق المبادرات وتسويقها إعلامياً، لكنه يعجز عن إكمالها، لأنه محكوم بالحاجة للحركة، من دون أن تملك أمريكا القوة اللازمة لفرض حلقات متسلسلة واضحة لخطة تبدأ من المبادر وتصل إلى الهدف.
* رئيس تحرير جريدة البناء اللبنانية