كيف تضمنين تربية شقيقين لا تفرقهما الأيام؟
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
تشيع الخلافات بين الإخوة في سن صغيرة، ونشرت مجلة "علم النفس السريري للطفل والأسرة" نتائج دراسة رصدت أن الصراع بين الأشقاء يقع بمعدل 8 مرات في الساعة، لذا لا يدل شجار طفليكِ على تقصيركِ، لكن ينبغي عليكِ الاستفادة من تلك الخلافات لتنمية شخصيتيهما، وإكسابهما مهارة السيطرة على المشاعر، واحترام الآخر، والتعاطف معه، لضمان حسن تعاملهما سويا في المستقبل.
يعيش 82% من الأطفال مع أخ أو أخت، وفق تقرير جامعة "نيو مكسيكو"، كما أن حوالي 75% ممن بلغوا سن الـ70 لا يزال لديهم أخ على قيد الحياة، لذلك يمكن اعتبار علاقة الأخوة أطول علاقة في عمر الإنسان.
لا تعد علاقة الأخوة الأطول فقط، بل إنها قادرة على تغيير مجرى حياة أطفالكِ، فالتفاعلات الإيجابية بين أطفالكِ خلال مرحلة المراهقة تعزز التعاطف والنجاح الأكاديمي.
لكن عندما تربط الأشقاء علاقة سيئة ومتوترة، يصبحون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، والقلق في مرحلة المراهقة، حسب نتائج دراسة أجراها باحثون في جامعة كامبريدج، في عام 2018، ونشرها موقع الجامعة الرسمي، إضافة لعدة مواقع منها "ذا أتلانتيك".
وأكد آرام حسن، استشاري الطب النفسي ومؤسس مركز "كو-تيم" لعلاج الصدمات النفسية في روتردام، في تصريح خاص للجزيرة نت، أن "الخلل في علاقة الأخوة له آثار خطيرة على مزاج الطفل، وسلوكه، وتكوين شخصيته، خاصة إذا تضمنت علاقة الأخوين عنفا بدنيا، أو إهانة، أو ازدراء، أو تنمرا، لأن تلك العوامل تكون سببا مباشرا، أو غير مباشر، في معاناة الأطفال من اضطرابات نفسية، مثل اضطراب ما بعد الصدمة، واضطراب الشخصية العدوانية".
نقدم لكِ بعض الطرق التي تضمن استمرار حب طفليكِ لبعضهما، وتعتمد على سلوك الوالدين، كأم وأب معهما، تعرفي عليها:
1- لا تفضلي أحدهما على الآخرقدمت "جمعية علم النفس الأميركية" نتائج بحوث في مجال الأسرة، للوقوف على أهم العوامل المساعدة في بناء علاقة أخوة قوية.
وكأن تجنب انحيازكِ لأحد الأبناء أهم ما يمكنكِ فعله في وقت مبكر، لأن شعور الطفل بأنه ليس المفضل يضعف علاقته بوالديه وإخوته، كما أن "المعاملة الأبوية التفضيلية" تؤثر على كل طفل في الأسرة حتى مرحلة البلوغ، في وقت لا تفرق آثارها السلبية بين الطفل المفضل والأقل تفضيلا.
ولتجنب الصراع بين الأشقاء، ينبغي عليكِ مراجعة نفسكِ فيما إذا كنتِ تؤسسين بيئة عادلة أم تنافسية بين أبنائكِ، كما عليكِ تجنب الانحياز إلى أي طرف عندما يتجادل الأشقاء.
قدمت مريم شركس، وهي أخصائية نفسية وسلوكية ومقدمة خدمة الإرشاد النفسي في الجامعة الأميركية في مأدبا، خلال حوارها مع الجزيرة نت، توضيحا لأخطاء حسنة النية نرتكبها مع أطفالنا، وأهمها مقارنة الإخوة بعضهم ببعض، فيشجع الأهل أبناءهم لاكتساب سلوكيات جيدة من خلال قول "أخوك الأكبر مطيع، حاول أن تقلده".
وتؤكد شركس أن هذا الأسلوب لا يحفز إلا مشاعر الغيرة والحزن والإحباط، ولا يدفع الطفل خطوة نحو الأمام، بل يؤدي إلى التركيز على جوانب الضعف، وإحباط جوانب القوة لدى الطفل، ومحو الاختلافات الأصيلة بين الأطفال، وإنكار حقيقة أن لكل طفل قدراته.
لذلك تعد شركس المقارنة "وصفة" لهدم شخصية الطفل، وضعف تقديره لنفسه على المدى البعيد، ومن المهم استبدال المقارنة بالتأكيدات الإيجابية على محاسن الطفل، حتى يظهر أفضل ما فيه، وعندئذ نهتم بتطوير محاسن كل طفل منفردا، إلا إذا اشترك الشقيقان في بعض المهارات.
3- قدمي تفسيرات لأوامركِسلط تقرير "جمعية علم النفس الأميركية" ضوءا على عامل التفرقة في المعاملة، الذي يلاحظه أبناؤنا ولا نلاحظه، فنفرق بين الصبي والفتاة، وبين الكبير والصغير، بسبب إدراكنا لضرورة التفرقة، لكن لا يفهم أولادكِ سبب ذلك دوما، فإذا أمرتِ ابنتك بالعودة إلى المنزل مبكرًا، بخلاف أخيها، من دون تفسير ذلك، فقد ترى أنكِ ظالمة، وبدلا من ذلك، عليكِ توضيح سبب طلبكِ بأنها أصغر سنا، ثم الاطمئنان إلى أنها فهمت أسبابكِ.
بقدر ما يؤرقكِ تكرار المشكلات، ترى مريم شركس جانبا إيجابيا يمكنكِ استغلاله كي تعلمي أطفالكِ كيفية التعامل مع الخلافات وتسويتها وإيجاد حلول، واحترام الحدود الشخصية، والتصرف الحازم، وتكريس مفهوم العدل.
واستعرضت شركس خطوات إدارة الخلاف بين الأشقاء:
1- وضع قواعد للخلاف، مثل التحدث عما أزعجهما بوضوح، دون اللجوء إلى الإهانات. 2- الاتفاق على القيم العائلية، حيث يعمل أعضاء الأسرة جميعًا في فريق هدفه تكوين أسرة متحابة، وإذا وقعت مشكلة سيحلها الفريق، ولن تؤدي أبدًا إلى نبذ أحد الأعضاء. 3- شجعيهما على التعاطف والتفهم والاحترام، وألا يقلل الخلاف من حب الأخ لأخيه. 4- يصير تدخلكِ ضرورة لحل المشكلة إذا تعرض أحدهما إلى أذى جسدي، أو لفظي، أما في حال نقاشهما، فلا ضرر من تركهما بمفردهما كي يحلا المشكلة. 4- استمعي لكليهما، لأنه سيكون هناك وجهتا نظر للخلاف، ولا تطلقي أحكاما قاطعة، بل دعي كل طفل يشعر بأنكِ تسمعينه. 5- اطلبي منهما اقتراح حلول عادلة، من خلال تشجيع كليهما على تصور نفسه في مكان أخيه قبل تقديم الاقتراحات. 6- قدمي نموذجًا ليتبعه أطفالكِ، فيتعلم الأطفال من إدارتنا للمشكلات الزوجية والعائلية، سواء تعاملنا باحترام في أثناء الخلاف أو تصرفنا بأنانية.وبمجرد التأكد من اكتساب الأطفال المهارات اللازمة لإدارة الصراع، يمكنكِ التراجع للسماح لهما بحل المشكلات بأنفسهم، وتقوية علاقتهم بمرور الزمن.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
تهديد صامت.. فشل النمو للأطفال يسبب مليون وفاة سنويًا حول العالم (تفاصيل)
يشكل فشل النمو تحديًا عالميًا خفيًا يهدد حياة الأطفال، حيث يسهم في وفاة ما يقارب المليون طفل سنويًا قبل بلوغهم الخامسة، ليصبح ثالث أهم أسباب الوفيات ضمن هذه الفئة العمرية.
جاءت هذه البيانات في دراسة حديثة حول عبء الأمراض العالمي لعام 2023، التي نشرتها مجلة *The Lancet Child & Adolescent Health* بتاريخ 3 ديسمبر. ورغم التقدم الملحوظ الذي أدى إلى انخفاض الوفيات الناتجة عن فشل النمو من 2.75 مليون حالة عام 2000 إلى 880 ألفًا في 2023، إلا أن العبء المرضي لا يزال كبيرًا، ويتجلى بروزه بشكل كبير في منطقتين رئيسيتين؛ إذ سُجلت 618 ألف حالة وفاة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، و165 ألفًا في جنوب آسيا.
وفق التحليل، يظهر أن نقص الوزن يتحمل العبء الأكبر، إذ يسهم بنسبة 12% من وفيات الأطفال دون سن الخامسة، يليه الهزال بنسبة 9% والتقزم بنسبة 8%. كما بينت الدراسة تقديرات أعلى مما كان متوقعًا لعدد الأطفال المصابين بالتقزم عالميًا.
تكمن خطورة فشل النمو في تأثيره على زيادة قابلية الأطفال للإصابة بأمراض شائعة والوفاة بسببها ففي العام الماضي، توفي نحو 800 ألف طفل نتيجة أمراض مثل التهابات الجهاز التنفسي السفلي، الإسهال، الملاريا والحصبة، وكان فشل النمو عاملًا مشتركًا في معظم هذه الوفيات. وفي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ارتبط فشل النمو بـ77% من وفيات الإسهال و65% من وفيات التهابات الجهاز التنفسي للأطفال دون سن الخامسة، بينما سجل الوضع تحسنًا نسبيًا في الدول ذات الدخل المرتفع.
الدكتور بوبي راينر، أحد الباحثين في الدراسة، أوضح أن أسباب هذه الأزمة متشابكة ومعقدة، تتضمن سوء التغذية، انعدام الأمن الغذائي، آثار تغير المناخ، نقص خدمات الصرف الصحي، والنزاعات المسلحة، مما يجعل من المستحيل تطبيق حل شامل يناسب كل المناطق. وتبرز حاجة ملحة للتدخل المبكر، والذي يجب أن يبدأ قبل الولادة، حيث أشارت النتائج إلى أن التقزم غالبًا ما تبدأ ملامحه بالظهور خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عمر الطفل. ولفت الباحثون إلى العلاقة التفاعلية المثيرة للقلق بين الهزال والتقزم؛ إذ يؤدي تفاقم أي منهما إلى زيادة تأثير الآخر مع تقدم الطفل في العمر.
في المراحل الأولى من حياة الطفل، يعكس فشل النمو غالبًا مشاكل ناتجة عن فترة ما قبل الولادة مثل تغذية الأم أثناء الحمل، بينما قد يظهر لاحقًا كنتيجة لعوامل طويلة الأمد كالتغذية غير الكافية أو الإصابة المتكررة بالعدوى.
ختامًا، يشدد الدكتور راينر على أهمية اتخاذ التدابير الوقائية مبكرًا للتصدي لهذه المشكلة المعقدة. فالتدخل الفعال في الوقت المناسب عبر استخدام البيانات الدقيقة لتحديد المناطق الأكثر عرضة للخطر سيسهم بشكل كبير في منع استفحال المشكلة وتخفيف آثارها طويلة الأمد.