جدل حقوقي بالسودان بعد إدانة الجنائية الدولية لقائد الجنجويد
تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT
أدانت الدائرة الابتدائية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية القائد السابق لمليشيات الجنجويد علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف بـ"علي كوشيب"، بارتكاب 27 تهمة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور غربي السودان، ما أثار جدلا قانونيا وسط الحقوقيين السودانيين.
ومنحت المحكمة المجني عليهم حق المطالبة بجبر الضرر الذي وقع عليهم من الجرائم المنسوبة "لكوشيب"، وأرجأت إصدار عقوبة بحقه لوقت لاحق.
ويُعد هذا الحكم الأول من نوعه في الجرائم التي ارتُكبت بإقليم دارفور، ويأتي عقب تحقيق شامل بدأ بعد إحالة مجلس الأمن لملف الإقليم للمحكمة في العام 2005، تبعته محاكمة اعتمد الادعاء فيها على شهادات 81 شاهدا و1521 قطعة من الأدلة قُدّمت إلى الدائرة.
وقالت المحكمة إن الجلسة ستعقد لتلقي أي أدلة إضافية خلال الأسبوع الممتد من 17 إلى 21 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل وبعد ذلك ستبدأ الدائرة مداولاتها، ليُحدد لاحقًا موعد جلسة علنية لإصدار قرارها بشأن العقوبة.
وذكرت رئيسة الدائرة الأولى في المحكمة -القاضية جوانا كورنر- أن الدائرة حللت الأدلة التي قُدِّمت ونوقشت أمامها أثناء المحاكمة، ووجدت أن علي كوشيب مذنب بما لا يدع مجالًا للشك، بصفته مرتكبا مباشرا لجرائم القتل والتعذيب بوصفهما جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، فضلًا عن جريمة الاعتداء على الكرامة الشخصية بوصفها جريمة حرب، بالإضافة إلى مسؤوليته عن الاغتصاب وتدمير الممتلكات.
وأوضحت القاضية كورنر -خلال تلاوة الحكم- إن كوشيب "مذنب بارتكاب 27 تهمة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في مناطق كتم وبنديسي ومكجر ودليج خلال الفترة من أغسطس/آب 2003 إلى أبريل/نيسان 2004".
وذكرت القاضية أن الدائرة الأولى لم تصدر إدانة في 4 تهم أخرى وُجهت إلى "كوشيب"، نظرا إلى أن السلوكيات الإجرامية الكامنة وراءها كانت مشمولة بالفعل في تهم أخرى أُدين المتهم بارتكابها.
إعلانوأشارت إلى أن الدائرة ستصدر عقوبة الجرائم التي أُدين بها، حيث يحق للقضاة أن يفرضوا عقوبة بالسجن، إضافة إلى الغرامة ومصادرة العائدات والممتلكات والأصول.
ودعت الأطراف والمشاركين إلى تقديم أي طلب لأدلة إضافية في موعد أقصاه 20 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ويمكن للأطراف والمشاركين تقديم مذكراتهم الخطية بشأن العقوبة حتى 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، متضمِّنة أي حجج تتعلق بالظروف المشدِّدة أو المخفِّفة.
من جانبه، قال الخبير القانوني نبيل أديب للجزيرة نت إن صدور قرار من الدائرة الابتدائية بالمحكمة الجنائية الدولية سيشجع المدعي العام للمحكمة للمطالبة بتسليم 4 متهمين سودانيين إلى المحكمة.
ورأى أديب أن المحكمة الجنائية الدولية دورها تكميلي، لكن النظام العدلي كان تحت ظل السلطة في عهد الرئيس السابق عمر البشير لذلك لم يحيل ملف الاتهامات للقضاء، كما أن جرائم الإبادة وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية لم يكن يشملها القانون السوداني، ما أدى إلى إحالتها للمحكمة الدولية، قبل أن يتم إضافة الجرائم الـ3 في القانون الوطني في العام 2009.
ويشرح الخبير أديب أن ملف البشير يختلف عن لائحة اتهامات "علي كوشيب" لأن الرئيس السابق، اتهم بصفته القيادية ومسؤوليته في الدولة وليس فاعلاً بارتكاب جريمة بطريقة مباشرة.
وفي السياق ذاته أوضح الخبير القانوني هاني تاج السر أن دور علي "كوشيب" في جرائم دارفور كان هامشيا وأن المحكمة الدولية أهدرت العدالة بالتباطؤ نحو 3 سنوات قبل أن تصدر حكمها الأولي الذي يمكن أن يطعن فيه المدان خلال 30 يوما.
وحسب تصريح تاج السر للجزيرة نت فإن النظر في هذه القضية كان يمكن أن يتم في داخل السودان لأن القضاء السوداني مؤهل وقادر وراغب في تحقيق العدالة، وأن القانون يتضمن نصوصا تحاكم هذه الاتهامات.
ورأى أن النظام العدلي إذا كان متهما بالانصياع للسلطة في عهد النظام السابق، فإن نظام البشير سقط منذ العام 2019 ولم تقدم أي قضية ضده بارتكاب جرائم في دارفور في المحاكم الوطنية وأن هذا الأمر لا يزال ممكنا لأن دور الجنائية الدولية يجب أن يكون مكملاً للقضاء الوطني وليس بديلاً عنه.
وفي المقابل رحب رئيس هيئة محامو دارفور صالح محمود بإدانة "كوشيب"، وعد الخطوة إنصافا للضحايا وأسرهم ويؤكد أن مثل هذه القضايا لا تسقط بالتقادم ولا يجوز العفو فيها.
وطالب محمود خلال مقابلة مع الجزيرة مباشر بتسليم البشير والمتهمين الآخرين للجنائية الدولية لمحاكمتهم لأن القضاء السوداني يحتاج إلى إصلاح، كما تتطلب التشريعات الوطنية تعديلات حتى تتواءم مع القانون الدولي.
وتطالب المحكمة الدولية بمثول عمر البشير، ووزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين ووزير الدولة للداخلية السابق أحمد هارون، حيث تتهمهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.
كما تطالب المحكمة بمثول عبد الله بندا، القيادي في "حركة العدل والمساواة"، لاتهامه بارتكاب جرائم حرب بالهجوم على البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور "يوناميد" في سبتمبر/أيلول 2007 ما أدى إلى مقتل 12 جنديا من البعثة.
من هو علي كوشيب؟وسلِّم علي كوشيب -الذي كان مطلوبا أيضا- نفسه طواعية إلى سلطات أفريقيا الوسطى قبل أن يُنقل إلى المحكمة في 9 يونيو/حزيران 2020، حيث بدأت إجراءات محاكمته في الدائرة التمهيدية.
إعلانوقالت القاضية جوانا كورنر إن علي "كوشيب"، الذي ينحدر من قبيلة التعايشة، وُلد في رهيد البردي بولاية جنوب دارفور في 1949، وعندما كبر أصبح عضوا في السلك الطبي للجيش السوداني حيث تأهل إلى مساعد طبي.
وأشارت إلى أن "كوشيب" تقاعد من الجيش بعد أن وصل إلى رتبة مساعد، قبل أن ينتقل إلى منطقة قارسيلا مديرا لصيدلية، حيث كان يحظى باحترام كبير في منطقة وادي صالح حتى قبل نشوب النزاع في دارفور في 2003.
وذكرت أن الرجل أصبح عضوا في شرطة الاحتياطي المركزي بعد نشوب النزاع، كما كان قياديا بارزا في مليشيات الجنجويد التي استخدمتها الحكومة لقمع التمرد، حيث وفرت لها الأسلحة والتمويل والتدريب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات جرائم ضد الإنسانیة الجنائیة الدولیة علی کوشیب فی دارفور قبل أن
إقرأ أيضاً:
الجنائية الدولية تدين علي كوشيب في 27 تهمة تتعلق بجرائم حرب في دارفور
أدانت المحكمة الجنائية الدولية، اليوم الاثنين، القائد السابق في مليشيا الجنجويد السودانية علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف باسم علي كوشيب، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب الأهلية التي شهدها إقليم دارفور قبل 20 عاما.
وقالت رئيسة المحكمة، القاضية جوانا كورنر، إن المحكمة "مقتنعة تماما بأن المتهم مذنب بما لا يدع مجالا للشك المعقول في الجرائم المنسوبة إليه".
وأشارت كورنر إلى أن الجرائم تشمل القتل والاغتصاب والتعذيب والإعدام الجماعي بحق المدنيين خلال عامي 2003 و2004.
وأضافت أن جلسات المرافعة الأخيرة ستُعقد بين 17 و21 نوفمبر/تشرين الأول المقبل، على أن يُصدر الحكم النهائي في وقت لاحق.
وسردت كورنر مشاهد وصفتها بـ"المروعة"، منها حادثة أمَر فيها المتهم قواته بنقل نحو 50 مدنيا في شاحنات ثم ضربهم بالفؤوس قبل أن يجبرهم على الاستلقاء أرضا ويأمر قواته بإطلاق النار عليهم وقتلهم.
وأكدت أن المتهم "لم يكن يصدر الأوامر فحسب، بل شارك شخصيا في عمليات الضرب، وأصدر أوامر بإعدام المعتقلين".
المحكمة الجنائية الدولية تدين علي محمد علي عبد الرحمن المعروف بـ"علي كوشيب" بـ27 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بعد قيادته هجمات ميليشيا "الجنجويد" في إقليم غرب دارفور بالسودان#الأخبار pic.twitter.com/odHevypPDd
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 6, 2025
نفي للتهموينفي المتهم، المولود عام 1949، أن يكون هو من ارتكب ما اتهم به، مؤكدا أنه ليس الرجل الملاحق.
وقال للمحكمة الجنائية الدولية خلال جلسة استماع في ديسمبر/كانون الأول 2024 "لست علي كوشيب، ولا أعرف هذا الشخص، ولا علاقة لي بالاتهامات المسوقة ضدي".
لكن كورنر قالت إن المحكمة "مقتنعة بأن المتهم هو الشخص المعروف باسم علي كوشيب"، ولم تأخذ بشهادة شهود الدفاع الذين أنكروا ذلك.
إعلانوكان عبد الرحمن قد فرّ إلى جمهورية أفريقيا الوسطى عام 2020 بعد إعلان الحكومة السودانية الانتقالية نيتها التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، قبل أن يسلّم نفسه طوعا، قائلا إنه "كان يائسا ويخشى أن تقتله الحكومة السودانية"، وأضاف "لو لم أقل ذلك لما استقبلتني المحكمة ولكنت في عداد الموتى".
ويوصف كوشيب بأنه من كبار قادة مليشيا الجنجويد الذين دعموا الحكومة السودانية ضد الجماعات المتمردة في إقليم دارفور أثناء حكم الرئيس عمر البشير، وينتمي إلى قبيلة "التعايشة" في الإقليم.
وكان عضوا في قوات الدفاع الشعبي الحكومية وقائدا لمليشيا الجنجويد في دارفور من أغسطس/آب 2003 حتى مارس/آذار 2004، وعمل كحلقة وصل بين الحكومة والجنجويد، وشارك في الوقت نفسه في هجمات ضد المجموعات المستهدفة.