لا تهدأ المشاكل داخل حزب الأصالة والمعاصرة؛ فهذه المرة يتعين على هذه القيادة التي بالكاد أنهت عاما على توليها زمام الحزب، أن تعثر على طريقة لتسوية « مشكلة السكوري » كما توصف الحالة التي وجد فيها هذا الوزير نفسه وجها لوجه مع حزبه.

بدأت مشكلة يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، بخارطة الطريق الحكومية لإنعاش التشغيل، فحزب الأصالة والمعاصرة لم يكن مرحبا بهذه الخارطة، منتظرا موقفا لم يأت من وزيره في التشغيل.

وما حدث بالضبط كان كالتالي: أراد الحزب من وزيره في التشغيل أن يعرض تقييما شاملا لهذه الخارطة في اجتماع مكتبه السياسي الثلاثاء الفائت 25 فبراير. كانت هذه النقطة جوهرية في جدول أعمال هذا الاجتماع حيث كان مرتقبا أن يصدر موقف إزاء هذه الخطة. لكن قبل أن يبدأ الاجتماع، وقع أمران مثيران: السكوري بعث باعتذار عن مشاركته في الاجتماع بدعوى تعرضه لوعكة صحية، ثم تلاه نشر خارطة الطريق من لدن رئيس الحكومة، ما يعني كونها باتت معتمدة دون الحاجة لخوض مناقشات إضافية.

معتقدا أن الأمرين بعيدين عن مصادفة، شعر حزب الأصالة والمعاصرة بكونه تعرض لضربة غادرة، وساءت العلاقات بينه وبين وزيره في التشغيل في هذه المرحلة. لكن هناك فرصة ثانية: يتعين على السكوري أن يعرض تقريره حول هذه الخارطة في الاجتماع المقبل للمكتب السياسي. في الغالب سينعقد هذا الاجتماع الثلاثاء المقبل. إذا لم يحدث ذلك، فإن السكوري سيواجه بشكل حتمي، مزيدا من الغضب الصادر عن قادة حزبه. تنطوي هذه المشكلة على تحد إضافي لصلابة التحالف الحكومي في هذا الوقت حيث بدأت بالفعل حملة انتخابية مبكرة في أفق 2026.

لكن الأحداث المرتبطة بهذه المشكلة مازالت تغذي بعض الشكوك. ففي مناسبتين متتالتين متصلتين بحزب الأصالة والمعاصرة، ظهر  السكوري متوسطا قادة حزبه، المركزيين كما المحليين، متجاوزا كما يبدو، عاصفة الانتقادات داخل حزبه.

في المناسبة الأولى، الأحد الفائت، وكانت جنازة زميله في الحزب، محمد بنعيسى، توسط السكوري صفا من القادة الوطنيين كعضو القيادة الجماعية للحزب، فاطمة السعدي، وعضو المكتب السياسي عبد الرحيم بوعزة (بث صوره مع السكوري على حسابه الشخصي في مواقع التواصل الاجتماعي)، علاوة على مسؤولين محليين بالحزب مثل المنسق الجهوي للحزب بالشمال، عبد اللطيف الغلبزوري، ونائبه في البرلمان، عادل الدفوف، وأيضا العربي المحرشي.

أما المناسبة الثانية، فقد كانت حفل حزبه الثلاثاء بالرباط، إطلاق مبادرة تستهدف الشباب في أفق انتخابات 2026، سميت بـ »جيل 2030″.  ظهر السكوري في الحفل أيضا، متقدما الصفوف، جنبا إلى جنب مع المنسقة الوطنية لحزبه، فاطمة الزهراء المنصوري، وزميلها في القيادة الجماعية المهدي بنسعيد، وكذلك فاطمة السعدي.

بين المناسبتين فاصل زمني لا يتعدى يومين، وهو يوحي بأن الأزمة التي واجهت السكوري داخل الحزب قد تبددت. لكن هل ذلك صحيح؟

في الواقع، فإن الصور الملتقطة لا تعكس الطريقة التي التقطت بها، ولا المضامين التي أوحت بوجودها. في جنازة زميله بنعيسى بأصيلة، وفق أفراد كانوا شهودا، فقد كان الأمر محصورا في لفتة أدب من بعض أعضاء الحزب الذين كانوا بصدد التقاط صورة جماعية، ونادوا على الوزير الذي كان مارا بالقرب من المكان. ولم يكن الوضع مختلفا في الرباط، فالوزير الذي شق طريقه إلى الحفل، مثله مثل باقي الحاضرين، وجد نفسه بجوار رئيسته في الحزب. في غالبية الصور التي اعتمدت من لدن الحزب، جرى حذف تلك التي يظهر فيها السكوري.

اعتُبرت مشاركة السكوري في المناسبتين « أمرا عاديا »، كما قال لنا مسؤول بالحزب، مذكرا باستمرار الوضعية « الصعبة » للوزير داخل حزبه.

الوزير السكوري يتوسط قادة حزبه في صورة جماعية بعد تشييع جنازة محمد بنعيسى خارطة أزمة

تسببت خارطة الطريق الحكومية لإنعاش الشغل في انقسامات بين أطراف الأغلبية الحكومية، لكنها لم تبرز بشكل علني إلا مع المشكلة المثارة في حزب « الجرار » مع وزيره السكوري.

كمتا ذكرنا في مادة سابقة، قال لنا مسؤول في حزب الأصالة والمعاصرة، إن هيأته « لا تجد نفسها » في خارطة الطريق التي بدأت الحكومة، تنفيذها الأربعاء الفائت، بواسطة منشور صادر عن رئيسها، عزيز أخنوش، وتضمنت سلسلة من المبادرات، عددها ثمانية، تسعى إلى تقليص معدلات البطالة المتفاقمة في البلاد.

داخل المكتب السياسي، يُعتقد بشكل واسع بأن للحزب ووزيره في التشغيل « أفكارا متباعدة » حول ملف التشغيل. عضو بارز في قيادة « الجرار » قال موضحا « إن مسافة التباعد بين الحزب ورئيس الحكومة بشأن هذا الملف، هي نفسها الفاصلة بين الحزب ووزيره في التشغيل ».

في الواقع، وحسبما رشح من المناقشات الدائرة في الحزب، فإن خارطة الطريق المخصصة لتنفيذ الخطة الحكومية في مجال التشغيل، لم تجد صدى في « البام » ليس بسبب الربط الجوهري بين خلق الوظائف، ونزول المطر مستقبلا، وإنما بسبب مخاوف قادة هذا الحزب من الطريقة التي وزعت بها صلاحيات القطاعات الحكومية المعنية بتنفيذ خارطة الطريق هذه. وبالفعل، فقد أُسندت إلى الوزراء المنتمين إلى التجمع الوطني للأحرار أبرز الصلاحيات المتصلة بتحديد المستفيدين من الإجراءات المتضمنة في خارطة الطريق، لاسيما الشركات بأصنافها التي ستحصل على الدعم العمومي بهدف رفع طاقة التوظيف.

على خلاف ذلك، يرى قادة « البام » أن وزير التشغيل لم يحصل سوى على صلاحيات غير محسوسة، وتتعلق فقط بالشق المتعلق بإعداد الوثائق والسياسات وتوسيع التكوين. وفي بعض الحالات، اعتبر دور السكوري في خارطة الطريق هذه، من لدن حزبه، بمثابة « ساعي بريد لوزراء التجمع الوطني للأحرار في الفلاحة، والاستثمار الذين سيحق لهم إعداد قوائم المستفيدين، ولوائح الدعم ». ولقد شدد قيادي في « الجرار » على أن حزبه « لا يرضيه أن يبقى دوره متفرجا على وزراء حليفه الحالي، ومنافسه المستقبلي، وهم يوزعون الأموال والوظائف على مقربة من موعد الانتخابات » في 2026.

ويمثل التسابق المبكر إلى حكومة المونديال عام 2026، تهديدا جديا لوحدة الحكومة التي تشكلت من ثلاثة أحزاب نهاية 2021. وبالرغم من أن أخنوش أخذ تعهدات من حليفيه في الأصالة والمعاصرة، والاستقلال، بوقف هذه الحملات في آخر اجتماع لرئاسة الأغلبية الشهر الماضي، إلا أن هذه الهدنة، كما يظهر الآن، قد لا تصمد طويلا.

 

 

 

 

 

 

كلمات دلالية أحزاب أخنوش أزمة البام السكوري المغرب تشغيل سياسية

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: أحزاب أخنوش أزمة البام السكوري المغرب تشغيل سياسية حزب الأصالة والمعاصرة خارطة الطریق

إقرأ أيضاً:

ماذا ينتظر العالم في قمة شرم الشيخ؟

تستضيف مصر اليوم قمة بعنوان "من أجل السلام"، يترأسها دونالد ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بهدف الاحتفال بوقف إطلاق النار في غزة والسعي نحو إنهاء الحرب الإسرائيلية بشكل كامل، والتوصل إلى هدنة كبرى في الشرق الأوسط. اعلان

ورغم أن ملف وقف إطلاق النار في غزة والأفق السياسي لخطة ترامب يشكل الموضوع الرئيسي للقمة، إلا أن إسرائيل وحماس لن تحضرا القمة، كما رفضت إيران الداعم الاستراتيجي لحماس المشاركة فيها.

وتُعقد القمة في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر، بالتزامن مع انطلاق صفقة تبادل الرهائن، حيث تسلم حماس الـ 20 رهينة الإسرائيليين المتبقين أحياء مقابل الإفراج عن مئات الفلسطينيين من سجون إسرائيل، في خطوات حاسمة بعد بدء الهدنة.

فتح صفقة جديدة من السلام

وأوضح مكتب الرئيس المصري أن القمة تهدف إلى "إنهاء الحرب في غزة" و"فتح صفحة جديدة من السلام والاستقرار الإقليمي" بما يتماشى مع رؤية الرئيس الأمريكي.

وكانت القاهرة تعرضت سابقًا لضغوط أمريكية بعد الإعلان عن خطة ترامب التي كانت تقترح تحويل غزة إلى منتجع سياحي وتهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن.

Related شرم الشيخ.. من مؤتمر "صانعي السلام" 1996 إلى "قمة غزة" 2025: الاجتماعات وحدها لا تكفي أنظار العالم تتجه لشرم الشيخ.. قمة دولية بحضور ترامب للتوقيع على الاتفاق بين إسرائيل وحماسفيديو - تحضيرات مكثفة في شرم الشيخ استعدادًا لـ "قمة غزة" خطة ترامب للسلام

تتألف خطة ترامب للسلام من ثلاث مراحل، تنص المرحلة الأولى على انسحاب القوات الإسرائيلية من أجزاء من غزة، ما يسمح لمئات آلاف الفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم في المناطق التي اضطروا لإخلائها. كما تستعد المنظمات الإنسانية لإدخال كميات كبيرة من المساعدات التي كانت محجوبة عن القطاع لعدة أشهر.

وتتناول قمة شرم الشيخ تفاصيل المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق، بما في ذلك بقية القضايا الشائكة، مثل نزع سلاح حماس، وتشكيل حكومة لما بعد الحرب في غزة، ومدى وعمق الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، إلى جانب تحديد دور الشركاء الإقليميين والدوليين في تطوير جوهر القوة الأمنية الفلسطينية الجديدة.

كما تناقش مسألة تأمين التمويل لإعادة إعمار غزة، حيث قدّر البنك الدولي وخطة مصر لما بعد الحرب احتياجات إعادة الإعمار والتعافي في غزة بـ 53 مليار دولار، وتخطط مصر لعقد مؤتمر لإعادة الإعمار في المستقبل.

قادة العالم المشاركون

من المتوقع أن يحضر القمة جهات دولية فاعلة في ملف غزة، مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى جانب زعماء قطر والسعودية والإمارات والأردن، حيث ستتولى عمان والقاهرة مسؤولية تدريب القوة الأمنية الفلسطينية الجديدة.

أما ألمانيا، وهي من أبرز داعمي إسرائيل دوليًا وأحد أكبر موردي المعدات العسكرية لها، فستكون ممثلة بالمستشار فريدريش ميرتس، الذي أعرب عن قلقه بشأن سلوك إسرائيل وخططها للسيطرة العسكرية على غزة، ومن المقرر أن يشارك في استضافة مؤتمر إعادة إعمار غزة مع مصر.

كما سيحضر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي أعلن عن تعهد بريطانيا بتقديم 20 مليون جنيه إسترليني (27 مليون دولار) لدعم توفير المياه والصرف الصحي لغزة، وأوضح أن بلاده ستستضيف مؤتمرًا لمدة ثلاثة أيام لتنسيق خطط إعادة إعمار القطاع وتعافيه.

ويشارك أيضًا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس الاتحاد الأوروبي أنطونيو كوستا، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في القمة.

مكان القمة

تُعقد القمة في شرم الشيخ، منتجع البحر الأحمر في أقصى شبه جزيرة سيناء، التي استضافت العديد من مفاوضات السلام على مدار العقود الماضية.

وكانت الدولة العبرية قد احتلت المدينة لفترة وجيزة عام 1956، وبعد انسحابها تمركزت قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة هناك حتى عام 1967، حين أمر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بخروج قوات حفظ السلام، وهو القرار الذي أدى إلى اندلاع حرب الأيام الستة.

واستعادت مصر شرم الشيخ وبقية شبه جزيرة سيناء عام 1982، بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979.

وتشتهر المدينة اليوم بكونها منتجعًا فاخرًا على الشاطئ، ومواقع غطس، وجولات صحراوية، كما استضافت العديد من قمم السلام وجولات المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين في عهد الرئيس حسني مبارك، الذي أطيح به عام 2011. وتحت إدارة السيسي، استضافت المدينة العديد من المؤتمرات الدولية، وتُعد قمة اليوم أول قمة سلام تُعقد تحت إشرافه.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • الخلافات تهدد شمس الزناتي 2.. سلامة يلوّح بالقضاء وطاقم الفيلم يستأنف التصوير
  • تيتيه: ليبيا لا تحتمل تأخير خارطة الطريق… وحوارٌ شامل في نوفمبر
  • البعثة الأممية تعلن عن تفاصيل «خارطة الطريق» للانتخابات
  • أبو راس: توافقٌ نسبي بلا قبول واسع… وثقة غائبة تعرقل خارطة الطريق
  • الخلافات تسيطر على اللوائح
  • تيتيه أمام مجلس الأمن: ليبيا لا تتحمل مزيدًا من التأخير في تنفيذ خارطة الطريق
  • خوري تحث مجلسي النواب والدولة على تلبية تطلعات الشعب وتسريع جهودهما لتنفيذ خارطة الطريق
  • خوري تلتقي وفداً من «المجلس الأعلى للدولة» لدعم خارطة الطريق السياسية
  • خوري تبحث مع «عقيلة صالح» خارطة الطريق السياسية
  • ماذا ينتظر العالم في قمة شرم الشيخ؟