عُقدت القمة الاستثنائية يوم الخميس كرد فعل على قرار دونالد ترامب الأحادي الجانب بإطلاق مفاوضات مع فلاديمير بوتين.

اعلان

يجتمع الخميس قادة دول الاتحاد الأوروبي الـ27 في بروكسل لمناقشة مستقبل أوكرانيا، الدولة المرشحة للانضمام إلى التكتل، وسط الضغط الكبير الذي يمارسه دونالد ترامب ليتم إبرام اتفاق لإنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن.

وهذه هي أول مرة يجتمع فيها رؤساء الدول والحكومات في قاعة واحدة منذ أن أجرى الرئيس الأمريكي اتصالا هاتفيا مع فلاديمير بوتين استغرق 90 دقيقة وقرر إطلاق مفاوضات لإنهاء الغزو المستمر منذ ثلاث سنوات.

وقد أدى تبنّي ترامب المتزايد لبعض سردية الكرملين، ورفضه إدانة روسيا باعتبارها الطرف المعتدي ومشادته الكلامية الحادة مع فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي إلى زعزعة الاتحاد الأوروبي بشكل عميق، وأثار المخاوف من أن تعقد واشنطن اتفاقًا مع موسكو ثم تجبر كييف على القبول به أو تركه.

وقد خفت حدة التوتر قليلاً هذا الأسبوع بعد أن أعرب زيلينسكي عن أسفه بشأن الصدام الذي وقع في المكتب البيضاوي وأشاد بـ"القيادة القوية" لترامب. ورد الرئيس الجمهوري بشكل إيجابي، قائلاً إنه "يقدر" كلمات زيلينسكي.

إذ قال ترامب أمام الكونغرس قبل يومين: "لقد حان الوقت لإنهاء هذه الحرب التي لا معنى لها. إذا أردت إنهاء الحروب، عليك أن تتحدث إلى كلا الجانبين".

وعلى الرغم من هذه الانفراجة الواضحة، أبقى البيت الأبيض على تعليق مؤقت للمساعدات العسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع كييف، وهما قراران قد تكون لهما عواقب وخيمة على البلاد فيما تعيش فيه ساحة المعركة ظرفا حرجا.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب متلفز: "لقد غيرت الولايات المتحدة الأمريكية، حليفتنا، موقفها من هذه الحرب، حيث قلّصت دعمها لأوكرانيا، وأثارت الشكوك حول ما سيأتي بعد ذلك". وأضاف: "أريد أن أصدق أن الولايات المتحدة ستقف إلى جانبنا، ولكن علينا أن نكون مستعدين في حالة ما إذا لم يكن الأمر كذلك".

سيحاول الزعماء الـ27، أثناء اجتماعهم الخميس في قمة خاصة عُقدت كرد فعل على المحادثات الأمريكية الروسية، إظهار الوحدة والعزم في دعمهم الجماعي لأوكرانيا والإجابة على بعض الأسئلة الأكثر إلحاحًا، مثل نوع الضمانات الأمنية التي يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقدمها، ومقدار الأموال الإضافية التي يرغب في تخصيصها والمدى الذي يمكن أن يذهب إليه لتعويض غياب أمريكا.

كما قد تُناقش مسألة ما إذا كان سيتم تعيين مبعوث خاص للمفاوضات، على الرغم من أنه من غير المرجح أن يتم طرح قائمة مختصرة بالأسماء في هذه المرحلة.

وسيسافر زيلينسكي إلى بروكسل لمخاطبة رؤساء الدول والحكومات شخصيًا.

لكن جهود توحيد الصف قد تتعرقل بسبب فيكتور أوربان، الذي انحاز بالكامل إلى الإدارة الأمريكية الجديدة وهدد بعرقلة أي مبادرة جديدة يمكن أن تقوّض، من وجهة نظره، مساعي ترامب لعقد الصفقات. ويعارض رئيس الوزراء المجري على وجه الخصوص نهج تحقيق "السلام من خلال القوة" لأنه ينطوي على تقديم المزيد من المساعدات العسكرية لكييف.

وكان أوربان قد حدد النغمة قبيل انعقاد القمة، إذ قال: "هناك انقسام استراتيجي، وهو صدع في العلاقات عبر الأطلسي بين غالبية أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس ترامب"، محددًا بذلك النغمة.

ولم يتضح بعد في هذه المرحلة مدى تأثير أوربان في الاستنتاجات المشتركة للقمة، والتي يجب أن يتم الاتفاق عليها بالإجماع. لكن لرئيس الوزراء المجري تاريخ من التلويح بحق النقض (الفيتو) الذي يتمتع به قبل أن يعود عن موقفه فقط في اللحظة الأخيرة.

وقد أمضى الدبلوماسيون والمسؤولون الأيام القليلة الماضية في صقل الاستنتاجات لاستيعاب جميع وجهات النظر، لكنهم لا يستبعدون السيناريو الأكثر طموحا حيث يتم فيه التوقيع على نص نهائي من قبل 26 زعيمًا، أو 25 زعيمًا إذا حدث وانضمت سلوفاكيا إلى معسكر المجر.

وتتضمن مسودة الاستنتاجات الأخيرة التي اطلعت عليها يورونيوز إشارة مقتضبة إلى الصندوق المشترك الذي اقترحته الممثلة السامية كايا كالاس لزيادة إمدادات الأسلحة الفتاكة وغير الفتاكة لأوكرانيا بسرعة، وهو المقترح الذي هددت المجر بأنها ستستخدم حق النقض ضده.

اعلان

حتى الآن، لم يتم وضع أي رقم لخطة كالاس، لكن التكهنات في بروكسل تشير إلى أنه يتراوح بين 10 مليارات يورو و40 مليار يورو تقريبا.

قال دبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي: "سيتم ذكر المبادرة بوضوح. إنها تحتاج فقط إلى مزيد من العمل، نود أن نرى مبلغًا (من المال). سيكون ذلك إشارة جدّ واضحة لأوكرانيا وللآخرين أيضا بأننا نتحمل مسؤوليتنا".

تتزامن معارضة أوربان مع ظهور ما يسمى "تحالف الراغبين" المكون من دول ديمقراطية ملتزمة بدعم أوكرانيا أثناء المفاوضات وبعدها من خلال تقديم ضمانات أمنية، مثل قوات برية على الأرض والحماية الجوية.

وقد أعربت كل من فرنسا والدنمارك والسويد، بالإضافة إلى دول من خارج الاتحاد الأوروبي مثل المملكة المتحدة والنرويج وأستراليا، عن اهتمامها بالانضمام إلى التحالف الوليد. ومع ذلك، فقد أصرت تلك الدول جميعًا على أن مساهمتها يجب أن تقترن بدعم أمريكي. حتى الآن، لم يُظهر ترامب أي مؤشر على أنه سيقدم مثل هذا الدعم، وبدلاً من ذلك عرض صفقة المعادن كنوع من الردع الاقتصادي ضد روسيا.

اعلانRelatedزيلينسكي: المشادة الكلامية التي حصلت مع ترامب مؤسفة ونحن جاهزون للتعاون تحت قيادته القويةميلوني تلتزم الصمت وسالفيني يدعم ترامب: انقسامات داخل الحكومة الإيطالية بشأن السياسة الأمريكية"فشل سياسي لأوكرانيا".. هكذا علّقت روسيا على المشادة الكلامية بين ترامب وزيلينسكيفي مشهد غير مألوف: مشادة كلامية عنيفة بين ترامب وزيلينسكي أمام الإعلام... ولا توقيع لاتفاقية المعادنبعد خلاف زيلينسكي مع ترامب.. ميرتس يقترح إنشاء صندوقين للاستثمار في الدفاع والبنية التحتية

"هذا نقاش سابق لأوانه. ليس لدينا اتفاق سلام، ولا توجد حتى مفاوضات لتحقيق وقف إطلاق النار. ومن السابق لأوانه تحديد ما يجب القيام به".

"ولكن لا يمكننا أن نغفل أن السياق قد تغير. فقد أعربت العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عن استعدادها للمشاركة في التحالف."

ستتناول قمة الخميس أيضًا مسألة الإنفاق الدفاعي، بناءً علىالاقتراح الأخير الذي قدمته أورسولا فون دير لاين لحشد ما يصل إلى 800 مليار يورو من الاستثمارات الإضافية.

بالنسبة لبروكسل، أصبحت كلتا القضيتين - مستقبل أوكرانيا والإنفاق العسكري - وجهين لعملة واحدة. إذ أن ضمان استمرار أوكرانيا كدولة ديمقراطية ذات سيادة ومستقرة سيتطلب من الدول الأعضاء تعزيز جيوشها الوطنية لإبقاء التوسع الروسي تحت السيطرة وضمان سلام دائم.

اعلان

"تقول مسودة الاستنتاجات: "لا يمكن أن تكون هناك مفاوضات تؤثر على الأمن الأوروبي دون مشاركة أوروبا. "إن أمن أوكرانيا وأوروبا وأمن العالم متشابكان."

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية رغم القيود الصارمة.. تصاعد عمليات تهريب مكونات الطائرات الأمريكية إلى روسيا بروكسل تلتزم الصمت بعد إعلان بولندا رفضها تنفيذ ميثاق الهجرة قبيل قمة بروسكل.. زيلينسكي يتحدث عن"ديناميكية إيجابية" في العلاقات بين واشنطن وكييف فولوديمير زيلينسكيمؤتمر قمة الإتحاد الأوروبيالاتحاد الأوروبيدونالد ترامبفيكتور أورباناعلاناخترنا لكيعرض الآنNext قبيل قمة بروسكل.. زيلينسكي يتحدث عن"ديناميكية إيجابية" في العلاقات بين واشنطن وكييف يعرض الآنNext ماكرون يحذر: السلام لا يكون بالاستسلام وروسيا تهدد أمن أوروبا يعرض الآنNext أكثر من 1.2 مليون لاجئ أوكراني في ألمانيا... هل يفقدون حق الإقامة؟ يعرض الآنNext رغم القيود الصارمة.. تصاعد عمليات تهريب مكونات الطائرات الأمريكية إلى روسيا يعرض الآنNext بروكسل تلتزم الصمت بعد إعلان بولندا رفضها تنفيذ ميثاق الهجرة اعلانالاكثر قراءة زامير يؤدي اليمين رئيسًا لأركان الجيش الإسرائيلي خلفًا لهاليفي: "يجب الاستعداد لجميع السيناريوهات" ترامب وترودو يناقشان التجارة وتهريب الفنتانيل في مكالمة استمرت 50 دقيقة بأمر تنفيذي من ترامب.. واشنطن تصنف الحوثيين "جماعة إرهابية" ما أبرز القرارات التي خلص إليها القادة العرب في القمة الطارئة بشأن غزة؟ إنجاز طبي في مصر.. استخراج هاتف محمول من معدة مريض بعد 6 سنوات اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبروسياالحرب في أوكرانيا حركة حماسفولوديمير زيلينسكيسورياغزةإسرائيلبنيامين نتنياهولبنانفلاديمير بوتينجامعة الدول العربيةالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

المصدر: euronews

كلمات دلالية: دونالد ترامب روسيا الحرب في أوكرانيا حركة حماس فولوديمير زيلينسكي سوريا دونالد ترامب روسيا الحرب في أوكرانيا حركة حماس فولوديمير زيلينسكي سوريا فولوديمير زيلينسكي مؤتمر قمة الإتحاد الأوروبي الاتحاد الأوروبي دونالد ترامب فيكتور أوربان دونالد ترامب روسيا الحرب في أوكرانيا حركة حماس فولوديمير زيلينسكي سوريا غزة إسرائيل بنيامين نتنياهو لبنان فلاديمير بوتين جامعة الدول العربية الاتحاد الأوروبی یعرض الآنNext

إقرأ أيضاً:

«معلومات الوزراء» يستعرض مستقبل النحاس في ظل التحول الرقمي والثورة الخضراء

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريرًا حول مستقبل النحاس تناول من خلاله حجم الإنتاج والاستهلاك العالميين للنحاس، مع التركيز على الدول الكبرى المنتجة واحتياطاتها، وتحليل الطلب المتنامي في ظل التحول التكنولوجي والبيئي، بالإضافة إلى استعراض أبرز التحديات الاقتصادية والسياسية والرؤى المستقبلية لتلبية الطلب العالمي المتزايد.

وأشار المركز إلى أن العالم يشهد حالياً تحولات عميقة في الاقتصاد والتكنولوجيا، تقودها الثورة الخضراء والتحول الرقمي، مما يرفع الطلب على المعادن الأساسية، وعلى رأسها النحاس، الذي يُعرف بـ"الذهب الأحمر"، لدوره الحيوي في دعم بنى الطاقة النظيفة، والاقتصاد الرقمي، والتقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.

وأوضح تقرير المركز أن الإنتاج العالمي للنحاس ينقسم إلى قسمين رئيسين: إنتاج المناجم والإنتاج المكرر (الإنتاج المكرر للنحاس)، ويمثل إنتاج المناجم المرحلة الأولية في سلسلة القيمة، حيث يتم استخراج خام النحاس من باطن الأرض، أما الإنتاج المكرر فيشير إلى معالجة هذا الخام وتحويله إلى نحاس نقي قابل للاستخدام في مختلف الصناعات، مضيفاً أن إنتاج النحاس من المناجم شهد زيادة ملحوظة على مدار الفترة الممتدة من عام 1990 حتى عام 2023، حيث ارتفع من 9.23 ملايين طن متري إلى 22.36 مليون طن متري، بما يعادل نسبة زيادة تقارب 142%.

وبالمثل، ارتفع الإنتاج المكرر من 10.81 ملايين طن متري في بداية التسعينيات إلى 26.50 مليون طن متري بحلول عام 2023، محققًا زيادة قدرها نحو 145%، ويعكس هذا النمو المستدام، التطور الكبير في قدرات التعدين والمعالجة خلال هذه السنوات، مما يؤكد الأهمية الاقتصادية المتزايدة لقطاع النحاس.

أما فيما يتعلق بإنتاج المناجم في المراحل الأولية، فتؤدي الدول النامية دورًا محوريًّا في قطاع التعدين عالميًّا، حيث تصدرت دولة تشيلي قائمة الدول المنتجة للنحاس في عام 2024، بحصة بلغت 23% من إجمالي الإنتاج العالمي، (أي ما يعادل 5.3 ملايين طن متري)، تلتها جمهورية الكونغو الديمقراطية بحصة 14% (3.3 ملايين طن متري)، ثم بيرو بنسبة 11% (2.6 مليون طن متري). وتشير هذه الأرقام إلى أن الدول الثلاث مجتمعة تمثل قرابة نصف الإنتاج العالمي من النحاس.

كما تبرز جمهورية الكونغو الديمقراطية كقوة صاعدة في هذا القطاع، وذلك بفضل امتلاكها احتياطيات ذات جودة عالية، إذ تصل نسبة تركيز النحاس في بعض مناجمها إلى أكثر من 3% مقارنةً بالمتوسط العالمي الذي يتراوح بين 0.6% و0.8% فقط. وقد أدى ذلك إلى تضاعف إنتاجها من المناجم بنحو ثلاث مرات بين عامي 2016 و2024، في حين سجلت تشيلي خلال الفترة ذاتها تراجعًا بنسبة 5% في إنتاجها.

وفي إطار زيادة إنتاج النحاس المكرر خلال العقود الثلاثة الماضية، -إذ ارتفع من 10.8 ملايين طن متري في عام 1990 إلى 26.5 مليون طن متري في عام 2023 ويشمل هذا الرقم نحو 4.5 ملايين طن متري من النحاس المعاد تدويره من الخردة (التكرير الثانوي)- أشار المركز إلى أن الصين تقود هذا التوسع العالمي في التكرير، إذ أصبحت الدولة الأولى عالميًّا في هذا المجال، بمساهمة تصل إلى 45% من إجمالي الإنتاج العالمي. ويبلغ إنتاجها السنوي أكثر من 12 مليون طن متري، ما يجعلها تمتلك أكبر طاقة تكريرية للنحاس في العالم، وهو ما أسهم في بروز قارة آسيا كمركز رئيسي لتكرير النحاس عالميًّا.

أما على المستوى الإقليمي، فقد شهدت حصة أفريقيا من التكرير العالمي نموًّا طفيفًا، من 7% في عام 1990 إلى 9% في 2023، مدفوعة بتوسعات في جمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا، وفي المقابل، تراجعت حصة الأمريكتين من 39% إلى 15%، كما انخفضت حصة أوروبا من 32% إلى 14%، وأوقيانوسيا من 3% إلى 2%.

وتناول التقرير ما أشارت إليه بيانات توزيع احتياطيات النحاس العالمية بين الدول الكبرى أن أكثر من نحو 50% من تلك الاحتياطيات يتركز في خمس دول فقط، تتصدرها تشيلي بنسبة 20%، يليها كل من أستراليا وبيرو بنسبة 10% لكل منهما، ثم جمهورية الكونغو الديمقراطية والاتحاد الروسي بنسبة 8% لكل منهما، في حين تتوزع النسبة المتبقية (44%) على دول أخرى.

ويمنح هذا التركز الجغرافي الدول الخمس ميزة استراتيجية في التحكم بالعرض العالمي للنحاس، ويعزز من قدرتها على جذب الاستثمارات في قطاع التعدين، خاصة مع تزايد الطلب العالمي على النحاس كمادة أساسية في التحول نحو الاقتصاد الأخضر والتكنولوجيا المتقدمة.

وتمثل جمهورية الكونغو الديمقراطية حالة خاصة، لما تمتلكه من احتياطيات غير مستغلة من النحاس عالي الجودة، مما يمنحها فرصًا كبيرة للنمو الاقتصادي في حال توفرت بيئة استثمارية مستقرة.

وأوضح المركز إنه من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النحاس بأكثر من 40% خلال الفترة من 2023 إلى 2040، مدفوعًا بشكل أساسي بالتحول نحو الطاقة النظيفة والتوسع السريع في الاقتصاد الرقمي، وتشير بعض التقديرات إلى أن الطلب على النحاس في تقنيات الطاقة النظيفة وحدها قد يتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2040، ولتلبية هذا الطلب، ستكون هناك حاجة إلى أكثر من 10 ملايين طن إضافي من النحاس، أي ما يعادل تقريبًا نصف إجمالي المعروض العالمي في عام 2023.

ويُبرز هذا الطلب المتزايد الحاجة الملحة إلى استثمارات كبيرة في مشروعات تعدين نحاس جديدة، خاصة مع تراجع جودة الخام في المناجم القائمة، وزيادة القيود على جانب العرض. ومن أجل البقاء على المسار الصحيح لتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2030، قد يحتاج العالم إلى تطوير ما يقارب 80 منجمًا جديدًا للنحاس، بتكلفة استثمارية قد تصل إلى 250 مليار دولار.

وأضاف المركز أنه في عام 2023، جاء ما يقرب من نصف استهلاك النحاس العالمي من قطاع الإنشاءات والإلكترونيات الاستهلاكية، بينما توزع باقي الطلب على قطاعات مثل: البنية التحتية، والنقل، والمعدات الصناعية، وقطاعات أخرى، وأضاف أن النحاس يُعَد عنصرًا أساسيًّا في التحولات العالمية نحو الطاقة المتجددة، فقدرته الفائقة على التوصيل الكهربائي وتعدُّد استخداماته يجعلانه بالغ الأهمية للصناعات الرئيسة مثل: البناء، والإلكترونيات، والطاقة المتجددة، والنقل، والدفاع. ومع تنامي الطلب عليه من قطاعات الكهرباء والذكاء الاصطناعي وتقنيات الطاقة النظيفة، تتعرض سوق النحاس العالمية لضغوط متزايدة بفعل قيود العرض، وعدم اليقين الجيوسياسي، وتزايد التوترات التجارية، وانخفاض جودة الخام.

وفي ظل تزايد اهتمام الصناعات بالاستدامة ومبادئ الاقتصاد الدائري، يبرز النحاس المُعاد تدويره كحل واعد لتلبية الطلب العالمي، إذ يحتفظ بخصائصه الفيزيائية والكيميائية دون تدهور في أثناء عملية إعادة التدوير، ولذلك يُمكن اعتبار المخزون الحالي من النحاس قيد الاستخدام جزءًا لا يتجزأ من احتياطيات النحاس العالمية، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب عملية إعادة التدوير طاقة أقل بكثير من تعدين وتكرير النحاس المُستخرج حديثًا، مما يؤدي إلى انخفاض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومن ثَمَّ، تُمثل إعادة تدوير النحاس أحد العوامل الرئيسة في انتقال المجتمع نحو أنماط إنتاج واستهلاك أكثر استدامة.

ومن ناحية أخرى، يمكن للدول تحقيق فوائد اقتصادية من خلال تصدير خردة النحاس إلى الدول ذات البنية التحتية المتطورة لإعادة تدويرها مرة أخرى، نظرًا لأن احتياجات بعض الدول من النحاس تعتمد بشكل كبير على النحاس المُعاد تدويره لتلبية الطلب الداخلي.

وأشار التقرير إلى أنه وفقًا للمجموعة الدولية لدراسة النحاس (ICSG)، فإن ما يقرب من ثلث استخدام النحاس العالمي في عام 2023 جاء من مصادر مُعاد تدويرها، وتُعَد الدول المتقدمة المصدر الرئيس لنفايات وخردة النحاس لإعادة التدوير، ففي عام 2023، استحوذت الولايات المتحدة وحدها على 14.5% من صادرات نفايات وخردة النحاس العالمية، تليها ألمانيا واليابان بنسبة 6.7% لكل منهما، ثم ماليزيا 5%، فهولندا 3.7%.

وفي إطار تعزيز الشفافية وفهم ديناميكيات سوق الخردة، أطلقت المجموعة الدولية لدراسة النحاس عددًا من المشروعات البحثية، من أبرزها: مشروع دولي لتحليل تدفقات النحاس المُعاد تدويره ومعدلات إعادة التدوير والسياسات المؤثرة على جمع وتداول هذه الخردة. وقد أسهمت هذه المشروعات في توفير بيانات دقيقة لصناع السياسات والمستثمرين، ووضعت أسسًا مهمة لدعم تطوير سوق الخردة عالميًّا.

وفي عام 2024، أطلقت المجموعة مشروعًا تحليليًّا جديدًا لتقييم اتجاهات إنتاج المصاهر الثانوية، وتحسين البيانات المتعلقة بالإنتاج الثانوي، ودراسة القضايا التنظيمية التي تؤثر على تدفقات النحاس المُعاد تدويره. ومن المتوقع أن تؤدي هذه الجهود إلى زيادة المعروض العالمي من النحاس المكرر، وتعزيز دور الاقتصاد الدائري في القطاع.

وبناء عليه، أصبحت إعادة التدوير اليوم جزءًا جوهريًّا في صناعة النحاس الحديثة، ليس فقط كمصدر بديل للمواد الخام، بل كأداة استراتيجية لدعم الاستدامة البيئية وتحقيق التوازن في السوق العالمية في ظل تنامي الطلب وتحديات العرض.

وأوضح المركز أنه مع تسارع التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة والاقتصاد الرقمي، يشهد الطلب العالمي على النحاس -أو ما يُعرف بـ"الذهب الأحمر"- ارتفاعًا غير مسبوق، نظرًا لدوره الحيوي في البنية التحتية للطاقة المتجددة، والرقمنة، والنقل الكهربائي، والتصنيع المتقدم.

وفي ظل هذا المشهد، تسعى الدول الغنية باحتياطيات النحاس إلى تأمين موقعها في السوق العالمية عبر تعزيز سلاسل الإمداد، وتوسيع الاستثمارات في قطاع التعدين، وتطوير الصناعات المحلية المرتبطة به.

وذكر المركز أن التجربة الحالية في دول مثل: تشيلي، وبيرو، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، تشير إلى توجهات واضحة نحو زيادة القيمة المضافة، وذلك عن طريق تحديث منشآت التكرير والصهر، وتشجيع المعالجة المحلية للمواد الخام. إلا أن هذه الدول ما زالت تواجه تحديات هيكلية مزمنة، أبرزها: تقلبات أسعار السلع الأساسية، وضعف البنية التحتية، وتذبذب السياسات الاقتصادية، والفجوات في تعقيد هيكلها الإنتاجي. فعلى سبيل المثال، تمتلك إندونيسيا قدرات صناعية نسبية متقدمة مقارنة بدول مثل: زامبيا، والكونغو، ما يُبرز الحاجة إلى سياسات تنموية شاملة تشمل الاستثمار في البنية التحتية، وتنمية المهارات، وتعزيز التكامل الإقليمي.

أما من منظور السياسات التجارية، فيُظهر هيكل الرسوم الجمركية على منتجات النحاس في عام 2023 تعقيدًا واضحًا، إذ تُفرَض رسوم منخفضة على النحاس المكرر وسبائكه (أقل من 2% في الأسواق الكبرى)، مقابل رسوم أعلى على المنتجات النحاسية شبه المصنعة، كالأسلاك والأنابيب والصفائح (تصل إلى 8% في كوريا الجنوبية و7.5% في الهند). ويعكس هذا التفاوت محاولات الدول المستوردة لحماية صناعاتها التحويلية، مما يُقلل الحوافز لدى الدول المصدِّرة لتطوير صناعات القيمة المضافة محليًّا، ويُعمِّق الفجوات في سلاسل القيمة العالمية.

في السياق ذاته، تواجه صناعة النحاس العالمية تحديات إضافية، على رأسها تراجع جودة الخامات، وارتفاع التكاليف، وطول فترة تطوير المشروعات (التي تصل إلى 25 عامًا في بعض الحالات)، إلى جانب ارتفاع المخاطر الجيوسياسية وقيود التجارة، وللتغلب على هذه التحديات، يتطلب الأمر تسريع الاستكشافات، وتبسيط إجراءات التصاريح، وتقديم الحوافز المالية، ودعم الاستثمار في تقنيات الاستخراج والرقمنة الصناعية. كما يُعَد تنويع مصادر الإمداد أمرًا حاسمًا، إذ يمكن للشراكات التجارية الاستراتيجية بين الدول المنتجة والمستهلكة أن تُخفف من القيود الجمركية، بينما يُعزز تكوين سلاسل قيمة إقليمية أكثر تكاملًا لمرونة الصناعة واستدامتها.

وتُعَد الاستفادة من آليات التجارة التفضيلية، مثل: مبادرة "كل شيء ما عدا السلاح"(EBA) الأوروبية، أو نظام الأفضليات المعمم (GSP)، فرصة ثمينة للدول النامية لتوسيع صادراتها من النحاس المُصنَّع بدلًا من المواد الخام فقط. كما يمثل تشجيع التصنيع المحلي للنحاس -عبر دعم الصناعات التحويلية، وتقديم حوافز ضريبية، وإنشاء مناطق صناعية متخصصة- خطوة ضرورية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي الصناعي وزيادة القدرة التنافسية عالميًّا.

وفي ظل محدودية التوسع السريع في الإنتاج الأوَّلي، تبرز أهمية الاقتصاد الدائري كمسار حيوي لسد الفجوة المتزايدة بين العرض والطلب، حيث أن إعادة تدوير النحاس واستخدام الخردة الصناعية يسهمان في تقليل الانبعاثات وتحقيق الاستدامة. وتؤكد التوجهات الحديثة ضرورة دمج الإنتاج الثانوي بشكل استراتيجي ضمن منظومة سلاسل الإمداد العالمية للنحاس.

ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج مناجم النحاس بنسبة 3.5% في 2025، رغم إغلاق منجم "كوبري بنما-Cobre Panamá" الذي خفَّض الإنتاج 330 ألف طن. أما فيما يتعلق بإنتاج النحاس المكرر فمتوقع أن ينمو بنسبة 1.6% في 2025، مدعومًا بالتعافي من الصيانة وزيادة المنشآت في عدة دول. وبخصوص الاستهلاك العالمي للنحاس المكرر، فإنه سيرتفع بنسبة 2.7% في 2025، مع نمو قوي خارج الصين.

كما أنه من المتوقع أن يبلغ فائض النحاس المكرر نحو 194 ألف طن في 2025، مع تحذير من تغيرات في المخزونات الصينية التي قد تؤثر على التقديرات.

أشار التقرير في ختامه إلى أن النحاس يشكل حجر الزاوية في التحولات الاقتصادية والتكنولوجية التي يشهدها العالم اليوم، ويظل الطلب عليه في تزايد مستمر مع توسع الاقتصاد الأخضر والرقمي، وبالرغم من وفرة الاحتياطيات في بعض الدول، تواجه صناعة النحاس تحديات كبيرة تتعلق بجودة الخام، والمخاطر الجيوسياسية، والقيود البيئية. هذه التحديات تتطلب تبني استراتيجيات متكاملة تشمل: تطوير التعدين، وتعزيز إعادة التدوير، ودعم التصنيع المحلي، بالإضافة إلى بناء شراكات دولية متوازنة. هذا، ويمثل توظيف مبادئ الاقتصاد الدائري والتكنولوجيا الحديثة العنصر الأساسي في تحقيق الاستدامة وتلبية الطلب العالمي المتنامي على "الذهب الأحمر" في المستقبل القريب.

اقرأ أيضاًمعلومات الوزراء يسلط الضوء على قصة أول سائقة للقطار الكهربائي الخفيف LRT في مصر

معلومات الوزراء: البورصة السلعية صمام الأمان للأسواق وآلية فعالة لضبط الأسعار

«معلومات الوزراء»: 17.3 مليون سيارة كهربائية تم بيعها على مستوى العالم في 2024

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي: سنواصل مهاجمة روسيا حتى تتوقف
  • ترامب ينوي الاتصال بنظيره الصيني لمناقشة مفاوضات التجارة المتعثرة
  • الاتحاد الأوروبي يكشف عن تحرك جديد بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية
  • «معلومات الوزراء» يستعرض مستقبل النحاس في ظل التحول الرقمي والثورة الخضراء
  • "نتائج رائعة".. أول تعليق من زيلينسكي بعد الهجوم على روسيا
  • أوكرانيا تنفذ أعمق هجوم داخل روسيا بطائرات مسيّرة وتثير جدلاً حول إبلاغ واشنطن | تقرير
  • ‏زيلينسكي: أوكرانيا سترسل وفدا إلى إسطنبول لإجراء محادثات مباشرة مع روسيا غدا
  • مستقبل بوستيكوجلو في توتنهام مهدد رغم الفوز بالدوري الأوروبي
  • مقال بتلغراف: هذه الانتخابات ستؤثر كثيرا في تحديد مستقبل أوروبا
  • مقرر الاتحاد الأوروبي: مستقبل تركيا يبدأ من سجن سيلفري