على السلطة الجديدة فى سوريا ألا تستفز الناس، وإلا، فإنها ستصبح وكأنها تمشى فى طريق السلطة السابقة دون أن تدرى أو تقصد.
وعندما أتكلم عن الناس هنا، فأنا أتكلم عن السوريين على وجه التحديد، وبتحديد أكثر فإننى أتحدث عن آحاد السوريين فى عمومهم.. فهؤلاء نشأوا على أن عَلَم بلدهم هو الذى ينقسم إلى ثلاثة أقسام بالطول: الأحمر فى الأعلى، ثم الأبيض فى المنتصف، وأخيرًا الأسود.
هذا هو عَلَم البلاد الذى عاش كل سورى يراه وهو يرفرف فوق منشآت سوريا ومؤسساتها الحكومية، وعاش السوريون يتطلعون إليه فى الخارج وهو يرفرف كذلك فوق السفارات السورية فى كل العواصم.. وعندما يفكر أحد فى تغييره، فلا بد أن يكون ذلك بمبرر قوى، وأن يتمهل فى الإقدام على مثل هذه الخطوة، لا لشيء، إلا لأنها تمس عصبًا حساسًا لدى كل مواطن سورى.
وقد كان غريبًا للغاية أن يكون أول شىء تفكر فيه السلطة الجديدة فى دمشق، هو تغيير عَلَم البلاد ورفع عَلَم الثورة الجديد فوق السفارات السورية.. وليس العَلَم الجديد سوى عَلَم سوريا قبل الوحدة الشهيرة مع مصر عام ١٩٥٨.
والاختلافات بين العَلَمين اختلافات طفيفة ولا تكاد تُذكر، لأن كل ما قامت به السلطة الجديدة من تغيير أنها أحلت اللون الأخضر محل اللون الأحمر فى الشريط الأعلى، وجعلت النجمتين ثلاث نجمات باللون الأحمر، لا الأخضر كما كان الحال مع النجمتين القديمتين.
وكان اللافت أن أول سفارة سورية رفعت العَلَم الجديد هى سفارة سوريا فى موسكو، حيث يتواجد الرئيس السورى الهارب بشار الأسد وأسرته.. وكان هذا مقصودًا بالطبع، لأن الأمر بدا وكأن الهدف أن يقال له وللأسرة أن السلطة الجديدة ستكون لهم بالمرصاد!
الحقيقة أن هذا ليس وقت مناوشات من هذا النوع، ولا هو وقت تغييرات شكلية فى العَلَم أو فى غير العَلَم على هذه الصورة.. فسوريا المُتعَبة فى حاجة إلى عمل على المضمون لا الشكل.. وسوريا المُرهَقة فى حاجة إلى أشياء كثيرة ذات أولوية، والمؤكد أن تغيير شكل العَلَم أو رفعه فوق السفارة فى موسكو ليس من بين هذه الأولويات.
ليت السلطة الجديدة فى دمشق تنتبه إلى أن آحاد السوريين لديهم اهتمامات أخرى، وعندهم آمال أخرى، ويقفون فى الانتظار وهُم يراقبون، ولن يقبلوا بأن يكونوا خارج معادلة الحكم كما كانوا من قبل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: خط أحمر سليمان جودة السلطة الجديدة سوريا ق السلطة السابقة السلطة الجدیدة الع ل م
إقرأ أيضاً:
صراع بشأن ملتقط الصورة التي ساعدت على تغيير مسار حرب فيتنام
ذكرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية اليوم السبت أن الصورة الأشهر التي كشفت حقيقة حرب فيتنام للرأي العام الدولي وساعدت على تغيير مسار الحرب، باتت محل جدل كبير بشأن مصورها، بعد أكثر من 50 عاما على التقاطها.
وأضافت أن المصور الصحفي الأميركي نك أوت الذي ظل طيلة العقود الماضية يحظى بالتكريم على اعتبار أنه ملتقط الصورة، يواجه حاليا موجة من الانتقادات بعد صدور فيلم وثائقي ينسب الصورة إلى صحفي فيتنامي مستقل.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2في الذكرى الخمسين لنهاية حرب فيتنام… ناجية من “بايبي ليفت” تعود للبحث عن والدتها البيولوجيةlist 2 of 2المعجزة الفيتنامية من بلد مزقته الحرب لمركز صناعي عالميend of listوتعرف الصورة باسم "الفتاة الصغيرة والنابالم"، وتظهر طفلة فيتنامية تدعى فان ثي كيم فوك مصابة بحروق خطيرة وهي تركض عارية هاربة من قنابل النابالم الأميركية برفقة أفراد من عائلتها، وذلك في ترانغ بانغ، جنوب فيتنام، عام 1972.
وتابعت أن الصورة ارتبطت في كتب التاريخ باسم المصور نك أوت، لكن أمس الجمعة أعلن مهرجان "وورلد برس فوتو" تعليق نسبة الصورة إلى أوت، بسبب الشكوك التي أثارها الشريط الوثائقي الجديد.
ويعمل نك أوت -واسمه الحقيقي هويه كونغ أوت- لصالح وكالة أسوشيتد برس الأميركية، وكان قد حصل على جائزة بوليتزر وجائزة وورلد برس فوتو عام 1973 عن هذه الصورة.
إعلانلكن كل شيء تغير في يناير/كانون الثاني 2025 -تتابع لوفيغارو الفرنسية- عندما نسب وثائقي بعنوان "ذو سترينغر" الصورة إلى صحفي فيتنامي مستقل يُدعى نغوين ثانه نغي، والذي أُجري معه لقاء في الفيلم.
وبحسب الصحيفة، فقد أثار الوثائقي نقاشا عميقا داخل هيئة وورلد برس فوتو التي أجرت تحقيقا بين يناير/كانون الثاني ومايو/أيار الجاري حول ملتقط الصورة، فقررت تعليق نسبة الصورة إلى نك أوت ابتداء من أمس الجمعة.
وأوضح بيان للهيئة أنه "استنادًا إلى تحليل الموقع والمسافة والكاميرا المستخدمة في ذلك اليوم، ربما كان أحد المصورين نغوين ثانه نغي أو هوينه كونغ فوك في وضع أفضل من نك أوت لالتقاط الصورة"، تبرز لوفيغارو.
وتتابع الصحيفة الفرنسية أن وكالة أسوشيتد برس أعلنت من جهتها مؤخرا أنها ستستمر في نسب الصورة إلى نك أوت، لكنها أقرت بأن تحقيقها الداخلي أثار "أسئلة مهمة، قد لا نجد لها إجابة أبدا".
أما نك أوت نفسه، فقد نفى بشكل قاطع ما جاء في الوثائقي. وفي منشور على فيسبوك في فبراير/شباط، أصر على أن الصورة تعود إليه بالفعل.
وقارن متتبعون التأثير الضخم الذي أحدثته صورة نك أوت للطفلة الفيتنامية الصغيرة، وانعدام أي تأثير لآلاف الصور ومقاطع الفيديو الآتية يوميا من قطاع غزة، والتي تظهر أطفالا بدون رؤوس، أو ملتصقين بالجدران بفعل شدة الانفجارات، وهي مناظر أقسى مما عاشته الطفلة الفيتنامية فان ثي كيم فوك التي كان يبلغ عمرها حينئذ 9 أعوام.
ويوضع المتابعون أن آلاف الصور ومقاطع الفيديو التي التقطت لحرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة لم تُحدث تأثيرا يذكر في وقف الجرائم الإسرائيلية، برغم كل المناشدات والمظاهرات الضخمة التي خرجت في العالم من شرقه إلى غربه.
إعلان