في أعماق المحيط.. اكتشاف نظام بيئي غامض يعيش بدون الشمس
تاريخ النشر: 15th, August 2025 GMT
في اكتشاف علمي نادر ومثير، أعلن باحثون في علوم البحار عن رصد نظام بيئي فريد من نوعه في أعماق المحيط، حيث تعيش كائنات دقيقة ولافقاريات بحرية على غاز الميثان، دون الاعتماد على ضوء الشمس، ما يعيد رسم حدود الحياة على كوكب الأرض.
. متى تحدث هذه الظاهرة؟
وبحسب دراسة نشرت مؤخرا في مجلة Nature، توصل فريق بحثي بقيادة العالمة منغران دو من معهد علوم وهندسة أعماق البحار بالأكاديمية الصينية للعلوم، إلى هذا الاكتشاف خلال رحلة استكشافية إلى منطقة "هادال"، وهي واحدة من أعمق البيئات البحرية على الكوكب، وتقع بين روسيا وألاسكا على عمق يتراوح بين 5800 و9500 متر تحت سطح المحيط.
مخلوقات مذهلة في أعمق خنادق المحيطكانت دو على وشك إنهاء مهمتها داخل غواصة أعماق حين قررت استكشاف منطقة إضافية، فهناك، لاحظت وجود كائنات بحرية غير مألوفة تعيش في بيئة قاسية خالية تمامًا من ضوء الشمس، من بينها أنواع من المحار والديدان الأنبوبية التي لم يتم تسجيلها سابقًا على هذا العمق.
وما عثرت عليه لم يكن مجرد تنوع بيولوجي غير موثق، بل امتداد بيئي مذهل بطول 2500 كيلومتر، اعتبره الفريق أعمق نظام بيئي معروف للكائنات التي تعتمد على الميثان كمصدر رئيسي للطاقة، بدلًا من التمثيل الضوئي المعتاد.
الميثان بدل الشمس كيف تعيش هذه الكائنات؟يعتمد النظام البيئي الجديد على "التخليق الكيميائي"، وهي عملية تقوم فيها البكتيريا المتكيفة بتحويل غازي الميثان وكبريتيد الهيدروجين، المتسربين من شقوق قاع البحر، إلى طاقة تُغذي الكائنات المضيفة مثل المحار والديدان.
هذه الشقوق، المعروفة باسم "التسربات الباردة"، تُطلق مركبات غازية تتحول عبر عمليات بيولوجية إلى غذاء، ما يسمح لهذه الكائنات بالبقاء على قيد الحياة في بيئة خالية من أشعة الشمس تمامًا.
وقال الباحثون إن تحاليل الرواسب أظهرت تركيزات عالية من الميثان، وهو أمر غير معتاد في أعماق المحيط. وقد أظهرت البيانات أن بعض الميكروبات تقوم بتحويل المواد العضوية إلى ثاني أكسيد الكربون، ثم تُعيد تحويله إلى ميثان، وهي آلية لم تكن معروفة سابقًا.
إعادة تقييم لدور أعماق المحيط في دورة الكربونيشير هذا الاكتشاف إلى أن خنادق "هادال" قد تلعب دورًا بيئيًا أكبر مما كان يُعتقد في دورة الكربون العالمية، نظرًا لقدرتها على إنتاج مركبات عضوية يمكن أن تُغذي كائنات أكبر حجماً.
كما يرجح أن هذه الميكروبات تُنتج مصدرًا محليًا للطاقة العضوية، ما يوفر بيئة مكتفية ذاتيا لا تعتمد على الكائنات المتحللة أو الجزيئات المنجرفة من سطح المحيط كما كان يُعتقد في السابق.
العلماء يدعون إلى تعاون عالميرغم أن بيئات التخليق الكيميائي معروفة للعلماء منذ عقود، فإن هذا الاكتشاف يُمثّل نقلة نوعية في فهم مدى انتشارها وقدرتها على دعم حياة معقدة في أعماق بعيدة وظروف قاسية.
الدكتورة جوانا ويستون، الباحثة في معهد "وودز هول" لعلوم المحيطات، ورغم عدم مشاركتها في الدراسة، أثنت على نتائج الفريق، قائلة إن التطورات التقنية في معدات الاستكشاف أصبحت قادرة الآن على كشف تنوع بيولوجي مذهل في بيئات لم تُدرس بشكل كافٍ.
وأشارت ويستون إلى أن خنادق "هادال" رغم نأيها، إلا أنها ليست معزولة بالكامل، وأن فهم هذه النظم البيئية قد يُسهم في دراسات التغير المناخي والتنوع البيولوجي.
نحو استكشاف أعمق للمحيطوبهدف تعزيز هذا التوجه العلمي، يشارك فريق دو في "البرنامج العالمي لاستكشاف منطقة هادال"، وهو مبادرة دولية بقيادة منظمة اليونسكو بالتعاون مع الأكاديمية الصينية للعلوم، تسعى إلى بناء شبكة بحثية عالمية لاستكشاف البيئات البحرية الأكثر غموضا على كوكب الأرض.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علوم البحار غاز الميثان ضوء الشمس أعماق المحیط فی أعماق
إقرأ أيضاً:
مشهد كوني يربك العلماء.. “عين سورون” تظهر في أعماق الفضاء
ألمانيا – اكتشف فريق من علماء الفلك مشهدا كونيا مهيبا يشبه “عين سورون” الأسطورية، لكن هذه المرة ليس في عالم الخيال، بل في أعماق الفضاء على بعد مليارات السنين الضوئية.
ويعود المشهد، الذي التقطته المراصد، إلى ظاهرة تعرف بـ النفث الكوني، وهي تيارات هائلة من البلازما والطاقة تنطلق من أجرام سماوية نشطة. وهذه النفثات، في الحالة الجديدة، صادرة عن بلازار — نوع من المجرات النشطة يحتوي على ثقب أسود فائق الكتلة. ويعد البلازار PKS 1424+240 أحد ألمع المجرات في السماء رغم بعده الشاسع.
وإلى جانب مظهره المهيب، ساعد هذا الاكتشاف على الاقتراب من حل لغز فلكي استمر لعقود. فقد بدا أن نفث البلازار يتحرك ببطء، رغم كونه من أقوى مصادر أشعة غاما عالية الطاقة والنيوترينوات الكونية، وهو ما يتعارض مع الفرضية السائدة التي تربط هذا السطوع الشديد بأسرع النفثات فقط.
واعتمد فريق البحث على بيانات جمعتها مصفوفة خط الأساس الطويل جدا — شبكة تضم 10 تلسكوبات راديوية — على مدار 15 عاما، لإنتاج صورة دقيقة وغير مسبوقة للحدث.
ويقول يوري كوفاليف، المعد الرئيسي للدراسة من معهد ماكس بلانك لعلم الفلك الراديوي: “عندما أعدنا بناء الصورة، كانت مذهلة للغاية. لم نر شيئا مشابها لها من قبل — مجال مغناطيسي حلقي شبه مثالي مع نفث موجَّه مباشرة نحو الأرض”.
وبسبب هذا التوجيه المباشر، تتضخم الانبعاثات الراديوية عالية الطاقة نحو الأرض بمقدار يصل إلى 30 ضعفا، وفقا لجاك ليفينغستون، المعد المشارك في الدراسة، الذي أوضح أيضا أن ما يبدو بطئا في حركة النفث هو في الواقع تأثير بصري ناجم عن الإسقاط.
وهذا المشهد الفريد أتاح للعلماء فرصة نادرة لرصد قلب الحدث ورسم خريطة لبنيته المغناطيسية، التي يُرجّح أن تكون حلزونية أو حلقية، وهي سمة أساسية في تسريع الجسيمات إلى طاقات قصوى.
يذكر أن “عين سورون” هي رمز شرير وقوة مرعبة في سلسلة “سيد الخواتم”.
نشرت نتائج الدراسة في مجلة علم الفلك والفيزياء الفلكية.
المصدر: ديلي ميل