قمة شرم الشيخ تجديد لرسالة مصر التاريخية

وسط الاضطرابات التى يشهدها العالم، ما بين حروب وتقلبات سياسية واقتصادية، تطل شرم الشيخ من جديد لتٌعيد إلى الأذهان صورة مصر التى تجمع ولا تفرق، تبنى ولا تهدم، وتفتح أبواب الحوار حين تُغلق النوافذ بين القوى الكبرى إن قمة شرم الشيخ ليست مجرد حدث دولى يُضاف إلى سجل المؤتمرات، بل هى تجديدٌ لرسالة مصر التاريخية التى لم تتخلّ عنها يومًا رسالة السلام، والتوازن، والقيادة السياسية الرشيدة العاقلة فى عالم أمتلئ بالفوضى.

منذ عقود، ومصر تتعامل مع موقعها الجغرافى لا كعبءٍ جغرافى بل كقدرٍ حضارى فهى تقع فى قلب العالم، بين الشرق والغرب، هذا الموقع لم يكن يومًا مجرد خطوط على الخريطة، بل هو موقع فى الوعى الدولى يجعل من القاهرة دائمًا نقطة ارتكاز لأى حوار حقيقى حول قضايا المنطقة والعالم.

ما حدث فى شرم الشيخ يؤكد أن السياسة ليست فقط صراع مصالح، بل فن إدارة التوازنات فبينما تتنازع القوى الإقليمية والدولية على النفوذ، طرحت مصر من خلال هذه القمة نموذجًا مختلفًا، نموذج الدولة التى لا ترفع صوتها إلا حين تدعو إلى العقل، ولا تستخدم قوتها إلا حين تخدم السلام.

ومن زاوية أخرى، فإن انعقاد القمة فى شرم الشيخ له دلالة رمزية لا تخفى على أحد لا سيما وهى المدينة التى شهدت اتفاقات سلام تاريخية، وأحداثًا شكلت تحولات كبرى فى المنطقة، تعود من جديد لتستضيف قادة العالم فى لحظة حرجة، ولسان حالها يقول «من أرض السلام يبدأ الطريق نحو المستقبل».

القيادة المصرية، وهى تفتح أبواب القمة أمام الجميع، تؤكد أن مصر لا تزال تؤمن بأن الحوار هو الحل، وأن العزلة ليست خيارًا لدولة وُلدت لتقود لا لتتبع فبينما يتحدث العالم عن «تحالفات»، تتحدث مصر عن «تفاهمات»، وبينما تُقام فى أماكن أخرى جدران من الشك، تُقيم مصر على أرضها جسورًا من الثقة.

إن قمة شرم الشيخ ليست مجرد منصة لمناقشة القضايا الدولية، بل رسالة سياسية وأخلاقية تعيد التذكير بأن لمصر دورًا لا يمكن تجاوزه، ولا يمكن لأحد أن يملأ فراغه فهى الدولة التى تجمع بين الإرث التاريخى والثقل الدبلوماسى، بين الوعى القومى والرؤية العالمية، بين الأصالة والمعاصرة.

وفى النهاية، وعندما إنطفأت أضواء القاعة وغادر الوفود أرض سيناء الحبيبة، بقيت الرسالة الأعمق من كل الكلمات «مصر لا تنتظر الأحداث لتشارك فيها، بل تصنعها» وشرم الشيخ ليست مدينة للمؤتمرات فحسب، بل منبرٌ دائم لصوت السلام، الذى لم ولن يصمت، مهما تغيرت الأزمنة.

 

المصدر: بوابة الوفد