أكد الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن استقالة تساحي هنجبي من رئاسة مجلس الأمن القومي الإسرائيلي وطلبه فتح تحقيق شامل في إخفاقات 7 أكتوبر، تمثل مؤشرًا واضحًا على تصدعات داخلية حقيقية في البنية السياسية والعسكرية الإسرائيلية، وليست مجرد خطوة لإعادة ترتيب الأدوار كما تحاول الحكومة ترويجها.

وأوضح غباشي في مداخلة هاتفية ببرنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، أن المشهد السياسي الإسرائيلي يعيش حالة ارتباك عميقة منذ بداية الحرب على غزة، مشيرًا إلى أن الخلافات بين أركان الحكومة باتت علنية، سواء بين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت، أو مع رئيس الأركان هرتسي هليفي، فضلًا عن الصدامات مع رئيس المحكمة العليا حول الصلاحيات الدستورية للحكومة والكنيست.

محمد مصطفى شردي: نتنياهو اتزنق مع أمريكا والعالم كله.. فيديوترامب يصعد ضد نتنياهو| توتر غير مسبوق بين واشنطن وتل أبيب.. ضم الضفة خط أحمر وإسرائيل ستفقد دعم أمريكا

وأشار نائب رئيس المركز إلى أن تلك الصراعات تكشف أن الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية ليست حول الأهداف الاستراتيجية، بل حول أولويات التنفيذ، وكيفية الخروج من المأزق الميداني والسياسي الذي فرضته الحرب الفاشلة على غزة.

وتساءل غباشي: هل معارضة رئيس مجلس الأمن القومي المقال لاحتلال غزة وتأييده لاتفاق مرحلي مع حماس تعني بداية تحول في دوائر صنع القرار الإسرائيلي؟ مؤكدًا أن بعض النخب السياسية والعسكرية في إسرائيل باتت تدرك فشل الخيار العسكري في تحقيق أهدافه، وأن الاستمرار فيه لم يعد مجديًا سوى في زيادة الخسائر وتآكل صورة الجيش الإسرائيلي.

وأضاف أن تصريحات عدد من القيادات الإسرائيلية السابقة – مثل بيني جانتس ويائير لبيد ونفتالي بينيت – تكشف اعترافًا ضمنيًا بأن الحملة العسكرية لم تحقق سوى دمارٍ إنسانيٍ ومجازر بحق المدنيين، دون إنجازٍ سياسيٍ أو عسكريٍ يُذكر.

وشدد غباشي على أن التيار المتطرف ما زال هو المسيطر داخل الحكومة الإسرائيلية، ممثلًا في سموتريتش وبن جفير، وهو ما يُبقي على هيمنة التوجهات اليمينية المتشددة، رغم تزايد الضغوط الداخلية والدولية على نتنياهو.

وأشار إلى أن استمرار حكومة نتنياهو حتى الآن دليل على أن القوى اليمينية المتطرفة لا تزال تمسك بخيوط السلطة، رغم التآكل الكبير في ثقة الشارع الإسرائيلي بها.

وعن رأيه في مستقبل نتنياهو، قال نائب رئيس المركز العربي للدراسات إن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يزال يراهن على البقاء حتى انتخابات 2026، إلا أن تصاعد الغضب الشعبي والانتقادات داخل المؤسسة الأمنية قد يعجل برحيله أو يُضعف فرصه في الاستمرار.

وأكد غباشي أن موقف الولايات المتحدة يبقى العامل الحاسم في رسم مستقبل الحكومة الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن "إسرائيل تظل دولة وظيفية في المشروع الأمريكي"، وأن تصريحات دونالد ترامب الأخيرة بشأن رغبته في "إطلاق سراح مروان البرغوثي ليحكم غزة" تكشف حجم التأثير الأمريكي المباشر في تحديد مسارات الصراع والسياسة داخل إسرائيل.

وأكد على أن الأزمة الراهنة داخل إسرائيل لم تعد أزمة عسكرية فقط، بل أزمة ثقة داخلية وهيكلية تهدد تماسك الحكومة ومستقبل نتنياهو السياسي، وأن القراءة المتأنية للمشهد توضح أن واشنطن هي اللاعب الرئيسي في تحديد من يحكم غزة ومن يبقى في تل أبيب.

إسرائيل دولة وظيفية

وأكد الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن الولايات المتحدة الأمريكية تمثل العامل الحاسم والموجه الرئيسي للسياسات الإسرائيلية، سواء على مستوى القرارات العسكرية أو التوجهات السياسية في الداخل والخارج، مشيرًا إلى أن إسرائيل تُعد في الأساس "دولة وظيفية" تخدم الأجندة الأمريكية في الشرق الأوسط.

وأوضح غباشي في مداخلة هاتفية ببرنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، أن واشنطن لا تكتفي بدعم إسرائيل سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، بل تمتد هيمنتها إلى تحديد ملامح القيادة الإسرائيلية ذاتها، وتوجيه من يبقى في الحكم ومن يُستبعد، وفقًا لتوازنات المصالح الأمريكية في المنطقة.

وأضاف نائب رئيس المركز أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة، والتي تحدث فيها صراحة عن "رغبته في إطلاق سراح مروان البرغوثي لتولي حكم غزة"، تُعد دليلاً واضحًا على مدى تغلغل التأثير الأمريكي في رسم مستقبل الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، وتأكيدًا على أن واشنطن تتعامل مع إسرائيل كأداة لتحقيق سياساتها لا كشريك متكافئ.

وأشار غباشي إلى أن كل الإدارات الأمريكية المتعاقبة، سواء ديمقراطية أو جمهورية، تعاملت مع إسرائيل باعتبارها "حاملة الطائرات الأمريكية الدائمة" في المنطقة، حيث يتم توظيفها لتحقيق الردع الإقليمي، وضمان بقاء التوازنات بما يخدم المصالح الأمريكية أولًا وأخيرًا.

وشدد على أن الدور الأمريكي في إدارة الأزمات داخل إسرائيل بات أكثر وضوحًا بعد إخفاقات 7 أكتوبر، حيث تتدخل واشنطن بشكل مباشر في إعادة ترتيب البيت الداخلي الإسرائيلي، سواء من خلال الضغط على حكومة نتنياهو، أو عبر دعم شخصيات بديلة تضمن استمرار التنسيق الأمني والسياسي وفق الرؤية الأمريكية.

واختتم نائب رئيس المركز العربي للدراسات حديثه بالتأكيد على أن أي حديث عن استقلال القرار الإسرائيلي يبقى "وهمًا سياسيًا"، لأن واشنطن هي التي تضع الإطار العام، وتحدد السقف الذي تتحرك فيه جميع الحكومات الإسرائيلية، معتبرًا أن "من يتحدث في تل أبيب هو في الواقع يردد ما يُملى عليه من واشنطن".

طباعة شارك إسرائيل غزة الحكومة الإسرائيلية نتنياهو ترامب

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إسرائيل غزة الحكومة الإسرائيلية نتنياهو ترامب نائب رئیس المرکز العربی للدراسات الحکومة الإسرائیلیة أن واشنطن إلى أن على أن

إقرأ أيضاً:

أزمة داخل الائتلاف الإسرائيلي بعد استقالة شاس من لجان الكنيست

أعلنت حركة شاس "الحزب الإسرائيلي الصهيوني المتطرف" الخميس عن استقالة جميع ممثليها من المناصب الحكومية واللجان التابعة للكنيست، احتجاجًا على عدم طرح الحكومة مشروع قانون يعفي عشرات الآلاف من الطلاب المتشددين من التجنيد في جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وجاء في بيان رسمي للحزب أن رؤساء لجان الكنيست الذين ينتمون لشاس، بما في ذلك لجنة التربية والتعليم برئاسة عضو الكنيست يوسي الطيب، ولجنة الصحة برئاسة عضو الكنيست يوني مشركي، قد قدموا استقالات رسمية من مناصبهم، معتبرين أن الحكومة لم تضع القانون للتصويت بعد، وهو ما اعتبروه "ضرورة عاجلة" لتنظيم وضع طلاب المدارس الدينية.

وقدما رئيس لجنة التعليم البرلمانية النائب يوسي طيب، ورئيس لجنة الصحة البرلمانية النائب يوني مشريكي، قدما استقالتيهما من رئاسة اللجنتين إلى رئيس الكنيست أمير أوحانا.

وحاليا يضم ائتلاف الأحزاب المشكلة للحكومة "الليكود" و"القوة اليهودية" و"الصهيونية الدينية"، بعد انسحاب "شاس" وقبله "يهدوت هتوراه".

ورغم هذه الاستقالات، أكد الحزب أن أرييه درعي، زعيم شاس، سيستمر في حضور المنتدى الوزاري الأمني الصغير الذي يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، موضحًا أن الخطوة لا تعني بالضرورة معارضة الحكومة، وقالت مصادر مقربة من درعي لموقع "واينت" إن الحزب يسعى للحفاظ على الحوار والتنسيق مع الحكومة، لكنه يضغط لتحقيق تقدّم ملموس بشأن قانون الإعفاء من التجنيد.


وأشار مسؤولون كبار في الحكومة وكتلة الليكود إلى أن عدم إحراز أي تقدم في قانون التجنيد في الأسابيع المقبلة قد يهدد استمرار الحكومة الحالية، مؤكدين أن الجميع يسعى إلى "البقاء على قيد الحياة"، لكن الوقت يضغط على الائتلاف لاتخاذ خطوات عملية.

وأوضح بيان شاس أن الحزب سيستمر في التشاور مع الفصائل الحريدية ومجلس حكماء التوراة فيما يخص موقفه في الكنيست، مؤكدًا أنه لن يعارض جميع مشاريع الحكومة بشكل كامل، لكنه سيصوت وفقًا لرغبات الحزب ومبادئه، حيث لا يصوت أعضاء حزب شاس بالضرورة مع الائتلاف بأغلبية الأصوات، إلا أنهم لا يصوتون ضد كل مقترحاته، بل يفحصونها وفقا لرغبات الحزب، "ستعمل شاس بالتنسيق الكامل مع الفصائل الحريدية وستتشاور باستمرار مع مجلس حكماء التوراة فيما يتعلق بموقفه في الكنيست"

وتأتي هذه الخطوة في ظل توتر مستمر داخل الائتلاف الحكومي بشأن مسألة الخدمة العسكرية، والتي تعتبر نقطة خلاف رئيسية مع الأحزاب الحريدية، وأكد الحزب أن استعادته للمناصب الحكومية والكنيست ستكون مشروطة بتنظيم وضبط وضع الطلاب الدارسين في المدارس الدينية، وهو ما يعد حجر الزاوية في موقف شاس السياسي.

مقالات مشابهة

  • أزمة داخل الائتلاف الإسرائيلي بعد استقالة شاس من لجان الكنيست
  • صحيفة فرنسية: نتنياهو تحت المراقبة الأمريكية
  • صحيفة لوموند الفرنسية: نتنياهو تحت المراقبة الأمريكية الدقيقة - تفاصيل
  • انقسام داخل إسرائيل بعد تصريحات نتنياهو: لسنا تحت الوصاية الأمريكية
  • مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يكشف ما بحثه نتنياهو ورئيس المخابرات المصرية في تل أبيب
  • كاتب بهآرتس: إسرائيل تتعرض لنكبة داخلية يسميها نتنياهو خلاصا
  • مهنئاً الأهلي وبيراميدز.. رئيس شباب النواب: الرياضة المصرية تعيش عصرها الذهبي
  • نتنياهو يقيل رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي
  • هاآرتس: مكتب رئيس إسرائيل ناقش مع عائلات الرهائن احتمال العفو عن نتنياهو في قضايا الفساد