بعد موافقة «النواب» من حيث المبدأ.. نص مشروع قانون لجوء الأجانب
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
وافق مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، من حيث المبدأ، على مشروع القانون المقدم من الحكومة بإصدار قانون لجوء الأجانب.
كما وافق المجلس - خلال جلسته العامة المنعقدة اليوم الأحد - على مواد الإصدار الخاصة بمشروع القانون.
وجاءت موافقة المجلس بعد استعراض اللواء النائب أحمد العوضي رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الدفاع والأمن القومي ومكاتب لجان الشؤون الدستورية والتشريعية، وحقوق الإنسان، والتعليم والبحث العلمي، والخطة والموازنة، عن مشروع القانون سالف الذكر.
ويهدف مشروع القانون إلى وضع تنظيم قانوني لأوضاع اللاجئين وحقوقهم والتزاماتهم المختلفة في إطار الحقوق والالتزامات التي قررتها الاتفاقيات الدولية التي انضمت مصر إليها، وذلك لضمان تقديم جميع أوجه الدعم والرعاية للمستحقين، من خلال إنشاء اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين، لتكون هي الجهة المختصة بكافة شؤون اللاجئين بما في ذلك المعلومات والبيانات الإحصائية الخاصة بهم، وذلك في إطار استمرار تقديم الدعم والمساندة الكاملة للاجئين.
مزايا ومعالم مشروع قانون لجوء الأجانبوحول أبرز مزايا ومعالم مشروع قانون لجوء الأجانب، فإن المشروع هو أول تشريع داخلي ينظم شؤون اللاجئين وطالبي اللجوء في مصر بما يتوافق مع الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها مصر، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين الموقعة في جنيف بتاريخ 28 يوليو 1951.
وينص المشروع كذلك على إنشاء لجنة دائمة لشؤون اللاجئين تكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتبع رئيس مجلس الوزراء، وتكون هي الجهة المعنية بشؤون اللاجئين، وعلى الأخص الفصل في طلبات اللجوء، والتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وضمان تقديم كافة أوجه الدعم والرعاية والخدمات للاجئين، فيما يقدم طلب اللجوء إلى اللجنة المختصة من طالب اللجوء أو من يمثله قانونا، وتفصل اللجنة في الطلب خلال ستة أشهر لمن دخل إلى البلاد بطريق مشروع، وخلال سنة بحد أقصى لمن دخل البلاد بغير طريق مشروع.
كما أن طلبات اللجوء المقدمة من الأشخاص ذوي الإعاقة أو المسنين أو النساء الحوامل أو الأطفال غير المصحوبين أو ضحايا الاتجار بالبشر والتعذيب والعنف الجنسي، يكون لها الأولوية في الدراسة والفحص.
حقوق اللاجئويتمتع اللاجئ فور اكتسابه هذا الوصف بالعديد من الحقوق، منها: الحق في الحصول على وثيقة سفر تصدرها وزارة الداخلية بعد موافقة اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين، وحظر تسليمه إلى الدولة التي يحمل جنسيتها أو دولة إقامته المعتادة، وحريته في الاعتقاد الديني، ويكون لأصحاب الأديان السماوية منهم الحق في ممارسة الشعائر الدينية بدور العبادة المخصصة لذلك، وخضوعه في مسائل الأحوال الشخصية بما في ذلك الزواج وآثاره، والميراث، والوقف، لقانون بلد موطنه أو إقامته إذا لم يكن له موطن، وذلك بما لا يتعارض مع النظام العام.
كما يتمتع اللاجئ بذات الحقوق المقررة للأجانب المتعلقة بالحقوق العينية الأصلية والتعبية على الأموال الثابتة والمنقولة والحقوق المرتبطة بها، وله الحقوق ذاتها فيما يتعلق بالملكية الفكرية، والحق في التقاضي، والإعفاء من الرسوم القضائية إن كان لذلك مقتضى، وذلك على النحو الذي تنظمه القوانين ذات الصلة، والحق في العمل والحصول على الأجر المناسب لقاء عمله، والحق في ممارسة المهن الحرة، وذلك كله وفقا للقوانين ذات الصلة، والحق في تأسيس شركات أو الانضمام إلى شركات قائمة، وذلك على النحو الذي تنظمه القوانين المرتبطة بذلك.
وللطفل اللاجئ بموجب مشروع القانون الحق في التعليم الأساسي، والحق في الاعتراف بالشهادات الدراسية الممنوحة في الخارج للاجئين، وفقا للقواعد المقررة قانونا للأجانب.
وللاجئ كذلك الحق في الحصول على رعاية صحية مناسبة وفقا للقرارات الصادرة عن وزير الصحة، والاشتراك في عضوية الجمعيات الأهلية أو مجالس إدارتها وفقا لقانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي، وحظر تحميله أي ضرائب أو رسوم أو أي أعباء مالية أخرى، أيا كان تسميتها، تغاير أو تختلف عن تلك المقررة على المواطنين، وأيضا العودة طواعية في أي وقت إلى الدولة التي يحمل جنسيتها أو دولة إقامته المعتادة.
ويلتزم من يكتسب وصف اللاجئ بعدد من المحظورات، وأهمها:1- الالتزام باحترام الدستور والقوانين واللوائح المعمول بها في مصر، وبمراعاة قيم المجتمع المصري واحترام تقاليده.
2- حظر القيام بأي نشاط من شأنه المساس بالأمن القومي أو النظام العام أو يتعارض مع أهداف ومبادئ الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي أو جامعة الدول العربية، أو أي منظمة تكون مصر طرفا فيها، أو ارتكاب أي عمل عدائي ضد دولته الأصلية أو أي دولة أخرى.
3- حظر مباشرة أي عمل سياسي أو حزبي أو أي عمل داخل النقابات، أو التأسيس أو الانضمام أو المشاركة بأي صورة في أي من الأحزاب.
كما لا يقبل طلب اللجوء إذا توافرت في طالب اللجوء أسباب جدية لارتكابه جريمة ضد السلام أو الإنسانية أو جريمة حرب، أو إذا ارتكب جريمة جسيمة قبل دخوله مصر، أو إذا ارتكب أي أعمال مخالفة لأهداف ومبادئ الأمم المتحدة، أو إذا كان مدرجا على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين داخل مصر وفقا للقانون، أو إذا ارتكب أي أفعال من شأنها المساس بالأمن القومي أو النظام العام.
وفي حال رفض طلب اللجوء، تطلب اللجنة من الوزارة المختصة إبعاد طالب اللجوء خارج البلاد، ويعلن طالب اللجوء بالقرار.
ونص مشروع القانون على إسقاط وصف اللاجئ ويتم إبعاد الشخص فورا عن البلاد إذا كان قد اكتسب بناء على غش، أو احتيال، أو إغفال أي بيانات أو معلومات أساسية، أو إذا ثبت ارتكابه لأي من المحظورات المنصوص عليها في القانون، ومن أهمها: ارتكاب أي عمل من شأنه المساس بالأمن القومي أو النظام العام أو يتعارض مع أهداف ومبادئ الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي أو جامعة الدول العربية، أو أي منظمة تكون مصر طرفا فيها، أو أي عمل عدائي ضد دولته الأصلية أو أي دولة أخرى، أو مباشرته في مصر لأي عمل سياسي أو حزبي أو أي عمل داخل النقابات، أو التأسيس أو الانضمام أو المشاركة بأي صورة في أي من الأحزاب.
ويلتزم كل من دخل إلى البلاد بطريق غير مشروع وتتوافر فيه الشروط الموضوعية لطالب اللجوء، أن يتقدم طواعية بطلبه إلى اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين فى موعد أقصاه 45 يوما من تاريخ دخوله، ويعاقب المخالف بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه، أو بإحدى العقوبتين.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مجلس النواب المستشار الدكتور حنفي جبالي مشروع قانون لجوء الأجانب قانون لجوء الأجانب مشروع قانون لجوء الأجانب لشؤون اللاجئین مشروع القانون الأمم المتحدة النظام العام طالب اللجوء والحق فی الحق فی أی عمل أو إذا
إقرأ أيضاً:
المصري للدراسات الاقتصادية: مشروع قانون الإيجار القديم لا يصلح إلا بتعويض المتضررين
عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية، ندوة هامة بعنوان: "قانون الإيجار القديم.. المناقشات وسيناريوهات الحلول"، لمناقشة تعديلات قانون الإيجار القديم، والوقوف على حجم المشكلة وطبيعتها من خلال تحليل أهم المعلومات والبيانات، واقتراح سيناريوهات الحل بما يحقق العدالة الاجتماعية.
وعرض المركز تحليلا شاملا لقضية الإيجار القديم، تضمن استعراض الجذور التاريخية والتشريعية للمشكلة منذ عام 1920 وحتى التعديلات الأخيرة، وتحليل الوضع الراهن بالأرقام والإحصائيات، وتقييم مشروع القانون المقترح حاليا بمجلس النواب، وانتهاء بتقديم رؤية متكاملة ومجموعة من الحلول المقترحة لمعالجة القضية.
1.8 مليون أسرة معنية بالإيجار القديم
ورصد المركز عددا من الحقائق الإحصائية التى تقيس حجم المشكلة، حيث يؤثر القانون على 1.8 مليون أسرة (حوالي 6 ملايين فرد)، وتتركز المشكلة بشكل كبير في المناطق الحضرية (93%)، حيث تستحوذ 4 محافظات هى: القاهرة الكبرى والإسكندرية والقليوبية على 82% من إجمالي الحالات.
وأكثر من ثلث الأسر (35%) المتأثرة بالقانون تدفع إيجاراً شهرياً أقل من 50 جنيهاً مصرياً، وهو ما يوضح حجم الخلل الاقتصادي. وتبين الإحصاءات أن الغالبية العظمى من الأسر المصرية (86%) يملكون وحدات سكنية، فى حين أن 13% من إجمالى عدد الأسر تتأثر بقوانين الإيجار، 7% منهم يقعون تحت طائلة قانون الإيجار القديم.
ووفقًا لتعداد عام 2017 يوجد لدينا حوالي 42 مليون وحدة سكنية ما بين إيجار وتمليك، 3 مليون وحدة منهم هي عقود إيجار قديم، حوالي نسبة 7.6% من إجمالي الوحدات، مقسمين على استخدامات مختلفة سكنية وغير سكنية.
إنشاء صندوق خاص للتعامل مع المتضررين
وعلقت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، بقولها أن جوهر الأزمة يكمن في غياب منهجية واضحة لفهم حجم المشكلة بدقة، مشيرة إلى أن صوت أصحاب المشكلة عالى، ولكن الأهم هو أن تعرف الحكومة حجم المشكلة حتى يتم تقدير مسئوليتها بشكل صحيح واتخاذ قرارات سليمة خاصة فيما يخص تعويض المتضررين، موضحة أن الحكومة لم تتعامل مع قضية الإيجار القديم بشكل سليم من خلال تحليل المشكلة ووضع حلول تراعى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والعدالة بين الأطراف.
وطرحت عبد اللطيف، عددا من التساؤلات حول مشروع القانون الأخير للإيجار القديم، مثل تحديد فترة إنهاء التعاقد بـ7 سنوات دون توضيح آليات التمديد أو الخروج الآمن، وهو ما يفتح الباب أمام تفسيرات متعددة، وتجاهل الفروق بين الحالات مثل غياب التمييز بين مستأجر دفع "خلو رجل"، وآخر يقيم في العقار منذ عقود دون مقابل مناسب، وهو ما يؤدي إلى غياب العدالة ويضر بشرائح غير قادرة على التعامل مع فجائية الإخلاء مثل أصحاب المعاشات وأصحاب الدخول المنخفضة، كما أعربت عن وجود مخاوف من حيادية لجان الحصر التى نص عليها مشروع القانون، وما هى المعايير التى سيتم بها تشكيل هذه اللجان؟ وما الذى يضمن تمثيل المتضررين بها؟ وهو ما يهدد حيادية عملها أثناء التطبيق.
وانتقدت عبد اللطيف وضع حلول عامة غير مدروسة، مقابل ما يفترض أن يكون نهجا مبنيا على "الاستهداف السليم"، القائم على فهم دقيق للمشكلة، وتحليل شامل للبدائل، وتقدير التكلفة والعائد لكل سيناريو، ووضع خطط لتعويض المتضررين، والاستناد إلى حوار مجتمعي ومشاركة جميع الأطراف.
وأكدت أن الدولة تعاملت مع الأزمة كـ"تشريع جامد" بدلا من اعتبارها "سياسة عامة" تتطلب المرور بخطوات التحليل والتقييم والرقابة والمراجعة، مشددة على أن القانون بشكله الحالى لا يصلح إلا بتعويض المتضررين، وهو ما يتطلب معرفة المتضررين بشكل محدد من خلال معلومات وبيانات دقيقة، داعية إلى استخدام الذكاء الاصطناعى والبيانات الضخمة للوصول إلى هذه الفئات وتحقيق الاستهداف السليم، وعدم تعامل القانون مع جميع الحالات بنفس النصوص.
وقدمت عبد اللطيف عددا من المقترحات التى يمكن أن تعالج الأزمة بشكل فعال وأكثر عدالة، تضمنت: أن تأتي اللائحة التنفيذية للقانون معالجة كافة أوجه القصور الموجودة به، على أن يتم عرض اللائحة - قبل إصدارها - على مجلس النواب مرة أخرى في جلسات تضم ممثلين عن الأسر المتضررة، بالإضافة إلى رصد المعلومات المطلوبة عن جميع الحالات المختلفة (مثل الحالات التي تم فيها دفع مبالغ كبيرة كـ"خلو رجل" أو خلافه)، مع وضع حلول مناسبة لكل منها.
كما اقترحت أن تقوم الدولة بإنشاء صندوق خاص للتعامل مع المتضررين من تعديل القانون، كأصحاب المعاشات، ووضع أولوية في تنفيذ القانون المعدل على الحالات المحسوم أمرها، مثل الوحدات المغلقة أو التي تحتاج إلى صيانة وترميم، وضرورة وجود رقابة فعالة على أعمال لجان الحصر، لضمان الشفافية في تصنيف المناطق، والتأكد من أن التصنيف يتم بحيادية ودون تحيز.
وفي ختام حديثها، أكدت أن الحل لا يكمن فقط في تحرير العلاقة الإيجارية، بل في تصميم حزمة سياسات متكاملة تضمن تحقيق العدالة، وتراعي الأبعاد الاجتماعية، وتوفر الحماية للفئات الأكثر ضعفاً، مع تحقيق الكفاءة الاقتصادية، وحذرت من أن تجاهل هذه الاعتبارات قد يؤدي إلى "كارثة اجتماعية واقتصادية"، مؤكدة أن الدولة ما زال أمامها فرصة لتدارك الأمر من خلال إعداد لائحة تنفيذية عادلة ومنصفة.
تدخل الدولة لسد الفجوة القائمة
من جانبه أكد الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء الأسبق، أن أزمة تعديلات قانون الإيجار القديم تمثل حالة نموذجية لتضارب مفهومي العدالة القانونية والاجتماعية، مشيرا إلى أن التشريع المطروح لا يمكن أن يعالج بمادة واحدة واقعا متشعبا بهذه الدرجة من التعقيد. وقال إن القانون الجديد يخص عددا محدودا نسبيا من الأسر من حيث النسبة، لكنه يمس فعليا حياة ملايين المواطنين، ويؤثر بشكل مباشر على حق أصيل كحق السكن، الذي لا يمكن اعتباره مجرد ميزة مؤقتة، بل هو حق دستوري وإنساني.
وشدد بهاء الدين على أن مناقشة القانون لا يجب أن تنطلق فقط من زاوية الحقوق المجردة للملاك أو المستأجرين، بل من ضرورة التوفيق بين مفهومين للعدالة: العدالة القانونية، التي تنص على احترام الملكية الخاصة وحرية التصرف فيها، والعدالة الاجتماعية، التي تحمي حقوق من استقرت أوضاعهم لسنوات بناء على تشريعات سابقة وظروف اجتماعية واقتصادية لا يمكن إنكارها. وأكد أن الفجوة بين المفهومين هي ما ينتج الانقسام المجتمعي الحاد حول التعديلات المقترحة، مشيرا إلى أن هذا الانقسام طبيعي ويحدث في قضايا مشابهة، مثل قوانين العمل، التي تهدف بالأساس إلى الموازنة بين مصالح متعارضة.
وأوضح بهاء الدين أن هذه الفجوة لا تُعالج بنص قانوني واحد، بل تحتاج إلى معالجة متدرجة وواقعية تقوم على تصنيف دقيق للفئات المتأثرة مشيرا إلى وجود حالات متعددة لا يمكن مساواتها: منها مستأجرون مهاجرون لا يقيمون في مصر منذ سنوات، وآخرون يمتلكون عدة وحدات سكنية ويحتفظون بوحدة قديمة بإيجار زهيد، وفي المقابل، هناك فئات محدودة الدخل تعتمد كليا على هذه المساكن في حياتها اليومية ولا تملك بدائل أخرى. واعتبر أن غياب هذا التمييز داخل مشروع القانون يُعد إحدى ثغراته الجوهرية.
وانتقد اقتصار تقسيم المشكلة على نوعية العقارات وليس على أوضاع المقيمين بداخلها، مؤكدا أن الحكومة خطت خطوة متواضعة في محاولة التصنيف لكنها لم تصل إلى لب الأزمة.
كما أكد أن نقص المعلومات الدقيقة عن المستفيدين الحقيقيين أحد أبرز أوجه القصور، رغم توفر أدوات تكنولوجية ومؤشرات واضحة يمكن من خلالها تتبع الأوضاع الاجتماعية للأسر، مثل بيانات التموين، وبرامج الدعم، وفواتير المرافق.
وحذر من أن الشكل الحالي للقانون قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من المنازعات القضائية، لاسيما مع صلاحيات لجان الحصر والتقدير، التي تُعد لجانا إدارية وقد يُطعن في قراراتها أمام القضاء الإداري. وأشار إلى أن الخلاف حول امتلاك وحدة سكنية إضافية من عدمه، مثلا، سيفتح بابا كبيرا من التقاضي، وهو ما يتناقض مع ما قيل عن أن التشريع يستهدف تقليل المنازعات.
واقترح بهاء الدين أن تتدخل الدولة لتسد الفجوة القائمة بين العائد الاقتصادي العادل للمالك، وحق المستأجر في استمرار حياته بكرامة، من خلال آلية دعم اجتماعي موجه، معتبرا أن هذا التدخل ليس بدعة، بل سياسة اقتصادية معمول بها في دول العالم كافة. وأكد أن الدعم حين يُوجه لمستحقيه الحقيقيين، فهو أداة ضرورية لضمان استقرار اجتماعي وعدالة مستدامة.
وفي ختام كلمته، أعرب بهاء الدين عن مخاوفه من أن القانون بصيغته الحالية لن يكون حلا كافيا، وربما يتطلب تعديلا بعد ذلك. ودعا إلى منح البرلمان فرصة إضافية لمراجعة المشروع في شكل أكثر مرونة، ربما عبر قانون إطاري يسمح بتطبيق تدريجي وواقعي، يراعي التنوع الشديد في الحالات، ويجنب الدولة موجة صدام قانوني واجتماعي غير محسوب العواقب.
أزمة الإيجار القديم مسؤولية الدولة
المهندس إيهاب منصور رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي بمجلس النواب، أكد أن أزمة الإيجار القديم لا يتحمل مسؤوليتها لا المالك ولا المستأجر، وإنما هي مسؤولية الدولة بالأساس وفقا لما نص عليه الدستور في المادة 78، التي تلزم الدولة بتوفير مسكن ملائم وصحي وآمن لكل مواطن. وأوضح أن التأخير في تقديم مشروع القانون إلى البرلمان لم يتح الفرصة الكافية للحصول على بيانات دقيقة من الجهات الرسمية، وعلى رأسها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بحجة ضيق الوقت، وهو ما حال دون إعداد قانون أكثر عدالة وواقعية.
وأشار منصور إلى أن عدد الأسر المتأثرة بالإيجار القديم انخفض من 2.6 مليون أسرة عام 2006 إلى نحو 1.6 مليون أسرة في 2017، وتوقع أن ينخفض العدد إلى 756 ألف أسرة بحلول 2027، وإلى نحو 303 آلاف أسرة بحلول 2032، إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه. وشدد على أن هذه الأعداد لا تزال تمثل شريحة واسعة من المجتمع لا يمكن تجاهلها، وأن التعامل معها يتطلب تصنيفًا دقيقًا يراعي من هو قادر على الدفع ومن هو غير قادر، مع توفير الدعم اللازم للفئات غير القادرة، مؤكدًا أن هذا الدعم يجب أن تتحمله الدولة وليس المالك.
ولفت النائب إلى أن مشروع القانون الحالي لم يراعى مجموعة من العوامل الأساسية عند تحديد قيمة الأجرة، من بينها مساحة الوحدة، عمر العقار، موقعه، وتاريخ تحرير العقد، وهو ما يؤدي إلى غياب العدالة في التطبيق. وقال إن المساواة بين شقة مساحتها 40 مترا وأخرى مساحتها 400 متر أمر غير منطقي، كما أن عدم التفريق بين العقود القديمة جدا وتلك التي تعود للتسعينيات يُعد ظلما للمستأجرين الذين دفعوا مقدمات أو خلوا في فترات كان فيها ذلك مقبولا وغير مخالف للقانون.
وانتقد منصور غياب ذكر مسألة الصيانة في مشروع القانون، رغم خطورتها الكبيرة على سلامة المواطنين، مشيرا إلى أن محافظ القاهرة أعلن وجود 5000 عقار في حالة "خطورة شديدة"، بينما في الإسكندرية هناك أكثر من 24 ألف عقار آيل للسقوط. واعتبر أن ما يحصل عليه المالك من إيجارات رمزية لا يكفي لإجراء أي نوع من أعمال الصيانة، ما يهدد حياة السكان، وبالتالي فإن تدخل الدولة في هذا الجانب بات أمرا حتميا.
كما دعا منصور جهاز التعبئة والإحصاء إلى بدء إجراء المسح الميداني من الآن، بدلًا من الانتظار حتى عام 2027، من أجل الوقوف على أعداد المستأجرين من أصحاب المعاشات أو المستفيدين من برنامج "تكافل وكرامة"، والفئات الأخرى غير القادرة على سداد القيمة الإيجارية الجديدة، مؤكدا أن هذه البيانات هي التي ستحدد مدى قابلية القانون للتطبيق من عدمه.
نائب برلماني: 33% من مستأجري الوحدات بالإيجار القديم من أصحاب المعاشات
وأشار إلى أن نحو 33% من مستأجري الوحدات بالإيجار القديم من أصحاب المعاشات، وطرح نموذجا واقعيًا قال فيه إن أحد المواطنين أخبره أن معاشه 2750 جنيها، بينما الإيجار المقترح عليه سيكون 3600 جنيه، متسائلًا: "يعمل إيه؟"، وأجاب: "هو ما يعملش.. الدولة هي اللي تعمل." وأضاف أنه يرى أن الحد الأقصى لما يمكن أن يدفعه صاحب المعاش يجب ألا يتجاوز 15% من قيمة الإيجار، والباقي تتحمله الدولة، مقترحا تخصيص مليار جنيه سنويا من الموازنة العامة لهذا الغرض، وهو رقم وصفه بأنه "غير كبير" مقارنة بما يُخصص سنويا لدعم الإسكان الاجتماعي والذى يتراوح ما بين 10 – 11 مليار جنيه سنويا.
واختتم النائب إيهاب منصور حديثه بالتأكيد على أن القانون بصيغته الحالية يفتقر إلى بعض الأسس التي تضمن عدالة تطبيقه، وأن استمرار تجاهل هذه الجوانب قد يؤدي إلى الحاجة لتعديله خلال عامين، معتبرا أن تحمل الدولة لمسؤوليتها تجاه الفئات غير القادرة هو أمر دستوري لا يجوز التنازل عنه، وأنه سيطرح هذه التعديلات المقترحة في الجلسة العامة لمجلس النواب الأسبوع المقبل.
فجوة حقيقية بين البيانات المتاحة وصناعة القرار في مصر
الدكتور ماجد عثمان المدير التنفيذي للمركز المصري لبحوث الرأى العام بصيرة ووزير الاتصالات الأسبق، أكد أن هناك فجوة حقيقية بين البيانات المتاحة وصناعة القرار في مصر، وهو ما ينعكس سلبًا على صياغة السياسات والتشريعات، ومنها مشروع قانون الإيجار القديم. وأوضح أن المعلومات المتوفرة حول ملف الإيجار القديم قليلة، ما يجعل الانطباعات والمصالح الشخصية تتغلب على الحقائق في صناعة القرار.
وأشار إلى أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يجري التعداد السكاني كل عشر سنوات، وكان آخر تعداد في 2017، والتعداد المقبل سيكون في مارس 2027، مؤكدًا أنه لا يمكن بأي حال تقديم موعد التعداد، وأنه من غير الواقعي الاعتماد على بيانات دقيقة في هذا الملف قبل هذا الموعد، نظرا لطبيعة التحضيرات المعقدة التي تسبق التعداد.
وأوضح أن بعض البيانات المتاحة لا يمكن الاعتماد عليها أيضا بسبب خلط الإيجار القديم بالجديد في بعض المسوح مثل مسح الدخل والإنفاق، داعيا إلى ضرورة التنسيق مع الجهاز المركزي لضمان دقة التبويب في المسوح المستقبلية.
وتحدث عن أهمية النظر للمشكلة من زاويتين: عدد الأسر وعدد الوحدات، مشيرا إلى أن عدد الأسر التي كانت تسكن مساكن بالإيجار القديم في 2017 بلغ نحو 1.6 مليون أسرة، بينما بلغ عدد الوحدات المؤجرة إيجارا قديما نحو 3 ملايين وحدة، ما يعني أن هناك نحو 1.4 مليون وحدة غير مستخدمة من قبل أسر بالفعل، إما مغلقة أو احتياطية أو في مدينة أخرى.
وأكد أن العدالة القانونية تختلف عن العدالة الاجتماعية، فالأولى قد تعتمد على عدد الوحدات، بينما الثانية تعتمد على عدد الأسر المتضررة فعليا، وهو ما يؤثر على تقدير التكلفة التي قد تتحملها الدولة في حال تدخلها لدعم الفئات غير القادرة.
ولفت إلى أن عدد الأسر من المستأجرين بنظام الإيجار القديم انخفض من 2.6 مليون في 2006 إلى 1.6 مليون في 2017، بنسبة تراجع حوالي 37%، ما يعكس انحسار الظاهرة تدريجيًا، ووفقًا لحساباته، فإن عدد الأسر التي تسكن إيجارا قديما حاليا لا يتجاوز 1.1 مليون أسرة على مستوى الجمهورية. وأوضح أن نسبة الأسر التي كانت تسكن إيجارا قديما في 2006 كانت 15%، وانخفضت إلى 7% في 2017، وتعد المشكلة حضرية بالأساس، حيث تصل النسبة في الحضر إلى 15% مقابل أقل من 1% في الريف، وهو ما يعني أن برامج مثل "حياة كريمة" التي تركز على الريف لن تتأثر كثيرا بمسألة الإيجار القديم.
وبيّن عثمان أن المحافظات الكبرى مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية والقليوبية تضم 84% من الأسر التي تسكن وحدات بالإيجار القديم، ما يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند وضع أي حلول أو تقدير التكاليف، كما أشار إلى أن في القاهرة وحدها كانت النسبة 48% من الأسر في 2006 وانخفضت إلى 26% في 2017، أي أن المشكلة رغم استمرارها، تشهد تراجعا.
وشدد على أن ربع المباني تقريبًا تم إنشاؤها قبل عام 1996، أي أنها قد تخضع لقانون الإيجار القديم، مؤكدا أن هذه الوحدات السكنية هي محل النقاش حاليا، بينما نحو 75% من المباني تم إنشاؤها بعد صدور القانون الجديد للإيجار.
وأكد الدكتور ماجد عثمان أن الدولة يجب أن تتعامل مع الفجوات المعلوماتية بشكل أكثر جدية، مقترحا أن يبادر مجلس النواب بطلب بيانات تفصيلية من الجهات المعنية لتوفير الأساس اللازم لصياغة تشريعات منضبطة. كما دعا إلى تحديث نتائج التعداد بشكل أكثر انتظاما، وليس كل 10 سنوات فقط، واقترح تحسين طرق التبويب في نتائج الجهاز المركزي بما يتماشى مع القوانين القائمة، مثل التمييز بين ما قبل وما بعد عام 1996 بدلا من 2000، وهو ما لا يتطلب تكلفة إضافية.
وأشار أيضا إلى أهمية الاستفادة من قواعد البيانات الحكومية المربوطة رقميا، مثل ربط بيانات الكهرباء والمياه لتحديد الوحدات غير المأهولة فعلا، والاستفادة من مشروع الرقم القومي العقاري الذي بدأ منذ سنوات دون أن تظهر نتائجه على أرض الواقع، مشددا على أن استخدام هذه الأدوات سيساعد في تحقيق العدالة بصورة أدق في معالجة قضية الإيجار القديم.